الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَهِرَّةٍ عُهِدَ إتْلَافُهَا (مُضَمَّنٌ) لِذِي الْيَدِ لَيْلًا وَنَهَارًا إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ لِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا مَا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا.
(كِتَابُ الْجِهَادِ)
الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
فِيهِ الطَّيْرُ، وَالنَّحْلُ فَقَوْلُهُ: م لَا ضَمَانَ بِإِرْسَالِ الطَّيْرِ، وَالنَّحْلِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعَادِيِّ الَّذِي عُهِدَ إتْلَافُهُ اهـ سم.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ وَإِتْلَافٌ عَادَ مُضَمَّنٌ أَيْ إلَّا الطُّيُورُ وَمِنْهَا النَّحْلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي فَلَا ضَمَانَ لِمَا يُتْلِفُهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر خِلَافُهُ تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: كَهِرَّةٍ عُهِدَ إتْلَافُهَا) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يَضْمَنُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الَّتِي عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا إلَّا حَالَةَ تَعَدِّيهَا فَقَطْ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأْلَفُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلِفَهَا فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ وَإِلَّا ضَمِنَ صَاحِبُ الْيَدِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا بَلْ يَدْفَعُهَا بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً وَلَا يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُضَمَّنٌ لِذِي الْيَدِ) هُوَ فِي الْهِرَّةِ مَنْ يَأْوِيهَا مَا دَامَ مُؤْوِيًا لَهَا أَيْ قَاصِدًا إيوَاءَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ اهـ س ل وَقَوْلُهُ: مَنْ يَأْوِيهَا أَيْ بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ تَفَقَّدَهَا وَفَتَّشَ عَلَيْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ) هَذَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يَرْبِطُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا كَالْهِرَّةِ، وَالْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا) أَيْ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَادُ رَبْطُهُ كَالْهِرَّةِ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا وَإِلَّا ضَمِنَ نَهَارًا لَا لَيْلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَإِنْ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خِلَافَهُ اهـ عَمِيرَةُ (أَقُولُ) وَكَالْهِرَّةِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ اهـ سم.
[كِتَابُ الْجِهَادِ]
(قَوْلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَيْ أَحْوَالِهِ كَمَا وَقَعَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَتَلَ الْبَعْضَ وَفَدَى الْبَعْضَ وَمَنَّ عَلَى الْبَعْضِ وَضَرَبَ الرِّقَّ عَلَى الْبَعْضِ اهـ عَزِيزِيٌّ، وَالسِّيَرُ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ سِيرَةٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ التَّتَبُّعُ أَوْ الذِّكْرُ الْحَسَنُ عِنْدَ النَّاسِ وَغَلَبَ اسْمُ السِّيَرِ فِي أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمَغَازِي اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمِصْبَاحٍ أَيْ الْغَزَوَاتِ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُتَلَقَّى مِنْ غَزَوَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ بُعُوثَهُ لِأَنَّ الْغَزَوَاتِ اسْمٌ لِمَا خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَالْبُعُوثَ اسْمٌ لِمَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا اهـ وَفِي الْبُخَارِيِّ كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَيْهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَزَادَ فِي الْفَرْعِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ الْجِهَادِ لِأَنَّهَا مُتَلَقَّاةٌ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ وَالْجِهَادُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَهْدِ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْمَشَقَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ ارْتِكَابِهَا أَوْ مِنْ الْجُهْدِ بِالضَّمِّ وَهُوَ الطَّاقَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَذَلَ طَاقَتَهُ فِي دَفْعِ صَاحِبِهِ وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ قِتَالُ الْكُفَّارِ لِنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى جِهَادِ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ الْأَوَّلُ اهـ
(قَوْلُهُ فِي غَزَوَاتِهِ) أَيْ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا الْبُعُوثُ وَالسَّرَايَا الَّتِي لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا فَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ وَعِنْدَ الْوَاحِدِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ سِتًّا وَخَمْسِينَ وَعِنْدَ الْمَسْعُودِيِّ سِتِّينَ وَبَلَّغَهَا شَيْخُنَا فِي نَظْمِ السِّيرَةِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعِينَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ ضَمَّ الْمَغَازِي إلَيْهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ غَزْوَةً وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْمُرَيْسِيعُ وَالْخَنْدَقُ وَقُرَيْظَةُ وَخَيْبَرُ وَحُنَيْنٌ وَالطَّائِفُ وَبَعَثَ صلى الله عليه وسلم سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً وَهِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَمَا زَادَهُ مَنْسِرٌ بِنُونٍ فَمُهْمَلَةٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ فَمَا زَادَ جَيْشٌ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَمَا زَادَ جَحْفَلٌ وَالْخَمِيسُ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ وَفِرْقَةُ السَّرِيَّةِ تُسَمَّى بَعْثًا وَالْكَتِيبَةُ مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ وَكَانَ أَوَّلًا
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» (هُوَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ) وَلَوْ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم (وَالْكُفَّارُ بِبِلَادِهِمْ كُلَّ عَامٍ) وَلَوْ مَرَّةً (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لَا فَرْضُ عَيْنٍ وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ الْمَعَاشُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] الْآيَةَ ذَكَرَ فَضْلَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَوَعَدَ كُلًّا الْحُسْنَى وَالْعَاصِي لَا يُوعِدُهُ بِهَا وَقَالَ {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] وَأَمَّا أَنَّهُ فُرِضَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَيْ أَقَلُّ فَرْضِهِ ذَلِكَ فَكَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَلِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ كُلَّ عَامٍ وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِأَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِمُكَافِئِينَ لِلْكُفَّارِ مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ ذَلِكَ أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْكُفْرِ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ وَخَرَجَ بِزِيَادَتَيْ بَعْدِ الْهِجْرَةِ مَا قَبْلَهَا فَكَانَ الْجِهَادُ مَمْنُوعًا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَهَا أُمِرَ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ ثُمَّ أُبِيحَ الِابْتِدَاءُ بِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
بُعُوثُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ قَاتَلَ أَيْ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَفِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَاتَلَ فِي غَزْوَةٍ إلَّا فِي أُحُدٍ وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا إلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فِيهَا فَفِي قَوْلِهِ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ شَيْءٌ فَالْمُرَادُ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَاتَلُوا بِحُضُورِهِ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْقِتَالُ لِحُضُورِهِ لَهُ وَأَمَّا مَا عَدَاهَا مِنْ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ قِتَالٌ مِنْهُ وَلَا مِنْهُمْ اهـ
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ عَيْنِيًّا أَوْ كَفَائِيًّا وَسَيُسْتَدَلُّ عَلَى كَوْنِهِ كَفَائِيًّا بِقَوْلِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ «حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» ) فِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقُولُونَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ زي وَغَيْرُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ الَّتِي نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ
شُرُوطُ الْإِسْلَامِ بِلَا اشْتِبَاهِ
…
عَقْلٌ بُلُوغٌ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ
وَالنُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالَوْلَا
…
وَالسَّادِسُ التَّرْتِيبُ فَاعْلَمْ وَاعْمَلَا
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَرَّةً) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَقَلُّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَإِلَّا وَجَبَ وَشَرْطُهُ كَالْمَرَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِنَا ضَعْفٌ أَوْ نَحْوُهُ كَرَجَاءِ إسْلَامِهِمْ وَإِلَّا أُخِّرَ حِينَئِذٍ وَتُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِقِتَالِ مَنْ يَلِنَا مَا لَمْ يَكُنْ الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَكْثَرَ فَيَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِمْ وَأَنْ يُكْثِرَهُ مَا اسْتَطَاعَ وَيُثَابُ عَلَى الْكُلِّ ثَوَابَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ} [التوبة: 122] صَدْرُ الْآيَةِ {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] أَيْ إلَى الْغَزْوِ فَلَوْلَا فَهَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ قَبِيلَةٍ {مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] جَمَاعَةٌ وَمَكَثَ الْبَاقُونَ {لِيَتَفَقَّهُوا} [التوبة: 122] أَيْ الْمَاكِثُونَ {فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: 122] مِنْ الْغَزْوِ بِتَعْلِيمِهِمْ مَا تَعَلَّمُوهُ مِنْ الْأَحْكَامِ {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] عِقَابَ اللَّهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ اهـ جَلَالٌ.
