المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى فَتَتَعَيَّنُ لِعِظَمِ فَضْلِهَا - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٥

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي

- ‌(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَوَدِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمُسْتَوْفِيهِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبُ الْعَمْدِ وَالْعَفْوِ

- ‌(كِتَابُ الدِّيَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجُرْحِ وَنَحْوه

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ إبَانَةِ الْأَطْرَافِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ

- ‌(فَرْعٌ) فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى أَطْرَافٍ وَلَطَائِفَ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ

- ‌(كِتَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ]

- ‌(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الزِّنَا)

- ‌(كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) إذَا سَبَّ شَخْصٌ آخَرَ

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌(بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى وَاحِدٍ

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌(كِتَابُ الصِّيَالِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ مَنْ

- ‌(كِتَابُ الْجِهَادِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَمَانِ مَعَ الْكُفَّارِ

- ‌(كِتَابُ الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ غَيْرِ مَا مَرَّ

- ‌(كِتَابُ الْهُدْنَةِ)

- ‌[فَرْعٌ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ لَا سَبْيُهُمْ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الْأَيْمَان]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌(كِتَابُ النَّذْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ الْإِتْيَانِ إلَى الْحَرَمِ أَوْ بِنُسُكٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي النُّكُولِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌(كِتَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(كِتَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ

- ‌(كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ]

الفصل: إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى فَتَتَعَيَّنُ لِعِظَمِ فَضْلِهَا

إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى فَتَتَعَيَّنُ لِعِظَمِ فَضْلِهَا وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ وَيَقُومُ الْأَوَّلُ مَقَامَ الْآخَرِينَ وَأَوَّلُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ دُونَ الْعَكْسِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ التَّنْظِيرِ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عُبِّرَ بِهِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا) مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِنَحْوِ دَهْرٍ كَحِينٍ (فَيَوْمٌ) يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفْرَدُ بِالصَّوْمِ (أَوْ أَيَّامًا) أَيْ صَوْمَهَا (فَثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً فَبِمُتَمَوَّلٍ) يَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ عَظِيمٍ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي قَدْرٍ لِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَتَعْبِيرِي بِمُتَمَوَّلٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا كَانَ إذْ لَا يَكْفِي بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ) تَكْفِيَانِ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ وَاجِبٍ مِنْهَا (بِقِيَامِ قَادِرٍ) إلْحَاقًا لِلنَّذْرِ بِوَاجِبِ الشَّرْعِ.

(أَوْ) نَذْرُهُ (صَلَاةً قَاعِدًا جَازَ) فِعْلُهَا (قَائِمًا) لِإِتْيَانِهِ بِالْأَفْضَلِ (لَا عَكْسَهُ) أَيْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ لِأَنَّهُ دُونَ مَا الْتَزَمَهُ.

(أَوْ) نَذَرَ (عِتْقًا فَرَقَبَةٌ) تُجْزِي وَلَوْ نَاقِصَةً كَكَافِرَةٍ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقَ كَافِرَةٍ أَوْ مَعِيبَةٍ أَجْزَأَهُ) رَقَبَةٌ (كَامِلَةٌ) لِإِتْيَانِهِ بِالْأَفْضَلِ (فَإِنْ عَيَّنَ) رَقَبَةً (نَاقِصَةً) كَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْعَبْدِ الْكَافِرِ أَوْ الْمَعِيبِ (تَعَيَّنَتْ) لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِالْعَيْنِ.

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

ــ

[حاشية الجمل]

لَزِمَهُ وَلَهُ فِعْلُهُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَسْجِدًا فَيُجْزِئُ كُلُّ مَسْجِدٍ لِذَلِكَ، وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ النَّوَافِلِ الَّتِي يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إلَخْ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدِ حَوْلَهَا، وَإِنْ وُسِّعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَالَهُ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَتَعَيَّنُ) قَالَ الشَّاشِيُّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالنُّسُكِ كَمَا لَوْ نَذَرَ إتْيَانَ الْحَرَمِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ) فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَبِمِائَتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَبِمِائَةِ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُمَا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَبِأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةٍ فِيمَا سِوَاهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُقَيَّدًا بِنَحْوِ دَهْرٍ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ دَهْرًا فَيُحْمَلَ عَلَى مُطْلَقِ الزَّمَنِ بِخِلَافِ الدَّهْرِ الْمُعَرَّفِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَيَّامِ، وَيَلْزَمُهُ صَوْمُهَا حَيْثُ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ح ل، وَغَيْرُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفْرَدُ بِالصَّوْمِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ بِهِ الصَّوْمُ اهـ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الصَّوْمُ الْمُلْتَزَمُ أَيْ أَقَلُّ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَيَّامُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ مِنْ تَرَدُّدٍ طَوِيلٍ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَيَأْتِي نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ الشُّهُورِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ شَهْرٌ وَاحِدٌ، وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لَا غَيْرُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي ذَلِكَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ جَمْعَ كَثْرَةٍ، وَأَقَلُّهُ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا تَنْزِلُ عَلَيْهَا الْأَلْفَاظُ الْعُرْفِيَّةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَبِمُتَمَوَّلٍ) أَيْ وَإِنْ وَصَفَهَا بِعِظَمٍ أَوْ نَحْوِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ فَرَكْعَتَانِ) أَيْ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ أَوْ صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ) وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ كَالرَّوَاتِبِ وَالضُّحَى فَيَجِبُ الْقِيَامُ فِي الْجَمِيعِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَوْ نَذَرَ عِتْقًا) الْأَوْلَى الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّ إنْكَارَهُ جَهْلٌ لَكِنَّهُ حَسَنٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي ارْتِكَابِ الْحَسَنِ الرَّدَّ عَلَى الْمُنْكِرِ فَكَانَ أَهَمَّ مِنْ ارْتِكَابِ الْأَحْسَنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَاقِصَةً) وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ مَعَ كَوْنِهِ غَرَامَةً سُومِحَ فِيهِ، وَخَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ اهـ س ل.

