الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتِحْقَاقُ الزَّكَاةِ، وَالرَّضَاعُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ
، وَالشَّهَادَةُ تُطْلَقُ عَلَى تَحَمُّلِهَا كَشَهِدْتُ بِمَعْنَى تَحَمَّلْت وَعَلَى أَدَائِهَا كَشَهِدْتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَعْنَى أَدَّيْت وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَتَحَمَّلْتُ شَهَادَةً بِمَعْنَى مَشْهُودًا بِهِ فَهِيَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ (تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ) وَهُوَ الْكِتَابُ (فَرْضَا كِفَايَةٍ) فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَإِقْرَارٍ أَمَّا فَرْضِيَّةُ التَّحَمُّلِ فِي ذَلِكَ فَلِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَلِتَوَقُّفِ الِانْعِقَادِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْإِشْهَادُ وَأَمَّا فَرْضِيَّةُ كِتَابَةِ الصَّكِّ، وَالْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ لِلْخَصْمِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ فَلِأَنَّهَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا فِي حِفْظِ الْحَقِّ وَلَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَتَحَمَّلُ فَإِنْ ادَّعَى لِلتَّحَمُّلِ فَلَا وُجُوبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مَعْذُورًا بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً أَوْ قَاضِيًا لِيُشْهِدَهُ عَلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ كِتَابَةُ الصَّكِّ إلَّا بِأُجْرَةٍ فَلَهُ أَخْذُهَا كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي تَحَمُّلِهِ إنْ ادَّعَى لَهُ لَا فِي أَدَائِهِ وَلَهُ بَعْدَ كِتَابَتِهِ حَبْسُهُ عِنْدَهُ لِلْأُجْرَةِ.
ــ
[حاشية الجمل]
فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ بِالتَّسَامُعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ) وَهُوَ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ وَالْجَرْحُ، وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ.
فَصْلٌ تَثْبُتُ التَّوْلِيَةُ بِشَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَ الْمُتَوَلِّي يُخْبِرَانِ أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ
وَعِبَارَتُهُ فِيهِ أَيْضًا فِي فَصْلٍ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ مُعَايَنَةً أَوْ سَمَاعًا مِنْهُ أَوْ اسْتِفَاضَةً انْتَهَتْ.
[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ]
(فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا) إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ الصَّكِّ فِي الذِّكْرِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّحَمُّلِ وَقَدَّمَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْأَدَاءِ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ لِأَنَّهَا تُطْلَبُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ لِلتَّوَثُّقِ بِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ. . . إلَخْ كَمَا فِي شَرْحَيْ م ر وحج ثُمَّ قَالَ حَجّ فَالْمُرَادُ الْإِحَاطَةُ بِمَا سَتُطْلَبُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ بِهِ فِيهِ وَكَنَّوْا عَنْ تِلْكَ الْإِحَاطَةِ بِالتَّحَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ أَعْلَى الْأَمَانَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ حَمْلُهَا أَيْ الدُّخُولُ تَحْتَ وَرْطَتِهَا إلَى مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ فَفِيهِ مُجَازَانِ لِاسْتِعْمَالِ التَّحَمُّلِ، وَالشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُمَا الْحَقِيقِيِّ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ الْأَدَاءِ وَمَعْنَى تَحَمُّلِهِ الْتِزَامُهُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ قَالَ أَقُولُ بَلْ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ يَعْنِي بِهِ الْأَدَاءَ الَّذِي هُوَ الثَّانِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَحَمُّلِ الْمَشْهُودِ بِهِ إلَّا بِتَأْوِيلِ تَحَمُّلِ حِفْظِهِ أَوْ أَدَائِهِ انْتَهَى اهـ (قَوْلُهُ: كَتَحَمَّلْتُ شَهَادَةً. . . إلَخْ) بِمَعْنَى تَحَمَّلَتْ حِفْظَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَرِعَايَتَهُ وَضَبْطَهُ وَمَعْنَى أَدَائِهَا بِمَعْنَى الْمَشْهُودِ بِهِ الْإِخْبَارُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَةِ الصَّكِّ. . . إلَخْ) وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ النِّسَاءِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ بِالرِّجَالِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ فِي الْقَضِيَّةِ رِجَالٌ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ الْخُرُوجَ بَلْ يُرْسِلُ إلَيْهَا مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا وَلَوْ دُعِيَ لِشَهَادَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَدَّمَ أَخْوَفَهُمَا فَوْتًا وَإِلَّا تَخَيَّرَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْكِتَابُ) فِي الْمُخْتَارِ صَكَّهُ ضَرَبَهُ وَبَابُهُ رَدَّ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] وَالصَّكُّ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ: أَصُكٌّ وَصِكَاكٌ وَصُكُوكٌ اهـ. وَفِي: الْمِصْبَاحِ الصَّكُّ الْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْمُعَامَلَاتُ، وَالْأَقَارِيرُ وَجَمْعُهُ صُكُوكٌ وَأَصُكٌّ وَصِكَاكٌ مِثْلُ: بَحْرٍ وَبُحُورٍ وَأَبْحُرٍ وَبِحَارٍ، وَصَكَّ الرَّجُلُ لِلشَّرِّ صَكًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا كَتَبَ الصَّكَّ، وَيُقَالُ هُوَ مُعَرَّبٌ، وَكَانَتْ الْأَرْزَاقُ تُكْتَبُ صِكَاكًا فَتَخْرُجُ مَكْتُوبَةً فَتُبَاعُ فَنَهَى عَنْ شِرَاءِ الصَّكِّ وَصَكَّهُ صَكًّا ضَرَبَ قَفَاهُ وَوَجْهَهُ بِيَدِهِ مَبْسُوطَةً وَصَكَّ الْبَابَ أَغْلَقَهُ، وَالصَّكُّ: أَنْ تَصْطَكَّ الرُّكْبَتَانِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَالذَّكَرُ أَصُكُّ، وَالْأُنْثَى صَكًّا
اهـ (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَاقِعَةَ الْمَشْهُودَ فِيهَا فِي صُورَةِ التَّحَمُّلِ وَعَلَى الشُّهُودِ، وَالْقَاضِي فِي صُورَةِ الْكِتَابَةِ لَكِنَّ كَوْنَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الْكِتَابَةُ كَأَنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةً بِمَحْجُورٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَا فِي كُلِّهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْإِشْهَادُ) كَبَيْعِ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ:، وَالْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ عَلَى الشُّهُودِ لَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّهُودِ، وَالْقَاضِي أَيْ فَالْقَاضِي لَيْسَ مُخَاطَبًا بِذَلِكَ مُطْلَقًا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ. . . إلَخْ) أَيْ بَلْ يُسَنُّ مَا لَمْ يَكُنْ لِنَحْوِ صَبِيٍّ وَإِلَّا وَجَبَ عَيْنًا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَحْضُرَ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الِاسْتِمَاعُ، وَالْإِصْغَاءُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَأَمَّا مَنْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَلَا وُجُوبَ وَلَوْ كَانَ الدَّاعِي مَعْذُورًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مَعْذُورًا. . . إلَخْ) أَيْ أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَى الشَّهَادَةِ بِزِنَا زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ دُونِ أَرْبَعَةٍ وَبِخِلَافِ دُعَاءِ غَيْرِ الزَّوْجِ اهـ شَرْحُ م ر وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجِبُ التَّحَمُّلُ مِنْهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَسَافَةُ الْعَدْوَى كَمَا فِي الْأَدَاءِ الْآتِي ثُمَّ ذَكَرْتُهُ لمر فَوَافَقَ عَلَيْهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: يُشْهِدَهُ عَلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كِتَابَةَ مَا جَرَى تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَالْأَدَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِكَوْنِ كِتَابَةِ الصَّكِّ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَثَرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقَاضِي بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ تُغْنِي عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إلَّا بِأُجْرَةٍ) وَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُصَالِحِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَكْتُوبِ لَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لَا فِي أَدَائِهِ)
(وَكَذَا الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنْ وَقَعَ التَّحَمُّلُ اتِّفَاقًا (إنْ كَانُوا جَمْعًا) كَأَنْ زَادَ الشُّهُودُ عَلَى اثْنَيْنِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا (فَلَوْ طُلِبَ مِنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) مِنْ (اثْنَيْنِ) مِنْهُمْ (أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا أَوْ) إلَّا (وَاحِدٌ، وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِهِ وَبِيَمِينٍ) عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَطْلُوبِ إلَيْهِ (فَفَرْضُ عَيْنٍ) وَإِلَّا لَأَفْضَى إلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ.
وَقَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَقُّ فِي الثَّالِثَةِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَوْ أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، وَقَالَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ مَعَهُ عَصَى لِأَنَّ مَقَاصِدَ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ.
(وَإِنَّمَا يَجِبُ) الْأَدَاءُ.
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْ حَيْثُ كَانَ بِالْبَلَدِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى رُكُوبٍ وَإِلَّا وَجَبَ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَرْكُوبٌ.
وَفِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَرْكُوبٌ فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَانَ لَهُ أُجْرَةُ مَا يَرْكَبُهُ وَنَفَقَةُ الطَّرِيقِ أَيْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ زِيَادَةً عَلَى أَصْلِ نَفَقَتِهِ مَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ عَنْ سَفِيهٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ التَّحَمُّلِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ كُلْفَةُ مَشْيٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَشْيِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجَلِيلِ، وَالْحَقِيرِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا لِلْأَدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ وَفَارَقَ التَّحَمُّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُورِثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوَّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى مَنْ فَوْقَ مَسَافَةِ عَدْوَى فَأَكْثَرَ فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ وَكَسْبٌ عُطِّلَ عَنْهُ فَيَأْخُذُ قَدْرَهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَهُ صَرْفُ الْمُعْطَى إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَذْهَبُ مَعَك إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى إلَّا بِكَذَا وَإِنْ كَثُرُوا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَشْيُ الشَّاهِدِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ خَارِمًا لِلْمُرُوءَةِ، وَالْمُتَّجَهُ امْتِنَاعُهُ فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْبَلَدَيْنِ فَقَدْ يَأْتِي فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلَهُ تَوَاضُعًا انْتَهَتْ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي تَحَمُّلِهِ. . . إلَخْ عِبَارَةُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ) الْأَحْسَنُ تَبَرُّعُ الشَّاهِدِ بِالتَّحَمُّلِ، وَالْأَدَاءِ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ التَّحَمُّلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ خِلَافًا لِلرَّوْضَةِ ثُمَّ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إذْ ادَّعَى لَهُ إلَّا إنْ تَحَمَّلَ وَهُوَ بِمَكَانِهِ وَأَمَّا الْأَدَاءُ فَإِنْ دُعِيَ لَهُ فِي الْبَلَدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ خَارِجَهُ مِنْ الْعَدْوَى فَلَهُ طَلَبُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ مَرْكُوبِهِ فَإِنْ احْتَاجَ لِلرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ أَوْ فَوْقَ الْعَدْوَى فَلَهُ أَخْذُ الْجُعَلِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أُجْرَةِ الرُّكُوبِ اهـ فَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِنَفَقَةِ الطَّرِيقِ أَصْلُ النَّفَقَةِ أَوْ الزَّائِدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ فِيمَا اُحْتِيجَ إلَى سَفَرٍ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهَا كِسْوَةٌ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فِي هَذَا السَّفَرِ وَانْظُرْ خَارِجَ الْبَلَدِ دُونَ الْعَدْوَى.