وَعِبَارَةُ الْخَازِنِ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا بَالَغَ فِي الْكَشْفِ عَنْ عُيُوبِ الْمُنَافِقِينَ وَفَضَحَهُمْ فِي تَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ
قَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاَللَّهِ لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا عَنْ سَرِيَّةٍ بَعَثَهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَبَعَثَ السَّرَايَا نَفَرَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا إلَى الْغَزْوِ وَتَرَكُوا النَّبِيَّ وَحْدَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَالْمَعْنَى مَا يَنْبَغِي وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَنْفِرُوا جَمِيعًا وَيَتْرُكُوا النَّبِيَّ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَنْقَسِمُوا قِسْمَيْنِ طَائِفَةٌ تَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَطَائِفَةٌ تَنْفِرُ إلَى الْجِهَادِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْوَقْتِ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى هَذَا الِانْقِسَامِ قِسْمٌ لِلْجِهَادِ وَقِسْمٌ لِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ لِأَنَّ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ كَانَتْ تَتَجَدَّدُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَالْمَاكِثُونَ يَحْفَظُونَ مَا تَجَدَّدَ فَإِذَا قَدِمَ الْغُزَاةُ عَلَّمُوهُمْ مَا تَجَدَّدَ فِي غَيْبَتِهِمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ كُلَّ عَامٍ) أَيْ كَانَ لَا يَخْلُو الْعَامُ عَنْ جِهَادٍ وَلَوْ مَرَّةً لَا أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ فِي الْعَامِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ فِعْلُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى اهـ شَيْخُنَا فَكَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى فِي الثَّانِيَةِ وَأُحُدٌ ثُمَّ بَدْرٌ الصُّغْرَى ثُمَّ بَنِي النَّضِيرِ فِي الثَّالِثَةِ وَالْخَنْدَقِ فِي الرَّابِعَةِ وَذَاتِ الرِّقَاعِ ثُمَّ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ فِي الْخَامِسَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي السَّادِسَةِ وَخَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ وَمُؤْتَةُ وَذَاتِ السَّلَاسِلِ وَفَتْحِ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ فِي الثَّامِنَةِ وَتَبُوكُ فِي التَّاسِعَةِ عَلَى خِلَافٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعْته عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِأَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ) أَيْ لِأَنَّ الثُّغُورَ إذَا شُحِنَتْ كَمَا ذُكِرَ كَانَ فِي ذَلِكَ إخْمَادٌ لِشَوْكَتِهِمْ وَإِظْهَارٌ لِقَهْرِهِمْ لِعَجْزِهِمْ عَنْ الظَّفَرِ بِشَيْءٍ مِنَّا وَالثُّغُورُ هِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ الَّتِي تَلِي بِلَادَهُمْ اهـ شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ شَحَنْتُ الْبَيْتَ وَغَيْرَهُ شَحْنًا مِنْ بَابِ نَفَعَ مَلَأْتُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُرَتِّبَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا كَافِيًا يُقَلِّدُهُ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا إشْحَانُ الثُّغُورِ وَإِمَّا دُخُولُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ لَكِنَّ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ رَدَّ ذَلِكَ وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ أَقَامَ الْبَرَاهِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ اهـ سم وزي (قَوْلُهُ فَكَانَ الْجِهَادُ مَمْنُوعًا مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَوَّلَ الْأَمْرِ هُوَ التَّبْلِيغُ وَالْإِنْذَارُ وَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ تَأْلِيفًا لَهُمْ اهـ زِيَادِيٌّ.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ مَمْنُوعًا مِنْهُ أَيْ بِقَوْلِهِ {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 186] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَهَا أُمِرَ بِقِتَالِ مَنْ
فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ مُطْلَقًا وَشُمُولُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْكُفَّارِ بِبِلَادِهِمْ لِعَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْلِي كُلَّ عَامٍ مِنْ زِيَادَتِي.
وَشَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ) عَنْهُ وَعَنْ الْبَاقِينَ وَفُرُوضُهَا كَثِيرَةٌ (كَقِيَامٍ بِحُجَجٍ لِلدِّينِ) وَهِيَ الْبَرَاهِينُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ تَعَالَى وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَعَلَى إثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ وَمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ الْمَعَادِ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَبِحَلِّ مُشْكِلَةٍ) وَدَفْعِ الشَّبَهِ (بِعُلُومِ الشَّرْعِ) مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ زَائِدٍ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ
ــ
[حاشية الجمل]
قَاتَلَهُ أَيْ بِقَوْلِهِ {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190] وَقَوْلُهُ ثُمَّ أُبِيحَ الِابْتِدَاءُ بِهِ إلَخْ أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] إلَخْ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ بِقَوْلِهِ {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: 191] وَقَالَ م ر ثُمَّ أُمِرَ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] اهـ
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْرُوفَةَ لَنَا الْآنَ بَلْ الْمُرَادُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَانُوا عَاهَدُوهُمْ عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] شَوَّالًا وَذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَوَّالٍ وَقِيلَ هِيَ عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ وَرَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَعَشَرٌ مِنْ رَبِيعِ الْآخَرِ لِأَنَّ التَّبْلِيغَ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُهُ فِي الْجَلَالِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ بَعْدَ الْفَتْحِ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] وَلَمْ يَخْرُجْ لِلْقِتَالِ إلَّا فِي صَفَرٍ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي بَعْدَ الْهِجْرَةِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَرْطٍ وَلَا زَمَانٍ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْفَرْضِ كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالنِّسَاءِ لَكِنْ قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ لِظُهُورِهِ فِي أَنَّ فَاعِلَهُ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ سَقَطَ عَنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ كَذِي صِبًى أَوْ جُنُونٍ أَوْ أُنُوثَةٍ وَقَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ أَيْ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَقَوْلُهُ وَعَنْ الْبَاقِينَ أَيْ رُخْصَةً وَتَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَائِمُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَأَقَرَّ فِي الرَّوْضَةِ الْإِمَامَ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ وَأَفْهَمَ السُّقُوطُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ الْكُلُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ أَيْ وَإِنْ خُوطِبَ بِهِ عَلَى جِهَةِ فَرْضِ الْعَيْنِ كَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَجُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِنَذْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذْ التَّعَيُّنُ لَا يُنَافِيهِ وَيَحْصُلُ بِهِ سُقُوطُ فَرْضِهِ وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ حَاصِلٌ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلسَّيِّدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ وَعَنْ الْبَاقِينَ) هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ إذَا فَعَلَهُ فِرْقَةٌ ثَانِيَةٌ فِي ذَلِكَ الْعَامِ هَلْ يَقَعُ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلِ وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَبِ فَيَقَعُ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْفَرْضِ كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالنِّسَاءِ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ تَصْرِيحَ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ شَأْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا فُعِلَ ثَانِيًا أَنْ يَقَعَ تَطَوَّعَا إلَّا رَدَّ السَّلَامِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ
أَقُولُ: لِلسُّبْكِيِّ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَهِيَ الْبَرَاهِينُ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ لَازِمِ مَعْرِفَةِ الْبَرَاهِينِ مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ تَرْتِيبِ مُقَدِّمَاتِهَا وَاسْتِنْتَاجِ الْمَطْلُوبِ مِنْهَا وَهُوَ عِلْمُ الْمَنْطِقِ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَعَادِ) أَيْ الْجُثْمَانِيِّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ نِسْبَةً إلَى الْجُثَّةِ أَوْ الْجُسْمَانِيِّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالسِّينِ نِسْبَةً لِلْجِسْمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِحَلِّ مُشْكِلِهِ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُشْكِلَ الْأَمْرُ الَّذِي يَخْفَى إدْرَاكُهُ لِدِقَّتِهِ وَالشُّبْهَةُ الْأَمْرُ الْبَاطِلُ الَّذِي يَشْتَبِهُ بِالْحَقِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَامَ بِالْحُجَجِ غَيْرُ حَلِّ الْمُشْكِلِ وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّانِي اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحَلُّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ لِتَنْدَفِعَ الشُّبُهَاتُ وَتَصْفُوَ الِاعْتِقَادَاتُ عَنْ تَمْوِيهَاتِ الْمُبْتَدِعِينَ وَمُعَطِّلَاتِ الْمُلْحِدِينَ وَلَا يَحْصُلُ كَمَالُ ذَلِكَ إلَّا بِإِتْقَانِ قَوَاعِدِ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِيَّاتِ وَالْإِلَهِيَّاتِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ لَوْ بَقِيَ النَّاسُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي صَفْوَةِ الْإِسْلَامِ لَمَا أَوْجَبْنَا التَّشَاغُلَ بِهِ وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ ثَارَتْ الْبِدْعَةُ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهَا تَلْتَطِمُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْدَادِ مَا يُدْعَى بِهِ إلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَتُحَلُّ بِهِ الشُّبْهَةُ فَصَارَ الِاشْتِغَالُ بِأَدِلَّةِ الْمَعْقُولِ وَحَلِّ الشُّبْهَةِ مِنْ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ مَدْحُهُ أَيْ عِلْمِ الْكَلَامِ وَلَا ذَمُّهُ فَفِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ فَبِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهِ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ حَلَالٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ وَبِاعْتِبَارِ مَضَرَّتِهِ وَقْتَ الْإِضْرَارِ حَرَامٌ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرْزَقْ قَلْبًا سَلِيمًا أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدْوِيَةَ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ مِنْ كِبْرٍ وَعُجْبٍ وَرِيَاءٍ وَنَحْوِهَا كَمَا يَجِبُ كِفَايَةُ تَعَلُّمِ عِلْمِ الطِّبِّ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَبِعُلُومِ الشَّرْعِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمِنْ الْجِهَادِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي الْعِلْمِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرٍ غَيْرِ بَلِيدٍ مَكْفِيٍّ وَلَوْ فَاسِقًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ أَيْ
وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَالْإِفْتَاءِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا (وَبِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ) أَيْ الْأَمْرِ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ وَالنَّهْيِ عَنْ مُحَرَّمَاتِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ وَلَا يُنْكِرُ إلَّا مَا يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