(فَائِدَةٌ) لَوْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا لِمَالِكِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا رَقَبَةً بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ، وَهُمْ مَوْجُودُونَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ اهـ سم (قَوْلُهُ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا) أَيْ، وَلِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ فَلَمْ يُكَلَّفْ فِيهَا بِمَا يَشُقُّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ كَامِلَةٌ لِإِتْيَانِهِ إلَخْ) أَيْ، وَلِأَنَّ صِفَةَ الْكُفْرِ لَا يُتَقَرَّبُ بِهَا فَحُمِلَتْ عَلَى التَّعْرِيفِ اهـ عَمِيرَةُ.

1 -

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَمَنْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَزِمَهُ، وَفِي زِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْبُورُ صَالِحًا لِأَنَّ فِيهِ قُرْبَةً لِخَبَرِ «زُورُوا الْقُبُورَ» ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ زِيَارَةَ سَائِرِ الْقُبُورِ كَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ سم.

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

(كِتَابُ الْقَضَاءِ) أَصْلُهُ قَضَايَ بِوَزْنِ سَلَامٍ مِنْ قَضَيْت قُلِبَتْ الْيَاءُ هَمْزَةً لِتَطَرُّفِهَا إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ كَقَبَاءٍ وَأَقْبِيَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ يُقَالُ لِإِتْمَامِ الشَّيْءِ وَإِحْكَامِهِ، وَإِمْضَائِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُتِمُّ الْأَمْرَ وَيُحْكِمُهُ وَيُمْضِيهِ، وَيَفْرُغُ مِنْهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ، وَأَتَى لِمَعَانٍ أُخَرَ كَالْوَحْيِ وَالْخَلْقِ، وَفِي الشَّرْعِ الْوِلَايَةُ الْآتِيَةُ، وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ إلْزَامٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ، وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ، وَإِمْضَاؤُهُ فِيمَا يُرْفَعُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ مُظْهِرٌ لَا مُمْضٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِفْتَاءِ انْتَهَتْ

، وَالْقَضَاءُ

ص: 334

بِالْمَدِّ أَيْ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَقَوْلِهِ {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهَا «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَمَا جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَنْ يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي (تَوَلِّيهِ) أَيْ الْقَضَاءِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ لَهُ فِي النَّاحِيَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ وَيَحْتَاجُ إلَى مُولٍ وَمُتَوَلٍّ وَمُولًى فِيهِ، وَمَحَلِّ وِلَايَةٍ وَصِيغَةٍ، وَالْمُولِي هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ بِإِذْنِهِ، وَشَرْطُهُ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا يُوَلِّي فِيهِ، وَأَهْلِيَّتُهُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُتَوَلِّي هُوَ النَّائِبُ، وَشَرْطُهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا يَتَوَلَّى فِيهِ، وَاعْتِبَارُ أَهْلِيَّتِهِ أَيْضًا، وَالْمُتَوَلَّى فِيهِ هُوَ مَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ، وَشَرْطُهُ جَوَازُهُ شَرْعًا، وَتَعْيِينُهُ مِنْ الْأَنْكِحَةِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْأَمْوَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْوِلَايَةِ مَكَانُ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ، وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ بِبَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ أَوْ إقْلِيمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالصِّيغَةُ إيجَابٌ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ إخْبَارِ مَوْثُوقٍ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَرِيحٌ كَوَلَّيْتُك الْقَضَاءَ، وَخَلَّفْتُك فِيهِ، وَاسْتَنَبْتُك فِيهِ وَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ وَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ كِنَايَةٌ كَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِي كَذَا، وَفَوَّضْته إلَيْك، وَأَنَبْتُك فِيهِ، وَوَكَّلْتُك فِيهِ، وَقَبُولٌ كَالْوَكَالَةِ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْقَضَاءِ أَوْ الْإِمَامَةِ بِرِزْقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ تَعَيَّنَ، وَكَانَ مُكْتَسِبًا، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ كِفَايَتِهِ وَمُمَوَّنِهِ.

