المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب دعوى الدم والقسامة] - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٥

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي

- ‌(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَوَدِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمُسْتَوْفِيهِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبُ الْعَمْدِ وَالْعَفْوِ

- ‌(كِتَابُ الدِّيَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجُرْحِ وَنَحْوه

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ إبَانَةِ الْأَطْرَافِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ

- ‌(فَرْعٌ) فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى أَطْرَافٍ وَلَطَائِفَ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ

- ‌(كِتَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ]

- ‌(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الزِّنَا)

- ‌(كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) إذَا سَبَّ شَخْصٌ آخَرَ

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌(بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى وَاحِدٍ

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌(كِتَابُ الصِّيَالِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ مَنْ

- ‌(كِتَابُ الْجِهَادِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَمَانِ مَعَ الْكُفَّارِ

- ‌(كِتَابُ الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ غَيْرِ مَا مَرَّ

- ‌(كِتَابُ الْهُدْنَةِ)

- ‌[فَرْعٌ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ لَا سَبْيُهُمْ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الْأَيْمَان]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌(كِتَابُ النَّذْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ الْإِتْيَانِ إلَى الْحَرَمِ أَوْ بِنُسُكٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي النُّكُولِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌(كِتَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(كِتَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ

- ‌(كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ]

الفصل: ‌[باب دعوى الدم والقسامة]

(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَقَوْلُهُ {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] .

تَجِبُ (عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ) لَا أَمَانَ لَهُ (وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَرَقِيقًا وَمُعَاهِدًا وَشَرِيكًا) وَمُرْتَدًّا (كَفَّارَةٌ بِقَتْلِهِ) ، وَلَوْ خَطَأً أَوْ بِتَسَبُّبٍ أَوْ شَرْطٍ (مَعْصُومًا عَلَيْهِ، وَلَوْ مُعَاهِدًا وَجَنِينًا) وَمُرْتَدًّا (وَعَبْدَهُ وَنَفْسَهُ) وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ الْمَذْكُورِ الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَمِثْلُهُ الْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ لِأَنَّهُ سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ وَبِالْقَتْلِ غَيْرُهُ كَالْجِرَاحَاتِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهَا فِي الْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَ غَيْرُهُ فِي مَعْنَاهُ وَبِالْمَعْصُومِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَبَاغٍ قَتَلَهُ عَادِلٌ وَعَكْسُهُ فِي الْقِتَالِ وَصَائِلٍ وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ، وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ قَتْلُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَتَالِيَيْهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ لِحُرْمَتِهِمْ بَلْ

لِمَصْلَحَةِ

الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ الِارْتِفَاقُ بِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَوْ قَتَلَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ آمِرُهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي مَالِهِمَا فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا وَالْعَبْدُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَ شَخْصَانِ فَمَاتَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ وَاحِدَةٌ لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَوَاحِدَةٌ لِقَتْلِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا وَأَلْقَتَا جَنِينَيْنِ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ نَفْسَيْهِمَا وَجَنِينَيْهِمَا.

(بَابُ دَعْوَى الدَّمِ)

أَعْنِي الْقَتْلَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي وَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا (وَالْقَسَامَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الْأَيْمَانِ الْآتِي بَيَانُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقَسَمِ وَهُوَ الْيَمِينُ (شَرْطٌ لِكُلِّ دَعْوَى) بِدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ

ــ

[حاشية الجمل]

الْجِنَايَةَ بِأَنْ قَصَدَهَا بِمَا يُجْهِضُ غَالِبًا فَالْغُرَّةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ بِنَاءً عَلَى تَصَوُّرِ الْعَمْدِ فِيهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى عِلْمِ وُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]

هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذُّنُوبَ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم وَالْقَصْدُ مِنْهَا تَدَارُكُ مَا فُرِّطَ مِنْ التَّقْصِيرِ وَهُوَ فِي الْخَطَأِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ تَرْكُ التَّثَبُّتِ مَعَ خَطَرِ الْأَنْفُسِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: 92] قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَدَّمَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْكَفَّارَةَ عَلَى الدِّيَةِ وَفِي الْكَافِرِ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمُ يَرَى تَقْدِيمَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ وَالْكَافِرُ يَرَى تَقْدِيمَ حَقِّ نَفْسِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اهـ شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الشَّارِحُ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ الْآيَةَ مَعَ أَنَّ فِيهِ ذِكْرَ التَّحْرِيرِ أَيْضًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ تَجِبُ كَفَّارَةٌ) أَيْ فَوْرًا فِي غَيْرِ الْخَطَأِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر بِالْحَرْفِ وَيَجِبُ الْفَوْرُ فِي الْعَمْدِ وَشَبَهِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَدَارُكًا لِمَا فَاتَ بِخِلَافِ الْخَطَأِ انْتَهَتْ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى عَائِنٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُهْلِكًا عَادَةً عَلَى أَنَّ التَّأْثِيرَ عِنْدَهَا لَا بِهَا حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ، وَقِيلَ إنَّهَا تَنْبَعِثُ مِنْهَا جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ فَتَتَخَلَّلُ الْمَسَامَّ فَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَا أَنْ يَتَوَضَّأَ الْعَائِنُ أَيْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَ إزَارِهِ أَيْ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنْ الْإِزَارِ وَيَصُبُّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعْيُونِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى عَائِنٍ، وَكَذَا لَا يَجِبُ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَمِثْلُ الْعَائِنِ الْوَلِيُّ إذَا قَتَلَ بِحَالِهِ أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ إلَخْ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْعَائِنِ فِعْلُ ذَلِكَ إذَا وَجَدَ التَّأْثِيرَ فِي الْمَعْيُونِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَفْعِ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) أَيْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ فِعْلِهِمَا أَنَّهُ خَطَأٌ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِيهِ وَعَدَمُ لُزُومِهِمَا كَفَّارَةَ وِقَاعِهِمَا لِارْتِبَاطِهِ بِالتَّكْلِيفِ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْإِزْهَاقِ احْتِيَاطًا لِلْحَيَاةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَوْ بِتَسَبُّبِ) أَيْ كَالْإِكْرَاهِ وَأَمْرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالشَّهَادَةِ زُورًا وَقَوْلُهُ أَوْ شَرْطٌ كَالْحَفْرِ عُدْوَانًا وَإِنْ حَصَلَ التَّرَدِّي بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَمُرْتَدًّا) بِأَنْ قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ مِثْلَهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي. أَمَّا الْمُرْتَدُّ إذَا قَتَلَ غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَنَفْسَهُ) أَيْ فَتَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هُدِرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَإِنْ أَثِمَ بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هُدِرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ هَذَا يَقْتَضِي تَنْزِيلَ قَتْلِهِ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ قَتْلِ غَيْرِ مِثْلِهِ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ التَّنْزِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَعَدَمُهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ فَيَشْرَبُ الْمَاءَ لِعَطَشِهِ وَيَتَيَمَّمُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فِي الْقِتَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّقَّيْنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمُرْتَدٍّ) أَيْ قَتَلَهُ غَيْرُ مُرْتَدٍّ، أَمَّا إذَا قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ ضَعِيفٌ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا) ، فَإِنْ فُقِدَ فَصَامَا وَهُمَا مُمَيِّزَانِ أَجْزَأَهُمَا، وَكَذَا مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا وَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ لَهُمَا، ثُمَّ نَابَ عَنْهُمَا فِي الْإِعْتَاقِ، وَكَذَا وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ، وَقَدْ قَبِلَ لَهُمَا الْقَاضِي التَّمْلِيكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ اهـ ز ي (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرِيكًا وَنَفْسَهُ اهـ شَيْخُنَا.

