الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب
النيةُ:
العزمُ على فعل الشيء. . . . . .
ــ
باب النية
محلها القلب، والتلفظ ليس بشرط، إذ الغرض جعل العبادة للَّه -تعالى-، وذلك حاصل بالنية، لكن زاد ابن الجوزي (1) وغيره (2) أنه يستحب أن يلفظ بما نواه، وإن سبق لسانه إلى غير ما نواه لم يضر (3).
وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: ولا يشترط في النية إضافة الفعل إلى اللَّه -تعالى-، بأن يقول: للَّه، أو فريضة للَّه ونحوه؛ لأن العبادات لا تكون إلا للَّه (4)،
(1) نقله في المبدع (1/ 414)، وانظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي ص (135).
(2)
كالفخر ابن تيمية في التلخيص، وابن تميم في مختصره، وابن رزين، قال الزركشي: هو الأولى عند كثير من المتأخرين.
انظر: مختصر ابن تميم (ق 15/ أ)، الإنصاف (1/ 307).
(3)
تقدم التنبيه على مسألة التلفظ بالنية، وأنه بدعة، انظر: ص (81).
(4)
قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله في حاشيته على الروض (1/ 124): "قوله: (ولا تعتبر إضافة الفعل إلى اللَّه. . . إلخ)، معناه: أنه لا يشترط أن ينوي بفعله أنه للَّه، بل تكفي نية العبادة فقط، وهذا هو المذهب، وقال أبو الفرج ابن أبي الفهم: الأشبه اشتراطه، قال في الإنصاف: وجزم به في الفائق اهـ، قلت: وهو الذي لا ريب فيه، وكيف لا يعتبر ذلك، وهذا هو روح الدين والإخلاص، لكن يكتفى هنا باستصحاب حكم النية في إضافة الفعل إلى اللَّه -واللَّه أعلم-".
ويزادُ في عبادة: تقربًا إلى اللَّه -تعالى-.
وهي شرطٌ لا يسقط بحال، ولا يمنعُ صحتها قصدُ تعليمها، أو خلاصٍ من خصم، أو إدمانِ سهر.
والأفضلُ: أن تقارِنَ التكبيرَ، فإن تقدمته بيسير لا قبل وقت أداءٍ وراتبةٍ، ولم يرتدَّ أو يفسخْها: صحَّت.
ــ
ولا عدد الركعات، بان يقول: أصلِّي الفجر ركعتين، أو الظهر أربعًا، لكن إن نوى مثلًا الظهر ثلاثًا أو خمسًا لم تصحَّ، ولا أن يضيف إلى نية الصلاة نية الاستقبال بأن يقول: أصلِّي كذا مستقبلًا.
* قوله: (ويزاد في عبادة)؛ أيْ: في تعريف نية العبادة.
* قوله: (ولا يمنع صحتها)؛ أيْ: صحة ما هي شرط له، كالصلاة هنا.
وبخطه: قال في الفروع (1): "والمراد: لا يمنع الصحة بعد إتيانه بالنية المعتبرة، لا أنه لا ينقص ثوابه، ولهذا ذكره ابن الجوزي فيما ينقص الأجر، ومثله قصده مع نية الصوم هضم الطعام، أو قصده مع نية الحج رؤية البلاد النائية، ونحو ذلك"، انتهى.
وقال ابن الجوزي (2) في الممتزج بشَوْب من الرياء وحظ النفس: "إن تساوى الباعثان فلا له ولا عليه، وإلا أُثِيب وأثِم بقدره"، انتهى.
* قوله: (فإن تقدمتَه بيسير) ظاهره ولو فعل شيئًا من المبطلات، كالكلام، أو حمل النجاسة، أو العري لغير عذر، أو استدبار القبلة، أو غير ذلك مما يبطل
(1) الفروع (1/ 390).
(2)
نقله في الفروع (1/ 498).
ويجب استصحابُ حكمها: فتبطل بفسخ في الصلاةِ، وتردُّد فيه، وعزم عليه لا على محظور. . . . . .
ــ
الصلاة غير الثلاثة المذكورة، وهو كذلك؛ لأنهم صححوا -على ما سيأتي- نية الفرض من قاعد (1).
