الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِلَا بَيِّنَةٍ بِهِ لَمْ يُجِبْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ وَقِيلَ يُجِيبُهُمْ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ.
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)
جَمْعُ شَهَادَةٍ وَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ» وَأَرْكَانُهَا شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ وَمَشْهُودٌ عَلَيْهِ وَمَشْهُودٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الشَّاهِدُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ ذُو مُرُوءَةٍ يَقِظٌ نَاطِقٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) .
ــ
[حاشية الجمل]
خَرَجَ فِي الْمِثَالِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ مُسْتَحَقَّةٌ اثْنَانِ مِنْ نَصِيبِ زَيْدٍ وَوَاحِدَةٌ مِنْ نَصِيبِ عَمْرٍو وَقَوْلُهُ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ شَائِعًا كَأَنْ اُسْتُحِقَّ رُبْعُ الْعِشْرِينَ فَيَكُونُ شَرِيكًا لِكُلٍّ بِرُبْعِ مَا أَخَذَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنًا سَوَاءٌ كَأَنْ خَرَجَ فِي الْمِثَالِ ثِنْتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ نَصِيبِ وَاحِدٍ فَيَأْخُذُهُمَا الْمُسْتَحِقُّ وَتَبْقَى الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ بِهِ) فَلَوْ أَقَامُوا بِهِ بَيِّنَةً، وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٌ أَوْ يَمِينًا أَجَابَهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ كَذَا قِيلَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَمْ يُجِبْهُمْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَإِذَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ لِقِسْمَةِ الْقَاضِي وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي إثْبَاتٌ لِمِلْكِهِمَا وَالْيَدَ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ اهـ عَنَانِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَمْ يُجِبْهُمْ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّةٍ طُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا حُكْمٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ بِقَوْلِ ذِي الْحَقِّ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ انْتَهَتْ.
[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]
قُدِّمَتْ عَلَى الدَّعْوَى نَظَرًا لِتَحَمُّلِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ فَهُوَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِنَحْوِ الشَّهَادَةِ بِالْهِلَالِ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِمْ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَرْكَانَهَا خَمْسَةٌ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ، وَهُوَ أَشْهَدُ أَيْ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَك) أَيْ يَا مُدَّعِي وَقَوْلُهُ أَوْ يَمِينُهُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا خِطَابٌ لِلْمُدَّعِي أَيْ لَيْسَ لِإِثْبَاتِ حَقِّك عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا شَاهِدَاك، وَلَيْسَ لَك عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا يَمِينُهُ اهـ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ حُكْمَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ أَقْوَى مِنْ الْحُجَّةِ اهـ عَزِيزِيٌّ فَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ إقَامَةُ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ حَلِفِ الْخَصْمِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ إلَّا الصِّيغَةَ، وَهِيَ لَفْظُ أَشْهَدُ كَمَا يَأْتِي اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ الشَّاهِدُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَفِيمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي بَيْعِ شَيْءٍ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمُزَكِّي فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي مِنْ الشُّرُوطِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ فِي فَصْلِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا نَصُّهُ وَصَحَّ أَدَاءُ كَامِلٍ تَحَمَّلَ حَالَ كَوْنِهِ نَاقِصًا كَفَاسِقٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ تَحَمَّلَ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ اهـ أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر هُنَاكَ (قَوْلُهُ ذُو مُرُوءَةٍ) قَدَّمَهَا عَلَى الْعَدَالَةِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا اهـ ع ش
(قَوْلُهُ يَقِظٌ) وَمِنْ التَّيَقُّظِ ضَبْطُ أَلْفَاظِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِحُرُوفِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُتَّجَهُ عَدَمَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمَعْنَى وَلَا تُقَاسُ بِالرِّوَايَةِ لِضِيقِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الشَّاهِدِ فَقَدْ يُحْذَفُ أَوْ يُغَيَّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي عَقِيدَةِ نَفْسِهِ وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ يَقْرَبُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ التَّعْبِيرِ بِأَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِبْهَامِ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ شَاهِدٌ وَكَّلَهُ أَوْ قَالَ وَكَّلْته وَقَالَ الْآخَرُ: فَوَّضَ إلَيْهِ أَوْ أَنَابَهُ قُبِلَ أَوْ قَالَ وَاحِدٌ وَكَّلْت وَقَالَ الْآخَرُ قَالَ فَوَّضْت إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلَا؛ لِأَنَّ كُلًّا أَسْنَدَ إلَيْهِ لَفْظًا مُغَايِرًا لِلْآخَرِ وَكَانَ الْغَرَضُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اتِّحَادِ اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ أَنَّ كُلًّا سَمِعَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَرَّةٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِبَيْعٍ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يَتَّفِقَا فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُرَ الْأَمْرَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ ثَبَتَ الْأَلْفُ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ وَبِهِ يُعْلَمُ صِحَّةُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا أَوْ هَذَا لَفَفْنَا فِيهِ، وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الْهَرَوِيُّ، وَلَوْ أَخْبَرَ شَاهِدٌ عَدْلٌ بِمَا يُنَافِي شَهَادَتَهُ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أُخْبِرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ، فَإِنْ ظَنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ مَعَ عِلْمِهِ بَاطِنًا بِمَا يُخَالِفُهُ لَزِمَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ اهـ شَرْحُ
وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) غَيْرُ (مُتَّهَمٍ عَدْلٍ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ أَوْ صَبَا أَوْ جُنُونٌ وَلَا مِنْ عَادِمِ مُرُوءَةٍ وَمُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ وَأَخْرَسَ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَمُتَّهَمٍ وَغَيْرِ عَدْلٍ مِنْ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَالْعَدْلُ يَتَحَقَّقُ (بِأَنْ لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً) كَقَتْلٍ وَزِنًا.
ــ
[حاشية الجمل]
م ر.
(فَائِدَةٌ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُحْتَرَزِ قَوْلِهِ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الشَّاهِدِ يَقِظٌ نَاطِقٌ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، وَأَمَّا النُّطْقُ فَتُرَدُّ شَهَادَةُ أَخْرَسَ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا تَغَفُّلُهُ فَيُرَدُّ مُغَفَّلٌ لَا يَحْفَظُ وَلَا يَضْبِطُ وَكَذَا كَثِيرُ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ، فَإِنْ قَلَّ أَوْ فَسَّرَ شَهَادَتَهُ بِذِكْرِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ وَمَكَانِهِ وَزَالَتْ الرِّيبَةُ قُبِلَ (فَرْعٌ) إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدَانِ سَبَبَ مَا شَهِدَا بِهِ جَازَ وَيُنْدَبُ لِلْقَاضِي إنْ لَمْ يَثِقْ بِشِدَّةِ عُقُولِهِمَا وَتَثَبُّتِهِمَا أَنْ يَسْأَلَهُمَا عَنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ أَبَيَا وَفِيهِمَا غَفْلَةٌ لَمْ يَحْكُمْ وَإِلَّا حَكَمَ (تَنْبِيهٌ) .
يَلْزَمُ الشَّاهِدَ التَّفْصِيلُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ وَبِالْإِكْرَاهِ وَبِالسَّرِقَةِ وَبِالرَّضَاعِ وَبِأَنَّ نَظَرَ هَذَا الْوَقْفِ لِفُلَانٍ فَيَذْكُرُ سَبَبَهُ وَبِأَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ فَيُبَيِّنُ جِهَتَهُ وَبَرَاءَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ عِنْدَ الْهَرَوِيِّ مُخَالِفًا لِلْعَبَّادِيِّ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَبِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ بِبَيَانِ سَبَبِهِ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ جِوَارٍ وَبِالرُّشْدِ وَبِأَنَّهُ وَقْتُ تَصَرُّفِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ زَائِلُ الْعَقْلِ وَبِالْجَرْحِ وَبِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ بِذِكْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ وَبِالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، فَإِنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ بَلَغَ قُبِلَ (فَرْعٌ) .
إذَا شَهِدَ مَنْ حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ لَمْ تَبْعُدْ صِحَّتُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ اتَّفَقَ حُضُورُ شَافِعِيٍّ عَقْدَ نِكَاحٍ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِجَرَيَانِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَا التَّسَبُّبِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا الْإِعَانَةُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَلَّدَ ذَلِكَ الْمَذْهَبَ وَاعْتَقَدَهُ بِطَرِيقٍ يَقْتَضِي لِمِثْلِهِ اعْتِقَادَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ اهـ لَفْظُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ) أَيْ النَّاطِقُ وَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي اهـ ح ل وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ زِيَادَتِي إذْ التَّيَقُّظُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ فِيهِ رِقٌّ) وَقَبِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ شَهَادَةَ الرَّقِيقِ وَقَبِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ عَلَى بَعْضِهِمْ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْجِرَاحَاتِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ عَادِمِ مُرُوءَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ التَّمَاسُكِ وَتَرْكِ الْمُبَالَاةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا غَيْرُ ذِي مُرُوءَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاءَ لَهُ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَأَخْرَسَ) أَيْ، وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ إذْ لَا تَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ لِنَقْصِهِ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَاقِصُ عَقْلٍ أَوْ فَاسِقٌ فَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ نَقْصَ عَقْلِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَسْمِيَتِهِ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمُتَّهَمٍ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ بِالْمُتَّهَمِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ مِنْ كَافِرٍ) أَيْ، وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَسُّ الْفُسَّاقِ وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ الْعَدَالَةُ وَعَمَّ الْفِسْقُ قَضَى الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلُ لِلضَّرُورَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ يُعَارِضُهَا مَفْسَدَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر، وَلَوْ جَهِلَ الْحَاكِمُ إسْلَامَ الشَّاهِدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَهِلَ حُرِّيَّتَهُ فَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بَلْ يَبْحَثُ عَنْهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٍ) وَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ فِسْقَ نَفْسِهِ وَكَانَ صَادِقًا فِي شَهَادَتِهِ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ خِلَافٌ اعْتَمَدَ م ر مِنْهُ الْحِلَّ، وَلَوْ رَتَّبَ إمَامٌ ذُو شَوْكَةٍ شُهُودًا فَسَقَةً مَثَلًا فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِلضَّرُورَةِ كَالْقَضَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُخْتَارُ لَا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْعَدْلُ يَتَحَقَّقُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْمَلَكَةِ، وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ الْعَدَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا مُجَرَّدُ اجْتِنَابِ الْكَبِيرَةِ وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ بِشَرْطِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَبِيرَةٍ) ، وَهِيَ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدُّهُمْ كَبَائِرَ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ كَالظِّهَارِ وَأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَقِيلَ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَقِيلَ هِيَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَاعْتُرِضَ بِعَدَمِ شُمُولِهِ الْإِصْرَارَ عَلَى صَغِيرَةٍ الْآتِي، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ تَعَلُّمَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ مَا هُوَ فُرِضَ عَلَيْهِ كَبِيرَةً لَكِنَّ مِنْ الْمَسَائِلِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْخَفِيَّةِ نَعَمْ مَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِي الْعَامِّيِّ الَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ إلَخْ هَلْ يَكُونُ تَرْكُ تَعَلُّمِ ذَلِكَ كَبِيرَةً أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ
وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إفْتَاءُ الشَّيْخِ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَرْكَانَ أَوْ شُرُوطَ نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَقَتْلٍ) شَامِلٌ لِقَتْلِ الْكَافِرِ الْمَعْصُومِ وَقَتْلِ
وَقَذْفٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ (وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ) أَصَرَّ عَلَيْهَا (وَغَلَبَتْ طَاعَتُهُ) فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ، وَقَوْلِي أَوْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
وَالصَّغِيرَةُ (كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .
