المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - بابالتيمم - حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات - جـ ١

[الخلوتي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌1 - بابالمياه

- ‌2 - بابالآنية: الأوعية

- ‌3 - بابالاستنجاء:

- ‌4 - بابالتسوك

- ‌1 - فصل

- ‌5 - بابالوضوء:

- ‌1 - فصل

- ‌6 - بابمسح الخفين

- ‌7 - بابنواقض الوضوء

- ‌1 - فصل

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌9 - بابٌالتيمم

- ‌1 - فصل

- ‌10 - باب إزالة النجاسة الحكمية

- ‌1 - فصل

- ‌11 - بابٌالحيضُ:

- ‌فرع

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌2 - كِتَابُ الصَّلاةِ

- ‌1 - بابالأذانُ:

- ‌2 - بابشروطُ الصلاةِ:

- ‌1 - فصل

- ‌3 - بابسترُ العورة:

- ‌1 - فصل

- ‌4 - باباجتنابُ النجاسةِ

- ‌1 - فصل

- ‌5 - باب استقبال القبلة

- ‌1 - فصل

- ‌6 - بابالنيةُ:

- ‌1 - فصل

- ‌7 - باب صفة الصلاة

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌4 - فصل

- ‌5 - فصل

- ‌8 - بابسجودُ السهوِ

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌9 - بابصلاةُ التطوع

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌4 - فصل

- ‌10 - بابصلاةُ الجماعة

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌4 - فصل

- ‌5 - فصل

- ‌11 - باب صلاة أهل الأعذار

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌4 - فصل

- ‌12 - بابصلاةُ الجمعة

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌13 - بابصلاةُ العيدين

- ‌14 - بابصلاةُ الكسوف:

- ‌15 - باب صلاة الاستسقاء

الفصل: ‌9 - بابالتيمم

‌9 - بابٌ

التيمم

استعمال تراب مخصوص لوجه ويدين، بدل طهارة ماء. . . . . .

ــ

باب التيمم

* قوله: (لوجه ويدين) لو قال كما في الإقناع (1): "مسح وجه ويدين بتراب طهور على وجه مخصوص بدلًا عن طهارة الماء" لكان أخصر، وأَبْين، وأتم للتعريف، إذ لا يظهر معنى اللام هنا، إلا أن يسلك المذهب الكوفي (2) وتحمل (3) نائبه عن "في"، كما أشار إليه شيخنا في الحاشية (4)، ويمكن إبقاء اللام على معنى التعليل، مع اعتبار مضاف محذوف؛ أيْ: لطهارة وجه ويدين، والإضافة على معنى "في"؛ أيْ: في (5) وجه ويدين، وحَذْفُ المضاف متفق على جوازه (6).

* قوله: (بدل طهارة) بمعنى تطهير، فصحَّ تذكير الضمير فيما يأتى، وقد يقال: الطهارة مصدر، فتأنيثه لفظي، لا معنوي، فلا يحتاج إلى تأويله بالمذكور، وأن الضمير عائد على المضاف، واكتسب التذكير من المضاف إليه، أو أن الضمير

(1) الإقناع (1/ 77).

(2)

انظر: مغني اللبيب (2/ 656، 658)، التصريح على التوضيح (2/ 4 - 7).

(3)

في هامش "ب" نسخة: "تجعل".

(4)

حاشية المنتهى (ق 24/ أ).

(5)

سقط من: "ج".

(6)

انظر: شرح الكافية (2/ 968)، حاشية الصبان على شرح الأشموني (2/ 278).

ص: 143

لكل ما يفعل به عند عجز عنه شرعًا، سوى نجاسة على غير بدن، ولَبْث بمسجد لحاجة.

ــ

عائد على الماء، لكن بتقدير المضاف؛ أيْ: بطهارته، وهذا الأخير سلكه شيخنا في الحاشية (1)، فليراجع!

* قوله: (لكل ما يفعل به)؛ أيْ: بالماء؛ أيْ: بطهارة الماء، من صلاة، ومس مصحف، وطواف، وسجود تلاوة وشكر، وقراءة قرآن للجُنُب، وغشيان الحائض إذا انقطع دمها وغير ذلك.

وكتب على هذه القولة ما نصه: قوله: (من صلاة. . . إلخ) الجَرُّ بيان لما في كلام المص.

[وبخطه: لو أُنث الضمير في قوله: "به"، لكان أنسب، ويمكن أن يجاب](2).

* قوله: (سوى نجاسة. . . إلخ) فإن النجاسة التي على غير البدن لا يصح التيمم لها، واللبث في المسجد للجنب للحاجة، لا يجب التيمم له، كما يجب أصله، وهو طهارة الماء، فالاستثناء أولًا: من حيث الصحة، وثانيًا: من حيث مفارقة البدل للمبدل في الوجوب، أما الجواز، فلا خلاف فيه، بل هو أولى، وإنما وقع الخلاف (3) في الوجوب، فاوجبه الموفق في المغني (4)، وخولف فيه (5)،

(1) حاشية المنتهى (ق 24/ أ).

(2)

ما بين المعكوفتين سقط من: "ب".

(3)

في "ج" و"د": "الاختلاف".

(4)

المغني (1/ 201، 202).

(5)

انظر: الفروع (1/ 201)، الإنصاف (2/ 115، 116).

ص: 144

وهو عزيمةٌ، يجوزُ بسفر المعصية، وشروطُه ثلاثة: دخولُ وقتٍ لصلاة، ولو منذورةً بمعيَّن، فلا يصح لحاضرةٍ وعيدٍ، ما لم يدخل وقتهما، ولا لفائتة إلا إذا ذكرها وأرادَ فعلَها، ولا لكسوفٍ قبل وجودِه، ولا لاستسقاءٍ ما لم يجتمعوا، ولا لجِنازةٍ إلا إذا غُسِّل الميتُ، أو يُمِّم لعذرٍ. . . . . .

ــ

وممن نص على جوازه المجد في شرحه (1).

وبخطه: قوله: (سوى. . . إلخ) هذا [مستثنى من قوله "طهارة ماء" على حذف مضاف؛ أيْ: سوى تطهير، أو مستثنى منقطع](2).

* قوله: (لصلاة) صفة لوقت، متعلق بمحذوف.

* قوله: (بمعين)؛ أيْ: بزمن معين.

* قوله: (فلا يصح لحاضرة) المراد بالحاضرة المفروضة المعينة، غير الفائتة، كالظهر، والعصر مثلًا، لا ما دخل وقتها الذي هو المعنى الحقيقي؛ لأنه لا يلائم قوله:"ما لم يدخل وقتهما".

* قوله: (وأراد فعلها) على الصحيح من المذهب (3)، ومقابله يكفي ذكرها.

* قوله: (ما لم يجتمعوا)؛ أيْ: إذا كان يريد الصلاة معهم، إذ ليست الجماعة شرطًا فيها، أما لو أراد الصلاة وحده، فإنه لا يتوقف على الاجتماع.

* قوله: (أو يُمم لعذر) ويعايا بها فيقال؛ شخص لا يصح تيممه،

(1) نقله في الإنصاف (2/ 126).

(2)

ما بين المعكوفتين في "أ": "مستثنى من قوله طهارة ماء، أو مستثنى على حذف مضاف؛ أيْ: سوى تطهير".

(3)

انظر: الفروع (1/ 231)، الإنصاف (2/ 242).

ص: 145

ولا لنفلِ وقت نهي.

الثاني: تعذُّرُ الماءِ لعدمِه ولو بحبسٍ، أو قطعِ عدو ماء بلدِه، أو عَجْزٍ عن تناولِه ولو بفمٍ لفقد آلةٍ، أو لمرض مع عدم موضِّئ. . . . . .

ــ

حتى يُيَمِّمَ غيره (1).

* مسألة: لو يُمِّمَ الميت والمصلون، ثم قبل الدخول في الصلاة، وجد ما يكفيه فقط بطل تيممه، وهل يبطل تيممهم؛ لأنه يصدق عليه حينئذٍ أنه وجد قبل طهارة الميت؟

الظاهر: نعم، وعموم قوله:"إذا غسل الميت" يشمل ذلك.