بِالْفَاسِقِ لِعَدَمِ قَبُولِ فَتْوَاهُ وَيَسْقُطُ بِالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَبِقَوْلِهِ غَيْرِ بَلِيدٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ ثَلَثِمِائَةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى النَّاسِ الْيَوْمَ بِتَعْطِيلِ هَذَا الْفَرْضِ وَهُوَ بُلُوغُ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّ النَّاسَ صَارُوا كُلُّهُمْ بُلَدَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْعَرَبِيَّةُ تَنْقَسِمُ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا اللُّغَةُ وَالصَّرْفُ وَالِاشْتِقَاقُ وَالنَّحْوُ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانُ وَالْعَرُوضُ وَالْقَافِيَّةُ وَالْخَطُّ وَقَرْضُ الشَّعْرِ وَإِنْشَاءُ الرَّسَائِلِ وَالْخُطَبُ وَالْمُحَاضَرَاتُ وَمِنْهُ التَّوَارِيخُ وَأَمَّا الْبَدِيعُ فَهُوَ ذَيْلُ الْبَلَاغَةِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) أَيْ بِأَنْ يَصِيرَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا وَلَا يَكْفِي فِي إقْلِيمٍ مُفْتٍ وَقَاضٍ وَاحِدٌ لِعُسْرِ مُرَاجَعَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِمَا بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَاضِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ اهـ شَرْحُ م ر وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ وَالْمُفْتِيَيْنِ كَثْرَةُ الْحَاجَةِ إلَى الْقَاضِي لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ اهـ أُشْبُولِيٌّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْجِيحِ دُونَ الِاسْتِنْبَاطِ فَهُوَ مُجْتَهِدٌ الْفَتْوَى وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ قَوَاعِدِ إمَامِهِ وَضَوَابِطِهِ فَهُوَ مُجْتَهِدٌ الْمَذْهَبَ أَوْ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ الثَّلَثِمِائَةِ لِغَلَبَةِ الْبَلَادَةِ عَلَى النَّاسِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا عَدَالَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَجِبُ تَعَدُّدُ الْمُفْتِي بِحَيْثُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَاحِدٌ وَتَعَدُّدُ الْقَاضِي بِحَيْثُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى وَاحِدٌ انْتَهَى
(قَوْلُهُ وَبِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ الْعَدَالَةُ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَى مُتَعَاطِي الْكَأْسِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْجُلَّاسِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يَجِبُ عَلَى مَنْ غَصَبَ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَا أَنْ يَأْمُرَهَا بِسَتْرِ وَجْهِهَا عَنْهُ اهـ ز ي اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ) وَالْإِنْكَارُ يَكُونُ بِالْيَدِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ وَلَا يَكْفِي الْوَعْظُ لِمَنْ أَمْكَنَهُ إزَالَتُهُ بِالْيَدِ وَلَا كَرَاهَةُ الْقَلْبِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى النَّهْيِ بِاللِّسَانِ وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً مِنْ إظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْلَالُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَالِي فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَرْطُ وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ بَلْ وَعِرْضِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ مَفْسَدَةً أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إلَى التَّهْلُكَةِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ كَمُكْرَهٍ عَلَى فِعْلِ حَرَامٍ غَيْرِ زِنًا وَقَتْلٍ وَأَنْ يَأْمَنَ أَيْضًا أَنَّ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِ لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا وَلَا يَزِيدُ عِنَادًا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَا هُوَ أَفْحَشُ وَسَوَاءٌ فِي لُزُومِ الْإِنْكَارِ أَظَنَّ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَمْتَثِلُ أَمْ لَا انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَلَا يُنْكِرُ إلَّا مَا يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَحَلُّهُ فِي مُحَرَّمٍ أَوْ وَاجِبٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ إذْ لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنْكِرًا أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ شَافِعِيًّا وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْقَاضِي إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِهِ كَمَا يَأْتِي وَمُقَلِّدٍ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُنْكِرُ إبَاحَتَهُ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِفَاعِلِهِ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَتِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى عَامِّيٍّ يَجْهَلُ حُكْمَ مَا رَآهُ إنْكَارٌ حَتَّى يُخْبِرَهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْ مُحَرَّمٌ فِي اعْتِقَادِ فَاعِلِهِ وَعَلَى عَالِمٍ إنْكَارُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ فَاعِلِهِ اعْتِقَادَ تَحْرِيمِهِ لَهُ حَالَةَ ارْتِكَابِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِحِلِّهِ أَوْ جَاهِلٍ حُرْمَتَهُ أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَرَى إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ صَحَّ فَلَا يَحِلُّ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَوْ طُلِبَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَحَسَنٌ وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا شَرِبَ نَبِيذًا يَرَى حِلَّهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ بِعَقِيدَةِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ فَقَطْ وَلَمْ نُرَاعِ ذَلِكَ فِي ذِمِّيٍّ رُفِعَ إلَيْهِ
لِمَصْلَحَةِ
تَأَلُّفِهِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ أَيْ مِنْ وَلِيِّ الْحِسْبَةِ وَهِيَ الْإِنْكَارُ وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى فِعْلِ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ أَمَّا هُوَ فَيُنْكِرُ وُجُوبًا عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ سُنَّةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْآذَانِ وَيَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِهِمَا وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ فِي إنْكَارِ ذَلِكَ لِقِتَالٍ لَمْ يَفْعَلْهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ وَالتَّجَسُّسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ نَعَمْ
(وَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ كُلَّ عَامَ) فَلَا يَكْفِي إحْيَاؤُهَا بِأَحَدِهِمَا وَلَا بِالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا إذْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَكَانَ بِهِمَا إحْيَاؤُهَا وَتَعْبِيرِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالزِّيَارَةِ (وَدَفْعِ ضَرَرِ مَعْصُومٍ) مِنْ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَكُسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُمَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ وَنَذْرٍ وَوَقْفٍ وَزَكَاةٍ وَبَيْتِ مَالٍ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَعْصُومِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلِمِينَ (وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) الَّذِي بِهِ قِوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَحِرَاثَةٍ.
(وَرَدِّ سَلَامٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَإِخْبَارِ ثِقَةٍ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّجَسُّسُ إنْ فَاتَ تَدَارُكُهَا كَقَتْلٍ وَزِنًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ تَوَقَّفَ الْإِنْكَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَجِبْ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ جَازَ انْتَهَتْ مَعَ بَعْضِ زِيَادَةٍ
(قَوْلُهُ وَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفِينَ وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ هُنَا وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِيَامِ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(فَائِدَةٌ) عَدَدُ الْحُجَّاجِ فِي كُلِّ سَنَةٍ سِتُّونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُمْ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ (قَوْلُهُ وَدَفْعِ ضَرَرِ مَعْصُومٍ) وَهَلْ الْمُرَادُ بِدَفْعِ ضَرَرِ مَنْ ذُكِرَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَمْ الْكِفَايَةُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا فَيَجِبُ فِي الْكُسْوَةِ مَا يَسْتُرُ كُلَّ الْبَدَنِ عَلَى حَسْبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ وَيَلْحَقُ بِالطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ بَذْلُ طَعَامِهِ لِمُضْطَرٍّ إلَّا بِبَذْلِهِ لِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ تَلْزَمُهُ الْمُوَاسَاةُ وَمِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فَكُّ أَسْرَاهُمْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْهُدْنَةِ وَعِمَارَةِ نَحْوِ سُوَرِ الْبَلَدِ وَكِفَايَةِ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ خَصَّ بِهِ الْوَالِي مَنْ شَاءَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا أَيْ الْبَلَدِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجُنْدُ الْآنَ مِنْ الْجَوَامِكِ يَسْتَحِقُّونَهُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي إظْهَارِ شَوْكَتِهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَأْخُذُهُ أُمَرَاؤُهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالْمَمَالِيكِ الَّتِي لَا يَتِمُّ نِظَامُهُمْ أَوْ شَوْكَتُهُمْ إلَّا بِهَا لِقِيَامِهِمْ بِحِفْظِ حَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُمَا إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ قَادِرٌ فِي دَفْعِ الضَّرَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَادِرٌ آخَرُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي لَهُ الِامْتِنَاعُ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّفْسَ جُبِلَتْ عَلَى مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهِ فَالتَّوَاكُلُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَبَيْتِ مَالٍ) أَيْ لِعَدَمِ شَيْءٍ فِيهِ أَوْ لِمَنْعِ مُتَوَلِّيهِ وَلَوْ ظُلْمًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ) وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُمْ وَلِمُمَوَّنِهِمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ اهـ شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِمُمَوَّنِهِ جَمِيعَ السَّنَةِ بَلْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَحْوُ وَظَائِفَ يَتَحَصَّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ عَادَةً جَمِيعَ السَّنَةِ وَيَتَحَصَّلُ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مَا تُمْكِنُ الْمُوَاسَاةُ بِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَفَّارَةِ كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ إلَخْ) فِي الْحَدِيثِ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» فَسَّرَهُ الْحَلِيمِيُّ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَنَفَى الْإِمَامُ وُجُوبَ هَذَا اسْتِغْنَاء بِالطَّبْعِ اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ أَيْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْمَعَاشُ وَمَحَلُّهُ إذَا حَضَرَ الْمُحْتَمَلُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الطَّالِبُ قَاضِيًا أَوْ مَعْذُورًا اهـ بُرُلُّسِيٌّ وَكَذَا الطَّلَبُ وَزَادَ وَلَا يَجُوزُ لِامْتِنَاعِ هَذِهِ الْقُيُودِ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ إلَخْ) وَلَا يُحْتَاجُ لِأَمْرِ النَّاسِ بِهَا لِكَوْنِهِمْ جُبِلُوا عَلَى الْقِيَامِ بِهَا لَكِنْ لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى تَرْكِهَا أَثِمُوا وَقُوتِلُوا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَرَدِّ سَلَامٍ) أَيْ مَطْلُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ بِصِيغَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَخَرَجَ نَحْوُ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا أَوْ مَوْلَانَا أَوْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَوْ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ صِيغَتَهُ الْمَطْلُوبَةَ ابْتِدَاءُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَصِيغَتُهُ كَذَلِكَ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ تَكْفِي فِي الِابْتِدَاءِ أَيْضًا فَلَوْ ذَكَرَهَا شَخْصَانِ مَعًا تَلَاقِيًا وَجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الْمِيمِ فِي الْوَاحِدِ وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسَلِّمُ مُقْبِلًا عَلَى الْجَمَاعَةِ أَوْ كَانَ مَعَهُمْ وَأَرَادَ فِرَاقَهُمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ فِي الْحَالَيْنِ كَمَا يُسْتَحَبُّ الِابْتِدَاءُ فِيهِمَا اهـ مِنْ ح ل فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر هُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا وَرَدِّ سَلَامٍ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَلَوْ مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي كِتَابٍ وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا وَيُنْدَبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُبْلِغِ وَالْبُدَاءَةُ بِهِ فَيَقُولُ وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ أَيْ غَيْرِ مُتَحَلِّلٍ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَغَيْرِ فَاسِقٍ فَخَرَجَ بِغَيْرِ مُتَحَلِّلٍ سَلَامُ الْمُتَحَلِّلِ مِنْ الصَّلَاةِ إذَا نَوَى الْحَاضِرَ عِنْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَامِ التَّلَاقِي بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْأَمْنُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالرَّدِّ وَهُنَا التَّحَلُّلُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِ الْحَاضِرِ بِهِ لِيَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ وَذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِمَا عَلَى صِدْقِ الِاسْمِ لَا غَيْرُ وَلَا يَلْزَمُهُ سَلَامُ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ زَجْرًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ شُرِعَ سَلَامُهُ اهـ حَجّ