ــ
[حاشية الجمل]
الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ، وَلَوْ مُهْدَرًا كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ لِنَفْسِهِ وَالْمُرَادُ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ شَبَهَهُ لَا الْخَطَأُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ نُشُوزُ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ بِنَحْوِ خُرُوجٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَهَادَةِ زُورٍ) أَيْ، وَلَوْ بِإِثْبَاتِ فَلَسٍ أَوْ نَفْيِهِ إنْ كَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا كَبِيرَةً تَرَدُّدٌ وَالتَّزْوِيرُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مُحَاكَاةُ الْخَطِّ وَالنَّمِيمَةُ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا، وَهِيَ نَقْلُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَوْ كُفَّارًا لِلْإِفْسَادِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لِلْإِفْسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِفْسَادَ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ كَبِيرَةٌ إنْ كَانَ فِيهَا اقْتِطَاعُ مَالٍ، وَإِنْ قَلَّ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ وَقَطِيعَةٌ لِرَحِمٍ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ) يَنْبَغِي أَنَّ التَّصْمِيمَ عَلَى فِعْلِ الْكَبِيرَةِ كَالْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا بِأَنْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعُ كَبِيرَةٍ وَبِهِ يُصَرِّحُ مَا فِي حَدِيثِ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» لِقَوْلِهِ فِي الْمَقْتُولِ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ فَفِيهِ الْوَعِيدُ لِلْمَقْتُولِ لِحِرْصِهِ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ انْتِفَائِهِ اهـ آيَاتٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا وَغَلَبَتْ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْإِصْرَارِ هَلْ هُوَ التَّكْرَارُ حَتَّى لَوْ فَعَلَ مَرَّةً فَقَطْ وَلَمْ يَتُبْ لَا يَكُونُ مُصِرًّا أَوْ هُوَ عَدَمُ التَّوْبَةِ حَتَّى لَوْ فَعَلَهَا مَرَّةً مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ يَكُونُ مُصِرًّا اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ عَمِيرَةُ: الْإِصْرَارُ قَبْلُ هُوَ الدَّوَامُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا
وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ الْإِكْثَارُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ فِي بَابِ الْفَضْلِ قَالَ إنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَبِيرَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْوَجْهِ الثَّانِي لَمْ تَضُرَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ إذَا غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَضُرُّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ أَظْفَرْ فِي الْإِصْرَارِ بِمَا يُثْلِجُ الصَّدْرَ غَيْرَ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ فَسَّرَهُ بِالْعَزْمِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِصْرَارَ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ الصَّغِيرَةُ كَبِيرَةً إمَّا تَكْرِيرُهَا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِمَّا تَكْرِيرُهَا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهَا، وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَزْمُ إصْرَارًا بَعْدَ الْفِعْلِ وَقَبْلَ التَّوْبَةِ اهـ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ قَدْ تَكْبُرُ بِغَيْرِ الْإِصْرَارِ كَاسْتِصْغَارِ الذَّنْبِ وَالسُّرُورِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ وَالْغَفْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبَ الشَّقَاوَةِ وَالتَّهَاوُنِ بِسِتْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِلْمِهِ، وَأَنْ يَظْهَرَ مُرَغِّبًا فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ) أَيْ عَلَى مَعَاصِيهِ فِي عُمْرِهِ بِأَنْ يُقَابِلَ الْمَجْمُوعَ بِالْمَجْمُوعِ لَا أَنَّهُ يَنْظُرُ لِكُلِّ يَوْمٍ عَلَى حِدَتِهِ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا كَمَا يُفِيدُهُ ع ش عَلَى م ر وَنَصُّ عِبَارَتِهِ بِأَنْ تُقَابَلَ كُلُّ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ عَلَى الْمَعَاصِي، وَغَلَبَتْ الْمَعَاصِي فِي بَاقِيهَا بِحَيْثُ لَوْ قُوبِلَتْ جُمْلَةُ الْمَعَاصِي بِجُمْلَةِ الطَّاعَاتِ كَانَتْ الْمَعَاصِي أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا اهـ وَمَحَلُّ الْعَدِّ فِي الْمَعَاصِي الَّتِي يَتُبْ مِنْهَا، وَلَمْ يَقَعْ لَهَا مُكَفِّرٌ إمَّا الَّتِي تَابَ مِنْهَا أَوْ وَقَعَ لَهَا مُكَفِّرٌ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ وَالْحِسَابِ
وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَجَعَلَ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ الطَّاعَاتِ وَخُصُوصَ الْمَعَاصِي الَّتِي أَصَرَّ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْفَضْلِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ صَغِيرَةٍ تَابَ مِنْهَا مُرْتَكِبُهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ لِإِذْهَابِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَثَرَهَا رَأْسًا اهـ وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ الْغَلَبَةِ بِالْعَدِّ مِنْ جَانِبَيْ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةِ ثَوَابٍ فِي الْأُولَى وَعِقَابٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ اهـ م ر أَيْ فَتُقَابَلُ حَسَنَةٌ بِسَيِّئَةٍ لَا بِعَشْرِ سَيِّئَاتٍ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ أَنْ يُمْتَحَنَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْلِبُهُ الْهَوَى، فَإِنَّ تَارِكَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ الْمُلَازِمَ لِلْمُرُوءَةِ قَدْ يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ مَا دَامَ سَالِمًا عَنْ الْهَوَى فَإِذَا غَلَبَهُ هَوَاهُ خَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَانْحَلَّ عِصَامُ التَّقْوَى فَقَالَ مَا يَهْوَاهُ وَانْتِفَاءُ هَذَا الْوَصْفِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَدْلِ اهـ سم (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَقَوْلِي أَوْ إلَى آخِرِهِ) الْمُرَادُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِإِلَى آخِرِهِ هُوَ قَوْلُهُ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ فَاَلَّذِي مِنْ زِيَادَتِهِ هُوَ لَفْظُ أَوْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ فَلَوْ قَالَ وَقَوْلِي أَوْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِي لَكَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ) النَّرْدُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّاوِلَةِ الَّتِي يُلْعَبُ بِهَا فِي الْقَهَاوِي اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالطَّوْلَةِ أَوْ الطَّاوِلَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ فِيهِمَا اهـ وَفَارَقَ النَّرْدُ الشِّطْرَنْجَ حَيْثُ يُكْرَهُ إنْ خَلَا عَنْ
(وَ) لَعِبٍ (بِشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا (إنْ شُرِطَ) فِيهِ (مَالٌ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ قِمَارٌ وَفِي الثَّانِي مُسَابَقَةٌ عَلَى غَيْرِ آلَةِ الْقِتَالِ فَفَاعِلُهَا مُتَعَاطٍ لِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَرَامٌ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الثَّانِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ مَالٌ (كُرِهَ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ صَرْفَ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي نَعَمْ إنْ لَعِبَهُ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ حَرُمَ (كَغِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (بِلَا آلَةٍ وَاسْتِمَاعِهِ) فَإِنَّهُمَا مَكْرُوهَانِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ اللَّهْوِ أَمَّا مَعَ الْآلَةِ فَمُحَرَّمَانِ وَتَعْبِيرِي بِالِاسْتِمَاعِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَالِ بِأَنَّ مُعْتَمَدَهُ الْحِسَابُ الدَّقِيقُ وَالْفِكْرُ الصَّحِيحُ فَفِيهِ تَصْحِيحُ الْفِكْرِ وَنَوْعٌ مِنْ التَّدْبِيرِ وَمُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا حَاصِلُهُ وَيُقَاسُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ وَكُلُّ مَا اعْتَمَدَ الْفِكْرَ وَالْحِسَابَ كَالْمُنَقِّلَةِ وَالسِّيجَةِ وَهِيَ حُفَرٌ أَوْ خُطُوطٌ يُنْقَلُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا حَصًى بِالْحِسَابِ لَا يَحْرُمُ وَمَحَلُّهَا فِي الْمُنَقِّلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ حِسَابُهَا تَبَعًا لِمَا يُخْرِجُهُ الطَّابُ الْآتِي وَإِلَّا حُرِّمَتْ وَكُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ يَحْرُمُ وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا الطَّابُ، وَهُوَ عِصِيٌّ صِغَارٌ تُرْمَى وَيُنْظَرُ لِلَوْنِهَا وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ الَّذِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْكَنْجَفَةُ، وَهِيَ أَوْرَاقٌ مُزَوَّقَةٌ بِأَنْوَاعٍ مِنْ النُّقُوشِ وَيَجُوزُ اللَّعِبُ بِالْحَمَامِ وَالْخَاتَمِ حَيْثُ خُلِّيَا عَنْ عِوَضٍ لَكِنْ مَتَى كَثُرَ الْأَوَّلُ رُدَّتْ بِهِ الشَّهَادَةُ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ خَلْعِهِمْ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ وَالْمُرُوءَةِ وَالتَّعَصُّبِ وَيُقَاسُ بِأَهْلِ الْحَمَامِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ مَا كَثُرَ وَاشْتَهَرَ مِنْ أَنْوَاعٍ حَدَثَتْ كَالْجَرْيِ وَحَمْلِ الْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ وَالنِّطَاحِ بِنَحْوِ الْكِبَاشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ وَالسَّفَهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي إلَخْ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بِلَا مَالٍ فَيَحْرُمُ وَيُؤَيِّدُهُ التَّقْيِيدُ فِي الْحَمَامِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْخُلُوِّ عَنْ الْعِوَضِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (فَائِدَةٌ) .
أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ النَّرْدَ الْفُرْسُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ نَصِيرِينَ الْبُرْهَانِيِّ الْأَكْبَرِ وَلَعِبَ بِهِ وَجَعَلَهُ مَثَلًا لِلْمَكَاسِبِ، وَأَنَّهَا لَا تُنَالُ بِالْكَسْبِ وَالْحِيَلِ، وَإِنَّمَا تُنَالُ بِالْمَقَادِيرِ وَأَوَّلُ مَا عُمِلَ الشِّطْرَنْجُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ مُلْهَب وَأَوَّلُ مَنْ أَدْخَلَهُ بِلَادَ الْعَرَبِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ الْمَلَاعِبَ الْمَلِكُ الْأَشْمُونُ عَاشِرُ مَلِكَ مِصْرَ بَعْدَ الطُّوفَانِ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى مَدِينَةَ الْأُشْمُونِيِّينَ وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ مِنْ الظُّلْمِ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ قَوْلُهُمْ تَنَحَّ عَنْ الطَّرِيقِ وَيُقَالُ إنَّ ذَلِكَ حَدَثَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَأَوَّلُ مَنْ أَخْلَفَ الْمَوَاعِيدَ مِنْ الرُّؤَسَاءِ إسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ كَاتِبُ الرَّشِيدِ وَأَوَّلُ مُنْكَرٍ ظَهَرَ بِالْمَدِينَةِ طَيَرَانُ الْحَمَامِ وَالرَّمْيُ بِالْبُنْدُقِ، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَأَمَرَ رَجُلًا بِقَصِّ الْحَمَامِ وَكَسْرِ الْجُلَاهِقَاتِ وَأَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ الْكَلْبَ لِلْحِرَاسَةِ نُوحٌ عليه الصلاة والسلام اهـ مِنْ شَرْحِ الْخَرَاشِيِّ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ وَبِشِطْرَنْجٍ) أَيْ لَعِبُهُ مَعَ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَالْإِحْرَامَ لِإِعَانَتِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ مَعَ الْمَالِكِيِّ فِي وَقْتِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَأَعَادَ الْمَاتِنُ الْبَاءَ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي بَعْدَهُ خَاصٌّ بِهِ، وَسَأَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشِّطْرَنْجِ فَقَالَ إذَا سَلِمَ الْمَالُ مِنْ النُّقْصَانِ وَالصَّلَاةُ مِنْ النِّسْيَانِ فَذَاكَ أُنْسٌ بَيْنَ الْإِخْوَانِ قَالَهُ سَهْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ قِمَارٌ) الْقِمَارُ بِكَسْرِ الْقَافِ اللَّعِبُ الَّذِي فِيهِ تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْغُنْمِ وَالْغُرْمِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَفَاعِلُهَا مُتَعَاطٍ إلَخْ) أَمَّا أَخْذُ الْمَالِ فَكَبِيرَةٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ مَالٍ اهـ ز ي (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) لَوْ خَرَجَ بِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ مِرَارًا لَا عَنْ قَصْدِ فِسْقٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ اخْتِيَارًا، وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ (فَرْعٌ) .
كُلَّمَا حَرُمَ حَرُمَ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِشِطْرَنْجٍ؛ لِأَنَّهُ يُلْهِي عَنْ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا الْفَاضِلَةِ بَلْ كَثِيرًا مَا يَسْتَغْرِقُ فِيهِ لَاعِبُهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ وَقْتِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ فَاسِقٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ بِنِسْيَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَفْلَةَ نَشَأَتْ مِنْ تَعَاطِيهِ الْفِعْلَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلْهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ كَالْمُتَعَمِّدِ لِتَفْوِيتِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ لَهْوٍ وَلَعِبٍ مَكْرُوهٍ مُشْغِلٍ لِلنَّفْسِ وَمُؤَثِّرٍ فِيهَا تَأْثِيرًا يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا حَتَّى تَشْتَغِلَ بِهِ مِنْ مَصَالِحِهَا الْأُخْرَوِيَّةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَغِنَاءٍ) هُوَ بِالضَّبْطِ الْمَذْكُورِ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَعَ كَسْرِ الْعَيْنِ فَهُوَ مُقَابَلَةُ الْفَقْرِ وَبِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ هُوَ النَّفْعُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَأَمَّا الْعَنَاءُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ فَهُوَ التَّعَبُ وَالْمَشَقَّةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا مَكْرُوهَانِ) أَيْ، وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ إلَّا إنْ خَافَ فِتْنَةً أَوْ نَظَرًا مُحَرَّمًا وَإِلَّا حَرُمَ، وَلَيْسَ مِنْ الْغِنَاءِ مَا اُعْتِيدَ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ عَمَلٍ وَحَمْلِ ثَقِيلٍ كَحَدْوِ الْأَعْرَابِ لِإِبِلِهِمْ وَغِنَاءِ النِّسَاءٍ لِتَسْكِيتِ صِغَارِهِمْ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْغِنَاءُ إنْ قُصِدَ بِهِ تَرْوِيحُ الْقَلْبِ لِيُقَوِّيَ عَلَى الطَّاعَةِ فَهُوَ طَاعَةٌ أَوْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لَهْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَمَّا مَعَ الْآلَةِ فَمُحَرَّمَانِ) ، وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ م ر فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْغِنَاءَ مَكْرُوهٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَالْآلَةَ مُحَرَّمَةٌ وَعِبَارَتُهُ وَمَتَى اقْتَرَنَ بِالْغِنَاءِ آلَةٌ مُحَرَّمَةٌ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ
بِالسَّمَاعِ (لَا حِدَاءٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْمَدِّ وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رِجْزٍ وَغَيْرِهِ (وَدُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا لِمَا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَعُرْسٍ وَخِتَانٍ وَعِيدٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ (وَلَوْ بِجَلَاجِلَ) وَالْمُرَادُ بِهَا الصُّنُوجُ جَمْعُ صَنْجٍ، وَهُوَ الْحُلُقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرُ الْعِرَاضُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ (وَاسْتِمَاعِهِمَا) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ تَنْشِيطِ الْإِبِلِ لِلسَّيْرِ وَإِيقَاظِ النُّوَامِ وَفِي الثَّانِي مِنْ إظْهَارِ السُّرُورِ وَوَرَدَ فِي حِلِّهِمَا أَخْبَارُ بَلْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِسَنِّ الْأَوَّلِ وَالْبَغَوِيُّ بِسَنِّ الثَّانِي وَحِلُّ اسْتِمَاعِهِمَا تَابِعٌ لِحِلِّهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اسْتِمْتَاعِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي.
(وَكَاسْتِعْمَالِ آلَةٍ مُطْرِبَةٍ كَطُنْبُورِ) بِضَمِّ الطَّاءِ (وَعُودٍ وَصَنْجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُسَمَّى الصُّفَّاقَتَيْنِ، وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى (وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَا يُضْرَبُ مَعَ الْأَوْتَارِ (وَيَرَاعٍ) ، وَهُوَ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ فَكُلُّهَا صَغَائِرُ لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّ الْيَرَاعِ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ بِتَحْرِيمِهِ (وَكُوبَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ (، وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ وَاسْتِمَاعِهَا) أَيْ الْآلَاتِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ، وَهِيَ مُطْرِبَةٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ «أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّشْبِيهُ بِمَنْ يَعْتَادُ اسْتِعْمَالَهُ، وَهُوَ الْمُخَنَّثُونَ وَذِكْرُ اسْتِمَاعِ الْكُوبَةِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا رَقْصٍ) فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا مَكْرُوهٍ بَلْ مُبَاحٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ.
ــ
[حاشية الجمل]
وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لَا حِدَاءٍ) ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَدُفٍّ) وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّهُ مُضَرٌ جَدُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ ح ل، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالطَّارِّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِمَا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ) قَدْ يُفْهَمُ تَحْرِيمُهُ لَا لِسَبَبٍ أَصْلًا فَلْيُرَاجَعْ وَلَا بُعْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ لَعِبٍ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ دَاخِلَ الدُّفِّ) أَيْ دُفِّ الْعَرَبِ وَقَوْلُهُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ أَيْ دُفِّ الْعَجَمِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَكَاسْتِعْمَالِ آلَةٍ إلَخْ) أَعَادَ الْكَافَ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ فَهُوَ رُجُوعٌ لِأَمْثِلَةِ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ كَطُنْبُورٍ) أَيْ وَرَبَابٍ وَسِنْطِيرٍ وكمج وَكَمَنْجَةٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَعُودٍ) أَيْ لِغَيْرِ التَّدَاوِي وَرَبَابٍ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا بِحِلِّ الْعُودِ وَضَرْبٍ بِالْأَقْلَامِ عَلَى أَوَانِي الصِّينِيِّ وَالْوَسَائِدِ وَفِي الْعُبَابِ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَحْرُمُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَصَنْجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي جَمْعُهُ صُنُوجٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مُدَوَّرًا لَضَرْبِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَيُقَالُ لِمَا يُجْعَلُ فِي طَارِّ الدُّفِّ مِنْ النُّحَاسِ الْمُدَوَّرِ صِغَارًا صُنُوجٌ أَيْضًا، وَأَمَّا الصَّنْجُ ذُو الْأَوْتَارِ فَمُخْتَصٌّ بِهِ الْعَجَم وَكِلَاهُمَا مُعَرَّبٌ اهـ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى الصُّفَّاقَتَيْنِ) كَالنُّحَاسَتَيْنِ اللَّتَيْنِ نَضْرِبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى يَوْمَ خُرُوجِ الْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش، وَهُوَ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَرَاءُ الْمُسَمَّى بِالْكَاصَاتِ مِثْلُهُمَا قِطْعَتَانِ مِنْ صِينِيٍّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَمِثْلُهُمَا خَشَبَتَانِ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَيُسَمَّى بِالصَّاجِ وَالتَّصْفِيقُ بِالْيَدَيْنِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ الصُّفَّاقَتَيْنِ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِشَدِّ الْفَاءِ أَيْضًا وَبِالْقَافِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةُ فَوْقَ ثُمَّ الْمُثَنَّاةُ تَحْتُ وَبِالنُّونِ كَالنُّحَاسَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى يَوْمَ خُرُوجِ الْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوَّلَهُ وَبَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ، وَهُوَ مَا لَهُ بُوقٌ وَالْغَالِبُ أَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ الْأَوْتَارِ، وَلَوْ مِنْ حَشِيشٍ رَطْبٍ كَالْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ لَا يَرَاعٍ بِتَحْتِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الزَّمَّارَةُ) أَيْ مِنْ خَشَبٍ أَوْ مِنْ بُوصٍ أَوْ بِرْسِيمٍ وَمِثْلُهَا الْقِرْبَةُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ) وَيُقَالُ لَهَا الْمَأْصُولُ لَكِنْ فِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ الْمَأْصُولَ حَرَامٌ حَتَّى عِنْدَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ وَكُلَّمَا حَرُمَ حَرُمَ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهَلْ مِنْ الْحَرَامِ لَعِبُ الْبَهْلَوَانِ وَاللَّعِبُ بِالْحَيَّاتٍ الرَّاجِحُ الْحِلُّ حَيْثُ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَيَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا يَحِلُّ اللَّعِبُ بِالْخَاتَمِ وَبِالْحَمَامِ حَيْثُ لَا مَالَ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَالشَّبَّابَةُ هِيَ مَا لَيْسَ لَهُ بُوقٌ وَمِنْهَا الْمَأْصُولُ الْمَشْهُورُ وَالسُّفَارَةُ وَنَحْوُهَا اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر وَالشَّبَّابَةُ هِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْغَابِ اهـ (قَوْلُهُ وَكُوبَةٍ) هِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالدَّرَبُكَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطُّبُولَ كُلَّهَا حَلَالٌ إلَّا هَذِهِ وَالْمِزْمَارَ كُلَّهُ حَرَامٌ إلَّا النَّفِيرَ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ حِلُّ مَا سِوَاهَا مِنْ الطُّبُولِ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ وَدَخَلَ فِيهِ مَا يَضْرِبُ بِهِ الْفُقَرَاءُ وَيُسَمُّونَهُ طَبْلُ الْبَازِ وَمِثْلُهُ طَبْلَةُ الْمُسَحِّرِ فَهُمَا جَائِزَانِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ طَبْلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَمِنْهَا الْمَوْجُودُ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ مَا أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَوْسَعُ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَا جِلْدَ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَأَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمَنْ أَنَّ الْكُوبَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا سُدَّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِالْجِلْدِ دُونَ الْآخَرِ بَلْ هِيَ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ لِمَا سُدَّ طَرَفَاهُ مَعًا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ) جَمْعُ شَارِبٍ أَيْ شَرَبَةُ الْمُسْكِرِ