* قوله: (ولا لنفل وقت نهي)؛ أيْ: وقت نهي عنه، كما في الإقناع (2) فيصح التيمم لركعتَي الفجر قبل الصبح؛ لأنه ليس (3) وقت نهي عنهما، وإن كان ذلك الوقت وقت نهي، وكذا ركعتا الطواف في كل وقت نهي.

* قوله: (ولو بحبس)؛ أيْ: للماء عن المتيمِّم، بوضعه في مكان لا يصل إليه، أو حُبس المتيمِّم، عن الخروج في طلب الماء.

* قوله: (أو عجز) عطف على "عدمه".

* قوله: (لفقد آلة)؛ أيْ: تعذر استعمال آلة يتناول بها الماء، كمقطوع اليدين، وكالصحيح يفقد ما يستقي به، من حبل، أو دلو، أو نحوهما، ولا فرق في ذلك بين كونه مقيمًا، أو مسافرًا، سفرًا طويلًا، أو قصيرًا.

* قوله: (مع عدم موضِّئ)؛ أيْ: أو مُغسِّل.

(1) انظر: كشاف القناع (1/ 162).

(2)

الإقناع (1/ 77).

(3)

سقط من: "أ".

ص: 146

أو خوفِ فوت الوقت بانتظاره، أو خوفِه باستعماله بُطءَ بُرءٍ أو بقاءَ شَينٍ، أو ضررَ بدنِه من جرح، أو بردٍ شديد، أو فوتَ رُفْقَةٍ أو مالٍ، أو عطشَ نفسِه أو غيرِه من آدميٍّ، أو بهيمةٍ محترمَين، أو احتياجَه لعجن أو طبخ، أو لعدم بذلِه، إلا بزيادةٍ كثيرة عادةً على ثمن مثله في مكانِه، ولا إعادةَ في الكلِّ.

ــ

* قوله: (بانتظاره)؛ أيْ: انتظار من يوضيه، وكذا لو عجز عن صب الماء على نفسه في الغسل، ولم يجد من يصبه عليه.

* قوله: (بُطء بُرْءٍ) وهل يعتبر في ذلك قول طبيب عارف، أو بمجرد خوفه على نفسه يباح له ذلك (1)؟.

وبخطه؛ أيْ: أو حدوث نزلة، قاله في الإنصاف (2).

* قوله: (محترمَين) قال في غاية المطلب (3): "وفي وجوب حبس الماء لتوقع عطش غيره، كخوفه عطش نفسه وجهان: الأَوْلَى يستحب، وهما في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت"(4).

* قوله: (إلا بزيادة كثيرة) اعتبروا هنا الكثرة، دون الإجحاف بالماء، وفي باب الكفارة اعتبروا الإجحاف، دون الكثرة، إذ لا يلزم من الإجحاف الكثرة، فقد تجحف الزيادة اليسيرة بمالِ مُقلٍّ، ولا يجحف الكثير، بمالِ ذي ثروة، لكن

(1) قال الشيخ مرعي في غاية المنتهى (1/ 55): "ويتجه أو كان يعلم ذلك نفسه، من غير إخبار طبيب".

(2)

الإنصاف (2/ 173).

(3)

غاية المطلب (ق 10/ أ).

(4)

سقط من: "ب".

ص: 147

ويلزمُ شراءُ ماءٍ، وحبلٍ، ودَلْو بثمنِ مِثْلٍ، أو زائدٍ -يسيرًا- فاضلٍ عن (1) حاجته.

واستعارتُهما، وقبولُهما عارية، وماءٍ قرضًا وهبةً، وثمنه قرضًا، وله وفاءٌ.

ــ

قال شيخنا: مرادهم في الكفارة، كون الزيادة كثيرة تجحف بماله، وفَرَّقَ بين البابين نقلًا عنهم، بأنهم لم يعتبروا هنا الإجحاف لمشقة التكرر، بخلاف الكفارة فإنها قد لا تقع بالمرة.