وَيَجِبُ الرَّدُّ وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ نَحْوُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ وَصِيغَتُهُ ابْتِدَاءً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ وَيُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ أَمَّا لَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَا يَكُونُ سَلَامًا وَلَمْ يَجِبْ رَدُّهُ وَنُدِبَتْ صِيغَةُ الْجَمْعِ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْوَاحِدِ وَيَكْفِي الْإِفْرَادُ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْجَمْعِ وَالْإِشَارَةُ بِيَدٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللَّفْظِ أَفْضَلُ وَصِيغَتُهُ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ وَيَجُوزُ تَرْكُ الْوَاوِ فَإِنْ عُكِسَ جَازَ فَإِنْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ لَمْ يَجُزْ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَصِيغَتُهُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا عَلَيْك السَّلَامُ وَعَكْسُهُ وَيَجُوزُ تَنْكِيرُ لَفْظِهِ وَإِنْ حُذِفَ التَّنْوِينُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ فِي سَلَامِ الصَّلَاةِ حَتَّى عِنْدَ الرَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَارِدِ بِوَجْهٍ وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ يُجْزِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَكَذَا سَلَامُ اللَّهِ قِيلَ لَا سَلَامِي عَلَيْك وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ إجْزَاؤُهُ وَالْأَفْضَلُ فِي الرَّدِّ أَوْ قَبْلَهُ وَتَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ كَالِاقْتِصَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى أَحَدِ جُزْأَيْ الْجُمْلَةِ وَإِنْ نَوَى إضْمَارَ الْآخَرِ اهـ عَلَيْك رَدٌّ لِسَلَامِ الذِّمِّيِّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ وَيُسَنُّ عَلَيْك فِي الْوَاحِدِ نَظَرًا لِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَزِيَادَةُ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَلَا تَجِبُ وَإِنْ أَتَى الْمُسْلِمُ بِهَا وَيَظْهَرُ إجْزَاءُ سَلَّمْت عَلَيْك وَأَنَا مُسَلِّمٌ عَلَيْك وَنَحْوُ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُجْزِي فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهُمَا انْتَهَتْ ثُمَّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ مُبْتَدِئٌ بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ بِالْخَيْرِ أَوْ قَوَّاك اللَّهُ جَوَابًا وَالدُّعَاءُ فِي نَظِيرِهِ حَسَنٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِإِهْمَالِهِ تَأْدِيبَهُ لِتَرْكِهِ سُنَّةَ السَّلَامِ وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ وَكَذَا بِالرَّأْسِ وَتَقْبِيلُ نَحْوِ الرَّأْسِ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ كَذَلِكَ وَيُنْدَبُ ذَلِكَ لِنَحْوِ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ وَيَحْرُمُ عَلَى دَاخِلٍ أَحَبَّ قِيَامَ الْقَوْمِ لَهُ إلَّا إنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إذَا حَمِدَ بِيَرْحَمُكَ اللَّهُ أَوْ رَبُّك وَإِنَّمَا سُنَّ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي السَّلَامِ وَلَوْ لِوَاحِدٍ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ أَصْلَحَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ فِيك وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ فَإِنْ شَكَّ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْته وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ وَمَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الضِّرْسِ وَاللَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الْأُذُنِ وَالْعِلَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الْبَطْنِ كَمَا جَاءَ بِذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَدْ نَظَمَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ شَيْخُنَا الْحَنَفِيُّ فَقَالَ
مَنْ يَبْتَدِي الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ يَأْمَنُ مِنْ
…
شَوْصٍ وَلَوْصٍ وَعِلَّوْصٍ كَذَا وَرَدَا
عَنَيْتُ بِالشَّوْصِ دَاءَ الضِّرْسِ ثُمَّ بِمَا
…
يَلِيهِ بَطْنًا فَأُذْنًا فَاسْتَمِعْ رَشَدَا
ثُمَّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَيُكَرِّرُ التَّشْمِيتَ إلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ يَدْعُو لَهُ بَعْدَهَا بِالشِّفَاءِ وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا عَلِمَ كَوْنَهُ مَزْكُومًا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ تَتَابُعِهَا عُرْفًا مَظِنَّةُ الزُّكَامِ وَنَحْوِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَتَابَعْ كَذَلِكَ سُنَّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا مُطْلَقًا وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ وَخَفْضُ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَ وَإِجَابَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
مُشَمِّتِهِ بِنَحْوِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَلَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ لَا إخَافَةَ بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ اهـ وَقَوْلُهُ وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَالتَّشْمِيتُ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّدُّ عَلَيْهَا كَالسَّلَامِ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً وَرَدًّا فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ وَيَحْرُمُ بُدَاءَةُ الذِّمِّيِّ بِالسَّلَامِ فَإِنْ بَانَ ذِمِّيًّا يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ سَلَامِهِ فَإِنْ سَلَّمَ الذِّمِّيُّ عَلَى مُسْلِمِ قَالَ لَهُ وُجُوبًا وَعَلَيْك اهـ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِرْدَادُ سَلَامِهِ كَأَنْ يَقُولَ اسْتَرْجَعْت سَلَامِي أَوْ رَدَّ إلَيَّ سَلَامِي أَوْ نَحْوُهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ تَحْقِيرُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَدَخَلَ فِي السَّلَامِ الْمَسْنُونِ سَلَامُ ذِمِّيٍّ فَيَجِبُ رَدُّهُ بِعَلَيْكُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يُسَنُّ وَلَا يَجِبُ وَسَلَامُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مُمَيِّزٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ أَيْضًا وَكَذَا سَكْرَانٌ مُمَيِّزٌ لَمْ يَعْصِ بِسُكْرِهِ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانٍ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَزُعِمَ أَنَّ الْجُنُونَ وَالسُّكْرَ يُلَاقِيَانِ التَّمْيِيزَ غَفْلَةً عَمَّا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ عَدَمِ التَّنَافِي أَمَّا الْمُتَعَدِّي فَفَاسِقٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْخِطَابِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُلْحَقُ بِالْمُكَلَّفِ إنَّمَا هُوَ الْمُتَعَدِّي فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَالصَّلَاةِ قُلْت فَائِدَةُ الْوُجُوبِ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِأَنَّ الرَّدَّ لَا يَقْضِي كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَانْدَفَعَ لِلشَّارِحِ هُنَا نَعَمْ لَوْ قِيلَ فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ذَلِكَ الشَّارِحِ وَخَرَجَ السَّلَامُ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ وَمَنْ مَعَهُ فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ وَإِنَّمَا يُجْزِي الرَّدُّ إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ كَاتِّصَالِ قَبُولِ الْبَيْعِ بِإِيجَابِهِ وَلَا بُدَّ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّمَاعُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي ثَقِيلِ السَّمْعِ نَعَمْ إنْ مَرَّ عَلَيْهِ سَرِيعًا بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ صَوْتُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ وَسَعْيُهُ دُونَ الْعَدُوِّ خَلْفَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ جَمِيعِ الصِّيغَةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ مُؤَذِّنٍ سَمِعَ بَعْضَهُ ظَاهِرٌ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ بَلَّغَهُ رَسُولٌ سَلَامَ الْغَيْرِ قَالَ وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ وَحَيْثُ زَالَتْ الْفَوْرِيَّةُ فَلَا قَضَاءَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ انْتَهَتْ وَهُوَ أَيْ السَّلَامُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا بِالتَّعْرِيفِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِالتَّنْكِيرِ فَيَكْفِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْكُمْ سَلَامٌ وَإِنْ كَانَا مَفْضُولَيْنِ وَسَوَاءٌ حُذِفَ التَّنْوِينُ أَوْ لَا سَوَاءٌ سُكِّنَ الْمِيمُ أَوْ لَا وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا أَكْمَلُ مِنْ تَرْكِهَا
وَإِنْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا رَدٌّ أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِيَ سَلَامُهُ فِي الرَّدِّ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْوَاجِبِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ دَفْعَةً أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ وَالْجَوَابِ كَفَاهُ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ بِقَصْدِهِمْ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُسَلِّمُ نَدْبًا الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْوَاقِفِ وَالْقَاعِدُ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ فِي حَالِ التَّلَاقِي فِي طَرِيقٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالسَّلَامِ الْأَمَانُ وَالْمَاشِي يَخَافُ الرَّاكِبَ وَالْوَاقِفُ يَخَافُ الْمَاشِيَ فَأُمِرَ بِالِابْتِدَاءِ لِيَحْصُلَ مِنْهُمَا الْأَمَانُ وَالْكَبِيرُ وَالْكَثِيرُ فِيهِ زِيَادَةٌ مُرَتَّبَةٌ فَأَمْرُ الصَّغِيرِ وَالْقَلِيلِ بِالِابْتِدَاءِ تَأَدُّبًا فَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا وَإِنْ عُكِسَ بِأَنْ سَلَّمَ الْمَاشِي عَلَى الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ عَلَى الْمَاشِي وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَثِيرُ عَلَى الْقَلِيلِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ وَفِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ هَذَا الْأَدَبُ فِيمَا إذَا تَلَاقَيَا أَوْ تَلَاقَوْا فِي طَرِيقٍ فَأَمَّا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ أَوْ عَلَى قُعُودٍ فَإِنَّ الْوَارِدَ يَبْدَأُ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا اهـ وَكَالْقَاعِدِ الْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ رَدُّ السَّلَامِ يُخَالِفُ غَيْرَهُ مِنْ الْفُرُوضِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ شَأْنَ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلِيَّتُهَا عَلَى السُّنَّةِ وَهَاهُنَا الِابْتِدَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الرَّدِّ وَالثَّانِي أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا فَعَلَهُ فِرْقَةٌ ثَانِيَةٌ كَانَ فِعْلُهَا تَطَوُّعًا وَهَاهُنَا يُثَابُ الْجَمِيعُ ثَوَابَ الْفَرْضِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ اهـ.