(فَرْعٌ) يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرْزَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ عَمَلِهِ

مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ

كَأَمِيرٍ وَمُؤَذِّنٍ مُحْتَسِبٍ وَمُفْتٍ، وَمُعَلِّمِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(فَائِدَةٌ) إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ (قُلْت) الْقَضَاءُ هُوَ الْحُكْمُ الْكُلِّيُّ الْإِجْمَالِيُّ فِي الْأَزَلِ، وَالْقَدَرُ جُزْئِيَّاتُ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَتَفَاصِيلُهُ الَّتِي تَقَعُ فِيمَا لَا يَزَالُ قَالَ الْجَلَالُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَسُوءِ الْقَضَاءِ» مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ بِمَعْنَى الْمَقْضِيِّ أَوْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ هُوَ حُكْمُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ لَا سُوءَ فِيهِ قَالُوا فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ، وَالْقَدَرِ الْقَضَاءُ هُوَ الْحُكْمُ بِالْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَزَلِ، وَالْقَدَرُ هُوَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْجُزْئِيَّاتِ الَّتِي لِتِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فِي الْإِنْزَالِ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21] اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ) أَفْهَمَ أَنَّ الْقَضَاءَ مُرَادِفٌ لِلْحُكْمِ، وَقَدْ يُغَايِرُهُ فَيُطْلَقُ الْقَضَاءُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْإِلْزَامِ وَعَكْسِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوَاقِعَةِ قَضَاءٌ وَإِلْزَامٌ بِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ» ) أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ أَهْلٌ لِلْحُكْمِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَأَهْلُ الْحُكْمِ هُوَ الْمُجْتَهِدُ اهـ حَجّ اهـ سم (قَوْلُهُ فَأَخْطَأَ) أَيْ فِي إصَابَةِ الْحُكْمِ، وَهَذَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ، وَالصَّحِيحُ وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ، وَلِلَّهِ تَعَالَى حُكْمٌ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ قِيلَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ أَمَارَةً، وَأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِإِصَابَتِهِ، وَأَنَّ مُخْطِئَهُ لَا يَأْثَمُ بَلْ يُؤْجَرُ.

وَأَمَّا عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فَيَحْتَاجُ الْحَدِيثُ إلَى تَأْوِيلٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» ) لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ، وَلِجَوَازِ أَنَّهُ أُعْلِمَ أَوَّلًا بِالْأَجْرَيْنِ فَأَخْبَرَ بِهِمَا ثُمَّ بِالْعَشَرَةِ فَأَخْبَرَ بِهَا أَوْ أَنَّ الْأَجْرَيْنِ يُسَاوِيَانِ الْعَشَرَةَ فَإِنْ قُلْت الْعَشَرَةُ يَصِحُّ أَنْ تُجْعَلَ أَجْرًا وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ فَمَا بَالُهُ جَعَلَهَا عَشَرَةً قُلْت يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْوَاعًا مِنْ الثَّوَابِ مُخْتَلِفَةً يَبْلُغُ عَدَدُهَا هَذَا الْقَدْرَ فَنَبَّهَ بِذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ، وَفِيهِ فَوَائِدُ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَالْخَبَرِ الْحَسَنِ «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِعِيِّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ كَوْنِهِ فَرْضًا فَمُرَادُهُ بِهِ كَرَاهَةُ طَلَبِهِ مَعَ الْحِرْصِ عَلَيْهِ فَالْمَكْرُوهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ الْوَاجِبِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَرَاهَةِ السَّلَفِ لَهُ الْخَوْفُ مِنْ عَدَمِ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ لَا الْكَرَاهَةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَإِلَّا لَزِمَ مَدْحُ تَارِكِهِ، وَذَلِكَ يُنَافِي فَرْضِيَّتَهُ وَجَوَابُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا تُنَافِي فَرْضَ الْعَيْنِ لَا الْكِفَايَةِ يَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ مَمْنُوعَةٌ إذْ الْكَرَاهَةُ تُنَافِي الْفَرْضِيَّةَ مُطْلَقًا فَتَعَيَّنَ الْجَوَابَانِ الْأَوَّلَانِ اهـ حَجّ اهـ سم (قَوْلُهُ تَوَلِّيهِ) أَيْ قَبُولُهُ فَأَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ، وَأَرَادَ أَثَرَهَا، وَفِي نُسْخَةٍ تَوْلِيَةُ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَخْ) بَلْ هُوَ أَسْنَى فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ حَتَّى ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى الْجِهَادِ، وَذَلِكَ لِلْإِجْمَاعِ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّظَالُمِ، وَقَلَّ مَنْ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مُشْتَغِلٌ بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ فَوَجَبَ مَنْ يَقُومُ بِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ الصَّالِحُونَ لَهُ أَثِمُوا، وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ اهـ شَرْحُ م ر، وَكَوْنُهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ عَلَى

ص: 335

أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ لِأَحَدِهِمْ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ.