[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

ص: 102

سِتَّةٌ شُرُوطٍ أَحَدُهَا (أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) غَالِبًا بِأَنْ يُفَصِّلَ الْمُدَّعِي مَا يَدَّعِيه

ــ

[حاشية الجمل]

التَّعْبِيرُ بِالْبَابِ يَقْتَضِي انْدِرَاجَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ تَحْتَ كِتَابِ الدِّيَاتِ السَّابِقِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَلِذَا عَبَّرَ الْأَصْلُ بِكِتَابٍ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش عَبَّرَ بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شُرُوطِ الدَّعْوَى وَبَيَانِ الْأَيْمَانِ الْمُعْتَبَرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَبِيهٌ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَلَيْسَ مِنْ الْجِنَايَةِ اهـ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْقَاتِلِ إنْكَارَ الْقَتْلِ اسْتَدْعَى ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ مُوجِبَاتِهِ بَيَانَ الْحُجَّةِ فِيهِ وَهِيَ بَعْدَ الدَّعْوَى، إمَّا يَمِينٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم، وَفِي الْمُخْتَارِ الدَّعْوَةُ بِالْفَتْحِ إلَى الطَّعَامِ يُقَالُ كُنَّا فِي دَعْوَةِ فُلَانٍ وَمَدْعَاةِ فُلَانٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الدُّعَاءُ إلَى الطَّعَامِ وَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا وَالِاسْمُ الدَّعْوَى وَالدَّعْوَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَالدُّعَاءُ وَأَحَدُ الْأَدْعِيَةِ وَقَوْلُهُ وَالْقَسَامَةُ أَيْ الْأَيْمَانُ مِثْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ فَقَدْ فَسَّرَهَا بِالْجَمْعِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَعِبَارَتُهُ وَالْقَسَامَةُ بِالْفَتْحِ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إذَا ادَّعَوْا الدَّمَ يُقَالُ قُتِلَ فُلَانٌ بِالْقَسَامَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَادَّعَوْا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ وَمَعَهُمْ دَلِيلٌ دُونَ الْبَيِّنَةِ فَحَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ عَلَى دَعْوَاهُمْ يُسَمُّونَ قَسَامَةً أَيْضًا اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَالْقَسَامَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ مَصْدَرُ أَقْسِمُ قَسَمًا وَقَسَامَةً وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إذَا ادَّعَوْا الدَّمَ، وَخُصَّ الْقَسَمُ عَلَى الدَّمِ بِلَفْظِ الْقَسَامَةِ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَسَامَةُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ

وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْقَسَامَةُ الْجَمَاعَةُ يَشْهَدُونَ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَيَمِينُ الْقَسَامَةِ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِمْ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى الْأَيْمَانِ نَفْسِهَا اهـ فَتْحُ الْبَارِي انْتَهَتْ وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ مِنْ مَعْنَاهُ لَا مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ يَمِينٌ كَنِسَاءٍ مُفْرَدُهُ امْرَأَةٌ وَالتَّعْبِيرُ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِالْجَمْعِ تَقَدَّمَ لِابْنِ قَاسِمٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَرْبَعُونَ خِلْفَةً، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَسَمُّحٍ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِالْجَمْعِ اسْمُ الْجَمْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَمْعِ وَاسْمِ الْجَمْعِ وَاسْمِ الْجِنْسِ، وَالتَّرْجَمَةُ بِهَذَيْنِ لَا تَشْمَلُ الْفَصْلَ الْآتِيَ فَيُزَادُ فِيهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا، وَلِهَذَا اعْتَذَرَ م ر عَنْ قُصُورِهَا فَقَالَ وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى لِلشَّهَادَةِ بِالدَّمِ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّرْجَمَةِ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِيمَا يَأْتِي اهـ وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْ هُوَ ذِكْرُ الْقَتْلِ مِرَارًا فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُدَّعَى هُوَ الْقَتْلُ لَا الدَّمُ.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ إلَخْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ) وَبَقِيَ سَابِعٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَدْ أَفْتَى ز ي تَبَعًا لمر بِأَنَّ الْحَقَّ إذَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ لِمَنْعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْقُضَاةَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ قَاضِيًا يَدَّعِي عِنْدَهُ بِهِ اهـ رَحْمَانِيٌّ اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ، وَقَدْ نَظَّمَ بَعْضُهُمْ الشُّرُوطَ السِّتَّةَ بِقَوْلِهِ

لِكُلِّ دَعْوَى شُرُوطٌ سِتَّةٌ جَمَعْت

تَفْصِيلَهَا مَعَ إلْزَامٍ وَتَعْيِينِ

أَنْ لَا تُنَاقِضَهَا دَعْوَى تُغَايِرُهَا

تَكْلِيفُ كُلٍّ وَنَفْيُ الْحَرْبِ لِلدِّينِ

اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً غَالِبًا) خَرَجَ بِغَالِبًا مَسَائِلُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ مِنْهَا مَا إذَا ادَّعَى وَارِثُ مَيِّتٍ صُدُورَ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ مِنْ مُورِثِهِ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصَى بِهِ أَوْ عَلَى آخِرِ صُدُورِ إقْرَارٍ لَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْهَا النَّفَقَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَفْصِلَ الْمُدَّعِي إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّفْصِيلِ السِّحْرُ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى سَاحِرٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ بِسِحْرِهِ لَمْ يَفْصِلْ فِي الدَّعْوَى بَلْ يَسْأَلُ السَّاحِرَ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى بَيَانِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إطْلَاقُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ اهـ خَطِيبٌ اهـ س ل وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى وَحَلَفَ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ الدِّيَةُ وَمَا مِقْدَارُهَا إنْ لَمْ تُوجِبْ الْقِصَاصَ، وَفِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ الدَّعْوَى يَسْأَلُ السَّاحِرَ وَيَعْمَلُ بِبَيَانِهِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَقَرَّ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ فَمَاذَا يَفْعَلُ وَلَعَلَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى السَّاحِرِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي، ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي نَفْسِهِ وَالسِّحْرُ فِيمَا ذُكِرَ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ عَمْدًا فَالدِّيَةُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي وَلَمْ تَتَحَمَّلْهَا الْعَاقِلَةُ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَتَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَسَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَشَكَّكْنَا فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمْنَا كَوْنَهُ خَطَأً مَثَلًا وَتَعَذَّرَ تَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ لَهُ وَالدِّيَةُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْخَطَأِ فَلِأَنَّهُ أَقَلُّ اهـ ع ش

ص: 103

(كَ) قَوْلِهِ (قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ شَبَّهَهُ أَوْ خَطَأً أَفْرَادًا أَوْ شَرِكَةً) ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَيَذْكُرُ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلُ الدِّيَةَ نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَزِيدُونَ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَطَالَبَ بِحِصَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا طَالَبَهُ بِعُشْرِ الدِّيَةِ وَقَوْلِي أَوْ شِبْهَهُ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ أَطْلَقَ) مَا يَدَّعِيه كَقَوْلِهِ هَذَا قَتَلَ أَبِي (سُنَّ) لِلْقَاضِي (اسْتِفْصَالُهُ) عَمَّا ذَكَرَ لِتَصِحَّ بِتَفْصِيلِهِ دَعْوَاهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الِاسْتِفْصَالِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (وَ) ثَانِيهَا أَنْ تَكُونَ (مُلْزِمَةً) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى هِبَةِ شَيْءٍ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَارٍ بِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُدَّعِي وَقَبَضْته بِإِذْنِ الْوَاهِبِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُقِرَّ التَّسْلِيمُ إلَيَّ (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ يُعَيِّنَ مُدَّعًى عَلَيْهِ) فَلَوْ قَالَ قَتَلَهُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِإِيهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَ) رَابِعُهَا وَخَامِسُهَا (أَنْ يَكُونَ كُلٌّ) مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (غَيْرَ حَرْبِيٍّ) لَا أَمَانَ لَهُ (مُكَلَّفًا) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ كَذِمِّيٍّ وَمُعَاهِدٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ لَكِنْ لَا يَقُولُ السَّفِيهُ فِي دَعْوَاهُ الْمَالَ وَاسْتَحَقَّ تَسَلُّمَهُ بَلْ وَوَلِيٌّ يَسْتَحِقُّ تَسَلُّمَهُ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى حَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ قَتْلِهِ عَمْدًا إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يُحَدَّ الْعَمْدُ أَوْ غَيْرُهُ بِحَدِّهِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ قَتَلْته عَمْدًا مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِذَلِكَ فَكَيْفِي إطْلَاقُهُ اهـ ز ي.

(قَوْلُهُ إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلُ الدِّيَةَ) ، فَإِنْ أَوْجَبَ الْقَوَدَ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ عَدَدِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَالِانْفِرَادِ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى الْمَنْهَجِ ذَكَرَ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَالِانْفِرَادِ حَيْثُ كَانَ الْقَتْلُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ اهـ وَهُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ لَا يُقَالُ مِنْ فَوَائِدِ ذِكْرِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِهَا قَدْ يَكُونُ الشَّرِيكُ مُخْطِئًا فَيَسْقُطُ بِهِ الْقَوَدُ عَنْ الْعَامِدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ صِحَّةُ الدَّعْوَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ يُمَكَّنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَإِثْبَاتِهِ لِيَكُونَ دَافِعًا لِلْقَوَدِ عَنْهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ سُنَّ لِلْقَاضِي اسْتِفْصَالُهُ) فَيَقُولُ الْقَاضِي لَهُ أَقَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدًا مِنْهَا اسْتَفْصَلَهُ عَنْ صِفَتِهِ، فَإِنْ وَصَفَهُ قَالَ لَهُ الْقَاضِي كَانَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ مَعَ غَيْرِهِ قَالَ لَهُ أَتَعْرِفُ عَدَدَ ذَلِكَ الْغَيْرِ، فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قَالَ اُذْكُرْهُ وَحِينَئِذٍ يُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ اهـ ز ي.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر سُنَّ اسْتِفْصَالُهُ وَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِفْصَالَ عَنْ وَصْفٍ أَطْلَقَهُ جَائِزٌ وَعَنْ شَرْطٍ أَغْفَلَهُ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ كَتَبَ وَرَقَةً، وَقَالَ ادَّعَى بِمَا فِيهَا كَفَى فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إذَا قَرَأَهَا الْقَاضِي أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ أَيْ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ قَبْلَ الدَّعْوَى انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ إذَا قَرَأَهَا الْقَاضِي إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْخَصْمَ لَوْ اطَّلَعَا عَلَيْهَا وَعَرَفَا مَا فِيهَا كَفِي وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ فِي إشْهَادِهِ عَلَى رُقْعَةٍ بِخَطِّهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهَا عَلَيْهِمْ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا وَإِنْ عَرَّفُوهُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُحْتَاطُ لَهَا أَكْثَرُ عَلَى أَنْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا لَيْسَ صِفَةُ إقْرَارٍ عَلَى مَا مَرَّ انْتَهَتْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا قِرَاءَةُ الْقَاضِي وَلَا قِرَاءَتُهَا عَلَيْهِ فَعِلْمُهُمَا بِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْقَاضِي وَالسَّمَاعِ مِنْ الْخَصْمِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الِاسْتِفْصَالِ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ عِبَارَةُ أَصْلِهِ تُوهِمُ غَيْرَ الْمُرَادِ عَبَّرَ بِالْأَوْلَى وَإِذَا كَانَتْ سَاكِتَةً عَنْ حُكْمٍ شَمِلَهُ كَلَامُهُ عَبَّرَ بِالْأَعَمِّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى هِبَةٍ) أَيْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ أَمَّا مَا الْغَرَضُ مِنْهُ دَفْعُ النِّزَاعِ لَا التَّحْصِيلُ فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلُزُومِ التَّسْلِيمِ وَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ هُوَ يَمْنَعُنِي دَارِي أَوْ كَلْبِي الَّذِي يُقْتَنَى أَوْ سِرْجِينِي وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهِ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنَازِعُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَصِحَّةُ الدَّعْوَى بِالِاخْتِصَاصِ لِطَلَبِ الرَّدِّ لَا لِلضَّمَانِ اهـ حَجّ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَقَبَضْته بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) أَيْ عَنْ جِهَةِ الْهِبَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُقِرَّ التَّسْلِيمُ إلَيَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَرْجِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْبَيْعُ قَدْ يَنْفَسِخُ، وَالدَّيْنُ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا وَالْمَدِينُ قَدْ يَكُونُ مُفْلِسًا اهـ سم. (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِإِيهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَوْثٌ وَإِلَّا سُمِعَتْ لِلتَّحْلِيفِ اهـ ح ل أَيْ لِتَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ فَذَلِكَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَمْ تُسْمَعْ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ فَرْعُهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ لَوْثٌ، فَإِنْ كَانَ سُمِعَتْ وَحَلَّفَهُمْ وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ مُسْقِطَاتِ اللَّوْثِ مِنْ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ مُكَلَّفًا) قَالَ فِي الْعُبَابِ أَيْ حَالَ الدَّعْوَى وَإِنْ فُقِدَ ذَلِكَ حَالَ الْجِنَايَةِ اهـ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَ غَائِبًا سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَيِّتِ فَيَقُولُ ادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ كَذَا، ثُمَّ قَالَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا هُنَا اهـ.

وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ أَيْ الدَّعْوَى مِنْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزَمٍ عَلَى

مِثْلِهِ قَالَ فِي التَّكْمِلَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ عَلَى مِثْلِهِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ فِي الدَّعَاوَى يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ بِحَقٍّ مَالِيٍّ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ إذْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى وَلِيِّهِ، ثُمَّ قَالَ مَا أَطْلَقُوهُ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِهَا عَلَى الصَّبِيِّ قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فَيَظْهَرُ السَّمَاعُ لِأَجْلِهَا لَكِنْ لَا يُتَوَجَّهُ طَلَبُ التَّسْلِيمِ نَحْوَهُ بَلْ يَقُولُ يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَلَا يُنْسَبُ إلَى وَلِيِّهِ أَيْ كَمَا يَدَّعِيهِ السَّفِيهُ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرًا مُوَاجَهًا بِالْخِطَابِ لِقَصْدِ الْجَوَابِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ حَاضِرٍ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ

ص: 104

وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَا دَعْوَى عَلَيْهِمْ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ حَرْبِيٍّ لِشُمُولِهِ الْمُعَاهِدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُلْتَزِمٍ لِإِخْرَاجِهِ لَهُمَا (وَ) سَادِسُهَا (أَنْ لَا تُنَاقِضَهَا) دَعْوَى (أُخْرَى فَلَوْ ادَّعَى) عَلَى وَاحِدٍ (انْفِرَادَهُ بِقَتْلٍ، ثُمَّ) ادَّعَى (عَلَى آخَرَ) شَرِكَةً أَوْ انْفِرَادًا (لَمْ تُسْمَعْ) الدَّعْوَى (الثَّانِيَةُ) ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تُكَذِّبُهَا نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ فَهُوَ مُؤَاخَذَةٌ بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا (أَوْ) ادَّعَى (عَمْدًا) مَثَلًا (وَفَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ عُمِلَ بِتَفْسِيرِهِ) فَتُلْغَى دَعْوَى الْعَمْدِ لَا دَعْوَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا فَيَعْتَمِدُ تَفْسِيرُهُ مُسْتَنَدًا إلَى دَعْوَاهُ الْقَتْلَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى لِإِيهَامِهِ بُطْلَانَ التَّفْسِيرِ.

(وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي قَتْلٍ وَلَوْ لِرَقِيقٍ) لَا فِي غَيْرِهِ كَقَطْعِ طَرَفٍ وَإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ رَقِيقٍ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ الْقَتْلُ فَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ مَعَ اللَّوْثِ وَعَدَمِهِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْقَتْلِ (بِمَحَلِّ لَوْثٍ) بِمُثَلَّثَةٍ (وَهُوَ) أَيْ اللَّوْثُ (قَرِينَةٌ تُصَدِّقُ الْمُدَّعِي) أَيْ تُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صِدْقَهُ (كَأَنْ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (وُجِدَ قَتِيلٌ.

ــ

[حاشية الجمل]

كَذَا، وَكَذَا أَوْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِسَبَبِ كَذَا، وَكَذَا قَالَ فَهِيَ بِهَذَا التَّعْيِينِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَيِّتِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُخَاطَبَةُ أَحَدٍ حَتَّى يُجِيبَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَلِيٌّ حَاضِرٌ، وَتَكُونُ كَالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ مُلْحَقَةٌ بِهَذِهِ وَهِيَ الَّتِي يَحْتَاجُ الْمُدَّعِي فِي الْحُكْمِ لَهُ بِالْحَقِّ إلَى الْيَمِينِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ هَذِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا اهـ لَفْظُ التَّكْمِلَةِ، وَفِي الْأَنْوَارِ فَلَا يَدَّعِي عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَعَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ بَيِّنَةٌ صَحَّ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْوَلِيِّ وَارْتَضَاهُ أَيْضًا اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) أَيْ بَلْ يَدَّعِي لَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ يُوقَفُ إلَى كَمَالِهِمَا اهـ أَنْوَارٌ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَلَا دَعْوَى عَلَيْهِمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا سُمِعَتْ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَلَا دَعْوَى عَلَيْهِمْ أَيْ إلَّا إنْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا سُمِعَتْ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ وَلِيِّهِمَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ الْمُعَاهَدَ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِاشْتِرَاطِ الِالْتِزَامِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا وَبِهَذَا لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ، وَكَذَا عَلَى الْحَرْبِيِّ بِإِتْلَافٍ فِي حَالِ الْتِزَامِهِ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِإِخْرَاجِهِ لَهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مُلْتَزِمَيْنِ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ اهـ ح ل وَأَجَابَ عَنْهُ م ر بِأَنَّ الْمُرَادَ مُلْتَزَمُ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ فَيَدْخُلُ هَذَانِ فَتَأَمَّلْ بَقِيَ أَنَّ إخْرَاجَ الْحَرْبِيِّ عَلَى الْعِبَارَتَيْنِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَالدَّعْوَى بِدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ اهـ م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ) نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الثَّانِي وَكَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْأُولَى سُمِعَتْ الثَّانِيَةُ لِلْإِقْرَارِ وَبَطَلَتْ الْأُولَى اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى) رَاجِعْ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى أَيْ لَا مَعَ تَصْدِيقِ الثَّانِي وَلَا مَعَ تَكْذِيبِهِ انْتَهَتْ وَمَحَلُّ عَدَمِ تَمْكِينِهِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ مُكِّنَ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ اهـ س ل. (قَوْلُهُ أَوْ عَمْدًا وَفَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ) يُرِيدُ أَنَّ التَّكْذِيبَ تَارَةً يَكُونُ فِي أَصْلِ الدَّعْوَى كَمَا سَلَفَ وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْوَصْفِ كَمَا هُنَا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَقِيهَ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ يَبْطُلُ ذَلِكَ مِنْهُ لِلتَّنَاقُضِ لَكِنْ عَلَّلُوهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ قَدْ يُكَذَّبُ فِي الْوَصْفِ وَيُصَدَّقُ فِي الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ اهـ حَجّ اهـ س ل. (قَوْلُهُ مُسْتَنِدًا إلَى دَعْوَاهُ الْقَتْلَ) وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَجْدِيدِ الدَّعْوَى لَكِنْ جَزَمَ بِتَجْدِيدِهَا ابْنُ دَاوُد فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ اهـ زِيَادِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي قَتْلٍ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى شَرَعَ فِي الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا وَهِيَ الْقَسَامَةُ مُتَعَرِّضًا لِمَحَلِّهَا فَقَالَ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ إلَخْ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ فِي قَتْلٍ) أَيْ، وَلَوْ لِجَنِينٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ) لَكِنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا فِي قَطْعِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الطَّلَبَةِ يَتَوَهَّمُ أَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ بِمَحَلِّ لَوْثٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ اللَّوْثِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ لِفَوْتِهِ بِتَحْوِيلِ الْيَمِينِ لِجَانِبِ الْمُدَّعِي أَوْ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ هُنَا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّ اللَّوْثَ قَدْ لَا يَرْتَبِطُ بِالْمَحَلِّ كَالشَّهَادَةِ الْآتِيَةِ فَالتَّعْبِيرُ بِهِ إمَّا لِلْغَالِبِ أَوْ مَجَازٌ عَمَّا مَحِلُّهُ اللَّوْثُ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا تِلْكَ الْقَرَائِنُ الْمُؤَكَّدَةُ وَمِنْ اللَّوْثِ الْإِشَاعَةُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَقَوْلُهُ أَمْرَضْته بِسِحْرِي وَاسْتَمَرَّ تَأَلُّمُهُ حَتَّى مَاتَ وَرُؤْيَةُ مَنْ يُحَرِّكُ يَدَهُ عِنْدَهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ مِنْ سِلَاحِهِ أَوْ نَحْوِ ثَوْبِهِ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَحْوُ سَبُعٍ أَوْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ تَرْشِيشُ دَمٍ أَوْ أَثَرُ قَدَمٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ ذِي السِّلَاحِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ آخَرُ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْثٌ فِي حَقِّهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُلَطَّخُ بِالدَّمِ عَدُوَّهُ خَاصَّةً فَفِي حَقِّهِ فَقَطْ اهـ شَرْحُ م ر وَلَيْسَ مِنْ اللَّوْثِ مَا لَوْ وُجِدَ مَعَهُ ثِيَابُ الْقَتِيلِ، وَلَوْ كَانَتْ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَرِينَةٌ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الضَّعْفُ، وَقِيلَ الْقُوَّةُ أَوْ هُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ اللَّوْثُ بِالْفَتْحِ الْبَيِّنَةُ الضَّعِيفَةُ غَيْرُ الْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْعَقْلِ أَلْوَثُ، وَفِيهِ لَوْثَةٌ بِالْفَتْحِ أَيْ حَمَاقَةٌ وَاللُّوثَةُ بِالضَّمِّ الِاسْتِرْخَاءُ وَالْحَبْسَةُ فِي اللِّسَانِ وَلَوَّثَ ثَوْبَهُ بِالطِّينِ لَطَّخَهُ وَتَلَوَّثَ