(فَرْعٌ) إذَا أَرْسَلَ السَّلَامَ مَعَ غَيْرِهِ إلَى أَحَدٍ فَإِنْ قَالَ لَهُ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ فُلَانٌ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك مِنْ فُلَانٍ وَجَبَ الرَّدُّ وَكَذَا لَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَبَلِّغْهُ عَنِّي فَقَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ زَيْدٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك وَجَبَ الرَّدُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ مِنْ صِيغَةٍ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ كَأَنْ قَالَ لَهُ الْمُرْسِلُ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
فَقَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ زَيْدٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ كَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ وَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ إلَخْ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِفْصَالُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرْسِلَ أَتَى بِصِيغَةِ السَّلَامِ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي نَقَلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ سَلَامٍ شَرْعِيَّةٍ وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا.
(فَرْعٌ) ثَانٍ يَلْزَمُ الرَّسُولَ إذَا تَحَمَّلَ السَّلَامَ الْإِبْلَاغُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ قَالَ م ر وَلَعَلَّهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ رَدَّ التَّحَمُّلَ بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَ كِتَابٌ وَفِيهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ فَلَهُ رَدُّهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَحَمُّلٌ وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ تَحَمُّلُ هَذِهِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَهَا بِأَنْ يَرُدَّهَا فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مِنْ بَابِ مَشْرُوعِيَّةِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَالْحِكْمَةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْعَاطِسَ يَدْفَعُ الْأَذَى مِنْ الدِّمَاغِ الَّذِي فِيهِ قُوَّةُ الْفِكْرِ وَمِنْهُ تَنْشَأُ الْأَعْصَابُ الَّتِي هِيَ مَعْدِنُ الْحُسْنِ وَبِسَلَامَتِهِ تَسْلَمُ الْأَعْضَاءُ فَيَظْهَرُ بِهَذَا أَنَّهُ نِعْمَةٌ جَلِيلَةٌ تُنَاسِبُ أَنْ تُقَابَلَ بِالْحَمْدِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَالْأَوَّلُ أَصْلُهُ إزَالَةُ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَالتَّفْعِيلُ لِلسَّلْبِ نَحْوُ جَلَدْت الْبَعِيرَ أَيْ أَزَلْت جِلْدَهُ فَاسْتُعْمِلَ فِي الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ لِتَضَمُّنِهِ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ دَعَا لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي حَالِ مَنْ يَشْمَتُ بِهِ أَوْ أَنَّهُ إذَا حَمِدَ اللَّهَ أَدْخَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مَا يَسُوءُ فَشَمِتَ هُوَ بِالشَّيْطَانِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ صَانَ اللَّهُ شَوَامِتَهُ أَيْ قَوَائِمَهُ الَّتِي بِهَا قِوَامُ بَدَنِهِ عَنْ خُرُوجِهَا عَنْ الِاعْتِدَالِ وَشَوَامِتُ كُلِّ شَيْءٍ قَوَائِمُهُ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُ فَقِوَامُ الدَّابَّةِ سَلَامَةُ قَوَائِمِهَا الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا إذَا سَلِمَتْ وَقِوَامُ الْآدَمِيِّ بِسَلَامَةِ قَوَائِمِهِ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُ وَهُوَ رَأْسُهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ عُنُقٍ وَصَدْرٍ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ دُعَاءٌ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَمْتٍ حَسَنٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَاطِسَ يَنْحَلُّ كُلُّ عُضْوٍ فِي رَأْسِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعُنُقِ وَنَحْوِهِ فَكَأَنَّهُ إذَا قِيلَ يَرْحَمُك اللَّهُ كَانَ مَعْنَاهُ أَعْطَاك اللَّهُ رَحْمَةً يَرْجِعُ بِهَا ذَلِكَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ الْعُطَاسِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ
وَلَفْظُ الْحَمْدِ مِنْ الْعُطَاسِ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ فَفِي رِوَايَةٍ «الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَفِي «أُخْرَى الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» وَفِي أُخْرَى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وَفِي أُخْرَى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ» وَفِي أُخْرَى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ» قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَا أَصْلَ لِمَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ اسْتِكْمَالِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْعُطَاسِ وَكَذَا الْعُدُولُ عَنْ الْحَمْدِ إلَى أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا أَيْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ تَشْمِيتَ الْعَاطِسِ فَرْضُ عَيْنٍ وَقَوَّاهُ ابْنُ الْقَيِّمِ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَقَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَدْ خُصَّ مِنْ عُمُومِ الْأَمْرِ بِتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يُسَنُّ تَشْمِيتُهُ وَكَذَا الْكَافِرُ وَمَنْ تَكَرَّرَ عُطَاسُهُ وَزَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهَا تَشْمِيتُهُ بَلْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَنْتَ مَزْكُومٌ أَيْ أَنْتَ لَسْت مِمَّنْ يُشَمَّتُ لِأَنَّ الَّذِي بِك مَرَضٌ وَلَيْسَ مِنْ الْعُطَاسِ الْمَحْمُودِ النَّاشِئِ عَنْ خِفَّةِ الْبَدَنِ فَيُدْعَى لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَلِذَلِكَ لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ بِعِلَاجٍ لِأَنَّ عُطَاسَهُ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الطَّبِيعَةِ
وَكَذَلِكَ يُخَصُّ مِنْ الْعُمُومِ مَنْ كَرِهَ التَّشْمِيتَ مِنْ الْمُشَمِّتِ فَلَا يُسَنُّ تَشْمِيتُهُ مِمَّنْ كَرِهَ تَشْمِيتَهُ وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي السَّلَامِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ فَلَا تُسَنُّ الثَّلَاثَةُ لِمَنْ كَرِهَهَا مِنْ الْمُشَمِّتِ وَالْمُسَلِّمِ وَالْعَائِدِ خُصُوصًا إذَا خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كَعَادَةِ سَلَاطِينَ مِصْرَ لَا يُشَمَّتُ أَحَدُهُمْ إذَا عَطَسَ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا يُسَنُّ التَّشْمِيتُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ بُخْلٌ بِالْإِنْصَاتِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَكَذَا لَا يُشَمَّتُ مَنْ عَطَسَ وَهُوَ يُجَامِعُ أَوْ فِي الْخَلَاءِ فَيُؤَخَّرُ تَشْمِيتُهُ إلَى بَعْدِ الْفَرَاغِ وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ الَّذِي لَا يَنْشَأُ مِنْ زُكَامٍ» لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ خِفَّةِ الْبَدَنِ وَانْفِتَاحِ السُّدَدِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي النَّشَاطَ لِفِعْلِ الطَّاعَةِ وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ لِأَنَّهُ مِنْ غَلَبَةِ امْتِلَاءِ الْبَدَنِ وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْأَكْلِ وَالتَّخْلِيطِ فَيُؤَدِّي إلَى الْكَسَلِ وَالتَّقَاعُدِ عَنْ الْعِبَادَةِ فَالْمَحَبَّةُ وَالْكَرَاهَةُ الْمَذْكُورَانِ مُنْصَرِفَانِ إلَى مَا يَنْشَأُ عَنْ سَبَبِهِمَا فَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ» لِأَنَّهُ الَّذِي يُزَيِّنُ لِلنَّفْسِ شَهْوَتَهَا مِنْ امْتِلَاءِ الْبَدَنِ بِكَثْرَةِ الْمَأْكَلِ وَإِذَا شُمِّتَ الْعَاطِسُ فَيُسَنُّ أَنْ يُجِيبَ الْمُشَمَّتُ إذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمْ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ أَيْ
مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ (عَلَى جَمَاعَةٍ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهَا بِخِلَافِهِ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أُنْثَى مُشْتَهَاةً وَالْآخَرُ رَجُلًا وَلَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا أَوْ نَحْوَهَا فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ ثُمَّ إنْ سَلَّمَ
ــ
[حاشية الجمل]
شَأْنَكُمْ وَلَا بُدَّ مِنْ الْخِطَابِ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَفِي الْكَوَاكِبِ اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَمَرَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِخُرُوجِ مَا احْتَقَنَ فِي دِمَاغِهِ مِنْ الْأَبْخِرَةِ
قَالَ الْأَطِبَّاءُ الْعَطْسَةُ تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ طَبِيعَةِ الدِّمَاغِ وَصِحَّةِ مِزَاجِهِ فَهِيَ نِعْمَةٌ وَكَيْفَ لَا وَهِيَ جَالِبَةٌ لِلْخِفَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الطَّاعَةِ فَاسْتُدْعِيَ الْحَمْدُ عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَ الْعَاطِسُ بِغَيْرِ الْوَضْعِ الشَّخْصِيِّ بِحُصُولِ حَرَكَاتٍ غَيْرِ مَضْبُوطَةٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَلِذَا قِيلَ إنَّهُ زَلْزَلَةُ الْبَدَنَ أُرِيدَ إزَالَةُ ذَلِكَ الِانْفِعَالِ عَنْهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاشْتِغَالِ بِجَوَابِهِ وَلَمَّا دُعِيَ لَهُ كَانَ مُقْتَضَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] أَنْ يُكَافِئَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَلِذَا أُمِرْنَا بِالدَّعْوَتَيْنِ وَهُمَا يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَقُولُ يُغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَحْسَنُ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ كُلُّ فِعْلٍ مَكْرُوهٍ نَسَبُهُ الشَّرْعِيُّ لِلشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ وَاسِطَتُهُ وَذَلِكَ بِالِامْتِلَاءِ مِنْ الْأَكْلِ وَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ أَيْ يَأْخُذْ فِي أَسْبَابِ رَدِّهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ فَرَحًا لِتَشَوُّهِ صُورَتِهِ عِنْدَ انْفِتَاحِ فَمِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَلَا يَعْوِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ» وَيَعْوِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَشَبَّهَ التَّثَاؤُبَ بِعُوَاءِ الْكَلْبِ تَنْفِيرًا عَنْهُ وَاسْتِقْبَاحًا لَهُ فَإِنَّ الْكَلْبَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَفْتَحُ فَاهُ وَيَعْوِي وَالْمُتَثَائِبُ إذَا أَفْرَطَ فِي التَّثَاؤُبِ شَابَهُ الْكَلْبَ وَمِنْ ثَمَّ تَظْهَرُ النُّكْتَةُ فِي كَوْنِهِ يَضْحَكُ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ مِلْعَبَةً لَهُ بِتَشْوِيهِ خِلْقَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اهـ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ مِنْ مُسْلِمٍ) مُتَعَلِّقٍ بِسَلَامٍ وَلَمْ يَقُلْ مُكَلَّفٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا سَلَّمَ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ بَيَانٌ لِلَّذِي يَرُدُّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ رَدَّ الصَّبِيِّ عَنْ الْجَمَاعَةِ لَا يَكْفِي وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ أَيْ أَوْ سَكَارَى لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ الشَّخْصُ بِهِ ذِمِّيًّا لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ فَإِنْ بَانَ مَنْ سَلَّمَ هُوَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ اسْتَرْجَعْت سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِمَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ يَهُودِيٌّ فَتَبِعَهُ قَالَ لَهُ رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي انْتَهَى وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ كَافِيَةٌ اهـ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهَا) أَيْ إنْ سَمِعَ ذَلِكَ الْأَحَدُ فَإِنْ رَدُّوا كُلَّهُمْ وَلَوْ مُرَتَّبًا أُثِيبُوا ثَوَابَ الْفَرْضِ كَالْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَجْزَأَ إنْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ وَهُنَا الْأَمْنُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ تَشْمِيتِ الصَّبِيِّ عَنْ جَمْعٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّبَرُّكُ وَالدُّعَاءُ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَيْ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الرَّجُلُ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خُصَّ الرَّجُلُ بِالسَّلَامِ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ
وَقَوْلُهُ إنْ شُرِعَ السَّلَامُ إلَخْ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ مَثَلًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَيَجِبُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَصَمِّ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إلَّا إنْ جَمَعَ لَهُ الْمُسَلِّمُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ وَيُغْنِي عَنْ الْإِشَارَةِ فِي الْأَوَّلِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ فَهِمَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا هـ حَجّ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أُنْثَى) أَيْ وَاحِدَةً أَيْ مُنْفَرِدَةً لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَيْرُهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْآخَرُ رَجُلًا فَقَدْ قُيِّدَ عَدَمُ وُجُوبِ الرَّدِّ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ كَوْنُ الْأُنْثَى مُنْفَرِدَةً وَكَوْنُهَا مُشْتَهَاةً وَكَوْنُ الْآخَرِ رَجُلًا مُنْفَرِدًا وَعَدَمُ الْمَحْرَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا بَيْنَهُمَا وَمُحْتَرَزُ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ مَتَى انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ كَانَ الرَّدُّ وَاجِبًا فَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ نِسْوَةً وَجَبَ عَلَيْهِنَّ الرَّدُّ كِفَايَةً وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ رَجُلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً وَجَبَ الرَّدُّ مِنْهَا وَعَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ رِجَالًا مُتَعَدِّدِينَ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَبَ الرَّدُّ وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَجَبَ الرَّدُّ وَكَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الْجِنْسُ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى قَيْدٌ خَامِسٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ نِسْوَةً فَيَجِبُ الرَّدُّ وَنَصُّ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
1 -
(فَرْعٌ) يُسَنُّ السَّلَامُ لِلنِّسَاءِ مَعَ بَعْضِهِنَّ وَغَيْرِهِنَّ إلَّا مَعَ
هُوَ حَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ أَوْ سَلَّمَتْ هِيَ كُرِهَ لَهُ الرَّدُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَهَا وَمَعَ الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ مَعَهُ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ فِي تَرْكِهِ زَجْرٌ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّصِلَ الرَّدُّ بِالسَّلَامِ اتِّصَالَ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ (وَابْتِدَاؤُهُ) أَيْ السَّلَامِ عَلَى مُسْلِمٍ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَلَا مُبْتَدِعٍ (سُنَّةٌ) عَلَى الْكِفَايَةِ إنْ كَانَ مِنْ جَمَاعَةٍ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» (لَا عَلَى نَحْوِ قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ أَفْرَادًا وَجَمْعًا فَيَحْرُمُ مِنْ الشَّابَّةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا خَوْفَ الْفِتْنَةِ وَيُكْرَهَانِ أَيْ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ عَلَيْهَا نَعَمْ وَلَا يُكْرَهُ سَلَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تَخَفْ الْفِتْنَةَ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ لَا عَلَى جَمْعِ النِّسْوَةِ أَوْ عَجُوزٍ أَيْ لَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ عَلَيْهِنَّ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ كَذَلِكَ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَدَخَلَ فِي قَوْلِي مَسْنُونٌ سَلَامُ امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ نَحْوِ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ وَكَذَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَهِيَ عَجُوزٌ لَا تُشْتَهَى وَيَلْزَمُهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ رَدُّ سَلَامِ الرَّجُلِ أَمَّا مُشْتَهَاةٌ لَيْسَ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا رَدُّ سَلَامِ أَجْنَبِيٍّ وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ وَيُكْرَهُ لَهُ رَدُّ سَلَامِهَا وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ أَيْضًا الْفَرْقُ أَنَّ رَدَّهَا وَابْتِدَاءَهَا يُطْمِعُهُ فِيهَا أَكْثَرَ بِخِلَافِ ابْتِدَائِهِ وَرَدِّهِ وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَامْرَأَةٍ وَمَعَ الْمَرْأَةِ كَرَجُلٍ فِي النَّظَرِ فَكَذَا هُنَا وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ وَجَبَ رَدُّ إحْدَاهُنَّ إذْ لَا تُخْشَى فِتْنَةٌ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ حَلَّتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ كَالرَّجُلِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيَحْرُمُ مِنْ الشَّابَّةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَيُكْرَهَانِ عَلَيْهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ) أَيْ وَكُرِهَ لَهُ الِابْتِدَاءُ وَقَوْلُهُ كُرِهَ لَهُ الرَّدُّ أَيْ وَحَرُمَ عَلَيْهَا الِابْتِدَاءُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ هُوَ كُرِهَ لَهُ الِابْتِدَاءُ وَحَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ وَإِنْ سَلَّمَتْ هِيَ حَرُمَ عَلَيْهَا الِابْتِدَاءُ وَكُرِهَ لَهُ الرَّدُّ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّصِلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْطُ السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا الْإِسْمَاعُ سَمَاعًا مُحَقَّقًا وَاتِّصَالُ الْجَوَابِ انْتَهَتْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مُحَقَّقًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ لَكِنْ يَمْنَعُ نَحْوَ لَغَطٍ وَقَدْ كَفَى ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ الْمَتْنِ وَشَرْطُهُ أَيْ كُلٍّ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ إسْمَاعٌ لَهُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ وَوُجُوبُ الرَّدِّ وَاتِّصَالُ الرَّدِّ بِالِابْتِدَاءِ كَاتِّصَالِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ وُجُوبِ الرَّدِّ فَإِنْ شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي سَمَاعِ الْآخَرِ زَادَ فِي الرَّفْعِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَيَقَّظُونَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَابْتِدَاؤُهُ سُنَّةٌ) أَيْ وَإِنْ ظُنَّ عَدَمُ الرَّدِّ بِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ لَا يَرُدَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الْعَادَةَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يُوقِعُهُ فِي مَحْظُورٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ وَابْتِدَاؤُهُ سُنَّةٌ أَيْ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ لَا إنْ عَلِمَهُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ فِيهِمَا وَمِثْلُهُ إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ وَإِنْظَارُهُ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَهُمَا ثَالِثًا فِي الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ فِي جَوَابِ إشْكَالٍ فِيهِ وَالْأَوْلَى فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَارِّ عَلَى غَيْرِهِ وَمِنْ رَاكِبِ الْبَعِيرِ عَلَى رَاكِبِ الْفَرَسِ وَمِنْهُ عَلَى رَاكِبِ الْحِمَارِ وَمِنْهُ عَلَى الْمَاشِي وَمِنْهُ عَلَى الْجَالِسِ وَنَحْوِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَابْتِدَاؤُهُ سُنَّةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ نَعَمْ يُحْتَمَلُ فِي تَكَلُّمٍ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَعُذِرَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فَيَجِبُ جَوَابُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بَعْدَ تَكَلُّمٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا وَمِنْهُ صَبَاحُ الْخَيْرِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَبْطُلُ الِاعْتِدَادُ بِهِ فَيَجِبُ الرَّدُّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ وَشَرْطُهُ إسْمَاعٌ وَاتِّصَالٌ كَاتِّصَالِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ بُطْلَانُهُ بِالتَّكَلُّمِ وَإِنْ قَلَّ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ تَخَلُّلَ الْكَلَامِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ مَا مَرَّ بِالِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَمَا هُنَا بِمَا إذَا قَلَّ الْفَاصِلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ يُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْ الْبَيْعِ وَالْقَصْدُ هُنَا الْأَمَانُ وَقَدْ وُجِدَ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ مِنْ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَشْتَغِلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ قَابِلًا لِلْأَمَانِ بَلْ مُعْرِضًا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ الرَّدُّ فَرْضًا وَالِابْتِدَاءُ سُنَّةً لِأَنَّ أَصْلَ السَّلَامِ أَمَانٌ وَدُعَاءُ بِالسَّلَامَةِ وَكُلُّ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا آمِنٌ مِنْ الْآخَرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ آمِنًا مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ لِئَلَّا يَخَافَهُ اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفَارَقَ الِابْتِدَاءُ الرَّدَّ بِأَنَّ الْإِيحَاشَ وَالْإِخَافَةَ فِي تَرْكِ الرَّدِّ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي تَرْكِ الِابْتِدَاءِ لَكِنْ ابْتِدَاؤُهُ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ كَمَا فِي إبْرَاءِ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ) أَيْ بِرَحْمَتِهِ أَوْ بِدُخُولِ جَنَّتِهِ اهـ مُنَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لَا عَلَى نَحْوِ قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ) وَالْقَارِئُ كَغَيْرِهِ فِي اسْتِحْبَابِ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ بِاللَّفْظِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ
كَنَائِمٍ وَمُجَامِعٍ وَمَنْ بِحَمَّامٍ يَتَنَظَّفُ فَلَا يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَا يُنَاسِبُهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ وَمَنْ فِي حَمَّامٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْآكِلِ مَا بَعْدَ الِابْتِلَاعِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ فَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْته فِي الرَّدِّ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ مَعَهُ (وَلَا رَدَّ عَلَيْهِ) لَوْ أَتَى بِهِ لِعَدَمِ سَنِّهِ بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمُجَامِعِ.