وَقَوْلُهُ: " وَأَمَّا الْأَدَاءُ. . . إلَخْ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ لَا لِلْأَدَاءِ إلَّا إنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ لَا لِمَنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ اهـ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ عَلَى الْمُتَحَمِّلِينَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا جَمْعًا) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَيَّدَ الْفَرْضُ أَيْ أَيْضًا بِطَلَبِ الْأَدَاءِ مِنْ الْكُلِّ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ كُلًّا وَلَا بَعْضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ أَصْلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ زَادَ الشُّهُودُ عَلَى اثْنَيْنِ. . . إلَخْ) فَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَذَاكَ وَإِلَّا أَثِمُوا سَوَاءٌ دَعَاهُمْ مُجْتَمَعِينَ أَمْ مُتَفَرِّقِينَ، وَالْمُمْتَنِعُ أَوَّلًا أَكْثَرُ إثْمًا لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ كَمَا أَنَّ الْمُجِيبَ أَوَّلًا أَكْثَرُهُمْ أَجْرًا لِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ إذَا طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَطْعًا لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِأَمَانَةِ يَتَحَمَّلُونَهَا اهـ عَمِيرَةُ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ طُلِبَ اثْنَانِ مِنْ جَمْعٍ لِيَتَحَمَّلَا لَمْ يَتَعَيَّنَا ثُمَّ إنْ ظُنَّ امْتِنَاعُ غَيْرِهِمَا اتَّجَهَ الْوُجُوبُ انْتَهَتْ فَهَلَّا جَرَى هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْأَدَاءِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا) كَأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ غَيْرُهُمَا أَوْ مَاتَ الْبَاقُونَ أَوْ جُنُّوا أَوْ فَسَقُوا أَوْ غَابُوا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَطْلُوبِ إلَيْهِ) يُعْلَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى ذَلِكَ تَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي الثَّالِثَةِ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالثَّالِثَةِ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَصَى) أَيْ وَكَانَ كَبِيرَةً اهـ عَزِيزِيٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] أَيْ مَمْسُوخٌ.
وَعِبَارَةُ ح ل عَصَى أَيْ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ كَتْمُ ذَلِكَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الشَّهَادَةِ شَهِدَ وَصَرَّحَ ابْنُ سُرَاقَةَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقَتْلِهِ لِلْكَافِرِ عِنْدَ حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ الشَّهَادَةِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ أَوْ تَعْرِيضٍ بِقَذْفٍ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّ بِالتَّعْرِيضِ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْبَيْعُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شُفْعَةُ الْجِوَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ وَاعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ يَحْرُمُ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ عِنْدَ مَنْ يَحُدُّ بِهِ
(إنْ دُعِيَ) الْمُتَحَمِّلُ (مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَى الْقَاضِي لِلْأَدَاءِ مِنْهَا (وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى فِسْقِهِ) بِأَنْ أُجْمِعَ عَلَى عَدَمِهِ أَوْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَشَارِبِ نَبِيذٍ فَيَلْزَمُ شَارِبَهُ الْأَدَاءُ وَإِنْ عُهِدَ مِنْ الْقَاضِي رَدُّ الشَّهَادَةِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ أَمَّا إذَا أُجْمِعَ عَلَى.