(قَوْلُهُ لَا رَقْصٌ) قَالَ م ر الرَّقْصُ بِقَصْدِ اللَّعِبِ حَرَامٌ وَبِدُونِ هَذَا الْقَصْدِ جَائِزٌ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الرَّقْصُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ الْمُرُوءَةَ حَرُمَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) فِي الْبُخَارِيِّ مَعَ شَرْحِ الْقَسْطَلَّانِيِّ مَا نَصُّهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْت أَيْ وَاَللَّهِ لَقَدْ أَبْصَرْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ لِلتَّدْرِيبِ عَلَى مَوَاقِعِ الْحُرُوبِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَدُوِّ» وَمِنْ ثَمَّ جَازَ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ مِنْ مَنَافِعِ الدِّينِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ وَآلَاتِهِمْ لَا إلَى ذَوَاتِهِمْ إذْ نَظَرُ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ وَلَعَلَّهُ عليه السلام تَرَكَهَا
وَيَزْفِنُونَ»
وَالزَّفْنُ الرَّقْصُ؛ وَلِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ (إلَّا بِتَكَسُّرٍ) فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمُخَنَّثِينَ (وَلَا إنْشَاءِ مُشْعِرٍ، وَإِنْشَادِهِ وَاسْتِمَاعِهِ) فَكُلٌّ مِنْهَا مُبَاحٌ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغَى إلَيْهِمْ مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَذِكْرُ اسْتِمَاعِهِ مِنْ زِيَادَتِي (إلَّا بِفُحْشٍ) كَهَجْوٍ لِمَعْصُومٍ (أَوْ تَشْبِيبٍ بِمُعَيَّنٍ مِنْ أَمْرَدَ أَوْ امْرَأَةٍ غَيْرٍ حَلِيلَةٍ) ، وَهُوَ ذِكْرُ صِفَاتِهِمَا مِنْ طُولٍ وَقِصَرٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ بِخِلَافِ تَشْبِيبٍ بِمُبْهَمٍ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ وَغَرَضَ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ أَمَّا حَلِيلَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّشْبِيبُ بِهَا نَعَمْ إنْ ذَكَرَهُ بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ وَذِكْرُ الْأَمْرَدِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْحَلِيلَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَالْمُرُوءَةُ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ عُرْفًا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ (فَيُسْقِطُهَا أَكْلٌ وَشُرْبٌ وَكَشْفُ رَأْسٍ وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً حَيْثُ) أَيْ بِمَكَانٍ (لَا يُعْتَادُ) لِفَاعِلِهَا كَأَنْ يَفْعَلَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ غَيْرُ سُوقِيٍّ فِي سُوقٍ وَلَمْ يَغْلِبْهُ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِينَ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ وَيَفْعَلُ الرَّابِعَ فَقِيهٌ بِبَلَدٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُ لُبْسَ ذَلِكَ فِيهِ وَقَوْلِي وَشُرْبٌ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِكَشْفِ الرَّأْسِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَشْيِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالتَّقْيِيدُ فِي هَذِهِ بِحَيْثُ لَا يُعْتَادُ مِنْ زِيَادَتِي وَفِي الْأَكْلِ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالسُّوقِ.
ــ
[حاشية الجمل]
تَنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ لِتَضْبِطَهُ وَتَنْقُلَهُ لِتَعْلَمَهُ بَعْدُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَيَزْفِنُونَ) فِي الْمِصْبَاحِ زَفَنَ زَفْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ رَقَصَ (قَوْلُهُ أَفْعَالَ الْمُخَنِّثِينَ) بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَفَتْحِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ أَيْ الْمُتَخَلِّقِينَ بِخُلُقِ النِّسَاءِ حَرَكَةً وَهَيْئَةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا إنْشَاءُ شِعْرٍ إلَخْ) إلَّا إذَا اشْتَمَلَ عَلَى كَذِبٍ مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا حَرُمَ وَإِنْ قَصَدَ إظْهَارَ الصَّنْعَةِ لِإِيهَامِ الصِّدْقِ اهـ ح ل وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ حَيْثُ أَكْثَرَ مِنْهُ اهـ س ل (قَوْلُهُ كَهَجْوٍ لِمَعْصُومٍ) الْمُرَادُ مَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ، وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا لَا حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا اهـ س ل
وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ غَيْرُهُ وَمِثْلُ الْغَيْرِ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ إذَا هَجَاهُ بِمَا تَجَاهَرَ بِهِ مِنْ بِدْعَةٍ وَفِسْقٍ كَمَا تَجُوزُ غَيْبَتُهُ حِينَئِذٍ اهـ ز ي قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ تَحْرِيمِ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ حَسَّانًا بِهِجَاءِ الْكُفَّارِ وَمِنْ هُنَا صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدَعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ وَلَاعِنَهُ لَا يَتَحَقَّقُ بُعْدُهُ مِنْهُ فَقَدْ يَخْتِمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ اهـ وَقَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ لَعَلَّهُ بِمَا فِيهِ كَمَا فِي غَيْبَتِهِ وَفِي تَصْحِيحِ ابْنِ عَجْلُونٍ وَالْأَذْرَعِيِّ بَحْثٌ فِي حَرْبِيٍّ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى بِهَجْوِهِ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ أَهْلِهِ وَاعْتَمَدَ م ر التَّحْرِيمَ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ ذِكْرُ أَوْصَافِهِمَا) فِي الْمِصْبَاحِ وَشَبَّبَ الشَّاعِرُ بِفُلَانَةَ تَشْبِيبًا قَالَ فِيهَا الْغَزَالِيُّ وَعَرَّضَ بِحُبِّهَا وَشَبَّبَ قَصِيدَتَهُ حَسَّنَهَا وَزَيَّنَهَا بِذِكْرِ النِّسَاءِ اهـ وَفِي شَرْحِ ابْنِ هِشَامٍ عَلَى بَانَتْ سُعَادُ مَا نَصُّهُ وَالتَّشْبِيبُ جِنْسٌ يَشْمَلُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا ذِكْرُ مَا فِي الْمَحْبُوبِ مِنْ الصِّفَاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَحُمْرَةِ الْخُدُودِ وَرَشَاقَةِ الْقُدُودِ كَالْجَلَالَةِ وَالْخَفَرِ وَالثَّانِي ذِكْرُ مَا فِي الْمُحِبِّ أَيْضًا كَنُحُولٍ وَذُبُولٍ وَكَالْحُبِّ وَالشَّغَفِ وَالثَّالِثُ ذِكْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ هَجْرٍ وَوَصْلٍ وَشَكْوَى وَاعْتِذَارٍ وَوَفَاءٍ وَإِخْلَافٍ الرَّابِعُ ذِكْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِمَا بِسَبَبِهِمَا كَالْوُشَاةِ وَالرُّقَبَاءِ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَشْبِيبِهِ بِمُبْهَمٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ يَقَعُ لِبَعْضِ فَسَقَةِ الشُّعَرَاءِ نَصْبُ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُعَيَّنِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَالْمُرَادُ بِالْإِبْهَامِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ أَوْ مَقَالِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ ذَكَرَهَا بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ وَفِي شَيْخِنَا أَنَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ حَرَامٌ انْتَهَتْ.
(قَوْله وَالْمُرُوءَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكُهُ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ إنْسَانِيَّةٌ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُرُوءَةُ آدَابُ نَفْسَانِيَّةٌ تَحَمَّلَ مُرَاعَاتِهَا الْإِنْسَانُ عَلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِلْمُرُوءَةِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءُ وَالتَّوَاضُعُ وَالنُّسُكُ وَقِيلَ أَنْ لَا يَعْمَلَ عَمَلًا فِي السِّرِّ يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَطَرْحُ الْمُرُوءَةِ إمَّا لِخَبَلٍ أَوْ قِلَّةِ حَيَاءٍ وَعَدَمِ مُبَالَاةٍ بِنَفْسِهِ اهـ ابْنُ شُهْبَةَ (قَوْلُهُ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ عُرْفًا) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْمُرُوءَةُ تَخَلُّقُ الْإِنْسَانِ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ، فَإِنَّهَا مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ لَهَا وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ الْمُبَاحَةِ غَيْرِ الْمُزْرِيَةِ فَلَا نَظَرَ لِخُلُقِ الْقَلَنْدَرِيَّةِ فِي حَلْقِ لِحَاهُمْ وَنَحْوِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ قَبَاءً) هُوَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ، وَأَمَّا الْقَبَاءُ الْمَشْهُورُ الْآنَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ فَقَطْ فَقَدْ صَارَ شِعَارًا لِلْفُقَهَاءِ وَنَحْوِهِمْ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ أَوْ قَلَنْسُوَةً) هِيَ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ يُلْبَسُ فِي الرَّأْسِ وَبِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِضَمِّهَا وَإِبْدَالِ الْوَاوِ يَاءً وَفِيهَا سَبْعُ لُغَاتٍ قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ قَلَنْسُوَةٌ بِوَزْنِ فَعَنْلُوَةٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ اللَّامِ وَجَمْعُهَا قَلَانِسُ وَيَجُوزُ قَلَاسِي
(قَوْلُهُ كَأَنْ يَفْعَلُ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ أَوْ كَانَ صَائِمًا وَقَصَدَ الْمُبَادَرَةَ لِسُنَّةِ الْفِطْرِ اُتُّجِهَ عَذْرُهُ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ أَيْ مِنْ الْمَارِّينَ أَمَّا مَنْ دَخَلَهُ لِيَأْكُلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ
وَكَكَشْفِ الرَّأْسِ كَشْفُ الْبَدَنِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْعَوْرَةِ أَمَّا ذَاكَ فَمِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (وَقُبْلَةُ حَلِيلَةٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (بِحَضْرَةِ النَّاسِ) الَّذِينَ يُسْتَحَى مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ (وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ) بَيْنَهُمْ (أَوْ) إكْثَارُ (لَعِبِ شِطْرَنْجٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ اسْتِمَاعِهِ أَوْ رَقْصٍ) بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَمْسَةِ إلَّا قَلِيلَ ثَانِيهَا فِي الطَّرِيقِ وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ.