* وقوله فيما بعده: (أو زائدٍ -يسيرًا-) قال الحجاوي في حاشية التنقيح (2): "شرط الزيادة اليسيرة، أن لا تجحف بماله، كما ذكره ابن نصر اللَّه (3) في حواشيه على المحرر".

* قوله: (فاضل عن حاجته)؛ أيْ: من مأكل، ومشرب، وملبس، ومركوب.

* قوله: (قرضًا)؛ أيْ: إذا بذل له، أما استقراضه فلا يلزمه، وإن لم يخف الموت.

(1) في "م": "عن".

(2)

حاشية التنقيح ص (92).

(3)

هو: أحمد بن إبراهيم بن نصر اللَّه بن أحمد الكناني، العسقلاني الأصل، القاهري، ولد في القاهرة سنة (800 هـ)، كان مرجع الحنابلة في زمنه في مصر، كثير التصنيف، حتى إنه قلَّ فنٌّ إلا وصنف فيه، من كتبه:"نظم أصول ابن الحاجب"، و"شرح مختصر الطوفي"، و"مختصر المحرر" مات سنة (876 هـ).

انظر: المقصد الأرشد (1/ 75)، المنهج الأحمد (5/ 272)، السحب الوابلة (1/ 85).

ص: 148

ويجب بذلُه لعطشانَ، ويُيمَّمُ ربُّ ماءٍ مات لعطشِ رفيقه، ويغرَّمُ ثمنَه مكانَه وقتَ إتلافِه.

ومن أمكنَه أن يتوضأ به ثم يجمعَه ويشربَه لم يلْزَمْه، ومن قدر على ماء بئرٍ بثوبٍ يبلُّه ثم يعصُره لزمه، ما لم تنقص قيمتُه أكثرَ من ثمن الماء، ولو خافَ فوتَ الوقت.

ومن بعضُ بدنِه جريحٌ أو نحوُه، ولم يتضرر بمسحه بالماءِ وجبَ وأجزأَ، وإلا تَيمم له ولما يتضرر بغسله ممَّا قرُبَ، وإن عجز عن ضَبْطِه، وقدرَ أن يستنيبَ لزمه.

ــ

* قوله: (ويجب بذله لعطشان)؛ أيْ: محترم.

* قوله: (رفيقه)؛ أيْ: المحترم.

* تنبيه: لنا ميت، عنده ماء، طهور، مباح، ولييس غيره محتاجًا إليه في شرب ولا غيره، ومع ذلك وجب تيممه؟؛ وهو الرجل إذا مات بين نساء لا يباح لهن غسله، أو الخنثى إذا مات ولم تحضره أمة، فإنه ييمم وجوبًا، -كما سيذكره المص في غسل الميت (1) -.

* قوله: (ويغرَّم ثمنَه مكانَه وقتَ إتلافِه)؛ أيْ: الكائن مكانه، والكائن وقت إتلافِه، فكلاهما صفة لثمنه، والمراد به القيمة.

* قوله: (لزمه) ظاهره ولو أدى إلى كشف العورة، ولعله غير مراد.

* قوله: (ولو خافَ فوتَ الوقت)؛ لأنه قادر على استعماله، كما لو كانت الآلة المعتادة حاضرة عنده.

(1)(2/ 22)، وانظر: شرح المصنف (2/ 402).

ص: 149

ويلزم من جرحه ببعضِ أعضاء وضوئه -إذا توضأ-: ترتيبٌ، فيتيممُ له عند غسلِه لو كان صحيحًا، وموالاةٌ فيعيدُ غَسْلَ الصحيح عندَ كلِّ تيمم، وإن وجدَ -حتى المحدثُ-. . . . . .

