الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَغْرِيمِ الْبَدَلِ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَنْ قَالَ هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو.
(وَمَا قَبْلَ إقْرَارِ رَقِيقٍ بِهِ كَعُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ مِنْ قَوَدٍ وَحَدٍّ وَتَعْزِيرٍ وَكَدَيْنٍ مُتَعَلِّقٍ بِمَالٍ تِجَارَةٍ أَذِنَ لَهُ فِيهَا سَيِّدُهُ (فَالدَّعْوَى، وَالْجَوَابُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ أَثَرَ ذَلِكَ يَعُودُ عَلَيْهِ أَمَّا عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (وَمَا لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (كَأَرْشٍ) لِعَيْبٍ وَضَمَانِ مُتْلَفٍ (فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى بِهِ، وَالْجَوَابُ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ فَيَقُولُ مَا جَنَى رَقِيقِي نَعَمْ يَكُونَانِ عَلَى الرَّقِيقِ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ بِمَحِلِّ اللَّوْثِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ وَقَدْ يَكُونَانِ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا.
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ
.
(سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ) مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ نَجِسٍ وَمَالٍ كَدَمٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِيلَاءٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوِصَايَةٍ وَوَكَالَةٍ وَفِي مَالٍ اُدُّعِيَ بِهِ أَوْ بِحَقِّهِ وَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَرَأَى الْحَاكِمُ التَّغْلِيظَ فِيهِ لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْخَصْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَا فِي نَجِسٍ أَوْ مَالٍ) اُدُّعِيَ بِهِ أَوْ بِحَقِّهِ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ الْمَالُ (نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ وَلَمْ يَرَهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ فِيهِ (قَاضٍ) ، وَالتَّغْلِيظُ يَكُونُ (بِمَا) مَرَّ (فِي اللِّعَانِ مِنْ زَمَانٍ وَمَكَانٍ) لَا جَمْعٍ وَتَكْرِيرِ أَلْفَاظٍ أَوْ.
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَيْهِ هِيَ لِي وَفِي يَدِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِهَا ثُمَّ بَانَ كَوْنُهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ نُفُوذِهِ إنْ كَانَ ذُو الْيَدِ حَاضِرًا وَيَنْفُذُ إنْ كَانَ غَائِبًا وَتَوَفَّرَتْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ يَدَّعِي حَقًّا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَلَا وَلِيًّا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَمَحِلُّهُ إنْ كَانَ يَدَّعِي حَقًّا لِغَيْرِهِ غَيْرَ مُنْتَقِلٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِتَغْرِيمِ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْلِفْ وَنَكَلَ أَوْ أَقَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَى السَّيِّدِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ ادَّعَى بِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَطَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ثُمَّ قَالَ: وَالثَّانِي وَهُوَ مَا فِي التَّهْذِيبِ السَّمَاعُ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَقُلْنَا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَلَا وَاعْتَمَدَهُ مَا فِي التَّهْذِيبِ م ر وَقَالَ: إذَا ثَبَتَ عَلَى هَذَا فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا حَقُّ السَّيِّدِ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ هَذَا ثُمَّ قَالَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اهـ سم
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الدِّيَةِ بِرَقَبَتِهِ إذَا أَقْسَمَ الْوَلِيُّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ) بِأَنْ تَدَّعِي امْرَأَةٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا يَثْبُتُ نِكَاحُهُ لَهَا إلَّا بِإِقْرَارِهِ مَعَ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ بِأَنْ يَدَّعِي عَلَيْهَا رَجُلٌ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ زَوَّجَهَا لَهُ سَيِّدُهَا بِإِذْنِهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهَا مَعَ السَّيِّدِ قَالَهُ الْعَنَانِيُّ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ حَلَفَ الْآخَرُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي اهـ.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ]
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ) قَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ. . . إلَخْ وَأَمَّا قَوْلُهُ: سُنَّ تَغْلِيظُ. . . إلَخْ فَهُوَ تَوْطِئَةٌ لَهُ.
