الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحضورُها لمعذور، ولمن اختلف في وجوبها عليه كعبدٍ أفضل، ونُدب تصدُّقٌ بدينار، أو نصفِه لتاركها بلا عذر، وحرُم سفرُ من تلزمُه (1) في يومها بعد الزوال حتى يصليَ إن لم يخف فَوت رُفْقَته، وكُره قبلَه إن لم يأت بها في طريقه فيهما.
* * *
1 - فصل
ولصحتها شروطٌ. . . . . .
ــ
* قوله: (لمعذور)؛ أيْ: يرجى زوال عذره، على ما في المبدع (2).
* قوله: (من تلزمه)؛ أيْ: بنفسه، أو بغيره، ولعله أراد من يلزمه الحضور، ويكون احترز بذلك حتى عمن صلَّى العيد في يومها، وقلنا إنها سقطت عنه سقوط حضور، لا وجوب، فإن الظاهر أن سفره في يومها حينئذٍ، كسفره في غيره من بقية الأيام.
* قوله: (وكره قبله) لعله ما لم يكن من العدد المعتبر، وكان يعلم أنه لا تكمل بغيره، فإنه يحرم.
* قوله: (إن لم يأت بها في طريقه)؛ أيْ: إن لم يظن التمكن من الإتيان بها فيه.
* قوله: (فيهما)؛ أيْ: مسألتَي الحرمة والكراهة.
فصل في شروطها
(1) بعده في "م" زيادة: "الجمعة".
(2)
المبدع (2/ 145).
ليس منها إذنُ الإمام:
أحدها: الوقتُ وهو من أولِ وقتِ العيد إلى آخر وقت الظهر، وتلزمُ بزوالٍ، وبعدَه أفضل.
ولا تسقطُ بشك في خروجه، فإن تحقَّق قبلَ التحريمة صلَّوا ظهرًا. . . . . .
ــ
* قوله: (ليس منها إذن الإمام) قصد به بيان المخالفة لمن اشترط ذلك، كأبي حنيفة (1).
وبخطه: ويؤخذ من عدم ذكره في شووط الوجوب، أنه ليس من شروطه أيضًا، وإن قيل به على ما في غاية المطلب (2)، فراجعه إن شئت.
* قوله: (أحدها الوقت) في غاية المطلب (3): "الثالث الوقت، فتجب بالزوال، لا وقت عيد على الأظهر، وعنه: يجوز وقت عيد، اختارها الأكثر وهي المذهب (4)، وعنه: بعد الزوال (5)، وقيل: تجوز بعد طلوع فجر وقبل طلوع شمس، فإن خرج الوقت قبلها صلَّوا ظهرًا، وإن كانوا فيها أتموا جمعة نصًا، وهو ظاهر المذهب"(6)، انتهى.
والقول بأنها تجوز بعد طلوع الفجر، وقبل طلوع الشمس غريب.
(1) انظر: بدائع الصنائع (1/ 261).
(2)
غاية المطلب (ق 27/ ب).
(3)
غاية المطلب (ق 27/ ب).
(4)
انظر: المغني (3/ 206)، الفروع (2/ 101)، الإنصاف (5/ 246).
(5)
انظر: المصادر السابقة.
(6)
انظر: المصادر السابقة.
وإلا أتمُّوا جمعة.
الثاني: استيطانُ أربعين ولو بالإمام من أهل وجوبها بقوية. . . . . .
ــ
* قوله: (وإلا أتموا جمعة)؛ أيْ: وإلا يتحقق الخروج قبل التحريمة، بأن (1) لم يتحقق شيء وهي مسألة الشك السابقة (2)، [وبأن يتحقق بعد التحريمة بقاء الوقت قبلها](3)، وبأن تحقق بعد التحريمة خروج الوقت؛ أيْ: أن التحريمة وقعت في الوقت، ثم تحققوا خووجه بعدها، وبأن تحقق بعد التحريمة أنها كانت بعد خروجه.
والحكم في المسألة الأولى وجوب الجمعة، وفي الثانية والثالثة وجوب إِتمامها، وفي الرابعة وجوب استئنافها ظهرًا، وجاز أن يتموا ما أحرموا به نفلًا، فتدبر!.