(فَمَنْ تَعَيَّنَ) لَهُ (فِي نَاحِيَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُهُ) وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ أَوْ خَافَ مِنْ نَفْسِهِ الْمَيْلَ (وَ) لَزِمَهُ (قَبُولُهُ) إذَا وَلِيَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (فِيهَا) أَيْ فِي نَاحِيَتِهِ فَلَا يَلْزَمَانِهِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْوَطَنِ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُحْوِجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ (أَوْ) لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا لَكِنَّهُ (كَانَ أَفْضَلَ) مِنْ غَيْرِهِ (سُنَّا) أَيْ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (لَهُ) فِيهَا إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِي وَقَبُولُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَانَ (مَفْضُولًا وَلَمْ يَمْتَنِعْ الْأَفْضَلُ) مِنْ الْقَبُولِ (كُرِهَا لَهُ) أَيْ لِلْمَفْضُولِ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ «لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» فَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْقَبُولِ فَكَالْمَعْدُومِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَانَ (مُسَاوِيًا) لِغَيْرِهِ (فَكَذَا) أَيْ فَيُكْرَهَانِ لَهُ (إنْ اشْتَهَرَ) بِالِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ (وَكُفِيَ) بِغَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ امْتِنَاعُ السَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ أَوْ لَمْ يُكْفَ بِمَا ذُكِرَ (سُنَّا لَهُ) لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيُكْفَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْجُمْلَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدْ يُكْرَهُ، وَقَدْ يُسَنُّ لِخُصُوصِ مَنْ اتَّصَفَ بِالْوَصْفِ الْمُقْتَضِي لِلسَّنِّ أَوْ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ سُنَّا لَهُ إلَخْ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ تَعْتَرِي تَوَلِّيَ الْقَضَاءِ فَرْضٌ بِقِسْمَيْهِ وَمَنْدُوبٌ وَحَرَامٌ وَمَكْرُوهٌ اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ لِأَحَدِهِمْ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ فَوْرًا فِي قَضَاءِ الْإِقْلِيمِ، وَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى قَاضِي الْإِقْلِيمِ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ أَوْ خَلِيفَةٍ لَهُ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ فَوْقِهَا يَشُقُّ وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ أَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا أَفْضَى لِتَعْطِيلٍ أَوْ طُولِ نِزَاعٍ، وَمِنْ صَرِيحِ التَّوْلِيَةِ، وَلَّيْتُك أَوْ قَلَّدْتُك أَوْ فَوَّضْت إلَيْك الْقَضَاءَ، وَمِنْ كِنَايَاتِهَا عَوَّلْت، وَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ لَفْظًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ الشُّرُوعُ بِالْفِعْلِ كَالْوَكِيلِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعَمْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُوَلَّى فِيهِ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّةِ بِلَادٍ لِبِلَادٍ فِي تَوْلِيَتِهَا دَخَلَتْ تَبَعًا لَهَا، وَيَسْتَفِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ الْعَامِّ سَائِرَ الْوِلَايَاتِ، وَأُمُورَ النَّاسِ حَتَّى نَحْوَ زَكَاةٍ وَحِسْبَةٍ لَمْ يُفَوَّضْ أَمْرُهُمَا لِغَيْرِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي قَوْلِهِ {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ} [ص: 26] أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُكْمِ لَا يَتَجَاوَزُهُ لِغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ بِمَعْنَى إمْضَاءِ الْأَمْرِ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الْقَاضِي فِيهَا إمْضَاءُ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ.

(فَرْعٌ) لَوْ خَلَا بَلَدٌ عَنْ قَاضٍ فَقَلَّدَ أَهْلُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَبَاطِلٌ إنْ كَانَ فِي الْعَصْرِ إمَامٌ، وَإِلَّا فَإِنْ رَجَوْا نَصْبَهُ عَنْ قُرْبٍ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ التَّحَاكُمُ فِي بَلَدٍ بِقُرْبِهِمْ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَتَقْلِيدُهُ جَائِزٌ، وَحُكْمُهُ نَافِذٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ خَلَا الزَّمَانُ مِنْ الْإِمَامِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُلَمَاءِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ فَمَنْ تَعَيَّنَ لَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي نَاحِيَتِهِ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ غَيْرَهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ فِي نَاحِيَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا بَلَدُهُ، وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ اهـ عَنَانِيٌّ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى نَصْبُ قَاضٍ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ) أَيْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَاضِلٌ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفُطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الطَّلَبِ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ امْتِثَالِهِمْ لَهُ اهـ شَرْحُ م ر، وَفِي ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِسُقُوطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ، وَإِنْ قَلَّ أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ

مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ

فَوَجَبَ بَذْلُهُ لِلْقِيَامِ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ اهـ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ وَلَوْ وَجَبَ أَوْ اُسْتُحِبَّ طَلَبُهُ جَازَ بَذْلُ الْمَالِ وَلَكِنَّ آخِذَهُ ظَالِمٌ كَمَا إذَا تَعَذَّرَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَمْ يَجُزْ بَذْلُ الْمَالِ لِيُوَلَّى، وَيَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ، وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ لِيُوَلَّى، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ بَذْلُهُ لِعَزْلِ قَاضٍ غَيْرِ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ النَّاسِ مِنْهُ لَكِنَّ آخِذَهُ ظَالِمٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ) اُسْتُشْكِلَ تَوْلِيَةُ الْمُمْتَنِعِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مَعَ تَعَيُّنِهِ لَهُ مُفَسِّقٌ، وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِعَدَمِ فِسْقِهِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ غَالِبًا يَكُونُ بِتَأْوِيلٍ فَلَا يَعْصِي بِذَلِكَ جَزْمًا، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمَانِهِ فِي غَيْرِهَا) نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ قَاضِيًا، وَأَرْسَلَهُ إلَى مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَزِمَهُ الِامْتِثَالُ وَالْقَبُولُ، وَإِنْ بَعُدَتْ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ أَحَدًا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ فِي الْمَحَلِّ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَوْ بِقُرْبِهِ وَحِينَئِذٍ يَجْتَمِعُ الْكَلَامَانِ اهـ س ل (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ) أَيْ فَيَجِبُ السَّفَرُ لَهَا وَلَوْ لِبَعِيدٍ لِأَنَّ لَهَا غَايَةً اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَفْضَلَ سُنَّا لَهُ) هَلْ يُقَيَّدُ هَذَا الشِّقُّ بِأَنْ يُقَالَ حَيْثُ لَمْ يَمْتَنِعْ الْمَفْضُولُ عَلَى قِيَاسِ التَّقْيِيدِ الْآتِي اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ، وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ يُحْتَرَزُ إذَا خَافَ عَلَيْهَا إذْ ظَاهِرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَطْوَعَ) أَيْ مُطَاوَعًا بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ يُطَاوِعُهُ النَّاسُ، وَيَمْتَثِلُونَ لِحُكْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْفَاضِلِ اهـ شَيْخُنَا فَقَوْلُهُ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا سُنَّا لَهُ) أَيْ إنْ وَثِقَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ، وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ لِيَكْفِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا يُشْعِرُ بِجَوَازِ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَى

ص: 336

وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ بِعَزْلِ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ مَفْضُولًا وَتَبْطُلُ عَدَالَةُ الطَّالِبِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَشَرْطُ الْقَاضِي كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا (كَافِيًا) لِأَمْرِ الْقَضَاءِ فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى وَفَاسِقٌ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَأَعْمَى وَأَخْرَسُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِنَقْصِهِمْ (مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَبِالْقِيَاسِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْمُعْسِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ لَائِقَةٍ بِهِ أَمَّا أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا إنْ كَانَتْ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ بِعَزْلِ صَالِحٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَحَرُمَ عَلَى الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ طَلَبٌ لَهُ وَبَذْلُ مَالٍ لِعَزْلِ قَاضٍ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ وَبَطَلَتْ بِذَلِكَ عَدَالَتُهُ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ، وَالْمَعْزُولُ بِهِ عَلَى قَضَائِهِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْعَزْلَ بِالرِّشْوَةِ حَرَامٌ، وَتَوْلِيَةَ الْمُرْتَشِي لِلرَّاشِي حَرَامٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ وَيُنْدَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا نَسِيبًا ذَا حِلْمٍ وَلِينٍ وَفِطْنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ كَاتِبًا صَحِيحَ الْحَوَاسِّ وَالْأَعْضَاءِ عَارِفًا بِلُغَةِ أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَنُوعًا سَلِيمًا مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقًا وَافِرَ عَقْلٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ إلَخْ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا أَوْ عَارِفًا بِالْحِسَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ لَكِنْ صُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطُهُ فِي الْمُفْتِي فَالْقَاضِي أَوْلَى لِأَنَّهُ مُفْتٍ وَزِيَادَةٌ وَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ عَدْلٌ يُعَرِّفُهُ بِلُغَتِهِمْ، وَيُعَرِّفُهُمْ بِلُغَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عَلَى مَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ فَلَوْ وَلِيَ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَتَبَيَّنَ اجْتِمَاعُهَا فِيهِ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ وَلِلْمُولِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الصَّالِحِ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ بِمَا ذُكِرَ، وَيُنْدَبُ لَهُ اخْتِيَارُهُ لِيَزْدَادَ فِيهِ بَصِيرَةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ نَاطِقًا) أَيْ وَلَوْ مَعَ لُكْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ كَافِيًا لِأَمْرِ الْقَضَاءِ) أَيْ نَاهِضًا لِلْقِيَامِ بِأَمْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ) أَيْ وَلَوْ عَلَى كُفَّارٍ، وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْوُلَاةِ مِنْ نَصْبِ حَاكِمٍ لَهُمْ مِنْهُمْ فَهُوَ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ وَرِعَايَةٍ لَا تَقْلِيدُ حُكْمٍ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ بِالِالْتِزَامِ مِنْهُمْ لَا بِإِلْزَامِهِ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَفَاسِقٌ) وَمِثْلُهُ نَافِي الْإِجْمَاعِ أَوْ خَبَرِ الْآحَادِ أَوْ الِاجْتِهَادِ، وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ أَيْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ بِخِلَافِ مَنْ يَسْمَعُ بِالصِّيَاحِ فَيَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ وَقَوْلُهُ وَأَعْمَى أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الطَّالِبَ مِنْ الْمَطْلُوبِ، وَفِي مَعْنَى الْأَعْمَى مَنْ يَرَى الْأَشْبَاحَ وَلَا يَعْرِفُ الصُّوَرَ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ إذَا قَرُبَتْ مِنْهُ عَرَفَهَا صَحَّ فَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ جَازَتْ تَوْلِيَتُهُ أَوْ لَيْلًا فَقَطْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ) وَلَا يُشْتَرَطُ حِفْظُهُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَلَا بَعْضَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ مَظَانَّ أَحْكَامِهِ فِي أَبْوَابِهَا فَيُرَاجِعَهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَصْلٌ مُصَحَّحٌ يَجْمَعُ أَحَادِيثَ الْأَحْكَامِ أَيْ غَالِبَهَا كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد فَيَعْرِفَ كُلَّ بَابٍ فَيُرَاجِعَهُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْعَمَلِ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ضَبْطُ كُلِّ مَوَاضِعِ الْإِجْمَاعِ، وَالِاخْتِلَافِ بَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَعْرِفَ أَوْ يَظُنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُفْتِي فِيهَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ لِمُوَافَقَتِهِ غَيْرَهُ أَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا الْأَوَّلُونَ بَلْ تَوَلَّدَتْ فِي عَصْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ مِنْ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ إلَخْ) وَلَا تُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ بَلْ تَكْفِي الدَّرَجَةُ الْوُسْطَى فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ الْآنَ وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ أَمَّا مُقَلِّدٌ لَا يَعْدُو مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ، وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ مَعَ نُصُوصِ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَصِّ إمَامِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ النَّصِّ اهـ شَرْحُ م ر.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الْآبِيُّ فِي الْقَضَاءِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْفَرْقَ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ فَرْقًا مَا بَيْنَ الْأَخَصِّ وَالْأَعَمِّ فَفِقْهُ الْقَضَاءِ أَعَمُّ لِأَنَّهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ، وَعِلْمُ الْقَضَاءِ الْفِقْهُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ تَنْزِيلِهَا عَلَى النَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ هُوَ أَيْضًا بَيْنَ عِلْمِ الْفُتْيَا وَفِقْهِ الْفُتْيَا فَفِقْهُ الْفُتْيَا هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ، وَعِلْمُهَا هُوَ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ مَعَ تَنْزِيلِهَا عَلَى النَّوَازِلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِالْقِيَاسِ) أَعَادَ الْبَاءَ لِيُفِيدَ عَطْفَهُ عَلَى الْأَحْكَامِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ لَا عَلَى الْقُرْآنِ