(وَ) يُسْقِطُهَا أَيْضًا (حِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) بِالْهَمْزِ (كَحَجْمٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ مِمَّنْ لَا تَلِيقُ) هِيَ (بِهِ) لِإِشْعَارِهَا بِالْخِسَّةِ بِخِلَافِهَا مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ آبَائِهِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَكَانَتْ حِرْفَةُ أَبِيهِ اعْتَرَضَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَيِّدَ بِهِ بَلْ يَنْظُرُ هَلْ تَلِيقُ بِهِ هُوَ أَمْ لَا وَلِهَذَا حَذَفَهُ بَعْضُ مُخْتَصِرِيهَا.
(وَالتُّهَمَةُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ فِي الشَّخْصِ (جَرُّ نَفْعٍ) إلَيْهِ أَوْ إلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِشَهَادَتِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ وَكَكَشَفِ الرَّأْسِ كَشْفُ الْبَدَنِ) أَيْ وَمَدُّ الرِّجْلِ عِنْدَ النَّاسِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ، وَلَوْ وَاحِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْتَشِمُهُ فَلَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ إخْوَانِهِ أَوْ نَحْوِهِمْ كَتَلَامِذَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ اهـ قَالَ م ر، وَلَوْ تَسَبَّبَ فِيمَا يُسْقِطُ مُرُوءَتَهُ لَمْ يَحْرُمْ إلَّا إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إسْقَاطُ حَقٍّ لِغَيْرِهِ بِأَنْ تَعَيَّنَ ثُبُوتُهُ بِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَقُبْلَةُ حَلِيلَةٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ تَقْبِيلُ الْعَرُوسِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَرَدَّهُ حَجّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا وَقُبْلَةُ حَلِيلَةٍ) أَيْ فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَلَا وَضْعُ يَدِهِ عَلَى صَدْرِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى أَوْجُهٍ أَوْجَهُهَا حُرْمَتُهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا رَدُّ شَهَادَةِ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَصَدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّسَبُّبُ فِي إسْقَاطِ مَا تَحَمَّلَهُ وَصَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ) أَيْ، وَلَوْ مَحَارِمَ لَهَا أَوَّلَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ الَّذِينَ يَسْتَحِي مِنْهُمْ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ إلَخْ) تَقْيِيدُ هَذَا بِالْإِكْثَارِ يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي نَحْوِ قُبْلَةِ حَلِيلَةٍ فِي حَضْرَةِ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ فَلَا يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُهُ وَاعْتُرِضَ بِتَقْبِيلِ ابْنِ عُمَرَ الْأَمَةَ الَّتِي خَرَجَتْ لَهُ مِنْ السَّبْيِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِفِعْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْحُرْمَةِ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِسُكُوتِ الْبَاقِينَ عَلَيْهَا بَلْ فِي سُقُوطِ الْمُرُوءَةِ وَسُكُوتِهِمْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِيُبَيِّنَ حِلَّ التَّمَتُّعِ بِالْمَسْبِيَّةِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهِيَ وَاقِعَةٌ فِعْلِيَّةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا لِسُقُوطِ الْمُرُوءَةِ أَصْلًا اهـ شَرْحُ م ر قَالَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ وَسُكُوتُهُمْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ السَّلَفُ لَا يَسْكُتُونَ عَلَى مَا لَا يَلِيقُ مِنْ مِثْلِ ابْنِ عُمَرَ فَتَأَمَّلْ اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ أَيْ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَلْبِ دُنْيَا تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ لِمُجَرَّدِ الْمُبَاسَطَةِ اهـ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ أَيْ بِقَصْدِ إضْحَاكِهِمْ فَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ حِكَايَةِ تِلْكَ الْحِكَايَاتِ لَا بِهَذَا الْقَصْدِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ اهـ م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ) أَيْ لِمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ تَكَلُّمٍ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ كَبِيرَةٌ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلِمَةٍ فِي الْغَيْرِ بِبَاطِلٍ يُضْحِكُ بِهَا أَعْدَاءَهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيذَاءِ مَا يُعَادِلُ مَا فِي كَبَائِرَ كَثِيرَةٍ مِنْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَمْسَةِ) مَحَلُّهُ فِي الرَّقْصِ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيُسْقِطُهَا مِنْهُ مَرَّةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إلَّا قَلِيلَ ثَانِيهَا فِي الطَّرِيقِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَتُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِ أَيْ الشِّطْرَنْجِ إنْ اقْتَرَنَ بِهِ أَخْذُ مَالٍ أَوْ فُحْشٌ أَوْ دَوَامٌ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَوْ لَعِبُهُ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ كَانَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ اللَّعِبُ بِكُلِّ مَا فِي آلَتِهِ صُورَةٌ مُحَرَّمَةٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِلتَّكَسُّبِ، وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الصِّنَاعَةِ لِاعْتِبَارِ الْآلَةِ فِي الصِّنَاعَةِ دُونَهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ بِإِدَامَتِهَا وَفِي شَرْحِهِ لِشَيْخِنَا وَخَرَجَ بِإِدَامَتِهَا مَا لَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا وَلَا يَفْعَلُهَا أَوْ يَفْعَلُهَا أَحْيَانَا فِي بَيْتِهِ، وَهِيَ لَا تُزْرِي بِهِ فَلَا تَنْخَرِمُ بِهَا مُرُوءَتُهُ اهـ سم وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُمْ الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ مِمَّا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ مَعَ أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ أَيْضًا، وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) فَالْمُحَرَّمَةُ أَوْلَى كَالْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ وَالْمُصَوِّرِ وَيَلْحَقُ بِهَا حَمْلُ نَحْوِ طَعَامٍ إلَى نَحْوِ بَيْتِهِ وَالتَّقَشُّفُ فِي نَحْوِ أَكْلٍ، وَلُبْسٍ لَا بِقَصْدِ الِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ (فَرْعٌ) .
تُنْدَبُ التَّوْبَةُ مِنْ مُسْقِطَاتِ الْمُرُوءَةِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهَا مُضِيُّ سَنَةٍ كَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي أَوْ يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ يَقْضِي الْعُرْفُ بِنَفْيِهَا عَنْهُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ رَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ) أَيْ وَكَانَتْ مُبَاحَةً أَمَّا ذُو حِرْفَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَمُصَوِّرٍ وَمُنَجِّمٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِهِ) مُعْتَمَدُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَالتُّهْمَةُ جَرُّ نَفْعٍ إلَخْ) وَحُدُوثُهَا قَبْلَ الْحُكْمِ مُضِرٌّ لَا بَعْدَهُ فَلَوْ شَهِدَ لِأَخِيهِ بِمَالٍ فَمَاتَ وَوَرِثَهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لِأَخِيهِ الَّذِي لَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَهُ، فَإِنْ صَارَ وَارِثَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ أَوْ قَبْلَهُ امْتَنَعَ الْحُكْمُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ جَرُّ نَفْعٍ إلَيْهِ) كَالشَّهَادَةِ لِرَقِيقِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَالشَّهَادَةِ
(أَوْ دُفِعَ ضَرَرٌ) عَنْهُ بِهَا (فَتُرَدُّ) شَهَادَتُهُ (لِرَقِيقِهِ) وَلَوْ مُكَاتَبًا (وَغَرِيمٌ لَهُ مَاتَ) ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتُهُ الدُّيُونَ (أَوْ حُجِرَ) عَلَيْهِ (بِفَلَسٍ) لِتُهَمَةٍ وَرَوَى الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ خَبَرَ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ وَلَا ذِي الْحِنَةِ» وَالظِّنَّةُ التُّهْمَةُ وَالْحِنَةُ الْعَدَاوَةُ بِخِلَافِ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْمَرَضِ وَبِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ وَكَذَا الْمُعْسِرُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ حِينَئِذٍ بِذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِ أَمْوَالِهِ.
(وَ) تُرَدُّ شَهَادَتُهُ (بِمَا هُوَ مَحَلُّ تَصَرُّفِهِ) كَأَنْ وَكَّلَ أَوْ وَصَّى فِيهِ لَأَنْ يُثْبِتَ بِشَهَادَتِهِ وِلَايَةً لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ نَعَمْ إنْ شَهِدَ بِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ خَاصَمَ قُبِلَتْ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ (وَبِبَرَاءَةِ مَضْمُونِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ بِهَا الْمُطَالَبَةَ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) تُرَدُّ الشَّهَادَةُ (مِنْ غُرَمَاءِ مَحْجُورِ فَلَسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَجْرِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) تُرَدُّ شَهَادَتُهُ (لِبَعْضِهِ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَهُ كَشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ (لَا) بِشَهَادَتِهِ (عَلَيْهِ) بِشَيْءٍ (وَلَا عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ أَوْ قَذْفِهَا وَلَا لَزَوْجَة) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (وَأَخِيهِ وَصَدِيقِهِ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ
نَعَمْ لَوْ شَهِدَ الزَّوْجُ
ــ
[حاشية الجمل]
لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْهُ) أَيْ أَوْ عَنْ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُمْكِنُ جَعْلُ الضَّمِيرِ فِي عَنْهُ رَاجِعًا لِلْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِرَقِيقِهِ) أَيْ إنْ شَهِدَ لَهُ بِالْمَالِ، فَإِنْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ قُبِلَتْ إذْ لَا فَائِدَةَ تَعُودُ عَلَى السَّيِّدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالظِّنَّةُ التُّهْمَةُ) فِي الْمِصْبَاحِ وَالظِّنَّةُ بِالْكَسْرِ التُّهْمَةُ، وَهِيَ اسْمٌ مِنْ ظَنَنْته مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا اتَّهَمْته فَهُوَ ظَنِينٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَفِي السَّبْعَةِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ أَيْ مُتَّهَمٍ وَأَظْنَنْت بِهِ النَّاسَ عَرَضْته لِلتُّهْمَةِ اهـ وَقَوْلُهُ وَالْحِنَةُ الْعَدَاوَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ مُخَفَّفَةً اهـ شَيْخُنَا (قَوْله بِخِلَافِ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْمَرَضِ) أَيْ، فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا الْمُعْسِرُ فَصَلَهُ بِكَذَا لِأَجْلِ الْقَيْدِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْمُوسِرُ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ وَكَّلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ وَكَّلَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ وَادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَشَهِدَ الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ مَلَكَ مُوَكِّلَهُ وَبِأَنْ وُصِّيَ عَلَى يَتِيمٍ فَادَّعَى آخَرُ بَعْضَ مَالِ الْيَتِيمِ فَشَهِدَ الْوَصِيُّ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ (فَرْعٌ) .