(وَإِنَّمَا يَجِبُ الْجِهَادُ) فِيمَا ذُكِرَ (عَلَى مُسْلِمٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ) لَهُ (غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ) سَكْرَانَ أَوْ (خَافَ طَرِيقًا) فَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لَهُ وَلَا عَلَى كَافِرٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى أُنْثَى وَخُنْثَى لِضَعْفِهِمَا عَنْ الْقِتَالِ غَالِبًا وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ سَيِّدُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ كَأَقْطَعَ وَأَعْمَى
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ الْوَاحِدِيِّ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ كَفَاهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ضَعَّفَهُ فِي التِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِالدُّعَاءِ مُسْتَغْرِقًا فِيهِ مُجْتَمِعَ الْقَلْبِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَالْمُشْتَغِلِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذَا أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَتَنَكَّدُ بِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ مَشَقَّةِ الْأَكْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا اتَّصَفَ الْقَارِئُ بِذَلِكَ فَهُوَ كَالدَّاعِي بَلْ أَوْلَى لَا سِيَّمَا الْمُسْتَغْرِقُ فِي التَّدَبُّرِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَنَائِمٍ) أَيْ وَمُصَلٍّ وَسَاجِدٍ وَمُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَنَاعِسٍ وَخَطِيبٍ وَمُسْتَمِعِهِ وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ وَمُتَخَاصِمَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ وَلَا جَوَابَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا مُسْتَمِعُ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْمُلَبِّي فِي الْإِحْرَامِ نَدْبًا بِاللَّفْظِ وَيُنْدَبُ لِمُؤَذِّنٍ وَمُصَلٍّ إشَارَةٌ وَإِلَّا فَبَعْدَ فَرَاغِهِ مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ وَيُنْدَبُ عَلَى الْقَارِئِ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالتَّدَبُّرِ وَيَجِبُ رَدُّهُ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الدُّعَاءِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي قَارِئٍ لَمْ يُسْتَغْرَقْ قَلْبُهُ فِي التَّدَبُّرِ وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ ابْتِدَاءً وَلَا يَجِبُ رَدٌّ اهـ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ وَيُنْدَبُ عَلَى الْقَارِئِ وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ وَالطَّلَبَةُ فَيُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ الرَّدُّ قَالَ سم عَلَى حَجّ الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ هَلْ يُسَنُّ السَّلَامُ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لِتَفْوِيتِ الثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا وَاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَفُوتَ لِعُذْرِهِ بِالرَّدِّ يُعَارِضُهُ الِاحْتِيَاطُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ الثَّوَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِالرَّدِّ فِي الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ إنْ قُيِّدَ الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ بِمَا لَيْسَ خَيْرًا اُتُّجِهَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَلَا كَلَامَ فِي نَدْبِ السَّلَامِ مَعَهَا وَوُجُوبِ الرَّدِّ اهـ.
(فَائِدَةٌ) جَمَعَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ الْمَسَائِلَ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ فَقَالَ
رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى
…
مَنْ فِي صَلَاةٍ أَوْ بِأَكْلٍ شُغِلَا
أَوْ شُرْبٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ أَدْعِيَهْ
…
أَوْ ذِكْرٍ أَوْ فِي خُطْبَةٍ أَوْ تَلْبِيَهْ
أَوْ فِي قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ
…
أَوْ فِي إقَامَةٍ أَوْ الْآذَانِ
أَوْ سَلَّمَ الطِّفْلُ أَوْ السَّكْرَانُ
…
أَوْ شَابَّةٌ يُخْشَى بِهَا افْتِتَانُ
أَوْ فَاسِقٌ أَوْ نَاعِسٌ أَوْ نَائِمُ
…
أَوْ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَوْ تَحَاكُمُ
أَوْ كَانَ فِي حَمَّامٍ أَوْ مَجْنُونَا
…
فَوَاحِدٌ مِنْ بَعْدِهِ عُشْرُونَا
اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ بِحَمَّامٍ يَتَنَظَّفُ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ أَوْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لِأَنَّ مَنْ بِدَاخِلِهِ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ بِخَارِجِهِ كَمُسْلِخِهِ وَكَلَامُ شَيْخِنَا يَقْتَضِي الْأَوَّلَ حَيْثُ قَالَ إنَّ مَنْ بِالْحَمَّامِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرَّدُّ وَلَا يَجِبُ وَهَلْ مِثْلُهُ الْمُتَوَضِّئُ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْأَكْلِ إلَخْ) يُغْنِي عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ حَمْلُ الْآكِلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ الْمُتَلَبِّسِ بِالْأَكْلِ أَيْ فَلَا يُنْدَبُ السَّلَامُ حَالَ التَّلَبُّسِ بِالْأَكْلِ فَتَخْرُجُ هَذِهِ الصُّورَةُ تَأَمَّلْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ وَآكِلٍ بِالْمَدِّ أَيْ مُتَلَبِّسٍ بِالْأَكْلِ إنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ حَالَةَ بَلْعِهِ أَوْ مَضْغِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ بَلْعِ لُقْمَةٍ وَقَبْلَ وَضْعِ أُخْرَى اهـ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْته فِي الرَّدِّ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَابْتِدَاؤُهُ سُنَّةٌ كَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ حُكْمِ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ إلَخْ وَوَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ يُعْلَمُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ فَيُقَاسُ الِابْتِدَاءُ عَلَى الرَّدِّ فِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنْ سَلَّمَ هُوَ حَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ وَحَرُمَ عَلَيْهَا الِابْتِدَاءُ قِيَاسًا لَهُ عَلَى الرَّدِّ وَقَوْلُهُ أَوْ سَلَّمَتْ هِيَ كُرِهَ لَهُ الرَّدُّ أَيْ وَكُرِهَ لَهُ الِابْتِدَاءُ قِيَاسًا لَهُ عَلَى الرَّدِّ فَتَلَخَّصَ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا كُلٌّ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ وَيُكْرَهُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهَا فِي قَوْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أُنْثَى إلَخْ فَإِنْ انْتَفَى وَاحِدٌ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُسَنُّ الِابْتِدَاءُ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمَجَامِعِ) أَيْ بِخِلَافِ الْآكِلِ وَمَنْ فِي الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدُّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْجِهَادُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي كُلِّ عَامٍ (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى كَافِرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا عَلَى ذِمِّيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُطَالَبِينَ بِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ بَذَلَ الْجِزْيَةَ لِنَذُبَّ عَنْهُ لَا لِيَذُبَّ عَنَّا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ) أَيْ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِعِقَابِ الْآخِرَةِ اهـ
وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ وَمَنْ بِهِ عَرَجٌ بَيِّنٌ وَإِنْ رَكِبَ أَوْ مَرَضٌ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ مِنْ سِلَاحٍ وَمُؤْنَةٍ وَمَرْكُوبٍ فِي سَفَرِ قَصْرٍ فَاضِلٍ ذَلِكَ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَكَمَعْذُورٍ بِمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ أَوْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الْخُنْثَى وَالْمُبَعَّضِ وَالْأَعْمَى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ) لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا تَقْدِيمًا لِفَرْضِ الْعَيْنِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ أَنَابَ مَنْ يُؤَدِّيهِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فَلَا تَحْرِيمَ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مُوسِرٍ الْمُعْسِرُ وَبِالْحَالِّ الْمُؤَجَّلُ وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ (وَ) حَرُمَ (جِهَادُ وَلَدٍ بِلَا إذْنِ أَصْلِهِ الْمُسْلِمِ) وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ رَقِيقًا لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِرُّ أَصْلِهِ فَرْضُ عَيْنٍ بِخِلَافِ أَصْلِهِ الْكَافِرِ فَلَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ وَتَعْبِيرِي بِأَصْلِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَبَوَيْهِ (لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ) وَلَوْ كِفَايَةً كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَصْلُهُ
ــ
[حاشية الجمل]
شَرْحُ م ر وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ قَطْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ إذَا أَمْكَنَ مَعَهُ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ عَرَجٍ بَيِّنٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَنْ بِهِ عَرَجٌ بَيِّنٌ) خَرَجَ بِالْبَيِّنِ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْعَدُوَّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ مَرَضٌ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ) بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِي سَفَرِ قَصْرٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَذَا مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ الْمَقْصِدُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا وَلَا يُطِيقُ الْمَشْيَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَاضِلٍ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ السِّلَاحِ وَالْمُؤْنَةِ وَالْمَرْكُوبِ فَهَذَا نَعْتٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَنْفِيَّةِ فَالْمَنْفِيُّ فِي قَوْلِهِ وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ إلَخْ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ بِأَنْ يَجِدَهُ غَيْرُهُ فَاضِلٍ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ (قَوْلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ) أَيْ مَحَالِّ الْخَوْفِ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَأَخَافَ اللُّصُوصَ الطَّرِيقُ فَالطَّرِيقُ مُخَافٌ عَلَى مُفْعَلٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَطَرِيقٌ مَخُوفٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا لِأَنَّ النَّاسَ خَافُوا فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ) أَيْ وَلَوْ وَالِدًا أَوْ ضَمِنَ الدَّيْنَ مُوسِرٌ أَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَافٍ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ أَيْ وَلَوْ وَلَدًا وَإنْ قَصَّرَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ وَإِنْ ضَمِنَهُ مُوسِرٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الرَّهْنَ الْوَافِيَ لَا يُبِيحُ السَّفَرَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا بِالْمَالِ الْحَاضِرِ بَلْ اشْتَرَطُوا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِهِ مِنْهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ إلَخْ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَدَمَ إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ وَعَدَمَ إذْنِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ فَكُلٌّ مِنْ الْمَدِينِ وَالْفَرْعِ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الدَّائِنِ وَالْأَصْلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ مُسَافِرًا مَعَهُ أَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ الَّتِي قَصَدَهَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَالدَّيْنُ الْحَالُّ يُحَرِّمُ سَفَرَ الْجِهَادِ وَغَيْرَهُ وَإِنْ قَصَّرَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ فِي مُسْلِمٍ «الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنَ» .