* قوله: (الثاني استيطان أربعين) لا يقال إِن هذا مكرر مع ما تقدم (4)؛ لأن ذاك (5) في معرض ذكر شروط الوجوب، وهذا في معرض ذكر شروط الصحة، فتأمل!.
وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قال ابن مفلح في حواشي الفروع (6) "لو اجتمع في السجن أربعون، هل يصلون جمعة، لأنهم في حكم المستوطنين، والصلاة في المسجد ليست شرطًا، والانفراد عن الجمع يجوز للحاجة؛ ويحتمل أن يصلوا ظهرًا لعدم الاستيطان، أشبه ما لو حبسوا بخيمة، أو صحراء في بعد عن المِصر.
(1) في "ج" و"د": "فإن".
(2)
في قوله: "ولا تسقط بشك في خروجه".
(3)
ما بين المعكوفتين سقط من: "ب".
(4)
ص (473) من اعتبار الاستيطان في قوله: "تجب على كل مسلم مكلف حر مستوطن".
(5)
في "ب" و"ج" و"د": "ذلك".
(6)
لم أقف عليه.
فلا تُتَمَّ من مكانين متقاربين، ولا يصح تجميعُ أهلِ كامل في ناقص، والأَوْلى مع تتمة العدد: تجميعُ كلِّ قوم.
الثالثُ: حضورُهم ولو كان فيهم خرسٌ أو صمٌّ لا كلُّهم، فإن نقصوا قبلَ إتمامها: استأنفوا ظهرًا إن لم تمكن إعادتها، وإن بقي العددُ ولو ممن لم يسمع الخطبة ولحقوا بهم قبل نقصهم: أتمُّوا جمعةً.
ــ
ثم رأيت عن السبكي من الشافعية (1) أنه قال: يصلون ظهرًا؛ لأنه لم يبلغنا أن أحدًا من السلف فعل ذلك، مع أنه كان في السجن أقوام من العلماء المتورعين، مع كثرة العدد، قال: ولأن المقصود إقامة الشعائر (2)، والسجن ليس محلًا لذلك، فهي غير جائزة، سواء ضاق البلد الذي فيه السجن أو اتسع، لكنهم يصلونها ظهرًا جماعة، بعد فراغ جمعة البلد"، انتهى.
وقول السبكي في آخر عبارته: "بعد فراغ جمعة البلد، وهو عندنا على سبيل الأولوية، لا على سبيل الوجوب، إذ هم معذورون (3).
* قوله: (من مكانيَن متقاربَين)؛ أيْ: لم يشملها اسم بلدة واحدة.
* قوله: (الثالث حضورهم)؛ أيْ: الأربعين، لكل من الخطبة والصلاة.
* قوله: (وإن بقي العدد ولو ممن لم يسمع الخطبة، ولحقوا بهم قبل نقصهم أتموا جمعة)، حاصل هذه العبارة: أنه إذا نقص (4) بعض الحاضرين بعد إحرام الإمام، وإحرامهم معه فبقي مع الإمام أربعون بعد الانفضاض، فإن الجمعة لا تبطل بذلك،
(1) لم أقف عليه. وانظر: نهاية المحتاج (2/ 287).
(2)
في "ب" و"ج" و"د": "الشعار".
(3)
انظر: الفروع (2/ 93)، والإنصاف (5/ 179).
(4)
في "ب": "أنقضى"، وفي "ج" و"د":"نقض".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيتمها الإمام ومن معه جمعة لكن تحت ذلك صورتان:
إحداهما (1): أن يبقى بعد الانفضاض والنقص مع الإمام أربعون قد حضروا الخطبة، بأن كانوا خمسين من أول الخطبة، ثم بعد الإحرام ذهب منهم عشرة فأقل، ولا إشكال في صحة الجمعة في هذه الصورة.