لَوْ ادَّعَى وَكَالَةً فَشَهِدَ لَهُ بِهَا أَصْلُ الْمُوَكِّلِ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر رحمه الله بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ بِهَا أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ هُوَ أَعْنِي أَصْلَ الْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَوْ فَرْعَهُ لَا يُقْبَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْوِلَايَةِ وَإِثْبَاتِ التَّصَرُّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ كَعَقْدٍ صَدَرَ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُودِعٍ لِمُودَعِهِ وَمُرْتَهِنٍ لِرَاهِنِهِ لِتُهْمَةِ بَقَاءِ يَدِهِمَا، وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ، وَلَمْ تُعْرَفْ وَكَالَتُهُ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَوَصُّلًا لِلْحَقِّ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى حُكْمٍ لَوْ عَرَفَ حَقِيقَتَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ وُصُولُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ بَلْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَكِيلِ طَلَاقٍ أَنْكَرَهُ مُوَكِّلُهُ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةً بِأَنَّ زَوْجَةَ هَذَا مُطَلَّقَةٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ خَاصَمَ) أَيْ سَبَقَتْ مِنْهُ دَعْوَى وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ، فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى تَصْدِيقِ دَعْوَاهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ اهـ (قَوْلُهُ وَبِبَرَاءَةٍ مَضْمُونَةٍ) وَكَذَا مَضْمُونُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ رَقِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْغُرْمَ عَنْ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَهُ اهـ س ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِبَعْضِهِ) أَيْ، وَلَوْ بِتَذْكِيَةٍ أَوْ رُشْدٍ، وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَكِنْ لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ لَهُ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ اهـ ز ي وَقَوْلُهُ لِبَعْضِهِ أَيْ، وَلَوْ عَلَى بَعْضٍ آخَرَ بِأَنْ شَهِدَ لِابْنِهِ عَلَى أَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ عَلَى أَبِيهِ اهـ س ل وَقَدْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَعْضِ ضِمْنًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ زَيْدٍ صَاحِبِ الْيَدِ وَقَبَضَهُ وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ عَنْهُ، وَإِنْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ لِأَبِيهِمَا بِالْمِلْكِ وَكَأَنْ شَهِدَ عَلَى ابْنِهِ بِإِقْرَارِهِ بِنَسَبٍ مَجْهُولٍ فَنَقْبَلُ مَعَ تَضَمُّنِهَا الشَّهَادَةَ لِحَفِيدِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَكَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا طَلَاقًا بَائِنًا وَأُمُّهُمَا تَحْتَهُ أَوْ قَذْفِهَا أَيْ الضَّرَّةِ الْمُؤَدِّي إلَى اللِّعَانِ الْمُفْضِي لِفِرَاقِهَا فِي الْأَظْهَرِ لِضَعْفِ تُهْمَةِ نَفْعِ أُمِّهِمَا بِذَلِكَ إذْ لَهُ طَلَاقُ أُمِّهِمَا مَتَى شَاءَ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ حِسْبَةً تَلْزَمُهُمَا الشَّهَادَةُ بِهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا إلَى أُمِّهِمَا، وَهُوَ انْفِرَادُهَا بِالْأَبِ أَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَتُقْبَلُ قَطْعًا هَذَا كُلُّهُ فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ أَوْ بَعْدَ دَعْوَى الضَّرَّةِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْأَبُ لِإِسْقَاطِ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِلتُّهْمَةِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْهُ أُمُّهُمَا انْتَهَتْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِ أُمِّهِمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ادَّعَتْ أُمُّهُمَا الطَّلَاقَ فَشَهِدَا لَهَا بِهِ، وَلَوْ شَهِدَا حِسْبَةً ابْتِدَاءً قُبِلَتْ اهـ شَرْحُ التَّنْقِيحِ
(قَوْلُهُ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ) أَيْ إذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَةُ الضَّرَّةِ عَلَى الشَّاهِدِ وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَكَوْنُهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ لِإِعْسَارِهِ أَوْ لِقُدْرَةِ الْأَصْلِ عَلَيْهَا وَكَوْنُهَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِإِعْسَارِ الْأَصْلِ مَعَ قُدْرَتِهِ هُوَ وَقَدْ انْحَصَرَتْ نَفَقَتُهَا فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ أُمُّهُ نَاشِزَةً بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ أُمِّهِ فَلَا تُهْمَةَ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ لِزَوْجَاتِ أَصْلِهِ الْمُتَعَدِّدَاتِ فَطَلَاقُ الضَّرَّةِ لَا يُفِيدُهُ تَخْفِيفًا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَسْتَقِلُّ بِهَا أُمُّهُ فَهُوَ يَغْرَمُهَا سَوَاءٌ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ
أَنَّ فُلَانًا قَذَفَ زَوْجَتَهُ لَمْ تُقْبَلْ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي النِّهَايَةِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهَا بِتَرْجِيحِهِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لِزَوْجَتِهِ وَحُذِفَتْ مِنْ الْأَصْلِ هُنَا مَسَائِلُ لِتَقَدُّمِهَا فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِهِ عَدَاوَةٌ فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِعَدَمِ قَبُولِهَا لَهُ وَعَلَيْهِ.
(وَلَوْ شَهِدَ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (لَهُ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ لِفَرْعٍ (وَغَيْرِهِ قُبِلَتْ لِغَيْرِهِ) لَا لَهُ لِاخْتِصَاصِ الْمَانِعِ بِهِ (أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تَرِكَةٍ فَشَهِدَا لَهُمَا بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا قُبِلَتَا) ، وَإِنْ اُحْتُمِلَتْ الْمُوَاطَأَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى.
(وَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ عَلَيْهِ) فِي عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْعَدَاوَةَ مِنْ أَقْوَى الرِّيَبِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ (، وَهُوَ) أَيْ عَدُوُّ الشَّخْصِ (مَنْ يَحْزَنُ بِفَرَحِهِ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَفْرَحُ بِحُزْنِهِ.
(وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (عَلَى عَدُوِّ دِينٍ كَكَافِرٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ (وَمُبْتَدِعٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ سُنِّيٌّ (وَ) تُقْبَلُ (مِنْ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقَهُ أَفْعَالَ عِبَادِهِ وَجَوَازَ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمَ اللَّهِ بِالْمَعْدُومِ وَبِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ
(لَا دَاعِيَةٍ) .
ــ
[حاشية الجمل]
أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَنَّ فُلَانًا قَذَفَ زَوْجَتَهُ) وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِزِنَا زَوْجَتِهِ، وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ اهـ م ر اهـ س ل (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِعَبْدِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ قُبِلَتْ أَنَّ شَهَادَتَهُ هُنَا مُحَصَّلَةُ نِسْبَةِ الْقَاذِفِ إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِنِسْبَةِ زَوْجَتِهِ إلَى فَسَادٍ بِخِلَافِ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِقِنِّهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ إلَخْ) أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ اثْنَيْنِ عَيْنٌ وَادَّعَاهَا ثَالِثٌ فَشَهِدَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلُ إذْ لَا يَدَ لِكُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَى بِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى تَدْفَعَ شَهَادَتُهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَشَهِدَ بِهِ لِلْآخَرِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى الْقُطَّاعِ حَيْثُ لَمْ يُقَلْ أُخِذَ مَالُنَا أَوْ نَحْوُهُ وَشَهَادَةُ غَاصِبٍ بَعْدَ الرَّدِّ وَالتَّوْبَةِ بِمَا غَصَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَعْدَ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ وَبَدَلِ مَنَافِعِهَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ عَلَى مَيِّتٍ بِحَقٍّ فَيُقِيمُ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُمَا عَدُوَّانِ لَهُ أَيْ الْوَارِثِ فَلَا يُقْبَلَانِ عَلَيْهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ الْمَيِّتُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ عَادَى مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خِصَامِهِ وَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لِئَلَّا يَتَّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى رَدِّهَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقَذْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَاذِفِهِ، وَلَوْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَدِّ لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ لِلْحَدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ قَذَفَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي قَبُولِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ اهـ وَفِي الْعُبَابِ فَمَنْ بَالَغَ فِي عَدَاوَةِ رَجُلٍ فَسَكَتَ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لَا عَكْسُهُ مَا بَقِيَتْ الْخُصُومَةُ وَالْقَذْفُ كَبِيرَةٌ مِنْ الْقَاذِفِ وَعَدَاوَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ وَهَلْ قَاذِفُ أُمِّ رَجُلٍ أَوْ زَوْجَتِهِ عَدُوٌّ لَهُ وَجْهَانِ وَقَذْفُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ بَعْدَ الْأَدَاءِ يُخَالِفُ طُرُوُّ الْفِسْقِ بَعْدَهُ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ فِي طُرُوُّ الْعَدَاوَةِ قُدِّمَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم
(قَوْلُهُ فِي عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ) فِي سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَدُوٍّ وَأُخِذَ هَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَتُقْبَلُ عَلَى عَدُوِّ دِينٍ وَيَكْتَفِي بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْمُخَاصَمَةِ اكْتِفَاءً بِالْمَظِنَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ نَعَمْ لَوْ بَالَغَ فِي خُصُومَةِ مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ قُبِلَ عَلَيْهِ اهـ ز ي وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بِأَنَّ الْعَدَاوَةَ هِيَ الَّتِي تُفْضِي إلَى التَّعَدِّي بِالْأَفْعَالِ وَالْبَغْضَاءَ هِيَ الْعَدَاوَةُ الْكَامِنَةُ فِي الْقَلْبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ) هَذَا عَجُزُ بَيْتٍ مِنْ بَحْرِ الْكَامِلِ وَصَدْرُهُ
وَمَلِيحَةٍ شَهِدَتْ لَهَا ضَرَّاتُهَا
…
وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ
اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَحْزَنُ إلَخْ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ أَفَضْت الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَكْتَفِي بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَالْمُخَاصَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ اكْتِفَاءً بِالْمَظِنَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَمِنْ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا اهـ ح ل وَالْمُبْتَدِعُ مَنْ خَالَفَ فِي الْعَقَائِدِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَالْمُرَادُ بِهِمْ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ إمَامَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَأَتْبَاعُهُمَا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ أَمْرٌ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِحُسْنِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا دَاعِيَةٍ)
أَيْ يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ بَلْ أَوْلَى كَمَا رَجَّحَهُ فِيهَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (وَلَا خَطَّابِيٍّ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (لِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ) فِيهَا (مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ) أَيْ احْتِمَالَ اعْتِمَادِهِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ فَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ رَأَيْت أَوْ سَمِعْت أَوْ شَهِدَ لِمُخَالِفِهِ قُبِلَتْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا مُبَادِرٍ) بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ (إلَّا فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِأَنْ يَشْهَدَ (فِي حَقِّ اللَّهِ) كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصَوْمٍ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا (أَوْ) فِي (مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَعَفْوٍ عَنْ قَوَدٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا) وَخُلْعٍ فِي الْفِرَاقِ لَا فِي الْمَالِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ لِيَمْنَعَ مِنْ مُخَالِفِهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذْفَةٌ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا أَنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ أَنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَبَيْعٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةٌ مُعَادَةٌ بَعْدَ زَوَالِ رِقٍّ أَوْ صِبًا أَوْ كُفْرٍ ظَاهِرٍ أَوْ بِدَارٍ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ بِذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ (لَا) بَعْدَ زَوَالِ (سِيَادَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ فِسْقٍ) أَوْ خَرْمِ مُرُوءَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِظَاهِرٍ مَعَ قَوْلِي أَوْ بِدَارٍ وَلَا سِيَادَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِظَاهِرٍ.