ص: 105

أَوْ بَعْضُهُ)

وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (فِي مَحَلَّةٍ) مُنْفَصِلَةٍ عَنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ (أَوْ) فِي (قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ) فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ غَيْرِ أَصْدِقَاءِ الْقَتِيلِ وَأَهْلِهِ (أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ) جَمْعٌ (مَحْصُورُونَ) يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ نَعَمْ إنْ ادَّعَى عَلَى عَدَدٍ مِنْهُمْ مَحْصُورِينَ مُكِّنَ مِنْ الدَّعْوَى وَالْقَسَامَةِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْصُورِينَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَمْعِ (أَوْ أَخْبَرَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ (بِقَتْلِهِ) ، وَلَوْ قَبْلَ الدَّعْوَى (عَدْلٌ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ امْرَأَتَانِ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ فَسَقَةٌ أَوْ كُفَّارٌ) وَإِنْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ وَلِأَنَّ اتِّفَاقَ كُلٍّ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَخِيرَةِ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ يَكُونُ غَالِبًا عَنْ حَقِيقَةٍ وَاحْتِمَالٌ التَّوَاطُؤِ فِيهَا كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إخْبَارِ الْعَدْلِ وَتَعْبِيرِي بِعَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِعَبِيدٍ وَنِسَاءٍ.

(وَلَوْ تَقَاتَلَ) بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ قَبْلَ اللَّامِ (صَفَّانِ) بِأَنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بِأَنْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (وَانْكَشَفَ عَنْ قَتِيلٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (فَلَوْثٌ فِي حَقِّ) الصَّفِّ (الْآخِرِ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ صَفَّهُ لَا يَقْتُلُهُ.

(وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ) فِي قَتِيلٍ (فَقَالَ أَحَدُ ابْنَيْهِ) مَثَلًا (قَتَلَهُ زَيْدٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، وَلَوْ فَاسِقًا) وَلَمْ يَثْبُتْ اللَّوْثُ بِعَدْلٍ (بَطَلَ) أَيْ اللَّوْثُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ لِانْخِرَامِ ظَنِّ الْقَتْلِ بِالتَّكْذِيبِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْ قَاتِلِ مُوَرِّثِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ بِأَنْ صَدَّقَ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ كَذَّبَهُ وَثَبَتَ اللَّوْثُ بِعَدْلٍ (أَوْ) قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ (وَمَجْهُولٌ وَ) قَالَ (الْآخَرُ) قَتَلَهُ (عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ) إذْ لَا تَكَاذُبَ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي أَبْهَمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ عَيَّنَهُ الْآخَرُ (وَلَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (رُبْعُ دِيَةٍ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُهَا وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ.

(وَلَوْ أَنْكَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اللَّوْثَ) فِي حَقِّهِ كَأَنْ قَالَ

ــ

[حاشية الجمل]

الثَّوْبُ بِذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ قَرِينَةٌ) أَيْ حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ اهـ ح ل وَيُشْتَرَطُ ثُبُوتُ هَذِهِ الْقَرِينَةِ وَيَكْفِي فِيهَا عِلْمُ الْقَاضِي اهـ حَجّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اللَّوْثِ وَالْقَسَامَةِ ظُهُورُ دَمٍ وَلَا جُرْحٍ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَحْصُلُ بِالْخَنْقِ وَعَصْرِ الْبَيْضَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِذَا ظَهَرَ أَثَرُهُ قَامَ مَقَامَ الدَّمِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ أَثَرٌ أَصْلًا فَلَا قَسَامَةَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَثَرِ قَتْلٍ وَإِنْ قَلَّ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الصُّوَرِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ) ، وَلَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ فِي مَحَلَّةٍ وَبَعْضُهُ فِي أُخْرَى فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ وَيَقْسِمَ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ أَوْ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ) خَرَجَ بِالصَّغِيرَةِ لِكَبِيرَةٍ فَلَا لَوْثَ إنْ وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ أَهْلُهُ غَيْرُ مَحْصُورِينَ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ حَصْرِهِمْ لَا تَتَحَقَّقُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمْ فَتَنْتَفِي الْقَرِينَةُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ غَيْرُهُمْ) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ س ل. (قَوْلُهُ أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ اثْنَانِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ مَحْصُورُونَ الْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ يَسْهُلُ عَدُّهُمْ وَالْإِحَاطَةُ بِهِمْ إذَا وَقَفُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ وَبِغَيْرِ الْمَحْصُورِينَ مَنْ يَعْسُرُ عَدُّهُمْ كَذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِقَتْلِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وُجِدَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَرِينَةِ تَأَمَّلْ. وَأَمَّا قَوْلُ الْمَقْتُولِ فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَا عِبْرَةَ بِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ قَالَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكْذِبُ فِيهَا

وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ بِسَبَبِ الْعَدَاوَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الْقَاضِي وَيَرِدُ عَلَيْنَا مِثْلُ هَذَا فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ اهـ (أَقُولُ) قَدْ يُفَرَّقُ بِخَطَرِ الدِّمَاءِ فَضَيَّقَ فِيهَا وَأَيْضًا فَهُوَ هُنَا مُدَّعٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ رَآهُ الْوَارِثُ فِي مَنَامِهِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ مُورِثَهُ، وَلَوْ بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْحَلِفِ اعْتِمَادًا عَلَى مُجَرَّدِ الرُّؤْيَا وَمَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِهِ لَهُ قِصَاصًا لَوْ ظَفِرَ بِهِ خُفْيَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَتْلُهُ لَهُ بَلْ وَلَا ظَنُّهُ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ رُؤْيَةِ الْمَعْصُومِ فِي الْمَنَامِ فَالرَّائِي لَا يَضْبِطُ مَا رَآهُ فِي مَنَامِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَا تُقَالُ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى بِلَفْظِ أَشْهَدُ بِقَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ غَيْرِهِ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ أَوْ عَبْدَانِ) وَالْعَبْدُ الْوَاحِدُ كَذَلِكَ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ كَمَا فِي الْحَاوِي، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ ز ي رحمه الله اهـ ع ش. (قَوْلُهُ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ فَسَقَةٌ أَوْ كُفَّارٌ) وَهَلْ التَّعْبِيرُ بِالْجَمْعِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِإِخْبَارِهِمَا، وَفِي الْعُبَابِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ، وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الِاكْتِفَاءُ بِهِمَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْته اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَوْ فِي الْمَتْنِ مَانِعَةٌ خُلُوَّ تَجَوُّزِ الْجَمْعِ أَيْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافُ وَأَخْبَرُوا جَمِيعًا فَإِخْبَارهمْ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَلَا يُفِيدُ الْيَقِينَ حَتَّى يُوجِبَ الْقَوَدَ، وَغَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ وَرَدَّ بِأَنَّ احْتِمَالَهُ كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي أَخْبَارِ الْعَدْلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اتِّفَاقَ الْكُلِّ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ فِي الشَّرْعِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ فَلَوْثٌ فِي حَقِّ الصَّفِّ الْآخَرِ) أَيْ إنْ ضَمِنُوا وَإِلَّا كَأَهْلِ عَدْلٍ مَعَ بُغَاةٍ فَلَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ فِي قَتِيلٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي دَوَافِعِ اللَّوْثِ مِنْهَا تَكَاذُبُ الْوَرَثَةِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ إلَخْ وَمِنْهَا إنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ إلَخْ اهـ ز ي.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَوَانِعِ اللَّوْثِ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ أَسْبَابَهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاسِقًا) أَخَذَهُ غَايَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اللَّوْثَ حَلَفَ) أَيْ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَيَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ ز ي كَذَا بِهَامِشٍ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ عَلَى قَتْلٍ وَلَا جِرَاحَةٍ بَلْ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ مَثَلًا وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ سُقُوطُ الدَّمِ وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ ز ي أَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا فَلْيُرَاجَعْ

ص: 106

كُنْت عِنْدَ الْقَتْلِ غَائِبًا عَنْهُ أَوْ لَسْت أَنَا الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُتَلَطِّخُ عَلَى رَأْسِهِ (حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ.

(وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِقَتْلٍ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ وَغَيْرِهِ كَأَنْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِهِ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ (فَلَا قَسَامَةَ) لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ مُطَالَبَةَ الْقَاتِلِ وَلَا الْعَاقِلَةِ.

(وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ (حَلِفُ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا) بِقَتْلِ رَقِيقِهِ فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ نُكُولِهِ حَلَفَ السَّيِّدُ (أَوْ مُرْتَدًّا) ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِحَلِفِهِ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ كَالِاحْتِطَابِ (وَتَأْخِيرُهُ لِيُسْلِمَ أَوْلَى) لِأَنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَمَنْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ مَثَلًا بِقِيمَةِ عَبْدِهِ إنْ قُتِلَ ثُمَّ مَاتَ حَلَفَ الْوَارِثُ بَعْدَ دَعْوَاهَا وَبِهَذَا وَبِمَا مَرَّ مِنْ حَلِفِ السَّيِّدِ بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ عُلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُدَّعٍ (خَمْسِينَ يَمِينًا، وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً) بِجُنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

وَلْيُحَرَّرْ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْعُبَابِ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ عَلَى رَأْسِهِ) أَيْ رَأْسِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِرُئِيَ أَيْ رُئِيَ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِقَتْلٍ مُطْلَقًا إلَخْ) هَذَا أَيْضًا مِنْ الدَّوَافِعِ لِلْقَسَامَةِ لِعَدَمِ اللَّوْثِ الشَّرْعِيِّ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَصُورَتُهَا أَنْ يُفَصِّلَ الدَّعْوَى وَيُظْهِرَ اللَّوْثَ بِأَصْلِ الْقَتْلِ دُونَ صِفَتِهِ أَوْ لَا يُفَصِّلَ وَيُحْتَمَلُ جَهَالَةُ الدَّعْوَى إذَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَشْكَلَ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ) فَانْدَفَعَ مَا قَبْلَ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ إلَّا مُفَصَّلَةً فَكَيْفَ يَقُولُ تُقْبَلُ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ أَيْ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلِيُّ وَيُفَصِّلَ، ثُمَّ تَظْهَرُ الْإِمَارَةُ بِأَصْلِ الْقَتْلِ دُونَ صِفَتِهِ بِأَنْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ عَدْلٌ اهـ حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ حَلِفُ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ) أَيْ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُسَمَّى قَسَامَةً اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَهِيَ أَيْ الْقَسَامَةُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي غَالِبًا عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ، وَلَوْ لِنَحْوِ امْرَأَةٍ وَكَافِرٍ وَجَنِينٍ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ عَدَمَ الْقَسَامَةِ فِي قَدِّ الْمَلْفُوفِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ فَمَنْ أَوْرَدَهُ فَقَدْ سَهَا وَإِنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَيَذْكُرُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَإِلَى مَا يَجِبُ بَيَانُهُ فِي الدَّعْوَى كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَوَجُّهِ الْحَلِفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَحَلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا أَمَّا الْإِجْمَالُ فَيَجِبُ فِي كُلِّ يَمِينٍ اتِّفَاقًا فَلَا يَكْفِي تَكْرَارُ وَاَللَّهِ خَمْسِينَ مَرَّةً بَلْ يَقُولُ لَقَدْ قَتَلَهُ. أَمَّا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ لِنُكُولِ الْمُدَّعِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي لِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ الْقَتْلِ فَلَا يُسَمَّى قَسَامَةً وَمَرَّ فِي اللِّعَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْلِيظِ الْيَمِينِ وَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى بَقِيَّتُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ حَلَفَ مُسْتَحِقُّ بَدَلِ الدَّمِ) أَيْ غَالِبًا وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ حَالَةَ الْوُجُوبِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ وَبِهَذَا وَبِمَا مَرَّ مِنْ حَلِفِ السَّيِّدِ إلَخْ عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ غَالِبًا، وَلَوْ كَافِرًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ وَسَيِّدًا فِي قَتْلِ قِنِّهِ بِخِلَافِ مَجْرُوحٍ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَا يَقْسِمُ قَرِيبُهُ؛ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِقِيمَةِ رَقِيقِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ أَوْ يَنْكُلَ أَقْسَمَ وَرَثَتُهُ بَعْدَ دَعْوَاهَا أَوْ دَعْوَاهُمْ إنْ شَاءُوا إذْ هُمْ خَلِيفَتُهُ وَالْقِيمَةُ لَهَا عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ فَإِنْ نَكَلُوا سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لِتَحْلِيفِ الْخَصْمِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ وَيَقْسِمَ مُسْتَحِقُّ الْبَدَلِ، وَلَوْ هُوَ مُكَاتَبٌ لِقَتْلِ عَبْدِهِ إذْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ، فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ نُكُولِهِ أَقْسَمَ السَّيِّدُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا كَالْوَارِثِ

