الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَعَمْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سَفَهٍ يَقُومُ وَلِيُّهُ، وَلَوْ وَصِيًّا وَقَيِّمًا مَقَامَهُ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَحُدُّهُ (فَالْإِمَامُ) أَوْلَى لِمَا مَرَّ (وَلِسَيِّدِهِ تَعْزِيرُهُ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِحَقِّ غَيْرِهِ كَمَا يُؤَدِّبُهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ (وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ بِعُقُوبَتِهِ) أَيْ بِمُوجِبِهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ كَانَ أَهْلًا) لِسَمَاعِهَا بِأَنْ كَانَ رَجُلًا عَدْلًا عَالِمًا بِصِفَاتِ الشُّهُودِ وَأَحْكَامِ الْعُقُوبَةِ.
(كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)
تَقَدَّمَ بَيَانُ الْقَذْفِ فِي بَابِهِ (شَرْطٌ لَهُ) أَيْ لِحَدِّهِ (فِي الْقَاذِفِ مَا) مَرَّ (فِي الزَّانِي) مِنْ كَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَاخْتِيَارٌ وَعَدَمُ إذْنٍ) مِنْ الْمَقْذُوفِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) عَدَمُ (أَصَالَةٍ) فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ جَاهِلٌ بِالتَّحْرِيمِ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ مُكْرَهٌ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ أَصْلَ لَهُ كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْ حَيْثُ عُلِمَ قَدْرُ الْحَدِّ وَكَيْفِيَّتُهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ نَعَمْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سَفَهٍ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ نَعْتُ لِمَحْذُوفٍ أَيْ السَّيِّدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَفِي جَوَازِ إقَامَةِ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ وَقَيِّمٍ الْحَدَّ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَازَعَا فَالْإِمَامُ) وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ قِنِّهِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يُقِمْهُ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُجْبِرَ لَا يُزَوِّجُ حِينَئِذٍ مَعَ عِظَمِ شَفَقَتِهِ فَالسَّيِّدُ أَوْلَى وَاسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ لَهُ حَدَّهُ إذَا قَذَفَهُ قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْقَذْفِ قَدْ لَا يُوَلِّدُ عَدَاوَةً ظَاهِرَةً اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَوْلَى لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عُمُومِ الْوِلَايَةِ. (قَوْلُهُ وَلِسَيِّدِهِ تَعْزِيرُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِقَامَةُ حَدِّ الْقَذْفِ وَسَائِرِ الْحُدُودِ حَتَّى الْقَطْعُ وَقَتْلُ الرِّدَّةِ، وَفِي الْقِصَاصِ وَجْهَانِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ الْجَوَازِ اهـ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَسَمَاعُ بَيِّنَةٍ بِعُقُوبَتِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُقِيمُ الْعُقُوبَةَ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهَا، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا سَمَاعُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَحْدِ الْقَذْفِ وَقَطْعِ السَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِسَمَاعِهَا) ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِصْلَاحِ فَلِلْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ سَمَاعُ مَا ذُكِرَ حَيْثُ عُلِمَ صِفَاتُ الشُّهُودِ اهـ ح ل.
[كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]
(كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ) مِنْ حَدَّ مَنَعَ لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَاحِشَةِ أَوْ مِنْ قَدَرَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهُ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ
اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَفْهُومُهُ جَوَازُ النَّقْصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِإِذْنِ الْمَقْذُوفِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَأَخَّرَهُ عَنْ الزِّنَا لِأَنَّهُ دُونَهُ رُتْبَةً وَقَدْرًا وَالْحَدُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُغَةً نِهَايَةُ الشَّيْءِ أَوْ طَرَفُهُ وَشَرْعًا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَجِبُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مَخْصُوصَةٍ حَقًّا لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ أَوْ لَهُمَا كَالشُّرْبِ وَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ فَإِنَّهُ لَهُمَا وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِمُضَايَقَتِهِ وَالْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ لِتَخْرُجَ الشَّهَادَةُ بِهِ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِالرَّمْيِ بِالزِّنَا لَا يُنَاسِبُ وَاحِدًا مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ وَسَكَتَ عَنْهُ هُنَا لِذِكْرِهِ فِي اللِّعَانِ وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَمِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَمِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُنَّ أَحْرَضُ عَلَى الزِّنَا لِنَقْصِهِنَّ نَعَمْ مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ كَذِبٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَكَانَ حَدُّ الْقَاذِفِ دُونَ حَدِّ الزَّانِي لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَدُونَ حَدِّ الْمُرْتَدِّ لِإِمْكَانِ الْمُرْتَدِّ مِنْ دَفْعِ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ بِإِسْلَامِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُقْطَعْ آلَتُهُ كَالسَّرِقَةِ حِفْظًا لِلْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَإِبْقَاءً لِأَشْرَفِ نَوْعٍ فُضِّلَ بِهِ الْإِنْسَانُ كَمَا لَمْ تُقْطَعْ آلَةُ الزَّانِي إبْقَاءً لِلنَّسْلِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْقَذْفِ فِي بَابِهِ) أَيْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَاهُ لُغَةً: بِأَنَّهُ مُطْلَقُ الرَّمْيِ، وَشَرْعًا: الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ أَيْ فِي مَقَامِهِ وَتَقَدَّمَ تَقْسِيمُهُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، وَالتَّمْثِيلُ لِكُلٍّ بِأَمْثِلَةِ كَثِيرَةٍ وَتَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامِهِ كَقَوْلِهِ هُنَاكَ وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا حُدَّ أَوْ غَيْرَهُ عُزِّرَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَاخْتِيَارٌ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ فِي الزَّانِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ شَرْطًا بَلْ ذَكَرَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ، وَالْإِكْرَاهُ شُبْهَةٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ) أَيْ، وَالْقَاذِفُ حَرْبِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ بِإِذْنِهِ أَيْ بِإِذْنِ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمَقْذُوفُ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ أَصْلَ لَهُ وَقَوْلُهُ كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ حَرْبِيٌّ. . . إلَخْ وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي غَيْرِ الْمُكْرَهِ أَمَّا هُوَ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَالْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِيرِ وَبِهِ فَارَقَ قَتْلَهُ إذَا قَتَلَ لِوُجُودِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَكَذَا مُكْرَهُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا وَفَارَقَ مُكْرَهَ الْقَاتِلِ بِأَنَّهُ آلَتُهُ إذْ يُمْكِنُهُ أَخْذُ يَدِهِ فَيَقْتُلُ بِهَا دُونَ لِسَانِهِ فَيَقْذِفُ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهٌ) وَيَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَذْفِ التَّلَفُّظُ بِهِ لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ لَا لِغَرَضٍ آخَرَ كَالتَّشَفِّي اهـ شَرْحُ م ر.
وَفِي سم.
قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهٌ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ إكْرَاهُهُ وَادَّعَاهُ هَلْ يُقْبَلُ أَوَّلًا أَوْ يُقْبَلُ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ لَا يَبْعُدُ الثَّالِثُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ) يُفِيدُ أَنَّ مُوَرِّثَ الْوَلَدِ مِثْلُهُ إنْ انْحَصَرَ الْإِرْثُ فِيهِ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ اسْتِيفَاءُ
(وَ) لَكِنْ (يُعَزَّرُ مُمَيِّزٌ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ لِلزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ (وَأَصْلٌ) لِلْإِيذَاءِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَحَدُّ حُرٍّ ثَمَانُونَ) جَلْدَةً لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] فَإِنَّهَا فِي الْحُرِّ؛ لِقَوْلِهِ فِيهَا {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] إذْ غَيْرُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُقْذَفْ وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ (وَ) حَدُّ (غَيْرِهِ) مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالرَّقِيقُ (أَرْبَعُونَ عَلَى النِّصْفِ) مِنْ الْحُرِّ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ لِأَنَّهَا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فَلَوْ قَذَفَ وَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ حُدَّ ثَمَانِينَ أَوْ وَهُوَ رَقِيقٌ ثُمَّ عَتَقَ حُدَّ أَرْبَعِينَ وَلَوْ قَذَفَ غَيْرَهُ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يَسْمَعْهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِخُلُوِّهِ عَنْ مَفْسَدَةِ الْإِيذَاءِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ مَنْ كَذَبَ كَذِبًا لَا ضَرَرَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(وَ) شَرْطٌ لَهُ (فِي الْمَقْذُوفِ إحْصَانٌ وَتَقَدَّمَ فِي) كِتَابِ (اللِّعَانِ) بِقَوْلِي وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ زِنًا وَوَطْءٍ مُحَرَّمٍ مَمْلُوكَهُ وَدُبُرَ حَلِيلَةٍ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ ثَمَّ (وَلَوْ شَهِدَ بِزِنًا دُونَ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ (أَوْ) شَهِدَ بِهِ (نِسَاءٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ أَهْلُ ذِمَّةٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِكَفَرَةٍ (حُدُّوا) لِأَنَّهُمْ فِي غَيْرِ الْأُولَى لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَحَذَرًا فِي الْأُولَى مِنْ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ وَخَرَجَ بِالزِّنَا الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَلَا حَدَّ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى قَذْفًا.
(وَلَوْ تَقَاذَفَا لَمْ يَتَقَاصَّا) لِأَنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْحَدَّانِ لَا يَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَةِ لِاخْتِلَافِ الْقَاذِفِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْجَمِيعِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يُورَثُ كَالتَّعْزِيرِ لَكِنْ غَيْرُ مُوَزَّعٍ عَلَى مِقْدَارِ الْإِرْثِ وَلِذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا فَلِوَارِثِهِ لَوْلَا الرِّدَّةِ اسْتِيفَاؤُهُ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي وَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ عَفَا وَارِثٌ عَلَى مَالٍ سَقَطَ حَقُّهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَلَوْ عَفَا عَنْ قَاذِفِهِ لَمْ يُحَدَّ بِقَذْفِهِ بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُعَزَّرُ مُمَيِّزٌ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ تَعْزِيرُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ عَلَى الْقَذْفِ حَتَّى بَلَغَ سَقَطَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْقِيَاسُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ إذَا أَفَاقَ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ) أَيْ لِخُلُوِّهِ عَنْ مَفْسَدَةِ الْإِيذَاءِ أَيْ فَهُوَ صَغِيرَةٌ لِأَنَّ الْقَذْفَ إنَّمَا يَكُونُ كَبِيرَةً إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْيِيرِ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ النَّفْيُ لِلْقَيْدِ، وَالْمُقَيَّدِ مَعًا وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ.
إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ. . . إلَخْ " قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْغَيْبَةَ الْقَلْبِيَّةَ صَغِيرَةٌ أَيْضًا إذْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إلَّا عِقَابَ مَنْ كَذَبَ كَذِبًا. . . إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَذَفَ بِهِ لَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: بِقَوْلِي: وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ. . . إلَخْ) نَعَمْ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِالْقَذْفِ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ الْمَأْمُورِ بِسَتْرِهَا بِخِلَافِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ بِزِنًا دُونَ أَرْبَعَةٍ. . . إلَخْ) وَلَا يَقْبَلُ إعَادَتَهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ إذَا تَمُّوا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ كَفَاسِقٍ رُدَّ فَتَابَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَرَةِ، وَالْعَبِيدِ لِظُهُورِ نَقْصِهِمْ فَلَا تُهْمَةَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: دُونَ أَرْبَعَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ " دُونَ " فَاعِلُ " شَهِدَ " وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَالْكُوفِيِّينَ مِنْ أَنَّ " دُونَ " ظَرْفٌ يَتَصَرَّفُ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فَالْفَاعِلُ مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ وَدُونَ صِفَةٌ لَهُ كَمَا ذُكِرَ فِي وَدُونُهُمَا يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا الْمُقَدَّرُ ذَكَرَهُ حَجّ وم ر بِقَوْلِهِمَا وَلَوْ شَهِدَ رِجَالٌ مُسْلِمُونَ دُونَ أَرْبَعَةٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَحَذَرًا فِي الْأُولَى مِنْ الْوُقُوعِ. . . إلَخْ) وَلَهُمْ فِيهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا لَمْ يُحَدُّوا وَكَذَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ بِالزَّوْجِ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ بِزِنَاهَا أَيْ لِدَفْعِ عَارِهَا عَنْهُ أَمَّا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ فَقَذَفَهُ جَزْمًا وَلَا يُحَدُّ شَاهِدٌ جُرِحَ بِزِنَا وَإِنْ انْفَرَدَ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِ وَيُنْدَبُ لِشُهُودِ الزِّنَا فِعْلُ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِمْ كَوْنُهُ مَصْلَحَةً مِنْ سَتْرٍ أَوْ شَهَادَةٍ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَصْلَحَةِ بِحَالِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَا الشَّاهِدِ وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا لَمْ يُحَدُّوا أَيْ وَلَا يُحَدُّ هُوَ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ بِالزَّوْجِ أَيْ فَيُحَدُّ هُوَ وَهُمْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيَشْكُلُ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعُبَابِ مِنْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ إذَا شَهِدُوا لَا يُحَدُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَإِنْ رُدُّوا لِفِسْقِهِمْ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الزَّوْجَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَاوَتِهِ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يُحَدُّوا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجِ وَاحِدًا مِنْ الشُّهُودِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُ الْعُبَابِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا، وَالزَّوْجُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ شَاهِدٌ جُرِحَ بِزِنًا وَذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَ فِي قَضِيَّةٍ فَادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَانٍ وَأَقَامَ مَنْ شَهِدَ بِذَلِكَ فَلَا حَدَّ عَلَى الشَّاهِدِ بِالزِّنَا لِمَا ذَكَرَهُ وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَرَضَهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ لَا التَّعْيِيرُ انْتَهَى ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَكُونُ. . . إلَخْ) كَذَا وَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ أَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ إنَّمَا ثَبَتَ التَّقَاصُّ فِي الدِّمَاءِ، وَالْأَمْوَالِ دُونَ الْأَعْرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ فِي الْأَعْرَاضِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ يَا زَانٍ فَقَدْ نَالَ مِنْ عِرْضِهِ لِأَنَّ السَّامِعِينَ قَدْ يَرَوْنَ أَنَّهُ عَلِمَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِذَا قَالَ لَهُ مِثْلَهُ الْمَقْذُوفُ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعًا لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْمُجَازَاةِ فَلَمْ يَنَلْ مِنْ عِرْضِهِ مِثْلَ مَا نَالَ الْأَوَّلُ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ:، وَالْحَدَّانِ لَا يَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ: أَنَّ حَدَّ الْقَوِيِّ الْبَدَنِ يَكُونُ أَشَدَّ إيلَامًا مِنْ حَدِّ