ــ

* قوله: (ترتيبٌ فيتيممُ. . . إلخ) فلو كان الجرح في الوجه، بحيث لا يمكنه غسل شيء منه، تيمم أولًا، ثم أتم الوضوء، وإن كان في بعض وجهه، خُيِّر بين غسل الصحيح منه، ثم يتيمم للجرح منه، وبين التيمم، ثم يغسل صحيح وجهه، ويتم الوضوء، وإن كان الجرح في عضو آخر، لزمه غسل ما قبل، ثم كان فيه على ذكرنا، وإن كان في وجهه ويديه ورجليه، احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب، فلو غسل صحيح وجهه، ثم تيمم له وليديه تيممًا واحدًا، لم يجزئه؛ لأنه يؤدي إلى سقوط الفرض عن جزء من الوجه واليدين في حالة واحدة، بخلاف التيمم عن جملة الطهارة، فإن الحكم له دونها، أما هنا فإنه ناب عن البعض، فاعتبر فيه ما اعتبر فيما ينوب عنه من الترتيب.

* وقوله: (وموالاة فيعيد غسل الصحيح)؛ أيْ: حيث فاتت الموالاة، فإن كان الجرح في رجله مثلًا وتيمم له عند غسلها، ثم بعد زمن تفوت في مثله الموالاة خرج الوقت، بطُل تيممه وبطُلت طهارته بالماء (1)، لفوات الموالاة، فيعيد غَسْل الصحيح، ثم يتيمم عقبه، قاله في شرحه (2).

وعورض بمسألة خلع الخف. وأجيب، وكلاهما في الحاشية (3)، فليراجع!.

(1) سقط من: "أ".

(2)

شرح المصنف (1/ 424).

(3)

حاشية المنتهى (ق 25/ أ) وعبارته: "وهذا بخلاف ما تقدم في مسح الخف، من أن القدم إذا وصل إلى ساق الخف ونحوه يستأنف الطهارة، ولو لم تفت الموالاة، والفرق: أن مسح الخف يرفع الحدث، فإذا خلعه عاد الحدث، وهو لا يتبعَّض في الثبوت، والتيمم =

ص: 150

ماء لا يكفي لطهارته استعملَه ثم تيمم، ومن عَدِم الماء لزمه إذا خُوطب بصلاةٍ طلبُه في رَحْلِه. . . . . .

ــ

* قوله: (ومن عَدِم الماء. . . إلخ) إن قيل: ظاهره لزوم الطلب، سواء تحقق العدم أو ظُن، مع أن المذهب أنه إذا تحقق العدم، لا يلزمه طلب، كما يدل عليه قوله بعدُ:"ما لم يتحقق عدمه"، إذ لا فائدة في ذلك، فكان الظاهر أن يقول: ومن ظن عدَم الماء. . . إلخ.

قلنا: ما ذكرته من الدليل، شاهد لصرف (1) العبارة عن هذا الإطلاق، وتخصيصه بمسألة الظن، وإلا لقال فيما يأتي: لأن تحقق عدمه منتفٍ. مص.

وأجاب الشيخ مص بحمل قوله: "عَدِم الماء" على انعدامه من يده، وحمل قوله:"ما لم يتحقق عدمه" على تحقق العدم من ذلك المحل فلا إشكال.

وبخطه أيضًا: عبارة الإقناع (2): "ومن عَدِم الماء، وظن وجوده، أو شك ولم يتحقق عدَمه، لزمه طلبه"، إلى أن قال:"ووقت الطلب بعد دخول الوقت"، انتهى، وهي (3) أحسن من عبارة المص، وكان عليه أن يزيد: وأراد الصلاة، إلا أن يجاب بما يأتي، أو يقال: إنه قبل الإرادة، واجب وجوبًا موسعًا، وبعدها تنجيزي.

* قوله: (إذا خُوطب بصلاةٍ) لعله: وأراد فعلها، على حد ما تقدم في قوله:"ويجب بحدث".

= لا يرفع حدثًا عما يتيمم عنه، وإنما هو مبيح، فإذا بطُل قبل فوات الموالاة، أعيد فقط" اهـ.

(1)

في "أ": "صرفه"، وفي "ب":"صرف".

(2)

الإقناع (1/ 80).

(3)

في "أ": "وهو".

ص: 151

وما قُربَ عادةً ومن رفيقِه ما لم يتحقق عدَمه، ومن تيمم، ثم رأى ما يشكُ معه في الماء لا في صلاة، بطل تيممهُ.