ــ
[حاشية الجمل]
وَبِالرِّدَّةِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ وَقَاضٍ فَاسِقٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ إنْ تَعَيَّنَ وُصُولُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ طَرِيقًا لَهُ أَوْ عِنْدَ قَاضٍ مُتَعَنِّتٍ أَوْ جَائِرٍ أَيْ لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ قَالَ: لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يُجِبْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِفِسْقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِاحْتِمَالِهِ انْتَهَتْ ثُمَّ قَالَ: وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَدْ الْمَشْيَ وَلَا مَرْكُوبَ لَهُ أَوْ أُحْضِرَ لَهُ مَرْكُوبٌ وَهُوَ مِمَّنْ يَسْتَنْكِرُ الرُّكُوبَ فِي حَقِّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ أَيْ م ر فِي شَرْحِهِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤَدِّي لَفْظُ أَشْهَدُ فَلَا يَكْفِي مُرَادِفُهُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الظُّهُورِ وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ حُكْمُ مَجِيءِ الشَّاهِدِ بِمُرَادِفِ مَا سَمِعَهُ وَلَوْ عَرَفَ الشَّاهِدُ السَّبَبَ كَالْإِقْرَارِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْمِلْكِ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: إنَّهُ الْأَشْهَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا وَلِأَنَّ وَظِيفَتَهُ نَقْلُ مَا سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ ثُمَّ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ لَا تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ شَهَادَةً صَحِيحَةً فَقَالَ الْآخَرُ: أَشْهَدُ بِمَا أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ مِثْلَ مَا قَالَ وَيَسْتَوْفِيَهَا لَفْظًا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَدَاءً لَا حِكَايَةٍ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِهِ لِجَهْلِ أَكْثَرِ الْحُكَّامِ قَالَ جَمْعٌ: وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي وَلَا بِمَضْمُونِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ، وَالْقَاضِي مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ، وَيُقَاسُ بِهِ الْأَخِيرَةُ بَلْ قَالَ جَمْعٌ: إنَّ عَمَلَ كَثِيرٍ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يَكْفِي نَعَمْ لِمَنْ قَالَ لَهُ: أَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا نُسِبَ إلَيْك فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَّا إنْ قِيلَ لَهُ: ذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَكَذَا الْمُقِرُّ نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ بِمَا فِيهِ وَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ كَفَى وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَكْسِ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا قُصِدَ بِهِ ضَبْطُ الْحُقُوقِ لِتُرَدَّ لِأَرْبَابِهَا إنْ حَصَلَ عَدْلٌ وَيَكْفِي قَوْلُ شَاهِدِ النِّكَاحِ: أَشْهَدُ أَنِّي حَضَرْت الْعَقْدَ أَوْ حَضَرْته وَأَشْهَدُ بِهِ وَلَوْ قَالَ: لَا شَهَادَةَ لَنَا فِي كَذَا ثُمَّ شَهِدَا فِي زَمَنٍ يَحْتَمِلُ وُقُوعَ التَّحَمُّلِ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِلَّا أَثَّرَ وَلَوْ قَالَ: لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت نَسِيت اتَّجَهَ قَبُولُهَا حَيْثُ اُشْتُهِرَتْ دِيَانَتُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ دُعِيَ الْمُتَحَمِّلُ) أَيْ دَعَاهُ الْقَاضِي أَوْ الْمُسْتَحِقُّ فَإِنْ دَعَاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ مُطْلَقًا فَقَدْ دَعَا عُمَرُ رضي الله عنه الشُّهُودَ مِنْ الْكُوفَةِ لِلْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى أَيْ فِي غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَمَّا فِيهَا فَيَجِبُ وَلَوْ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ س ل فَإِنْ لَمْ يُدْعَ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فَتَلْزَمُهُ فَوْرًا إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا إنْ دُعِيَ الْمُتَحَمِّلُ. . . إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ حِسْبَةً مِنْ نَسَبٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِيمَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهَا كَغَيْرِهَا لِإِمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ دُعِيَ لِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] وَلِلْمَشَقَّةِ وَلِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ اهـ فَانْظُرْ إذَا فَقَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَوْ دُعِيَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَفَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِلْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إنْ دَعَاهُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ فِي عَمَلِهِ فَإِنْ دَعَاهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ أَوْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ.
وَقَدْ اسْتَحْضَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الشُّهُودَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَرُوِيَ مِنْ الشَّامِ أَيْضًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ سم وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِشِدَّةِ اخْتِلَالِ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى فِسْقِهِ) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ) هَذَا يُخْرِجُ الْمُقَلِّدَ لِمَنْ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ بِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا يُفَسَّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أُجْمِعَ عَلَى