(تَنْبِيهٌ) يَظْهَرُ ضَبْطُ الْقَصِيرِ هُنَا بِمَا ضَبَطُوهُ بِهِ فِي النَّفْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهُوَ مَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّ التَّسَاهُلَ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرًا وَحَيْثُ جَازَ لَهُ أَيْ الْمَدِينِ الْجِهَادُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا أَوْ لِاسْتِئْذَانِهِ رَبَّ الدَّيْنِ فِي السَّفَرِ أَوْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مُؤَجَّلًا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلشَّهَادَةِ بَلْ يَقِفَ وَسَطَ الصَّفِّ أَوْ حَاشِيَتِهِ حِفْظًا لِلدَّيْنِ بِحِفْظِ نَفْسِهِ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَفَلْسٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ بِرَبِّ الدَّيْنِ الْجَائِزُ الْإِذْنُ أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَأْذَنُ لِمَدِينِ الْمَحْجُورِ فِي السَّفَرِ اهـ س ل وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ كَغِيبَةٍ بَلَغَتْ صَاحِبَهَا أَوْ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ رَبِّ هَذِهِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ تَقْدِيمًا لِفَرْضِ الْعَيْنِ) أَيْ وَهُوَ أَدَاءُ الدَّيْنِ لِأَنَّ أَدَاءَهُ فَرْضُ عَيْنٍ يُقَدَّمُ عَلَى فَرْضِ السَّفَرِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ كَحَجٍّ تَضَيَّقَ لِتَقَدُّمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْفَوْرِيِّ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْفَوْرِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا تَحْرِيمَ) أَيْ إذَا ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَعَلِمَ الدَّائِنُ بِالْوَكِيلِ اهـ حَجّ اهـ سم (قَوْلُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ) فَإِنْ حَلَّ فِي أَثْنَائِهِ اُتُّجِهَ أَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمَنْعَ فَلَوْ تَجَدَّدَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الرُّجُوعُ إلَّا إنْ صَرَّحَ رَبُّ الدَّيْنِ بِرُجُوعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِاسْتِمْرَارِ سَفَرِهِ اهـ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ جِهَادُ وَلَدٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ) وَمِثْلُهُ كُلُّ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ مُتَّسِعًا لَكِنْ يُتَّجَهُ مَنْعُهُمَا لَهُ مِنْ خُرُوجِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَيْ وَقْتَهُ عَادَةً لَوْ أَرَادَهُ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْوُجُوبِ إلَى الْآنِ اهـ شَرْحُ م ر وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ كَالتِّجَارَةِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصِيرًا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَإِنْ غَلَبَ الْخَوْفُ فَكَالْجِهَادِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِطْلَاقُ غَيْرِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي التَّفْصِيلِ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَلَوْ كِفَايَةً) أَيْ إذَا كَانَ السَّفَرُ آمِنًا أَوْ قَلَّ خَطَرُهُ وَإِلَّا كَخَوْفٍ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْحَجِّ اُحْتِيجَ لِإِذْنِهِ حِينَئِذٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ حِينَئِذٍ أَيْ وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِكَمَالِ مَا يُرِيدُهُ أَوْ رَجَا
وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ (فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِالرُّجُوعِ (وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ وَإِلَّا) بِأَنْ حَضَرَهُ (حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45] وَلِقَوْلِهِ {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] وَلِأَنَّ الِانْصِرَافَ يُشَوِّشُ أَمْرَ الْقِتَالِ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَنْ لَا يَخْرُجَ بِجُعْلٍ مِنْ السُّلْطَانِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعُزِيَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَأَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ تَنْكَسِرْ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ أَنْ يُقِيمَ فِي قَرْيَةٍ بِالطَّرِيقِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْجَيْشُ فَيَرْجِعَ مَعَهُمْ لَزِمَهُ.
(وَإِنْ دَخَلُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (بَلْدَةً لَنَا) مَثَلًا (تَعَيَّنَ) الْجِهَادُ (عَلَى أَهْلِهَا) سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَأَهُّبُهُمْ لِقِتَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ لَكِنْ عُلِمَ كُلٌّ مِنْ قَصْدِ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إنْ أُخِذَتْ (وَ) عَلَى (مَنْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْهَا) وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ مَعَهُمْ فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِمَّنْ ذُكِرَ (حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَصْلِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ وَلَوْ كَفَى الْأَحْرَارُ (وَعَلَى مَنْ بِهَا) أَيْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ (بِقَدْرِ كِفَايَةٍ) دَفْعًا لَهُمْ وَإِنْقَاذًا مِنْ الْهَلَكَةِ فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ (وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ) مِنْ قَصْدٍ (تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجُوِّزَا سِرًّا) وَقَتْلًا (فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ) وَقِتَالٌ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ (قُتِلَ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً) إنْ أُخِذَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
بِغُرْبَتِهِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادَ أُسْتَاذٍ كَمَا يَكْفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ تَوَقُّعَ زِيَادَةٍ أَوْ رَوَاجٍ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ خَرَجَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ بِبَلَدِهِ مُتَعَدِّدُونَ صَالِحُونَ لِلْإِفْتَاءِ أَوْ لَا وَفَارَقَ الْجِهَادَ بِخَطَرِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنْ يُتَوَقَّعَ فِيهِ بُلُوغُ مَا قَصَدَهُ وَإِلَّا كَبَلِيدٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا إذْ سَفَرُهُ لِأَجْلِهِ كَالْعَبَثِ وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَحْرَمٌ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ لِإِذْنِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ مَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلَهُ مُؤْنَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ كَمَا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا انْتَهَتْ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِأَصْلِهِ وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَهُوَ السَّفَرُ أَيْ فِي السَّفَرِ وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ أَصْلِهِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ حُرْمَةَ الْجِهَادِ عَلَى الْمَدِينِ مَا دَامَ الْجِهَادُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ) وَكَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَصْلُ الْكَافِرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ وَعَلِمَ الْفَرْعُ الْحَالَ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ لَا يَقِفَ مَوْقِفَ الشَّهَادَةِ بَلْ فِي آخِرِ الصَّفِّ لِيَحْرُسَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى عَدَمِ حُضُورِ الصَّفِّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْإِقَامَةُ وَلَا الرُّجُوعُ فَلَهُ الْمُضِيُّ مَعَ الْجَيْشِ لَكِنْ يَتَوَقَّى مَظَانَّ الْقَتْلِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ مَثَلًا) يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِدَخَلُوا لِإِدْخَالِ مَا لَوْ صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَلْدَةِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ دُخُولِ الْبَلَدِ كَمَا فِي م ر وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِبَلْدَةٍ لِإِدْخَالِ الْقَرْيَةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ لَنَا لِإِدْخَالِ بِلَادِ الذِّمِّيِّينَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ مَا هُنَا عَامٌّ فِيمَنْ أَمْكَنَهُمْ التَّأَهُّبُ وَغَيْرِهِمْ وَمَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ فَلَا يَفِي مَفْهُومُ الْآتِي بِمَا هُنَا اهـ ع ش وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَمْكَنَ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ فَهُوَ فِي حَيِّزِ التَّعْمِيمِ أَيْ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ أَعْنِي الْإِمْكَانَ وَعَدَمَهُ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فِي حَيِّزِ التَّعْمِيمِ أَيْضًا أَيْ أَمِنَتْ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ) أَيْ وَزَوْجَةٍ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الزَّوْجِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَالدَّفْعُ بِبَعْضِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ بَعْضِ مَنْ قَرُبَ مِنْهَا لَا يَسْقُطَا لِحَرَجٍ عَنْ غَيْرِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ (قَوْلُهُ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ أَنَّهُ يَجِبُ قِيَامُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَكْفِ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَمَنْ قَرُبَ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَتُهُمْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ إلَخْ) هَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَيَّنَ الْجِهَادُ عَلَى أَهْلِهَا إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ بِقُيُودِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمَّا فِي حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ بَلْ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ فَلِهَذَا عَمَّمَ الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَأَهُّبُهُمْ لِقِتَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ تَوْطِئَةً لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ) يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ هَذَا بِمَا سَبَقَ فِي الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِلِ إذَا كَانَ كَافِرًا لَكِنْ قَالَ م ر الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ فِي الصِّيَالِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الصَّائِلِ الْكَافِرِ وَيَمْتَنِعُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ فِي الصَّفِّ وَذَاكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الصَّفِّ يَنَالُ الشَّهَادَةَ الْعُظْمَى فَجَازَ اسْتِسْلَامُهُ وَلَا كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ اهـ عَمِيرَةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالصَّفِّ وَلَوْ حُكْمًا فَإِنَّهُمْ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ وَجَبَ الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَفٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ) هَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَجُوِّزَا سِرًّا وَقَتْلَا لِأَنَّ التَّجْوِيزَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