فإن دلَّه عليه، ثقةٌ، أو علمه قريبًا عرفًا، ولم يخف فوتَ وقتٍ -ولو للاختيار، أو رُفْقةٍ أو عدو، أو مال، أو على نفسِه، ولو فساقًا غير جبانٍ، أو مالِه- لزمه قصدُه، وإلا تيمم.

ــ

* قوله: (ومن رفيقِه) قال في الشرح الكبير (1): "المراد الرفيق الذي يدل عليه؛ أيْ: لا يستحي من سؤاله".

* قوله: (ومن تيمم)؛ أيْ: لعدَم الماء، لا مطلقًا.

* قوله: (في الماء) متعلق بـ "يشك"، والمعنى: ثم رأى ما يشك في وجود الماء معه؛ أيْ: عند رؤيته.

* قوله: (لا في صلاة) وهل هو قيد، أو مثله الطواف، قياسًا على ما يأتي؟ توقف فيه الشيخ منصور -رحمه اللَّه تعالى-.

* قوله: (قريبًا) متعلق بكل من "دلَّه"، "وعَلِمَه"، لكن ليس حالًا، لأنه لا يجوز التنازع فيها.

* قوله: (أو عدو)؛ أيْ: فَوت العدو الذي هو قاصد إدراكه، بأن كان غرضه الظفر بذلك العدو، ويخاف فَوته، وأما خوفه من العدو، فهو المشار إليه بقوله "أو على نفسِه. . . إلى آخره".

* قوله: (لزمه) جواب (إن).

* قوله: (وإلا تيمم). . . . . .

(1) الشرح الكبير (2/ 198).

ص: 152

ولا تيممَ لخوفِ فوتِ جنازةٍ، ولا وقتِ فرضٍ إلا هنا، وفيما إذا وصل مسافرٌ إلى ماء، وقد ضاقَ الوقتُ أو عَلِمَ أن النوبةَ (1) لا تصلُ إليه إلا بعده.

ــ

قال في شرحه (2): "أيْ: لم يلزمه قصده، بأن خاف شيئًا من هذه الأشياء".

* قوله: (ولا يتيمم لخوف فَوت جنازة)؛ أيْ: مطلقًا.

* قوله: (إلا هنا) قال في شرحه (3): "أيْ: في الصورة المتقدمة، وهي ما إذا كان الماء قريبًا، وخُشي إن قصده خروج الوقت قبل وصوله، والطهارة به".

* قوله: (وفيما إذا وصل مسافر. . . إلخ) يقتضي أن ما قبله في غير المسافر، أو الأعم، وهو مخالف لما في كلام الأصحاب (4)، ولو قال كما في الإقناع (5):"ولا يصح التيمم خوف فَوت جنازة، ولا عيد، ولا مكتوبة، إلا إذا وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت، أو علم. . . إلى آخره"، لكان أقعد، وأحسن، فتأمل!

* قوله: (وقد ضاقَ الوقتُ. . . إلخ) قال في الحاشية (6): "وعلم منه أنه لو وصل إليه وأمكنه الصلاة به في الوقت، فأخَّر حتى خُشي الفوات، فكالحاضر؛ لأن قدرته تحققت فلا يبطل حكلمها بتأخيره، قاله المجد"(7)، انتهى.

(1) النَّوبة: الجماعة من الناس. القاموس المحيط ص (179) مادة (نوب).

(2)

شرح المصنف (1/ 426).

(3)

شرح المصنف (1/ 427).

(4)

انظر: الفروع (1/ 220)، الإنصاف (2/ 265).

(5)

الإقناع (1/ 86).

(6)

حاشية المنتهى (ق 25/ ب).

(7)

نقله في الإنصاف (2/ 265).

ص: 153

ومن ترك ما يلزمُه قبولُه، أو تحصيلُه من ماءٍ وغيرهِ، وتيمم، وصلى، أعاد.

ومن خرج لحرْثٍ، أو صيْدٍ ونحوِه، حمله إن أمكنه، ويتيمم إن فاتتْ حاجتُه برجوعِه، ولا يعيد.

