الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِسْقِهِ كَشَارِبِ الْخَمْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ فِسْقًا ظَاهِرًا أَمْ خَفِيًّا بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَلَا عُذْرَ لَهُ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ) كَتَخْدِيرِ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَسْقُطُ بِهِ الْجُمُعَةُ.
(وَالْمَعْذُورُ يُشْهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي) إلَيْهِ (مَنْ يَسْمَعُهَا) وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ وَكَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ.
(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا
.
(تُقْبَلُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةِ مَقْبُولٍ) شَهَادَتُهُ (فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَإِحْصَانٍ) مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَعَقْدٍ وَفَسْخٍ وَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ لَازِمُ الْأَدَاءِ فَيُشْهَدُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِحْصَانِ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْإِحْصَانُ فِي الْجُمْلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَحَقَّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَذِكْرُ الْإِحْصَانِ مِنْ زِيَادَتِي، وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الشَّهَادَةِ غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةِ مَرْدُودِهَا كَفَاسِقٍ وَرَقِيقٍ وَعَدُوٍّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي وِلَادَةٍ أَوْ رَضَاعٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ فَصْلِ لَا يَكْفِي لِغَيْرِ هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدٌ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا يَشْهَدُ بِهِ الْأَصْلُ (وَتَحَمُّلُهُ بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ أَيْ يَلْتَمِسَ مِنْهُ رِعَايَةَ الشَّهَادَةِ وَضَبْطَهَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْإِذْنُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يَأْتِي (فَيَقُولَ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا وَأُشْهِدُك) أَوْ أَشْهَدْتُك (أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) بِهِ وَكُلُّ مَنْ سَمِعَ الْمُسْتَرْعَى لَهُ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الجمل]
فِسْقِهِ. . . إلَخْ) وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ عَدْلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إلَّا فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيمَا عَدَاهُ وَيَجُوزُ لِلْعَدْلِ الشَّهَادَةُ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ كَبَيْعٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَرَاهَا أَوْ شَهِدَ هُوَ بِتَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ بِوَلِيٍّ غَيْرِ مُجْيِرٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ، وَالشَّاهِدُ لَا يَرَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ وَيَجُوزُ لَهُ تَحَمُّلُ ذَلِكَ وَلَوْ قَصْدًا نَعَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِصِحَّةِ أَوْ اسْتِحْقَاقِ مَا يَعْتَقِدُ فَسَادَهُ وَلَا أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي وُقُوعِهِ إلَّا إنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) رَاجِعٌ لِلظَّاهِرِ، وَالْخَفِيِّ لَكِنَّ مَحِلَّهُ فِي الْخَفِيِّ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّهُ يُضِيعُ إذَا لَمْ يَشْهَدُوا وَإِلَّا فَتَجِبُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ.
وَعِبَارَةُ ز ي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذْ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يَتَّجِهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ عُضْوٍ قَالَ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ م ر انْتَهَتْ.
(فَرْعٌ) إذَا قَالَ الشَّاهِدُ لَسْت بِشَاهِدٍ فِي هَذَا الشَّيْءِ ثُمَّ جَاءَ وَشَهِدَ نُظِرَ إنْ قَالَهُ حِينَ تَصَدَّى لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ قَالَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: مِمَّا تَسْقُطُ بِهِ الْجُمُعَةُ) اسْتَثْنَى مِنْهُ أَكْلَ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهِ فَلَيْسَ عُذْرًا هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَتَى وَجَبَ الْأَدَاءُ كَانَ فَوْرِيًّا نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِفَرَاغِ حَمَّامٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَتْ.