ــ
[حاشية الجمل]
هَلَّا سَلَكَ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَقْدِيرُ مُضَافٍ بِأَنْ يَقُولَ لَا شَهَادَةُ دَاعِيَةٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَكَذَا رِوَايَتُهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَرِوَايَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا خَطَّابِيٍّ لِمِثْلِهِ) نِسْبَةً لِأَبِي الْخَطَّابِ الْكُوفِيِّ كَانَ يَعْتَقِدُ أُلُوهِيَّةَ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ جَعْفَرٌ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ اهـ ح ل وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمَنْسُوبُونَ لِهَذَا الْخَبِيثِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَصْحَابَهُمْ لَا يَكْذِبُونَ أَيْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى عَقِيدَتِهِمْ لَا يَكْذِبُ فَإِذَا رَأَوْهُ فِي قَضِيَّةٍ شَهِدُوا لَهُ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَقِيقَةَ الْحَالِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَسَبَبُ هَذَا الِاعْتِقَادِ فِي بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَنَّ الْكَذِبَ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ اهـ م ر اهـ س ل (قَوْلُهُ وَلَا مُبَادِرٍ بِشَهَادَتِهِ) أَيْ، وَلَوْ فِي مَالِ يَتِيمٍ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي ثُمَّ يَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ خَصْمٍ، وَلَوْ أَعَادَ الْمُبَادِرُ شَهَادَتَهُ قُبِلَتْ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ) مَنْ احْتَسَبَ بِكَذَا أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ اعْتَدَّهُ يَنْوِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ، وَلَوْ بِلَا دَعْوَى اهـ حَجّ وم ر
وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا دَعْوَى قَضِيَّةُ الْغَايَةِ أَنَّهَا قَدْ تَقَعُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَتَكُونُ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا بَعْدَ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ حِسْبَةً اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ غَيْبَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَحُضُورِهِ ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ مَا لِلشَّاهِدِ فِيهِ عَلَقَةٌ وَمَا لَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ بَعْدَ مَا سَبَقَ، وَأَمَّا الْأَبُ إذَا جَاءَ وَقَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فُلَانٍ خَاطِبِهَا رَضَاعٌ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ الْوَلِيُّ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَطَبَهَا فَعَضَلهَا ثُمَّ جَاءَ وَشَهِدَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَعَلَى هَذَا إذَا جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ الْعِيدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَا أَكَلَا لَمْ تُقْبَلْ اهـ وَقَوْلُهُ وَعَتَقَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَكَالْعِتْقِ الِاسْتِيلَادُ لَا فِي عَقْدَيْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ بِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ لَا مَحَالَةَ وَلَا فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقِ تَبَعًا، وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَالشِّرَاءَ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ الْمَالِ مُحَالٌ لَا شَهَادَتُهُمَا بِالْعِتْقِ الْحَاصِلِ بِهَا أَيْ بِالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا فَتُقْبَلُ اهـ سم.
وَفِي الْمِصْبَاحِ احْتَسَبَ الْأَجْرَ عَلَى اللَّهِ ادَّخَرَهُ عِنْدَهُ لَا يَرْجُو ثَوَابَ الدُّنْيَا اهـ وَالِاسْمُ الْحِسْبَةُ بِالْكَسْرِ وَاحْتَسَبْت بِالشَّيْءِ اعْتَدَدْت بِهِ اهـ (قَوْلُهُ أَيْضًا إلَّا فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ سَبَقَهَا دَعْوَى أَوْ لَا هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ ح ل
(قَوْلُهُ أَوْ فِيمَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) ، وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَعَتَقَ) بِأَنْ يَشْهَدَ بِهِ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ دُونَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ بِالتَّدْبِيرِ مَعَ الْمَوْتِ أَوْ بِمَا يَسْتَلْزِمُهُ كَإِيلَادٍ وَلَا تُسْمَعُ فِي شِرَاءِ قَرِيبٍ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ وَالْعِتْقَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ بِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَبَعٌ لِلْفِرَاقِ وَهُنَا الْعِتْقُ تَبَعٌ لِلْمَالِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَعَفْوٍ عَنْ قَوَدٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِإِحْيَاءِ نَفْسٍ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَانْقِضَائِهَا) أَيْ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَشَهِدُوا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا) أَيْ نُرِيدُ أَنْ نَشْهَدَ عَلَيْهِ بِكَذَا وَقَوْلُهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيْ لِنُنْشِئَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ (قَوْلُهُ فَهُمْ قَذْفَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَتْبَعُوهُ بِقَوْلِهِمْ وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَا مُبَادِرٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبَادِرٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةٌ مُعَادَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شَهِدَ وَبِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ اهـ وَمِثْلُهُ الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ وَبِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ وَفِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ غَالِطًا فِي شَهَادَتِهِ الْأُولَى اهـ قَالَ م ر وَلَعَلَّ هَذَا إذَا مَضَى زَمَنٌ ثُمَّ أَعَادَهَا وَادَّعَى الْغَلَطَ أَمَّا لَوْ ذَكَرَ لَفْظًا ثُمَّ أَصْلَحَهُ فِي حَالِ التَّكَلُّمِ وَادَّعَى سَبْقَ اللِّسَانِ فَالْوَجْهُ الْقَبُولُ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ كُفْرٍ ظَاهِرٍ) أَيْ يُظْهِرُهُ صَاحِبُهُ بِخِلَافِ مَا يُسِرُّهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ بِدَارٍ) أَيْ أَوْ بَعْدَ زَوَالٍ بِدَارٍ أَيْ مُبَادَرَةٌ وَزَوَالُهَا بِأَنْ تُطْلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ فِسْقٍ) شَامِلٍ لِمَا أَعْلَنَ بِهِ وَمَا
الْكَافِرُ الْمُسِرُّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ لِلتُّهْمَةِ وَبِالْمُعَادَةِ غَيْرُهَا فَتُقْبَلُ مِنْ الْجَمِيعِ (، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمُعَادَةِ (مِنْ فَاسِقٍ أَوْ خَارِمِ مُرُوءَةٍ) ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (بَعْدَ تَوْبَتِهِ وَهِيَ نَدَمٌ) عَلَى الْمَحْذُورِ (بِ) شَرْطِ (إقْلَاعٍ) عَنْهُ (وَعَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهِ (وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا.
ــ
[حاشية الجمل]
أَسَرَّ بِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعْلِنِ بِفِسْقِهِ أَيْ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إذَا أَدَّاهَا بِعُذْرٍ بَعْدَ زَوَالِ فِسْقِهِ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ الْوَجْهَانِ إذَا صَغَى الْقَاضِي إلَى شَهَادَتِهِ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ ثُمَّ رَدَّهَا إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصْغِ إلَيْهَا تُقْبَلُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصْغِي إلَيْهَا كَمَا لَا يُصْغِي إلَى الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ لَفْظُ الْمُعَادَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ الْكَافِرِ الْمُسِرُّ) أَيْ الَّذِي شَهِدَ حَالَ كُفْرِهِ الَّذِي يُسِرُّهُ فَرَدَّ لِأَجْلِهِ فَرَدُّهُ يُكْسِبُهُ الْعَارَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَظَاهِرًا بِالْإِسْلَامِ فَلَمَّا رُدَّ لِلْكُفْرِ الْخَفِيِّ ظَهَرَ كُفْرُهُ فَيُعَيَّرُ بِهِ ثُمَّ حَسُنَ إسْلَامُهُ فَشَهِدَ ثَانِيًا فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الْعَارِ الْحَاصِلِ مِنْ الرَّدِّ الْأَوَّلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلتُّهْمَةِ أَيْ تُهْمَةِ دَفْعِ الْعَارِ الْحَاصِلِ مِنْ الرَّدِّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وحج
(قَوْلُهُ مِنْ فَاسِقٍ أَوْ خَارِمِ مُرُوءَةٍ بَعْدَ تَوْبَتِهِ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ يَحْتَاجُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ إلَى التَّوْبَةِ مِنْهُ، وَأَنَّ حَقِيقَتَهَا مِنْهُ كَحَقِيقَتِهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ فِي النَّدَمِ وَالْإِقْلَاعِ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ اهـ مِنْ سم قَالَ بَعْضُهُمْ كُلُّ مُذْنِبٍ يَجُوزُ قَبُولُ التَّوْبَةِ مِنْهُ إلَّا إبْلِيسَ وَهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَعَاقِرَ النَّاقَةِ وَقَابِيلَ قُلْتُ وَفِيهِ فِي غَيْرِ إبْلِيسَ نَظَرٌ أَمَّا هَارُوتُ وَمَارُوتُ فَتَابَا وَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُمَا وَأَمَّا قَابِيلُ وَعَاقِرُ النَّاقَةِ فَمَاتَا قَبْلَ أَنْ يَتُوبَا وَالتَّوْبَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا أَثَرَ لَهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْجَامِعِ فِي أَوَّلِ حَرْفِ اللَّامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ، وَهِيَ نَدَمٌ) عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ تَحَزُّنٌ وَتَوَجُّعٌ لِمَا فَعَلَ وَتَمَنَّى كَوْنَهُ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا يَجِبُ عِنْدَنَا اسْتِدَامَةُ النَّدَمِ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ بَلْ يَكْفِي اسْتِصْحَابُهُ حُكْمًا اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الشَّارِحِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ إقْلَاعٍ) هُوَ مُفَارَقَةُ الْمَعْصِيَةِ وَقَطْعُهَا فَلَوْ تَابَ مِنْ الزِّنَا، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْإِقْلَاعِ فَالْإِقْلَاعُ غَيْرُ النَّدَمِ وَالْإِقْلَاعُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِ وَالنَّدَمُ بِالْمَاضِي وَالْعَزْمُ بِالْمُسْتَقْبَلِ اهـ مِنْ ز ي (قَوْلُهُ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ) أَيْ إنْ تَيَسَّرَ مِنْهُ إلَّا كَمَجْبُوبٍ بَعْدَ زِنَاهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ وُصُولِهِ لِحَالَةِ الْغَرْغَرَةِ وَعَدَمُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَتَصِحُّ مِنْ سَكْرَانَ حَالَةَ سُكْرِهِ إنْ تَابَ مِنْهُ الشُّرُوطُ الَّتِي مِنْهَا النَّدَمُ كَإِسْلَامِهِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الدُّخُولِ عَلَى هَذَا ثُمَّ صَرَّحَ بِمَا يُفْهِمُهُ الْإِقْلَاعُ لِلِاعْتِنَاءِ بِهِ فَقَالَ وَرَدِّ ظُلَامَةٍ إلَخْ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ مَعَ شَرْحِهَا لِلْمَحَلِّيِّ، وَهِيَ أَيْ التَّوْبَةُ النَّدَمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَعْصِيَةٌ فَالنَّدَمُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَدَنِ لَيْسَ بِتَوْبَةٍ وَتَتَحَقَّقُ بِالْإِقْلَاعِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَعَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا وَتَدَارُكِ مُمْكِنِ التَّدَارُكِ مِنْ الْحَقِّ النَّاشِئِ عَنْهَا كَحَقِّ الْقَذْفِ فَيَتَدَارَكُهُ بِتَمْكِينِ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ لِيَسْتَوْفِيَهُ أَوْ يُبْرِئَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُ الْحَقِّ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقُّهُ مَوْجُودًا سَقَطَ هَذَا الشَّرْطُ كَمَا يَسْقُطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ لَا يَنْشَأُ عَنْهَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَكَذَا يَسْقُطُ شَرْطُ الْإِقْلَاعِ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا كَشُرْبِ خَمْرٍ فَالْمُرَادُ بِتَحَقُّقِ التَّوْبَةِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ بِهَا عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ تَوْبَةٍ اهـ بِحُرُوفِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ، وَهِيَ النَّدَمُ أَيْ مُعْظَمُ أَرْكَانِهَا النَّدَمُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي كُلِّ تَوْبَةٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ أَمَّا عَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ فَيُغْنِي عَنْهُ النَّدَمُ أَيْ يَسْتَلْزِمُهُ كَمَا عَرَفْت مِنْ تَعْرِيفِ النَّدَمِ فِي عِبَارَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْإِقْلَاعُ، فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ بَاقِيَةً، فَإِنْ انْقَضَتْ وَفَرَغَتْ سَقَطَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا رَدُّ الْمَظَالِمِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَدَارُكِ مُمْكِنِ التَّدَارُكِ إلَخْ فَيَسْقُطُ إنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ مَثَلًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَالْمُطَّرِدُ مِنْ أَرْكَانِ التَّوْبَةِ هُوَ النَّدَمُ لَا غَيْرُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ غَيْبَةً مَثَلًا وَقَدْ اسْتَغْفَرَ الْمُغْتَابُ أَيْ دَعَا لِمَنْ اغْتَابَهُ بِالْمَغْفِرَةِ سَقَطَ عَنْهُ إثْمُهَا، وَإِنْ بَلَغَتْ صَاحِبَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَبْرِئَهُ مِنْ هَذَا الْحَقِّ اهـ شَيْخُنَا أُجْهُورِيٌّ نَقْلًا عَنْ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِذَا بَلَغَتْ الْغَيْبَةُ الْمُغْتَابَ اُشْتُرِطَ اسْتِحْلَالُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الطَّوِيلَةِ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلَا أَثَرَ لِتَحْلِيلِ وَارِثٍ وَلَا مَعَ جَهْلِ الْمُغْتَابِ بِمَا حَلَّلَ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُ فَيَكْفِي فِيهَا النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ دَيْنٌ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَارِثُهُ كَانَ الْمُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ دُونَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ إلَخْ وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ مَا لَوْ اغْتَابَ صَغِيرًا مُمَيِّزًا وَبَلَغَتْهُ
وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكِّنُ مُسْتَحِقَّ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ يُبْرِئُهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقَرِّبَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُقَرِّبُهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ (وَ) بِشَرْطِ (قَوْلٍ فِي) مَحْذُورٍ (قَوْلِيٍّ) لِتُقْبَلَ.
ــ
[حاشية الجمل]
فَلَا يَكْفِي الِاسْتِغْفَارُ لَهُ؛ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ أَمَدًا يُنْتَظَرُ وَبِفَرْضِ مَوْتِ الْمُغْتَابِ يُمْكِنُ اسْتِحْلَالُ وَارِثِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمُغْتَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ عِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الزَّوَاجِرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ رَأَيْت فِي مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّ الذُّنُوبَ الَّتِي بَيْنَ الْعِبَادِ إمَّا فِي الْمَالِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عِنْدَ الْمُكْنَةِ، فَإِنْ عَجَزَ لِفَقْرٍ اسْتَحَلَّهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِحْلَالِهِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَأَمْكَنَ التَّصَدُّقُ عَنْهُ فَعَلَهُ وَإِلَّا فَلْيُكْثِرْ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَيَرْجِعْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَضَرَّعْ إلَيْهِ فِي أَنْ يُرْضِيَهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
وَأَمَّا فِي النَّفْسِ فَيُمَكِّنُهُ أَوْ وَلِيَّهُ مِنْ الْقَوَدِ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إرْضَائِهِ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَّا فِي الْعِرْضِ، فَإِنْ اغْتَبْته أَوْ شَتَمْته أَوْ بَهَتَهُ فَحَقُّك أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَك بَيْنَ يَدَيْ مَنْ فَعَلْت ذَلِكَ مَعَهُ إنْ أَمْكَنَك بِأَنْ لَمْ تَخْشَ زِيَادَةَ غَيْظٍ، وَهِيَاجَ فِتْنَةٍ فِي إظْهَارِ ذَلِكَ، فَإِنْ خَشِيت ذَلِكَ فَالرُّجُوعُ إلَى اللَّهِ لِيُرْضِيَهُ عَنْك، وَأَمَّا فِي حَرَمِهِ، فَإِنْ خُنْته فِي أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ؛ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا بَلْ تَتَضَرَّعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيُرْضِيَهُ عَنْك وَتَجْعَلُ لَهُ خَيْرًا فِي مُقَابَلَتِهِ، فَإِنْ أَمِنْت الْفِتْنَةَ وَالْهِيَاجَ، وَهُوَ نَادِرٌ فَتَسْتَحِلُّ مِنْهُ، وَأَمَّا فِي الدِّينِ، فَإِنْ كَفَّرْته أَوْ بَدَّعْته أَوْ ضَلَّلْته فَهُوَ أَصْعَبُ الْأَمْرِ فَتَحْتَاجُ إلَى تَكْذِيبِ نَفْسِك بَيْنَ يَدَيْ مَنْ قُلْت لَهُ ذَلِكَ وَتَسْتَحِلَّ مِنْ صَاحِبِك إنْ أَمْكَنَك وَإِلَّا فَالِابْتِهَالُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى جِدًّا وَالنَّدَمُ عَلَى ذَلِكَ لِيُرْضِيَهُ عَنْك اهـ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالتَّحْقِيقِ اهـ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَرَمِ الشَّامِلِ لِلزَّوْجَةِ وَالْمَحَارِمِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الزِّنَا وَاللِّوَاطَ فِيهِمَا حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَتَتَوَقَّفُ التَّوْبَةُ مِنْهُمَا عَلَى اسْتِحْلَالِ أَقَارِبِ الْمَزْنِيِّ بِهَا أَوْ الْمَلُوطِ بِهِ وَعَلَى اسْتِحْلَالِ زَوْجِ الْمَزْنِيِّ بِهَا هَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِلَّا فَلْيَتَضَرَّعْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إرْضَائِهِمْ عَنْهُ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ إلْحَاقُ عَارٍ أَيْ عَارٍ بِالْأَقَارِبِ وَتَلْطِيخُ فِرَاشِ الزَّوْجِ فَوَجَبَ اسْتِحْلَالُهُمْ حَيْثُ لَا عُذْرَ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ مَوْجُودًا أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهَا إلَى قَاضٍ أَمِينٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَنَوَى الْغُرْمَ لَهُ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ فِي الْآخِرَةِ إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِيهَا وَالرَّجَاءَ فِي اللَّهِ تَعْوِيضُ الْخَصْمِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ، فَإِنْ عَدِمَ أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَإِلَى أَمِينٍ مِنْ قَاضٍ ثُمَّ عَالِمٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي الْمَصَالِحِ بِنِيَّةِ الْغُرْمِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ قَوْلٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَيُقَالُ لِمَنْ حَزَرَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ حَرَّرْنَاهُ فَرَأَيْنَا فِي عِبَارَةِ الزَّوَاجِرِ الْمَذْكُورَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَحَلِّ مِنْهُ كَالْمَقْذُوفِ اهـ (قَوْلُهُ فِي مَحْذُورِ قَوْلِي) وَمِنْهُ مَا يُسْقِطُهُ الْمُرُوءَةَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا فِي مَحْذُورِ قَوْلِي) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الرِّدَّةِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْقَوْلُ وَالْفِعْلَ فِيهَا تَبَعٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ اعْتِبَارَ الْقَوْلِ فِي الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا أَبْرَزَهُ قَائِلُهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مُحِقٌّ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَبْرَزَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ كَفَرَ وَقَالَ إنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ اهـ
(تَنْبِيهٌ) .
مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْغِيبَةَ لَا بُدَّ فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا مِنْ الْعَزْمِ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ (تَنْبِيهٌ) . قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّوْبَةِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي عَرْضُ نَفْسِهِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَاسْتِيفَاءُ الْحَدِّ مِنْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ لِتُقْبَلَ شَهَادَتُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ شَرْطَانِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ لَا فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ إذْ تَصِحُّ بِدُونِهِمَا هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّرَ الْمُضَافَ لَفْظَ بَعْدَ بِأَنْ يَقُولَ وَبَعْدَ قَوْلِ إلَخْ لِيَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى تَوْبَةٍ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى إقْلَاعٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ شَرْطٌ لِلتَّوْبَةِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ لِتُقْبَلَ إلَخْ اهـ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الزَّوَاجِرِ الْمَذْكُورَةُ لَكِنْ رَأَيْت فِي سم مَا يُوَافِقُ فَهْمَ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّهُ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي الْقَوْلِيَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي الْفِعْلِيَّةِ وَمَا أَلْحَقَ بِهَا مِمَّا ذَكَرَ هُوَ فِي التَّوْبَةِ الَّتِي تَعُودُ بِهَا الْوِلَايَاتُ وَقَبُولُ الشَّهَادَةِ أَمَّا التَّوْبَةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