وَهَذَا وَمَسْأَلَةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَذْكُورَةِ مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا غَالِبًا إذْ الْحَالِفُ فِيهِمَا غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ حَالَةَ الْوُجُوبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِثَالٌ وَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِآخَرَ بِذَلِكَ أَقْسَمَ الْوَارِثُ أَيْضًا وَأَخَذَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَلْ لَوْ أَوْصَى لِآخَرَ بِعَيْنٍ فَادَّعَاهَا آخَرُ حَلَفَ الْوَارِثُ كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى أَرْجَحِ احْتِمَالَيْنِ، وَإِنْ فَرَّقَ الثَّانِيَ بِأَنَّ الْقَسَامَةَ تَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ الْوَارِثِ، فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُوصَى لَهُ حَلَفَ جَزْمًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ مُرْتَدًّا) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ اهـ ز ي وَإِذَا حَلَفَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ اهـ شَرْحُ م ر وَمَعَ ذَلِكَ يَقْبِضُهَا الْحَاكِمُ لَا هُوَ لِفَسَادِ قَبْضِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَوَاخِرَ الرِّدَّةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُوصِي أَيْ وَقُتِلَ الْعَبْدُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ حَلَفَ الْوَارِثُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ إنَّمَا تَتَلَقَّاهُ عَنْهُ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ بَعْدَ دَعْوَاهَا أَيْ أَوْ دَعْوَى الْوَارِثِ إنْ أَرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عِبَارَةِ م ر. (قَوْلُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا) وَلَعَلَّ حِكْمَةَ الْخَمْسِينَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقَوَّمُ بِأَلْفِ دِينَارٍ غَالِبًا، وَلِذَا أَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ وَالْقَصْدُ مِنْ تَعَدُّدِ الْأَيْمَانِ التَّغْلِيظُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا فَاقْتَضَى الِاحْتِيَاطَ لِلنَّفْسِ أَنْ يُقَابِلَ كُلَّ عِشْرِينَ بِيَمِينٍ مُنْفَرِدَةٍ عَمَّا يَقْتَضِيهِ التَّغْلِيظُ اهـ شَرْحُ م ر، وَفِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ دِيَةَ الْكَافِرِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحِكْمَةُ بِالنِّسْبَةِ لِدِيَةِ الْكَامِلِ وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً) أَيْ بِخِلَافِ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَاخْتِلَالِ النَّسَبِ وَشُيُوعِ الْفَاحِشَةِ وَهَتْكِ الْعِرْضِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ) لَفْظُهُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ «انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ

ص: 107

الْمُخَصَّصِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَجَوَّزَ تَفْرِيقَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا (وَلَوْ مَاتَ) قَبْلَ تَمَامِهَا (وَلَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ) إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ؛ لِأَنَّ كُلًّا شَهَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

(وَتُوَزَّعَ) الْخَمْسُونَ (عَلَى وَرَثَتِهِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (بِحَسَبِ الْإِرْثِ) غَالِبًا قِيَاسًا لَهَا عَلَى مَا يَثْبُتُ بِهَا (وَيُجْبَرُ كَسْرٌ) إنْ لَمْ تَنْقَسِمْ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ (وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَارِثِينَ (أَوْ غَابَ حَلَفَهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ (الْآخَرُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ) لِأَنَّ الْخَمْسِينَ هِيَ الْحُجَّةُ (وَلَهُ) فِي الثَّانِيَةِ (صَبْرٌ لِلْغَائِبِ) حَتَّى يَحْضُرَ فَيَحْلِفُ مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ حَلِفِهِ خَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَوْ قَالَ الْحَاضِرُ لَا أَحْلِفُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الْقَسَامَةِ، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ مَعَهُ حِصَّتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ حَلَفَ خَمْسِينَ فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ سِهَامَهُمَا خَمْسَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ مِنْهَا وَاحِدٌ (وَيَمِينُ مُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ وَ) يَمِينٌ (مَرْدُودَةٌ) مِنْ مُدَّعٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَمُحَيِّصَةَ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ لَهُ كَبِّرْ كَبِّرْ وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، ثُمَّ سَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ قَالَ فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ بِخَمْسِينَ يَمِينًا قَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَعَقَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ» وَقَوْلُهُ فَتُبْرِيكُمْ أَيْ مِنْ دَعْوَاكُمْ وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَيْسَ فِي جِهَتِهِمْ حَتَّى تُبْرِئَهُمْ الْيَهُودُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ دَرْءًا لِلْفِتْنَةِ. وَقَوْلُهُ كَيْفَ نَأْخُذُ إلَخْ اسْتِنْطَاقٌ لِبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي قَبُولِ أَيْمَانِهِمْ مَعَ كُفْرِهِمْ الْمُؤَيِّدِ لِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا صلى الله عليه وسلم لَهُمْ اتِّكَالًا عَلَى وُضُوحِ الْأَمْرِ فِيهَا أَيْ الْحِكْمَةِ اهـ حَجّ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ اهـ ع ش عَلَى م ر

وَفِي الْبُخَارِيِّ مَعَ شَرْحِهِ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ مَا نَصُّهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، وَحَثْمَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، قَالَ «انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الْحَارِثِيُّ وَمُحَيِّصَةَ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ إلَى خَيْبَرَ فِي أَصْحَابٍ لَهُمَا يَمْتَارُونَ تَمْرًا وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا أَيْ ابْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَوَجَدَهُ فِي عَيْنٍ قَدْ كُسِرَتْ عُنُقُهُ وَطُرِحَ فِيهَا وَهُوَ يَتَشَحَّطُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَضْطَرِبُ فِي دَمٍ حَالَةَ كَوْنِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرُوهُ بِذَلِكَ وَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ عليه السلام لَهُ كَبِّرْ كَبِّرْ بِالْجَزْمِ عَلَى الْأَمْرِ وَكَرَّرَهُ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ قَدِّمْ الْأَسَنَّ يَتَكَلَّمُ وَهُوَ أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا أَيْ مُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ بِقَضِيَّةِ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عليه السلام أَتَحْلِفُونَ» أَطْلَقَ الْخِطَابَ لِلثَّلَاثَةِ بِعَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِمْ وَمُرَادُهُ مَنْ يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ أَخُوهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ أَنَّ الْيَمِينَ تَخْتَصُّ بِالْوَارِثِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْأَكْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ بِكَلَامِهِ حَقِيقَةَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِابْنَيْ الْعَمِّ فِيهَا بَلْ الْمُرَادُ سَمَاعُ صُورَةِ الْوَاقِعَةِ وَكَيْفِيَّتِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَّلَ الْأَكْبَرَ أَوْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ بِتَوْكِيلِهِ فِيهَا وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ وَلِأَبِي ذَرٍّ دَمُ قَاتِلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ بِالنَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ

قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى يَثْبُتُ حَقُّكُمْ عَلَى مَنْ حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ الْحَقُّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً «قَالُوا وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ مَنْ قَتَلَهُ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ عليه السلام فَتُبْرِئُكُمْ أَيْ تَبْرَأُ إلَيْكُمْ يَهُودُ مِنْ دَعْوَاكُمْ خَمْسِينَ أَيْ يَمِينًا فَقَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ «بَدَأَ عليه السلام بِالْمُدَّعِينَ فِي الْيَمِينِ فَلَمَّا نَكَلُوا رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَرْضَوْا بِأَيْمَانِهِمْ فَعَقَلَهُ أَيْ أَدَّى دِيَتَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ» ؛ لِأَنَّهُ عَاقِلَةُ الْمُسْلِمِينَ وَوَلِيُّ أَمْرِهِمْ، وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْقَسَامَةِ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الدَّعَاوَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا وَاللَّوْثُ هُنَا هُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالْيَهُودِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ الْمُخَصَّصِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ إلَخْ) أَيْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ الْيَمِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ ابْتِدَاءً وَمَا اكْتَفَى بِهَا فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعِي اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ قَبْلَ تَمَامِهَا) خَرَجَ مَا إذَا تَمَّتْ أَيْمَانُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَسْتَأْنِفُ وَارِثُهُ بَلْ يَحْكُمُ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً، ثُمَّ مَاتَ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ) يَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ مَسْأَلَةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ فِيهَا تَسْتَحِقُّ الدِّيَةَ إذَا حَلَفَ الْوَارِثُ.

(قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ غَالِبًا) وَإِلَّا فَقَدْ تَوَزَّعَ لَا بِحَسَبِ الْإِرْثِ كَمَا يَأْتِي فِي الْبِنْتِ وَالزَّوْجَةِ وَيُفْرَضُ الْخُنْثَى بِالنِّسْبَةِ لِحَلِفِهِ ذَكَرًا أَوْ فِي حَلِفِ غَيْرِهِ أُنْثَى وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْذِ أُنْثَى أَيْضًا، فَإِذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَأَخَذَ الثُّلُثَ وَحَلَفَ الِابْنُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثَا الْخَمْسِينَ مَعَ جَبْرِ الْكَسْرِ وَأَخْذِ النِّصْفِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي وَهُوَ السُّدُسُ إلَى الصُّلْحِ أَوْ الْبَيَانِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَثْبُتُ بِهَا) وَهِيَ الدِّيَةُ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ غَالِبًا فِيمَا تَقَدَّمَ وَمَحَلُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا انْتَظَمَ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ فَتَوَزَّعَ بِحَسَبِ الْإِرْثِ فَرْضًا وَرَدًّا

ص: 108

أَوْ مُدَّعَى عَلَيْهِ (وَ) يَمِينٌ (مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ حَتَّى لَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْمُدَّعِي بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ كَمَا يَنْفِيه الْمُنْفَرِدُ وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِينَ لَا يَثْبُتُ لِنَفْسِهِ مَا يَثْبُتُهُ الْمُنْفَرِدُ.

(وَالْوَاجِبُ بِالْقَسَامَةِ دِيَةٌ) عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي قَتْلِ عَمْدٍ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَثْبُتُ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ هُنَا بِيَمِينِ مَنْ مَعَهُ بَلْ يَنْصِبُ مُدَّعِيًا وَيَفْعَلُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالرَّدِّ وَعَدَمِ تَوْرِيثِ بَيْتِ الْمَالِ حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ سَبْعًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ عَوْلٌ اُعْتُبِرَ فَفِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَكُلٌّ مِنْ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ عَشَرَةً وَلِأُمٍّ خَمْسَةً وَالْأُمُّ خَمْسَةً انْتَهَتْ، وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ إلَخْ هَذَا إذَا انْتَظَمَ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهِ فَتَرِثُ الزَّوْجَةُ وَالْبِنْتُ خَمْسَةَ أَثْمَانِ الدِّيَةِ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ لِبَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُمْكِنُ تَحْلِيفُهُمْ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَالْوَارِثُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ الْأَثْمَانِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ مَنْ حَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ وَالْبِنْتُ لَهَا وَعَدَمِ حَلِفِهِ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ فَيُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى الْبِنْتِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهَا وَتُقْسَمُ الْأَيْمَانُ عَلَى حِصَّةِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَحِصَّةُ الْبِنْتِ وَهُوَ الْبَاقِي فَيَخُصُّ الزَّوْجَةُ سَبْعَةَ أَيْمَانٍ بِجَبْرِ الْمُنْكَسِرِ إذْ ثَمَنُ الْخَمْسِينَ سِتَّةُ أَيْمَانٍ وَرُبْعُ الْبِنْتِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ كَذَلِكَ إذْ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَمِينًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ يَمِينٍ وَهِيَ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْخَمْسِينَ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ رحمه الله فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَلَوْ خَلَّفَ زَوْجَةً وَبِنْتًا حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْبِنْتِ كَنَصِيبِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ الثَّمَنُ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ لَعَلَّ هَذَا إذَا انْتَظَمَ بَيْتُ الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَبِنْتًا حَلَفَتْ الْبِنْتُ الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ أَيْ الزَّوْجُ الثُّلُثُ بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا كَنَصِيبِهِ مَرَّتَيْنِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَاحِدٌ وَالْبِنْتُ النِّصْفُ اثْنَانِ، ثُمَّ لَعَلَّ هَذَا إذَا انْتَظَمَ بَيْتُ الْمَالِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ الرُّبْعَ وَالْبِنْتُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ فِي التَّصْحِيحِ، وَلَوْ شَارَكَ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثًا خَاصًّا حَلَفَ كُلٌّ الْخَمْسِينَ وَلَا يَثْبُتُ الْبَاقِي بِيَمِينِهِ بَلْ حُكْمُهُ كَمَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ كَذَا قَالَاهُ، وَقَالَا فِيمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبَ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُحَلِّفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَفِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ خِلَافٌ يَأْتِي وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لَكِنْ صُحِّحَا فِي الدَّعَاوَى فِيمَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَادَّعَى الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ بَلْ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ هُنَاكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ) أَيْ لِكَوْنِ بَيْتِ الْمَالِ وَرِثَ مَعَهُ مَا زَادَ عَلَى فَرْضِهِ وَقَوْلُهُ حَلَفَ خَمْسِينَ أَيْ وَأَخَذَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدِّيَةِ لَا الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَائِزٍ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَالْبَاقِي مِنْهَا يَأْخُذُهُ بَيْتُ الْمَالِ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَنْصِبَ مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيَقْرَأَ وَيَنْكُلَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الْمُدَّعِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْقَسَامَةِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي مَرَّةً ثَانِيَةً، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مَعْنَى ذَلِكَ وَأَنَّ السَّبَبَ الْمُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي مِنْ الْحَلِفِ أَوَّلًا اللَّوْثُ وَالسَّبَبُ الْمُمْكِنُ هُنَا النُّكُولُ فَصَارَ تَعْدَادُ السَّبَبِ كَتَعْدَادِ الْخُصُومَةِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ، وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي مَرَّةً أُخْرَى بِأَنْ امْتَنَعَ الْمُدَّعِي فِي اللَّوْثِ مِنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ لَا تُرَدُّ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْقَسَامَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَمَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يَنْفَصِلُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَغَيْرِهِ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ لَوْثٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ كَأَنْ أَتَى بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى كَانَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَتَى بِغَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ أَوْ قَبْلَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى كَانَ مِنْ بَابِ اللَّوْثِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ وَلَا تُوَزَّعُ إلَخْ) ، وَلَوْ رَدَّ أَحَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ حَلَفَ الْمُدَّعِي خَمْسِينَ وَاسْتَحَقَّ مَا يَخُصُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ إذَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ بِالْقَسَامَةِ دِيَةٌ) وَلَا تُسَمَّى قَسَامَةً إلَّا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ رَدٍّ أَيْ بِالنُّكُولِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ بِسَبَبِ نُكُولِهِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ اهـ شَيْخُنَا، وَلِذَلِكَ كَتَبَ

ص: 109