وأما الصورة الثانية: وهي ما إذا بقي مع الإمام بعد النقص أربعون لم يحضر بعضهم الخطبة، بأن حضر الخطبة أربعون مثلًا، ويعدى فراغ الخطبة حضر عشرة، فأحرم بالجميع، ثم انفض عشرة ممن حضر الخطبة، ففي هذه الصورة خلاف (2)، الصحيح أنه يتم الإمام ومن معه جمعة، وهي المشار إليها بقوله (ولو ممن لم يسمع الخطبة. . . إلخ) وتقدير العبارة:(وإن بقي العدد)؛ أيْ: المعتبر، وهو أربعون بعد انفضاض بعض (3) الحاضرين الذين معه في الصلاة، ولو كان العدد الباقي معه (ممن لم يسمع الخطبة)؛ أيْ: من الذين لم يسمعوا الخطبة، وإنما أفرد ضمير "يسمع" مراعاة للفظ (مَن)، وقوله:(ولحقوا بهم قبل نقصهم) عطف على الصلة أو الصفة، أعني (لم يسمع)، لا على المنفي أعني:(يسمع)، وفيه مراعاة المعنى بعد مراعاة اللفظ، وهو عربي جيد (4)، يعني ولو كان الباقي معه جماعة لحقوه؛ أيْ: دخلوا معه قبل النقص، ولو لم (5) يسمعوا الخطبة، واللَّه أعلم بالصواب.
(1) في "ج" و"د": "أحدها".
(2)
انظر: المغني (3/ 210)، الفروع (2/ 112)، الإنصاف (5/ 201 - 204).
(3)
سقط من: "ب".
(4)
انظر: حاشية الصبان على شرح الأشموني (1/ 161).
(5)
في "ب" و"ج" و"د": "ولم".
وإن رأى الإمامُ وحدَه العددَ فنقص: لم يجز أن يؤمَّهم، ولزمه أن يستخلف أحدهم، وبالعكس لا تلزم واحدًا منهما.
ولو أمره السلطانُ، أن لا يصليَ إلا بأربعين: لم تَجز بأقلَّ، ولا أن يستخلفَ بخلاف التكبيرِ الزائد، وبالعكس الولايةُ باطلة، ولو لم يَرَها قوم بوطنٍ مسكون. . . . . .
ــ
* قوله: (لم يُجز بأقل)؛ أيْ: ولو اعتقد صحتها بدون ذلك، ذكره الشارح (1).
ولو لم يَرَها قوم بوطنٍ مسكون فللمحتسِبِ أمرُهم برأيه بها.
وبخطه: هذا كلام القاضي في الأحكام السلطانية (2)، ولعله يقول إن إذن الإمام معتبر، فراجعه (3)!.
وانظر هل مثله لو أمره أن لا يجمع قبل الزوال؛ واستظهر شيخنا أنه مثله.
* قوله: (ولا أن يستخلف)؛ أيْ: ليس لمن ولاه أن يصلي بأربعين أن يستخلف من يصلي بأقل، لقصر ولايته، ذكره في الحاشية (4).
لكن يجب على غيره منهم الصلاة بنصب إمام غيره.
* قوله: (بخلاف التكبير الزائد) يطلب الفرق،. . . . . .
(1) شرح المصنف (2/ 286).
(2)
الأحكام السلطانية ص (106) وعبارته: "وإذا أمر السلطان الإمام أن لا يصلي بأربعين لم يُجز أن يصليها بأقل من أربعين، وإن كان يراه مذهبًا، لأنه مقصود الولاية على الأربعين، ومصروف عما دونها، ولا يجوز أن يستخلف عليهم من يصليها لصرف ولايته عنها، فإن أمره السلطان أن يصلي بأقل من أربعين وهو لا يراه، فالولاية باطلة، لتعذرها من جهته".
(3)
في "أ" و"ب": "فراجع".
(4)
حاشية المنتهى (ق 67/ ب).
فللمحتسِبِ أمرُهم برأيه بها.
ــ
وبعضهم فرق بصورة المسألة (1).
* قوله: (فللمحتسب. . . إلخ) وهل إذا أمرهم بالصلاة يصلونها جمعة، ثم يصلون ظهرًا، قياسًا على ما إذا خافوا أذى من إمام فاسق، حيث قالوا: يصلون خلفه ويعيدون (2)؟
ثم رأيته في الحاشية (3) قال (4) ما نصه: "والظاهر أنه إذا أمرهم بها لا يلزمهم فعلها، بل ولا يجوز لهم لفسادها، ففائدة الأمر إظهار وجوب الجمعة، لولا نقص العدد، ويحتمل أن يصلوها، ثم يعيدوا ظهرًا (5) للحاجة، كالصلاة خلف فاسق خاف منه أذى، واللَّه أعلم"؛ انتهى.