وَقَوْلُهُ: وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَمِينٌ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ حَلِفٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى ضَابِطِ الْحَالِفِ انْتَهَتْ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ ظُلْمًا فِي حُكْمِهِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ) أَيْ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُغْلِظَ الْيَمِينَ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّرْجَمَةِ اهـ ح ل بَلْ تَوْطِئَةٌ لِلْمُتَرْجَمِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ فِيمَا إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدٍ اهـ ح ل وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَحَدِهِمَا حَلِفٌ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَنْ لَا يَحْلِفَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيظَ، وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ فِي ذَلِكَ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ حَلِفِهِ طَلَاقُهُ ظَاهِرًا فَسَاوَى الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يَخْتَصُّ التَّغْلِيظُ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَوْ ادَّعَى قِنٌّ عَلَى سَيِّدِهِ عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقِنِّ غَلَّظَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الْحَلَبِيِّ: وَلَا يُغَلَّظُ عَلَى مَرِيضٍ وَزَمِنٍ وَحَائِضٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَكَانِ فَلَا يُكَلَّفُ كُلٌّ حُضُورَ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابَهُ فَقَوْلُهُ: وَمَكَانٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَائِضَ تَكُونُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللِّعَانِ بِضِيقِ بَابِ اللِّعَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَجِسٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا فِي نَجِسٍ. . . إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ لِلْعِلْمِ بِهِ فَلَا يُقَالُ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَدَمٍ) أَيْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَإِنْ أَوْجَبَ مَالًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي وَكَتَبَ أَيْضًا شَامِلٌ لِمَا لَا تَغْلِيظَ فِيهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ) وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيُّ نِصَابٍ كَانَ حَتَّى مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ) فِي الْمِصْبَاحِ وَأَجْرَأَ عَلَى الْقَوْلِ أَسْرَعَ بِالْهُجُومِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ، وَالِاسْمُ: الْجُرْأَةُ مِثْلُ: غُرْفَةٍ وَرَجُلٌ جَرِيءٌ بِالْهَمْزِ عَلَى فَعِيلٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ جَرُؤَ جَرَاءَةً مِثْلُ ضَخُمَ ضَخَامَةً اهـ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ. . . إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَرَأَى الْحَاكِمُ. . . إلَخْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيعُ الْمَحَلِّيِّ اهـ (قَوْلُهُ: لَا فِي نَجِسٍ أَوْ مَالٍ. . . إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّغْلِيظِ بِالزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ، وَالصِّفَاتِ فَلَهُ التَّغْلِيظُ بِهَا مُطْلَقًا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ بَلَغَ نِصَابًا أَمْ لَا وَشَمِلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصَ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ تَغْلِيظَ الْيَمِينِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَهُ أَيْ التَّغْلِيظَ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَالنَّجِسُ لَا تَغْلِيظَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِ، وَالِدِي النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُغَلِّظَ فِيهِ إذَا رَأَى ذَلِكَ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا جَمْعٍ وَتَكْرِيرِ أَلْفَاظٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: نَعَمْ التَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ، وَبِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ لَا أَثَرَ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَأَمَّا حُضُورُ الْجَمْعِ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا وَسَبَبُهُ مَجِيئُهُ فِي يَمِينٍ تَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ حَدٍّ
(وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ، وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ، وَالْعَلَانِيَةَ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ كَفَى وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ أَنْ يُحَلِّفَ أَحَدًا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَتَى بَلَغَ الْإِمَامَ أَنَّ قَاضِيًا يُحَلِّفُ النَّاسَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ عَزَلَهُ وُجُوبًا وَذَكَرَ سَنَّ التَّغْلِيظِ مَعَ عَدَمِهِ فِي النَّجِسِ وَمَعَ قَوْلِي نَقْدٍ وَلَمْ يَرَهُ قَاضٍ وَمَعَ قَوْلِي وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ مِنْ زِيَادَتِي وَتَقْيِيدِي بِمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ بِالزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ لَهُ.
(وَيَحْلِفُ الشَّخْصُ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ الْقَطْعِ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ مَمْلُوكِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ وَحَالُ مَمْلُوكِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَهُوَ كَحَالِهِ بَلْ ضَمَانُ جِنَايَةِ بَهِيمَتِهِ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا لِتَيَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (لَا فِي نَفْيٍ مُطْلَقٍ لِفِعْلٍ لَا يُنْسَبُ لَهُ) كَقَوْلِ غَيْرِهِ لَهُ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك (فَ) حَلَفَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ (أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِتَعَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِمُطْلَقٍ مَعَ قَوْلِي عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي وَيَجُوزُ الْبَتُّ فِي الْحَلِفِ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَأَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ الْحَالِفُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ مُوَرِّثِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ.