قال في شرحه (2): هناك "ولو كان مستدبرًا".
وقال في الإقناع (3): "صحَّت حتى ولو تكلم بعدها وقبل التكبير، وكذا لو أتى بها قاعدًا"؛ انتهى، وغاية الأمر أنه يفوِّت بذلك أفضلية المقارنة.
وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: المراد باليسير ما لا تفوت به الموالاة، كما تقدم (4)[في الغسل](5).
* قوله: (ويجب استصحاب حكمها)؛ أيْ: إلى آخر الصلاة، دون ذكرها، فلو ذهل عنها، أو عزبت عنه في أثناء الصلاة لم تبطل؛ لأن التحرز من هذا غير ممكن، وقياسًا على الصوم وغيره.
* قوله: (وتردد فيه)؛ أيْ: في الفسخ في أثناء الصلاة؛ لأن استدامة النية شرط لصحتها، ومع التردد تبطل الاستدامة، وفي ذلك وجه (6)؛ لأنه دخل بنية متيقنة فلا تزول بالشك.
* قوله: (وعزم عليه)؛ أيْ: على فسخها؛ [لأن النية عزم جازم، ومع العزم
(1) ص (277) في قوله: "وتصح نية فرض من قاعد".
(2)
شرح المصنف (1/ 665).
(3)
الإقناع (1/ 162).
(4)
ص (137) في قوله: "وتُسَن موالاة، فإن فاتت، جدد لإتمامه نِية".
(5)
ما بين المعكوفتين سقط من: "أ".
(6)
انظر: المغني (2/ 123، 134)، الفروع (1/ 349)، الإنصاف (3/ 368، 369).
وبشكِّه هل نوى أو عيَّن؟ فعمل معه عملًا ثم ذكر.
وشُرط مع نية الصلاة تعيينُ معينةٍ، لا قضاءٌ في فائتة، وأداءٌ في حاضرة، وفرضيَّةٌ في فرض، وتصح نيةُ فرض من قاعد، وقضاءٌ بنيَّة أداء وعكسُه، إذا بان خلافَ ظنِّه، لا إن علم.
ــ
على فسخها لا جزم، فلا نِية وفي ذلك وجه (1). وقيل: تبطل بالعزم على فسخها] (2) دون التردد فيه (3).
* قوله: (هل نوى)؛ أيْ: أنَوَى (4) أم لم ينوِ.
* قوله: (أو عين)؛ أيْ: هل عين ظهرًا، أو عصرًا، أو مغربًا، أو عشاءً؟، وظاهر السياق، وكلام الشارح (5) يقتضي أن الصلاة تبطل حتى في هذه الصورة.
قال شيخنا: "وينبغي أن يقال في هذه الصورة ببطلان الفرضية، لا ببطلان الصلاة رأسًا".
* قوله: (وشرط مع نِية الصلاة. . . إلى آخره) كان ينبغي تقديمه على قوله: "وبِشَكِّه هل نوى أو عيَّن".
* قوله: (لا إن علم)؛ أيْ: لا إن تحقق في حال نِية القضاء بقاء الوقت، وفي حال نية الأداء خروجه، فإنها لا تصحُّ؛ لأنه متلاعب. ومحلُّه إذا كان قد قصد المعنى الاصطلاحي، أما إن قصد المعنى اللغوي فإن نيته صحيحة، لأن كلًّا منهما
(1) انظر: المراجع السابقة.
(2)
ما بين المعكوفتين سقط من: "ج" و"د".
(3)
انظر: المراجع السابقة.
(4)
في "أ" و"ب" و"ج" و"د": "نوى".
(5)
شرح المصنف (1/ 663).
وإن أحرم بفرض في وقتِه المتسع ثم قلبه نفلًا: صح مطلقًا، وكُره لغير غرضٍ، وإن انتقل إلى آخرَ: بطُل فرضُه، وصار نفلًا، إن استمر ولم ينوِ الثاني من أوله بتكبيرة إحرام، فإن نواه: صح.
ومن أتى بما يفسد الفرض فقط: انقلب نفلًا، وينقلب نفلًا ما بان عدمه كفائتة، فلم تكن. . . . . .