[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]
(فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَقَبُولِ التَّزْكِيَةِ مِنْ الْفَرْعِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةِ. . . إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ بِعُمُومِهِ لِشَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ انْتَهَى عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِحْصَانٍ) أَيْ إحْصَانِ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر بِأَنْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ مُحْصَنًا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِحْصَانِهِ لِأَجْلِ رَجْمِهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ، وَالْمُرَادُ بِمَنْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ إثْبَاتِهَا بِهَا فَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ أَنَّ الْحَاكِمَ حَدَّ فُلَانًا قُبِلَتْ اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى إثْبَاتِهَا لَا بِالنَّظَرِ إلَى رَدِّهَا فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا حُدَّ قُبِلَتْ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى) عِلَّةٌ لِكُلٍّ مِنْ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ، وَالْإِحْصَانِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي حَقِّ اللَّهِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَمُتَعَلِّقًا بِهِ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لِلَّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ، وَالْإِحْصَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِإِدْخَالِ هَذَا الْوَصْفِ فِي الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِإِحْدَى الدَّعْوَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) احْتِرَازٌ عَنْ زِنَا الْبِكْرِ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ رَجْمُ الزَّانِي فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى الَّذِي يُشْتَرَطُ الْإِحْصَانُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ كَمَا ذَكَرَ فَشَمَلَتْ الْعِبَارَةُ حَدَّ الشُّرْبِ وَجَلْدَ الْبِكْرِ وَرَجْمَ الثَّيِّبِ وَغَيْرَهَا اهـ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِيهِ مُطْلَقًا أَيْ شُرِطَ فِيهِ الْإِحْصَانُ أَمْ لَا اهـ ح ف (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةِ مَرْدُودِهَا) أَيْ وَإِنْ صَارَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ النِّسَاءِ) فَصَلَهُ بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا فَلِذَلِكَ قَالَ كَمَا عُلِمَ مِنْ فَصْلِ لَا يَكْفِي، وَقَوْلُهُ تَحَمُّلُ النِّسَاءِ أَيْ سَوَاءٌ كُنَّ خَالِصًا أَوْ مَعَ الرِّجَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ رِجَالًا أَمْ نِسَاءً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ تَثْبُتُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ أَيْ وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا لَا تُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ اهـ ز ي وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ وَاحِدٌ عَنْ أَصْلٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَأَرَادَ ذُو الْحَقِّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ هَذَا الْفَرْعِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ فَرْعَانِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَهُمَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ الْأَصْلُ) أَيْ فَلَهَا صُوَرٌ أَرْبَعٌ أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ أَوْ يَسْمَعَهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ أَوْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ يَسْمَعَهُ يُبَيِّنُ السَّبَبَ بِلَفْظِ شَهَادَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَنْ سَمِعَ الْمُسْتَرْعِي لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ يُبَيِّنُ السَّبَبَ وَقَوْلُهُ كَمَا يُؤْخَذُ. . . إلَخْ وَجْهُ الْأَخْذِ الْقِيَاسُ لِلسَّمَاعِ مِنْ الْمُسْتَرْعِي عَلَى السَّمَاعِ مِمَّنْ يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي وَمِمَّنْ يُبَيِّنُ السَّبَبَ
كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا عَطَفْته عَلَى يَسْتَرْعِيَهُ بِقَوْلِي (وَ) بِأَنْ (يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ) وَلَوْ مُحَكَّمًا أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ (أَوْ) بِأَنْ يَسْمَعَهُ (يُبَيِّنُ سَبَبَهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (كَأَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا قَرْضًا) فَلِسَامِعِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ، وَالتَّسَاهُلِ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا أَوْ أُعْلِمُك أَوْ أُخْبِرُك بِكَذَا أَوْ أَنَا عَالِمٌ بِهِ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَأْتِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ قَدْ يُرِيدُ عِدَةً كَأَنْ قَدْ وَعَدَهَا أَوْ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَى إلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَقَدْ يَتَسَاهَلُ بِإِطْلَاقِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الشَّهَادَةِ أَحْجَمَ (وَلْيُبَيِّنْ) وُجُوبًا (الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) فَإِنْ اسْتَرْعَاهُ الْأَصْلُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ إلَى سَبَبِهِ (إلَّا أَنْ يَثِقَ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ) فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ.
(وَلَوْ حَدَثَ بِالْأَصْلِ عَدَاوَةٌ أَوْ فِسْقٌ) بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَشْهَدْ فَرْعٌ) لِأَنَّهَا لَا تَهْجُمُ غَالِبًا دُفْعَةً فَتُورِثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ لِمُدَّتِهَا الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَتَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ.
(وَصَحَّ أَدَاءُ كَامِلٍ تَحَمَّلَ) حَالَةَ كَوْنِهِ (نَاقِصًا) كَفَاسِقٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ تَحَمَّلَ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيَكْفِي فَرْعَانِ لِأَصْلَيْنِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يُشْتَرَطُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرْعَانِ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ لِهَذَا وَوَاحِدٌ لِلْآخَرِ.
(وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ (مَوْتُ أَصْلٍ أَوْ عُذْرُهُ بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) كَمَرَضٍ يَشُقُّ بِهِ حُضُورُهُ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَخَوْفٍ مِنْ غَرِيمٍ فَتَعْبِيرِي بِعُذْرِ الْجُمُعَةِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ نَعَمْ اسْتَثْنَى الْإِمَامُ الْإِغْمَاءَ.