ص: 337

وَأَنْوَاعِهَا) فَمِنْ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرُ وَالْآحَادُ وَالْمُتَّصِلُ وَغَيْرُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي وَالْأَدْوَنُ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ (وَحَالِ الرُّوَاةِ) قُوَّةً وَضَعْفًا فَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّصُّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُحْكَمُ عَلَى الْمُتَشَابِهِ وَالنَّاسِخُ وَالْمُتَّصِلُ وَالْقَوِيُّ عَلَى مُقَابِلِهِمَا (وَلِسَانِ الْعَرَبِ) لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً (وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ) إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ.

(فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطُ) الْمَذْكُورُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ مُتَّصِفٌ بِهِ (فَوَلِيُّ سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ مُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ) كَفَاسِقٍ وَمُقَلِّدٍ وَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ (نَفَذَ) بِمُعْجَمَةٍ قَضَاؤُهُ (لِلضَّرُورَةِ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ وَتَعْبِيرِي بِمُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِتَعْلِيلِهِمْ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُهُمْ تَفَقُّهًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ.

(وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ) إعَانَةً لَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (اسْتَخْلَفَ) وَلَوْ بَعْضَهُ (فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ دُونَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (أَوْ) أَطْلَقَ (الْإِذْنَ) بِأَنْ لَمْ يُعَمِّمْ لَهُ فِي الْإِذْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يُخَصِّصْ

ــ

[حاشية الجمل]

وَالسُّنَّةِ إذْ الْغَرَضُ مَعْرِفَةُ الْقِيَاسِ نَفْسِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ) الْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، وَالْخَاصُّ بِخِلَافِهِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» ، وَالْمُجْمَلُ هُوَ مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا قَدْرُ الْوَاجِبِ وَالْمُبَيَّنُ مِثْلَ قَوْلِهِ وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ، وَالْمُطْلَقُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] فِي آيَةِ الظِّهَارِ، وَالْمُقَيَّدُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فِي آيَةِ الْقَتْلِ، وَالنَّصُّ هُوَ مَا دَلَّ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً، وَالظَّاهِرُ مَا دَلَّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً، وَالنَّاسِخُ، وَالْمَنْسُوخُ كَآيَتَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآيَاتُ الْأَحْكَامِ فِي الْقُرْآنِ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ، وَكَذَا أَحَادِيثُ السُّنَّةِ، وَهَذِهِ الْمُرَادَةُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى اسْتِنَادِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمُتَّصِلُ) أَيْ بِاتِّصَالِ رُوَاتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ فَقَطْ، وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ أَوْ إلَى النَّبِيِّ، وَيُسَمَّى الْمَرْفُوعَ اهـ شَرْحُ م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ فَيَشْمَلُ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْمَوْقُوفَ، وَغَيْرَهَا لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ مَا لَمْ يَسْقُطْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاتِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ سَنَدِهِ إلَى انْتِهَائِهِ فَإِنْ سَقَطَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ فَهُوَ الْمُرْسَلُ أَوْ التَّابِعِيُّ أَيْضًا فَهُوَ الْمَوْقُوفُ أَوْ اثْنَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ فَهُوَ الْمُعْضَلُ أَوْ وَاحِدٌ وَلَوْ مِنْ مَكَانَيْنِ فَهُوَ الْمُنْقَطِعُ أَوْ أُسْنِدَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الرُّوَاةِ فَهُوَ الْمَرْفُوعُ اهـ

(قَوْلُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهَا أَيْضًا قِيَاسُ الْعِلَّةِ، وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ، وَالْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ كَمَا فِي الْأُصُولِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الْأَوْلَى) وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ وَالْمُسَاوِي هُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ، وَالْأَدْوَنُ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالْمُحْكَمُ عَلَى الْمُتَشَابِهِ) الْمُحْكَمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فَهَذِهِ نَصٌّ فِي أَنَّهُ لَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، وَالْمُتَشَابِهُ مِثْلُ قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلِسَانِ الْعَرَبِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ وَرَدَتْ بِلِسَانِ الْعَرَبِ فَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا عَلَيْهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً) أَيْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْأَدَبِ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ عِلْمًا كَمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ اللُّغَةُ وَالنَّحْوُ وَالصَّرْفُ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانُ وَالِاشْتِقَاقُ وَالْعَرُوضُ وَالْقَافِيَّةُ وَالْخَطُّ وَقَرْضُ الشِّعْرِ وَإِنْشَاءُ الرَّسَائِلِ وَالْخُطَبُ وَالْمُحَاضَرَاتُ وَالتَّوَارِيخُ، وَأَمَّا عِلْمُ الْبَدِيعِ فَهُوَ كَالذَّيْلِ لَهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ) وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الدِّينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَوَلَّى سُلْطَانٌ) خَرَجَ بِالسُّلْطَانِ غَيْرُهُ كَقَاضِي الْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ غَيْرَ الْأَهْلِ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ مَنْ وَلَّاهُ اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحَيْ م ر وحج فَوَلَّى سُلْطَانٌ أَوْ مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ غَيْرَهُ بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ فَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ سُلْطَانٍ بِنَحْوِ أَسْرٍ أَوْ حَبْسٍ وَلَمْ يُخْلَعْ نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يُوجَدْ مُقْتَضٍ لِلْخَلْعِ، وَإِلَّا اتَّجَهَ عَدَمُ تَنْفِيذِهَا انْتَهَتْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ: وَحَاصِلُ الْمُرَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا وَلَّى قَاضِيًا بِالشَّوْكَةِ نَفَذَتْ تَوْلِيَتُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ أَمْ لَا، وَإِنْ وَلَّاهُ لَا بِالشَّوْكَةِ أَوْ وَلَّاهُ قَاضِي الْقُضَاةِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ فَقْدُ أَهْلٍ لِلْقَضَاءِ اهـ (قَوْلُهُ كَفَاسِقٍ وَمُقَلِّدٍ) وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ انْعِزَالَ مَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ بِزَوَالِ شَوْكَتِهِ لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِنُفُوذِ قَضَائِهِ أَيْ بِخِلَافِ مُقَلِّدًا، وَفَاسِقٍ مَعَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِ، وَالْعَدْلِ فَلَا تَزُولُ وِلَايَتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الشَّوْكَةِ كَمَا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ) قَالَ شَيْخُنَا وَيُشْتَرَطُ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ أَنْ يَذْكُرَ مُسْتَنَدَهُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَيْضًا وَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ انْعَزَلَ، وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَوْقَافِ، وَالْجَوَامِكِ، وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي نُفُوذِ أَحْكَامِهِ، وَالضَّرُورَةُ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ الْأَعَمُّ الْأَوْفَقُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ اسْتَخْلَفَ وَلَوْ بَعْضَهُ) أَيْ أَبَاهُ وَابْنَهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي تَفْسِيرِ إطْلَاقِ التَّوْلِيَةِ بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ قَوْلُ

ص: 338

(فَ) يَسْتَخْلِفُ (مُطْلَقًا) وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) أَيْ كَشَرْطِهِ السَّابِقِ (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فِي) أَمْرٍ (خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا بِكَسْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِمُعْتَقَدِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ.

(وَجَازَ نَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ بِمَحَلٍّ) كَبَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ هَذَا (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلِي أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَاضِيَيْنِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُكْثِرُوا وَفِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.

(وَ) جَازَ (تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ أَوْ فِي قَوَدٍ أَوْ نِكَاحٍ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَإِلَّا جَازَ حَتَّى فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ وَبِغَيْرِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَتُهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهَا إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْكِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا

ــ

[حاشية الجمل]

الشَّارِحِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَسْتَخْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ، وَفِي غَيْرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ اهـ م ر اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ اسْتَخْلِفْ فِي كُلِّ أَحْوَالِك.