ــ
يستعمل بمعنى الآخر لغةً، وإلى هذا يشير كلام المحشِّي (1).
* قوله: (المتسع) فإن كان ضيقًا لزمه استئناف فرضه.
* قوله: (صح مطلقًا)؛ أيْ: سواء صلَّى الأكثر منها كثلاث من ظهر، أو اثنتين من مغرب، أو لا، وسواء كان انتقاله لغرض صحيح، مثل أن يحرم منفردًا، ثم تقام الجماعة ويريد الصلاة جماعة، أو لم يكن له غرض صحيح، ووجه ذلك أن النفل يدخل في نية الفرض، أشبه ما لو أحرم بفرض فبان قبل وقته، وكما لو قلبه لغرض صحيح، وعنه: لا يصح أن يقلبه نفلًا لغير غرض صحيح (2)، فتبطل الصلاة بذلك؛ لأنه أبطل عمله لغير فائدة.
* قوله: (بطل فرضه)؛ أيْ: الأول.
* قوله: (ومن أتى بما يفسد الفرض. . . إلى آخره) كما لو ترك القيام لغير عذر أو ترك رجل ستر أحد عاتقَيه، أو صلَّى في الكعبة، أو اقتدى بمتنفِّل، أو بصبي مع اعتقاد جوازه، أو شرب شيئًا يسيرًا، أو نحو ذلك، وهذا الكلام يدل بظاهره على أن له الإتمام مطلقًا، ولعل محلَّه ما لم يكن إمامًا، أو يضِق الوقت، بناءً على ما ذكروه
(1) حاشية المنتهى (ق 43/ ب).
(2)
انظر: المغني (2/ 135)، الفروع (1/ 397)، الإنصاف (3/ 372).
أو لم يدخل وقتُه، وإن علم: لم تنعقد.
ــ
فيمن أحرم بحاضرة، ثم تذكر أن عليه فائتة (1)، ويمكن أن يقال: إن قولهم بصحة الانقلاب (2) لا ينافي حرمة الإتمام في بعض الأحوال، وضيق الوقت أو كونه إمامًا إنما يقتضي كون القطع واجبًا، لا عدم صحة الانتقال، ولا ينافيه ما يأتي في قوله في الباب الآتي (3) في التكبير:"فإن أتى به أو ابتدأه أو أتمه غير قائم، صحَّت نفلًا إن اتسع الوقت"؛ لأن ذلك بعد انعقادها وهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرونه في الأوائل (4).
* قوله: (أو لم يدخل) عطف على "بأن" مع تقدير "ما" المفسرة في كلام الشارح (5) بفرض، والمعنى (6): وينقلب نفلًا فرض بان عَدَمَه كَفَائِتِه. . . إلخ، أو فرض لم يدخل وقته.
(1) انظر: المغني (2/ 340، 341)، الإنصاف (3/ 187، 188).
(2)
بهامش "د" إشارة إلى وجود نسخة: "الانتقال".
(3)
ص (290).
(4)
قال الشيخ ابن حميد في حاشيته (ق 41/ ب) نقلًا عن الشيخ عبد الوهاب بن فيروز: "قلت: الذي يظهر أن التقييد بعدم ضيق الوقت لازم -كما يأتي- في تكبيرة الإحرام، ولا يقال إن ما ذكرنا هنا بعد الانعقاد، وما تَمَّ قَبْلُ، والتواني يغتفر فيها؛ لأنَّا نقول: لا فرق في ذلك؛ لأن الوقت إذًا غير متسع إلا لأداء فرض، وقوله: "والثواني. . . إلخ" لا يلائم إلا طردًا. أ. هـ. ع. ب. وعلى القول بصحة الانقلاب قال ابن قندس: المراد إذا كان النفل يصح في ذلك الوقت، فإن كان وقت كراهة كوقت الغروب، ووقت الاستواء لم يصح نفلًا أيضًا، قاله في شرح الهداية. اهـ، أقول: وبعد الفجر إلى أن تطلع الشمس، وهو ظاهر".
(5)
شرح المصنف (1/ 667).
(6)
في "أ": "والمعين" وهو تحريف.