(وَيُعْتَبَرُ) فِي الْحَلِفِ (نِيَّةُ الْحَاكِمِ) الْمُسْتَحْلِفِ لِلْخَصْمِ بَعْدَ الطَّلَبِ لَهُ (فَلَا يَدْفَعُ إثْمَ
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ دَفْعِهِ كَاللِّعَانِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ) وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] وَأَنْ يَضَعَ الْمُصْحَفَ فِي حِجْرِهِ وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْوِيفُهُ بِحَلِفِهِ بِحَضْرَةِ الْمُصْحَفِ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ) أَيْ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ كَفَى أَيْ وَفَاتَتْ سُنَّةُ التَّغْلِيظِ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ أَحَدًا. . . إلَخْ) خَرَجَ الْخَصْمُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِذَلِكَ وَمِثْلُ الْقَاضِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُحَكَّمِ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَزَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ إنْ كَانَ شَافِعِيًّا وَأَمَّا الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ فَلَا يَعْزِلُهُ الْإِمَامُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَرَى ذَلِكَ فِي اعْتِقَادِ مُقَلَّدِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي نُسْخَةٍ: وَجَبَ عَزْلُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدِي بِمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُدْخِلُ تَكْرَارَ الْأَيْمَانِ وَحُضُورَ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَطْلُوبَيْنِ هُنَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) حَاصِلُ الصُّوَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إمَّا فِعْلُهُ أَوْ فِعْلُ مَمْلُوكِهِ أَوْ فِعْلُ غَيْرِهِمَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي أَحَدَ عَشَرَ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ مَمْلُوكِهِ هَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، بِقَوْلِهِ وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا فِي هَذَا صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا هَذِهِ وَاحِدَةٌ وَيَتَخَيَّرُ فِي وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ لَا فِي نَفْيٍ مُطْلَقًا اهـ شَيْخُنَا وَمِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ حَلِفُ الْبَائِعُ عَلَى نَفْيِ الْعَيْبِ وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ فَعَيَّنَهُ الْوَارِثُ فَزَعَمَ الْمُوصَى لَهُ أَنَّهُ أَزْيَدُ حَلَفَ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَمَاتَ وَفَسَّرَهُ الْوَارِثُ وَزَعَمَ الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً فَإِنَّ الْوَارِثَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ إرَادَةِ الْمُوَرِّثِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ سَابِقٍ يُمْكِنُ الْعُثُورُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْيًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ) أَيْ غَالِبًا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِإِحَاطَتِهِ بِفِعْلِهِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ حَالَةَ جُنُونِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بَلْ ضَمَانُ جِنَايَةِ بَهِيمَتِهِ بِتَقْصِيرِهِ) أَيْ حَاصِلٌ بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا فَلَيْسَ حَاصِلًا بِفِعْلِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْبَهِيمَةِ بِتَقْصِيرِهِ فَكَأَنَّهُ فِعْلُهُ لَا فِعْلُهَا فَكَأَنَّهُ الْفَاعِلُ لَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا) أَيْ فَكَانَ مِنْ فِعْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ مَنْ يَضْمَنُ فِعْلَهَا كَمُسْتَلِمٍ وَمُسْتَعِيرٍ فَالدَّعْوَى، وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْأَخِيرِ اهـ شَرْحُ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك) وَلَمْ يَقُلْ مِنْ كَذَا فَإِنْ قَالَ مِنْ كَذَا تَعَيَّنَ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ فَيَقُولُ لَمْ يُبَرِّئْك مِنْ كَذَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَيُشْتَرَطُ هُنَا وَفِي كُلِّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ التَّعَرُّضُ فِي الدَّعْوَى لِكَوْنِهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحِلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ وَإِلَّا لَمْ يَسُغْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ إطْلَاقُهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حَقِّهِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ هُوَ فَسُومِحَ لَهُ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَعَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِعُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ الْيَقِينُ.
وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَعْتَمِدَ. . . إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ فِي خَطِّهِ وَخَطِّ مُوَرِّثِهِ فَنُكُولُ خَصْمِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اهـ عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ م ر: وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ الْحَالِفُ خَطَّهُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ جَوَازُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَّ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمَوْثُوقَ بِهِ بِحَيْثُ يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ بِسَبَبِهِ وُقُوعُ مَا فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبًا لِلْمَظَالِمِ وَسَوَاءٌ وَافَقَ عَقِيدَةَ الْحَالِفِ أَوْ لَا، وَالضَّابِطُ أَنْ يَصِحَّ تَأْدِيَةُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِالْقَاضِي الْخَصْمَ.
(تَنْبِيهٌ) فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ التَّوْرِيَةَ تَنْفَعُهُ بَاطِنًا فِي عَدَمِ الْكَفَّارَةِ وَأَقُولُ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا يَمِينٌ فَاجِرَةٌ غَمُوسٌ.
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي ظَالِمًا فِي دَعْوَاهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّوْرِيَةَ تَنْفَعُ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمُؤَجَّلٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَقُولُ، وَاَللَّهِ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا وَيَقْصِدُ الْآنَ اهـ سم (قَوْلُهُ: بَعْدَ الطَّلَبِ لَهُ) أَيْ مِنْ الْخَصْمِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْمُسْتَحْلِفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَدْفَعُ إثْمَ
الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ نَحْوُ تَوْرِيَةٍ) كَاسْتِثْنَاءٍ لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ فَلَوْ حَلَفَ إنْسَانٌ ابْتِدَاءً أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ أَوْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ طَلَبٍ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ اُعْتُبِرَ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَنَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ وَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ.
(وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَمِينٌ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ) وَلَوْ بِلَا دَعْوَى
ــ
[حاشية الجمل]
الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ نَحْوُ تَوْرِيَةٍ) هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَنُقِلَ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ التَّوْرِيَةَ تَنْفَعُهُ بَاطِنًا فِي عَدَمِ الْكَفَّارَةِ اهـ ح ل وَالتَّوْرِيَةُ قَصْدُ مَجَازٍ هُجِرَ لَفْظُهُ دُونَ حَقِيقَتِهِ كَقَوْلِهِ مَا لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ أَيْ قَبِيلَةٌ أَوْ قَمِيصٌ أَيْ غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ أَيْ رُجُوعٌ وَهُوَ هُنَا اعْتِقَادُ خِلَافِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ قَصْدُ مَجَازٍ هُجِرَ لَفْظُهُ دُونَ حَقِيقَتِهِ كَقَوْلِهِ: مَالَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ أَيْ قَبِيلَةٌ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْحَدِيقَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبِيلَةَ وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا أَوْ قَمِيصٌ أَيْ غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ أَيْ رُجُوعٌ وَهُوَ هُنَا اعْتِقَادُ خِلَافِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَا يَدْفَعُ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ نَحْوُ تَوْرِيَةٍ) مَحِلُّ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ عَرَفَ الْقَاضِي حَقِيقَةَ الْحَالِ لَمْ يُعَارِضْهُ وَإِلَّا فَلَا إثْمَ وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ كَمَا لَوْ كَانَ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا صَكٌّ دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ الْآخَرَ وَقَبَضَ الَّذِي بِالصَّكِّ وَأَقَامَ شَاهِدًا بِاَلَّذِي بِالصَّكِّ مَعَهُ وَنِيَّتُهُ الْحَلِفُ عَلَى الَّذِي بِلَا صَكٍّ وَنِيَّةِ الْقَاضِي الَّذِي بِالصَّكِّ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْقَاضِي، وَالتَّوْرِيَةُ صَحِيحَةٌ اهـ م ر اهـ سم.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ مُوَالَاتُهَا عُرْفًا بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَا فَعَلْت كَذَا مَثَلًا وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا طَلَبُ الْخَصْمِ لَهَا مِنْ الْحَاكِمِ وَطَلَبُ الْحَاكِمِ لَهَا مِمَّنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَنِيَّةُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَوْ الْمَنْصُوبِ لِلْمَظَالِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ وَاعْتِقَادُهُ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا لَا نِيَّةُ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادُهُ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا أَيْضًا لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ أَمَّا لَوْ حَلَّفَهُ نَحْوُ غَرِيمِهِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةٌ لَهُ فِي التَّحْلِيفِ أَوْ حَلَفَ هُوَ ابْتِدَاءً فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِهَا حَيْثُ أَبْطَلَتْ حَقَّ غَيْرِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ أَمَّا مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَبَعْضِ الظَّلْمَاءِ أَوْ الْعُظَمَاءِ فَتَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ الْحَالِفُ إنْ لَزِمَ مِنْهَا تَفْوِيتُ حَقٍّ وَمِنْهُ الْمُشِدُّ وَشُيُوخُ الْبُلْدَانِ، وَالْأَسْوَاقِ فَتَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُمْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِثْنَاءِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: عَلَيْهِ خَمْسَةٌ فَادَّعَى عَشَرَةً وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْعَشَرَةِ وَحَلَفَ أَنَّ عَلَيْهِ عَشَرَةً وَقَالَ إلَّا خَمْسَةً سِرًّا
، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَشِيئَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر حَيْثُ قَالَ: وَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي إذْ لَا يُقَالُ، وَاَللَّهِ أَتْلَفْت كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ اهـ (قَوْلُهُ: لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ) أَمَّا لَوْ سَمِعَهُ فَإِنَّهُ يُعَزِّرُهُ وَيُعِيدُ الْيَمِينَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَاكِمِ) لَكِنْ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ قَبْلَ طَلَبِ الْقَاضِي هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحْلِفِ.
وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ طَلَبٍ أَيْ مِنْ الْخَصْمِ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَكَانَ التَّحْلِيفُ بِاَللَّهِ اهـ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي حَقِيقَةَ الْحَالِ لَمْ يُعَارِضْهُ كَأَنْ كَانَ الْمُدَّعِي ظَالِمًا فِي دَعْوَاهُ بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمُؤَجَّلٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إثْبَاتِ إعْسَارِهِ فَقَالَ، وَاَللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا وَقَصَدَ الْآنَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَمِينٌ. إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِضَابِطِ الْحَالِفِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ عَلَى نَفْيِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ جَوَابُ لَوْ وَقَوْلُهُ حَلَفَ جَوَابُ الشَّرْطِ إنْ جُعِلَتْ مَنْ شَرْطِيَّةً أَوْ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ إنْ جُعِلَتْ مَوْصُولَةً وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا دَعْوَى غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ وَفِي ح ل وَأُخِذَ مِنْ هَذَا الضَّابِطِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ لِلْخَصْمِ عِنْدَ إنْكَارِ الْوَكَالَةِ: احْلِفْ أَنَّك لَا تَعْلَمُ وَكَالَتِي لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَرْأَةِ فَزَعَمَتْهُ وَأَنْكَرَهُ وَطَلَبْت يَمِينَهُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ اهـ.
وَفِي سم مِثْلُهُ ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَتْ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهَا.
وَفِي حَجّ وَهَذَا الضَّابِطُ أَغْلَبِيٌّ إذْ عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ لَا تَحْلِيفَ فِيهِمَا لِامْتِنَاعِ الدَّعْوَى بِهِمَا كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهَا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ بَلْ إنْ ادَّعَتْ فُرْقَةً حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شُفْعَةً فَقَالَ
كَطَلَبِ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى (حَلَفَ) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ خَبَرُ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِمَا عَبَّرَ بِهِ وَخَرَجَ بِمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ نَائِبُ الْمَالِكِ كَالْوَصِيِّ، وَالْوَكِيلِ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ.
(وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ ظُلْمًا فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) فِي شَهَادَتِهِ لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ ذَلِكَ (وَلَا مُدَّعٍ صِبًا) وَلَوْ مُحْتَمَلًا (بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ) فَيُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ (إلَّا كَافِرًا) مَسْبِيًّا (أَنْبَتَ وَقَالَ: تَعَجَّلْت) أَيْ إنْبَاتَ الْعَانَةِ فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِي.
(، وَالْيَمِينُ) مِنْ الْخَصْمِ (تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا لَا الْحَقَّ) فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَ مَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ» كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.
(فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْخَصْمِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بَعْدَ حَلِفِهِ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً وَلَوْ قَالَ بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِدَعْوَاهُ بَيِّنَتِي كَاذِبَةٌ أَوْ مُبْطَلَةٌ سَقَطَتْ وَلَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ حَلِفَهُ يُفِيدُ الْبَرَاءَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا لَمْ تُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ.