(فَرْعٌ) فَوَّضَ الْإِمَامُ لِشَخْصٍ أَنْ يَخْتَارَ قَاضِيًا لَمْ يَخْتَرْ نَفْسَهُ وَلَا أَصْلَهُ وَلَا فَرْعَهُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَالْقَاضِي) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ، وَمِنْ ذَلِكَ نَائِبُ الْقَاضِي فِي الْقُرَى إذَا فُوِّضَ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ يَكْفِيهِ الْعِلْمُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ وَلَيْسَ الْمَنْصُوبُ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ)

إذَا وَلَّى الْإِمَامُ شَافِعِيًّا مَثَلًا، وَمَنَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ بِبَعْضِ مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ كَأَنْ مَنَعَ الشَّافِعِيَّ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ صَحَّتْ التَّوْلِيَةُ، وَكَانَ الْقَاضِي مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَسَائِلِ الَّتِي مُنِعَ مِنْ الْحُكْمِ فِيهَا لَكِنْ لِلْخَصْمِ تَحْكِيمُهُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ لِتَعَذُّرِ قَاضٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيهَا لِلتَّحْكِيمِ، وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ م ر، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ سم، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَانِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ (فَائِدَةٌ) أَفْتَى ز ي تَبَعًا لِلرَّمْلِيِّ أَنَّ الْحَقَّ إذَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ بِهِ الدَّعْوَى لِمَنْعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْقُضَاةَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ قَاضِيًا يَدَّعِيهِ عِنْدَهُ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ) أَيْ رَشِيدَيْنِ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ الْمُحَكِّمُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِأَحَدِهِمَا وَلَا عَدُوًّا لَهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْحَاوِي يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ، وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ دُونَ غَيْرِهِ اهـ م ر اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ بِشَرْطِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ الْأَهْلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْحَادِثَةِ فَقَطْ قَالَ وَنُقِلَ فِي الذَّخَائِرِ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُجَوِّزِينَ لِلتَّحْكِيمِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ مُجْتَهِدًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضِي ضَرُورَةٍ اهـ ع ش أَيْ وَمَحَلُّ الِامْتِنَاعِ عِنْدَ وُجُودِ قَاضِي الضَّرُورَةِ إذَا سَهُلَ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْ دَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ، وَإِلَّا جَازَ التَّحْكِيمُ مَعَ وُجُودِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ فِي قَوَدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّحْكِيمُ فِي قَوَدٍ إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ اهـ س ل هَذَا، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي نَقْلًا عَنْ اعْتِمَادِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ الْآنَ وَلَوْ مَعَ قُضَاةِ الضَّرُورَةِ إلَّا إذَا كَانَ قَاضِي الضَّرُورَةِ يَأْخُذُ مَالًا لَهُ وَقَعَ اهـ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَهْلُ جَازَ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فُقِدَ الْأَهْلُ جَازَ تَحْكِيمُ عَدْلٍ غَيْرَهُ فِي النِّكَاحِ، وَغَيْرَهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر كَمَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَ الْأَهْلُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ إذَا فُقِدَ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ الضَّرُورَةِ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى الرَّفْعِ إلَيْهِ غَرَامَةُ مَالٍ لِأَنَّ نُفُوذَ قَضَاءِ غَيْرِ الْأَهْلِ إنَّمَا هُوَ لِلشَّوْكَةِ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْمُحَكَّمُ، وَقَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الضَّرُورَةِ إلَّا فِي النِّكَاحِ إلَّا إذَا فَقَدَتْ الْقَاضِيَ، وَكَانَتْ فِي السَّفَرِ فَوَلَّتْ أَمْرَهَا عَدْلًا يُزَوِّجُهَا، وَإِلَّا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الرَّفْعِ لِقَاضِي الضَّرُورَةِ غَرَامَةُ مَالٍ عَلَى الْحُكْمِ، نَعَمْ إنْ فُقِدَ الْقَاضِي مُطْلَقًا حَتَّى قَاضِي الضَّرُورَةِ كَالْفَاسِقِ وَاحْتِيجَ إلَى الْحَاكِمِ جَازَ تَحْكِيمُ أَصْلَحِ، وَأَفْضَلِ مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْعُدُولِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ اهـ، وَكَتَبَ الشَّيْخُ الْمُحَشِّي فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا نَصُّهُ.

(فَرْعٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا جَازَ تَحْكِيمُهُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ شَرْعًا كَقَاضِي الضَّرُورَةِ، وَمِنْ فَقْدِهِ مَا لَوْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ فِي خُصُومَةٍ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا هُوَ وَاقِعٌ الْآنَ فَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيمَا مُنِعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَالْفَقْدُ مُتَحَقِّقٌ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ نَعَمْ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ لِعُذْرٍ مَعَ وُجُودِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهُ إلَّا بِمَالٍ يَدْفَعُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ عَادَةً وَلَا يَحْتَمِلُهُ مِثْلُهُ فِي جَنْبِ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْفَقْدَ مِنْ الدُّنْيَا لَكِنْ اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ، وَمَالَ م ر بَحْثًا عَلَى الْبَدِيهَةِ إلَى أَنَّ ضَابِطَهُ أَنْ يَشُقَّ قَصْدُهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مِنْ حَدٍّ) أَيْ كَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ

ص: 339