ومن في الوقتِ أراقَه، أو مرَّ به وأمكنه الوضوءُ ويعلمُ أنه لا يجدُ غيرَه، أو باعَه، أو وهبه، حرُم ولم يصح العقدُ، ثم إن تيمم وصلى لم يُعِد.

ــ

أقول: انظر الفرق بين هذه المسألة، والمسألة الآتية في قوله:"ومن في الوقت أراقه، أو مَرَّ به وأمكنه الوضوء. . . إلخ"، فليحرر ذلك!

وقد يفرق بينهما: بإمكان استعمال الماء الآن في هذه، دون ما يأتي من مسألتَي الإراقة، والمرور (1).

* قوله: (أعاد) أي: وأثِمَ إن علم عدم صحة التيمم.

* قوله: (أو باعه أو وهبه) أي: لغير محتاج للشرب، لوجوب بذله حينئذ.

* قوله: (وصلى لم يعد) أي: ما لم يكن قادرًا على استرداده من المشتري، أو المتهب ولم يستخلصه منه، وليس للمشتري، ولا المتهب استعمال ذلك الماء، لأنه مقبوض بعقد فاسد، فهو كغصب، ولا تصح عبادته لو (2) استعمله في شرطها،

(1) قال الشيخ عثمان في حاشيته (1/ 99): "والفرق بين هذه المسألة والمسألة الآتية في قوله: (ومن في الوقت أراقه. . . إلخ): أنه هنا قادر على استعمال الماء، ولو بعد الوقت، فلم يجز له التيمم، بخلاف ما يأتي، فإنه وإن كان قادرًا قبل الإراقة، لكنه صار عادمًا للماء، فجاز تيممه كما لا يخفى، فتأمل! " اهـ.

(2)

في "أ": "ولو".

ص: 154

ومن ضلَّ عن رحْلِه وبه الماءُ وقد طلَبه، أو عن موضعِ بئرٍ كان يعرفها، فتيمم، أجزأه، ولو بان بعدُ بقربه بئرٌ خفيةٌ لم يعرفها، لا إن نسيه، أو جهله بموضعٍ يمكنُه استعمالُه، وتيمم كمُصلٍّ عريانًا، ومكفرٍ بصوم ناسيًا للسترةِ، والرقبةِ.

ويُتيمم لكلِّ حدثٍ. . . . . .

ــ

ما لم يكن جاهلًا بالحال، فإن خالف وأتلفه، لزمه بدله لا قيمته، لأن الماء مثلي، وقلنا بلزوم القيمة في مسألة الميت على خلاف القياس، فلا يقاس عليها، قاله شيخنا (1).

* قوله: (أو عن موضع بئر كان يعرفها) ظاهره ولو كانت بقربه، وظاهره أيضًا ولو ظَاهِرَة في نفسها، لكن أعلامها غير ظاهرة، ومنه تعلم أن عدم الإعادة في المسألة الآتية (2) أوْلَوِيٌّ؛ لأنه إذا كان لا يلزمه الإعادة في مسألة سبق المعرفة، وظهور البئر وقربها، لكن ضل عنها ولو كانت قريبة منه، فبالأولى إذا كانت خفية، وكان لا يعرفها ثم بانت، ولذلك سوى بينهما في الإقناع (3) حيث قال:"فأما إن ضل عن رحله وفيه الماء، وقد طلبه، أو كانت أعلام البئر خفية، ولم يكن يعرفها، أو كان يعرفها وضل عنها (4)، فإن التيمم يجزئه، ولا إعادة عليه".

* قوله: (ناسيًا) فقولهم: إن النسيان عذر، ليس على إطلاقه.

(1) انظر: كشاف القناع (1/ 169).

(2)

في قوله: "ولو بان بعدُ بقربه بئر خفية لم يعرفها".

(3)

الإقناع (1/ 81).

(4)

سقط من: "ب".

ص: 155

ولنجاسةٍ (1) ببدنٍ لعدمِ ماءٍ أو ضررٍ، ولو من بردٍ حضرًا بعد تخفيفها ما أمكن لزومًا، ولا إعادة.