ــ
[حاشية الجمل]
لَكِنْ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الثَّانِي نَوْعُ وَهْنٍ إذْ الْأَصْلُ يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ، وَالْفَرْعُ لَا يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنْ يَسْمَعَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ الشَّارِحُ يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وُجُوبَ أَدَائِهَا عِنْدَهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ بِنَاؤُهُ عَلَى وُجُوبِ أَدَائِهَا بَلْ يَأْتِي عَلَى جَوَازِهِ أَيْضًا اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ يُبَيِّنُ سَبَبَهَا) أَيْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُحْتَرَزِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ) أَيْ لِأَنَّ إسْنَادَهُ إلَى السَّبَبِ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّسَاهُلِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ أَيْضًا اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا) أَيْ وَإِنْ قَالَ شَهَادَةٌ جَازِمَةٌ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا اهـ اهـ س ل (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَسَاهَلُ) أَيْ الشَّاهِدُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ بِإِطْلَاقِهِ أَيْ إطْلَاقِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ لَمْ يُسْنَدْ لِلسَّبَبِ وَقَوْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَحَمْلِهِ عَلَى الْإِعْطَاءِ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَوْلُهُ أَوْ فَاسِدٍ كَأَنْ كَانَ غَرَضُهُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَحْجَمَ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الْجِيمِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ امْتَنَعَ مِنْ الشَّهَادَةِ اهـ ع ش أَيْ وَادَّعَى أَنَّهُ وَعْدٌ لَا شَهَادَةٌ اهـ شَيْخُنَا حُ ف (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ. . . إلَخْ) أَيْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَثَ بِالْأَصْلِ عَدَاوَةٌ. إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ اهـ ح ل وَبِذَلِكَ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا لِفِسْقِ غَيْرِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: عَدَاوَةٌ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَهْجُمُ غَالِبًا دُفْعَةً) أَيْ لَا تَظْهَرُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ تَكَرُّرِهَا لِأَنَّ عَادَةَ اللَّهِ جَرَتْ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَى شَخْصٍ مَعْصِيَةٌ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ سَبَقَتْ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ خُفْيَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سَتَّارٌ فَيَسْتُرُ أَوَّلًا وَثَانِيًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْضَبُ فَيُظْهِرَهَا لِيَنْتَقِمَ مِنْ الْفَاعِلِ بِسَبَبِهَا اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ هَجَمَتْ عَلَيْهِ هُجُومًا مِنْ بَابِ قَعَدَ دَخَلَتْ بَغْتَةً عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُ وَهَجَمْته عَلَى الْقَوْمِ جَعَلْته يَهْجُمُ عَلَيْهِمْ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَتَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ) الِانْعِطَافُ هُوَ السَّرَيَانُ مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ لِلْمَاضِي، وَالِاسْتِصْحَابُ عَكْسُهُ فَإِذَا كَانَ التَّحَمُّلُ فِي شَهْرِ مُحَرَّمٍ ثُمَّ إنَّ الْأَصْلَ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْعَدَاوَةِ فِي رَبِيعٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ حُصُولَ الْعَدَاوَةِ مِنْ الْأَصْلِ فِي رَبِيعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ عَدَاوَةٌ سَابِقَةٌ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِحَالَةِ التَّحَمُّلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفِسْقِ اهـ عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سَنَةٌ لِيَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ) أَيْ مِنْ الْفَرْعِ أَيْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْفَرْعِ يَتَحَمَّلُ تَحَمُّلًا جَدِيدًا لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى الْأَصْلِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ.
(قَوْلُهُ: كَالْأَصْلِ) أَيْ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) بِأَنْ يَقُولَا نَشْهَدُ أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَهِدَا بِكَذَا وَأَشْهَدُ أَنَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ عُذْرُهُ بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) أَيْ مِنْ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ دُونَ مَا يَعُمُّهُمَا كَوَحْلٍ وَمَطَرٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ فِي الْوَحْلِ وَحَضَرَ لَا يُقْبَلُ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ أَعْذَارًا هُنَا لِأَنَّ جَمِيعَهَا يَقْتَضِي تَعَسُّرَ الْحُضُورِ قَالَا وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ فَإِنْ عَمَّتْ الْفَرْعَ أَيْضًا كَالْمَطَرِ، وَالْوَحْلِ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ فَقَدْ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ دُونَ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ وَلَوْ مَنْذُورًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ انْتَهَتْ وَمِنْ الْأَعْذَارِ فِي الْجُمُعَةِ الرِّيحُ الْكَرِيهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ عُذْرٌ هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَظَرَ هُنَا زَوَالُهُ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ اهـ س ل (قَوْلُهُ: بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ لِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ لِلتَّخْدِيرِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ لِمَا لَا يَخْفَى اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجُنُونٍ) أَيْ