(وَلَوْ قَالَ الْخَصْمُ) قَدْ (حَلَّفَنِي) عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَ قَاضٍ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهِ (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَلَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ وَهَكَذَا.
ــ
[حاشية الجمل]
إنَّمَا اشْتَرَيْت لِابْنِي لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَادَّعَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ دَيْنَهُ لَمْ يَحْلِفُوا أَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْلِفْ وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا يَمِينٌ أَصْلًا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْعَزَلَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الِابْنِ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ أَوْ عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوْجٌ.
(قَوْله كَطَلَبِ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ) كَأَنْ يَقْذِفَ شَخْصٌ شَخْصًا بِالزِّنَا ثُمَّ يَتَرَافَعَ الْقَاذِفُ، وَالْمَقْذُوفُ أَوْ وَارِثُهُ لِلْقَاضِي وَيَطْلُبَ الْمَقْذُوفُ أَوْ وَارِثُهُ حَدَّ الْقَاذِفِ مِنْهُ الْقَاضِي فَيُحَلِّفُ الْقَاذِفُ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَا زَنَى فَإِذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِلَّا سَقَطَ وَهَذَا الضَّابِطُ مَوْجُودٌ فِي الْمَقْذُوفِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا لَزِمَهُ وَفِي إدْخَالِ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ فِي هَذَا الضَّابِطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ. إلَخْ) كَأَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الضَّابِطِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: ظُلْمًا فِي حُكْمِهِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا مُدَّعٍ صِبًا) أَيْ أَوْ جُنُونًا إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَحْلِفُ السَّفِيهُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَالٌ لِعِلْمِهِ بِسَبَبِ مُعَامَلَةٍ قَبْلَ السَّفَهِ وَقَرَّرَ الزِّيَادِيُّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِإِتْلَافِ الْمَالِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ الْحَجْرِ فَرَاجِعْهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ تَحْلِيفِ مُدَّعِي الصِّبَا عَلَى صِبَاهُ، وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرُ الصِّبَا فَتَأَمَّلْهَا اهـ سم (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الْقَتْلِ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَسْقُطْ قَتْلُهُ أَيْ، وَالْإِمَامُ عَلَى خَيِّرَتِهِ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَوْلُ شَيْخِنَا كَالتُّحْفَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قُتِلَ أَيْ جَازَ قَتْلُهُ مُخَيَّرًا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ إنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا) وَمِثْلُ الْيَمِينِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ حَلَّفَهُ مَنْ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ) وَلَا يُعَزَّرُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ وَكَذَا يَنْبَغِي عَدَمُ تَعْزِيرِهِ لَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ وَحَلِفِهِ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَافَقَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ عَلَيْهِ وَإِفْتَاءُ بَعْضِ مَنْ لَقِينَاهُ بِالتَّعْزِيرِ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ، وَالشُّهُودُ مُبْطِلِينَ لِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يُحِيطُونَ بِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى سُمِعَتْ اهـ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا الْحَقُّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا لِتَلَفِ الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ أَوْ لِرَدِّهَا لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ حَلَّفَنِي) تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي فَصْلِ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ وَفِي الْإِيلَاءِ، وَالْفَلَسِ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ تَقْدِيرِهَا وَقَدْ يُوَجَّهُ هَذَا بِأَنَّهُ لِدَفْعِ أَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ أَمْرٍ أَوْ لِذِكْرِهَا فِي الْأَصْلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ) فَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعِي وَرَدَّ هَذِهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ عَنْهَا وَطَلَبَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي دَعْوَى أُخْرَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ قَالَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.
وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ الشَّارِحُ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ اهـ وَأَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَارْتَضَى كُلَّ ذَلِكَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَّفَهُ وَطَلَبَ يَمِينَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَيْ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُحَلِّفْهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الْأَصْلِ بِغَيْرِ دَعْوَى قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُجَابُ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ قَدْ حَلَّفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ هَذَا إذَا قَالَ: قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ قَالَ عِنْدَك أَيُّهَا الْقَاضِي فَإِنْ حَفِظَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَمَنَعَ الْمُدَّعِيَ مِمَّا طَلَبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ حَلَّفَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ فَلَا يَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ حَلَّفَهُ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُدَّعِيَ مَا حَلَّفَهُ