وإن تعذر الماءُ والترابُ لعدمٍ، أو قروحٍ لا يستطيعُ معها مسَّ البشرةِ ونحوِها صلَّى الفرض فقط على حسب حالِه، ولا يزيدُ على ما يُجزِي، ولا يؤمُّ متطهرًا بأحدهما. . . . . .

ــ

* قوله: (ولنجاسة) أعاد الجار، إشارة لخلاف الأئمة الثلاثة (2).

* قوله: (ونحوها)؛ أيْ: الفروج.

* قوله: (صلَّى الفرض فقط) انظر قوله: "فقط" هل هو راجع لكل من "صلَّى"، و"الفرض" فلا يجوز له قراءة القرآن، ولا مس المصحف، ولا الطواف؟، أو راجع للفرض فحسب، كما هو صريح صنيع الشيخ في شرحه (3)، ويقال: إنه يباح له الطواف، ولو قلنا بلزوم التطهير له للعذر؟، والثاني مشكل جدًّا، مع أنه يمكن الفرق بين الصلاة والطواف بأن وقت الطواف، متسع بخلاف الصلاة.

* قوله: (ولا يزيد) قال في شرحه (4) على ما في بعض النسخ "إن كان جُنبًا"، وتوقف شيخنا (5) في فائدة هذا القيد بالنسبة إلى غير القراءة.

(1) في "م": "لكل نجاسة".

(2)

انظر: بدائع الصنائع (1/ 54)، مواهب الجليل (1/ 346)، المجموع شرح المهذب (2/ 209)، المغني (1/ 351، 352)، الفروع (1/ 222).

(3)

شرح المصنف (1/ 430).

(4)

شرح المصنف (1/ 430).

(5)

في حاشية المنتهى (ق 25/ ب)، وعبارته: "وتقييده في شرحه بالجُنُب غير ظاهر؛ لأنه =

ص: 156

ولا إعادةً، وتبطلُ بحدث ونحوه فيها.

وإن وجد ثَلْجًا، وتعذَّرَ تذويبُه مسح به أعضاءَه -لزومًا- وصلى، ولم يُعِد إن جرى بمسٍّ.

الشرطُ الثالثُ: ترابٌ طهورٌ. . . . . .

ــ

* قوله: (ونحوه) كطُرُوِّ نجاسة غير معفو عنها.

* قوله: (إن جرى بمسٍّ) مفهومه أنه إذا لم يجر بمسٍّ، تلزمه الإعادة، وفيه نظر؛ لأنه ليس أقوى من عادم الطهورين، مع أنه لا إعادة فيها، وقد يفرق بأن الواجب عليه إذا لم يجر بمسٍّ التيمم معه، فإذا ترك التيمم مع القدرة عليه لا يكون كفاقد الطهورين، بل هو واجد لأحدهما وقد تركه.

* قوله: (الشرطُ الثالثُ ترابٌ. . . إلخ) جَعْلُهم الترابَ ذا الغبارِ شرطًا في صحة التيمم، يقتضي عدم صحة التيمم على نحو الثوب، أو الحصير إذا كان هناك غبار، مع أنه لم يعرف قائل به من الأصحاب، فكان الظاهر أن يجعلوا الشرط غبار التراب، لا التراب ذا الغبار، لفساده كما ترى.

وقد يجاب بأن مراده الإشارة إلى خلاف من جَوَّز التيمم على كل ما صعد على وجه الأرض من جنسها (1).

ثم كتب ما نصه: "وأيضًا هو عَرَّف التيمم بأنه: "استعمال تراب. . . إلخ" (2)، فجَعَل التراب جزءًا من التعريف، فيكون من ماهية المعرف، وما كان جزءًا من

= وإن اتضح من حيث القراءة، لم يتضح بالنسبة إلى غيرها" اهـ.

(1)

كالشيخ تقي الدين، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، ورواية عن أحمد.

انظر: مجموع الفتاوى (21/ 364 - 366)، الفروع (1/ 223)، الاختيارات ص (20)، الإنصاف (2/ 214)، حاشية ابن عابدين (1/ 229)، حاشية الدسوقي (1/ 155).

(2)

كما تقدم ع (143).

ص: 157