(1) قال ابن قندس في حاشيته على الفروع (ق 97/ أ): (المراد -واللَّه أعلم- إذا كان الإمام يرى التكبير الزائد في صلاة العيد، والمأموم لا يراه، فيجوز أن يؤمهم، وكذا التكبير الزائد في صلاة الجنازة، إذا كان يراه الإمام دون المأموم؛ لأن هذا لا دخل له في إبطال الصلاة، بخلاف نقص العدد في الجمعة؛ لأن اعتقاد العدد في الجمعة يؤثر عدمه بطلان الصلاة عند معتقده، بخلاف التكبير الزائد في العيد والجنازة، فإنه لا تأثير له في إبطال الصلاة" اهـ.
قال ابن حميد في حاشيته على شرح المنتهي (ق 67/ ب) بعد نقله كلام ابن قندس السابق: "قوله: (بخلاف التكبير الزائد) قال الشيخ يوسف: الظاهر أن معناه إذا أمره السلطان بفعل التكبير الزائد في صلاة العيد جاز له تركه، والفرق: أن التكبير الزائد مسنون، فيجوز تركه، بخلاف عدد الجمعة؛ لأنه شرط" اهـ.
(2)
انظر: الفروع (2/ 15)، كشاف القناع (1/ 475).
(3)
حاشية المنتهى (ق 67/ ب).
(4)
سقط من: "أ".
(5)
في "ج" و"د": "الظهر".
ومن في وقتها أحرم وأدرك مع الإمام منها ركعةً: أتمَّ جمعةً، وإلا فظهرًا إن دخل وقتُه ونواه، وإلا فنفلًا.
ومن أحرَم معه ثم زُحم لزمَه السجودُ على ظهرِ إنسانٍ أو رِجْلِه.
ــ
* قوله: (ومن في وقتها. . . إلخ).
* تنبيه: صرحوا بأن وقت الجمعة يدرك بتكبيرة إحرام (1)، وأن جماعتها لا تدرك إلا بركعة (2)، مع أن كلًّا من الوقت والجماعة شرط، فما الفرق بينهما (3)؟
* قوله: (وإلا فظهرًا) ينبغي أن يكون التقدير: فإنه يتم ظهرًا فيكون الجواب جملة اسمية، حتى يحسن الإتيان بالفاء، وإلا لم يحسن الإتيان بالفاء لو كان المُقَدَّر مجرد الفعل، إذ هو مما يصلح للشرطية.
قال ابن مالك (4):
واقْرُن بِفَا حَتْمًا جوابًا لو جُعِل
…
شرطًا لإِن أو غيرها لم يَنْجَعِلْ
ومنه: (وإلا فنفْلًا).
* قوله: (وإلا فنفْلًا)؛ أيْ: وإن لم يدخل وقته فنفْلًا؛ أيْ: فإنه يتمها نفْلًا مع نية الجمعة، وحينئذٍ فليلغز به، ويقال (5): إنسان صلَّى ما لم ينوِ، ونوى ما لم يُصَلِّ.
(1) انظر: الفروع (2/ 132)، الإنصاف (5/ 192، 193).
(2)
انظر: الفروع (2/ 96، 97)، الإنصاف (5/ 204).
(3)
قال الشيخ عثمان في حاشيته (1/ 356): "الفرق أن الجماعة شرط لها، وهو داخل في الماهية، والوقت شرط، وهو خارج الماهية، وما هو داخل الماهية آكد".
(4)
ألفية ابن مالك ص (58).
(5)
في "أ": "فيقال".
فإن لم يمكنه فإذا زال الزحامُ، إلا أن يخاف فوتَ الثانية فيتابعُه فيها وتصير أُولاه ويُتمُّها جمعةً، فإن لم يتابعه عالمًا تحريمَه: بطُلت، وإن جهله فسجد ثم أدركه في التشهد أتى بركعةٍ بعدَ سلامه، وصحَّت جُمعتُه، وكذا لو تخلَّف لمرضٍ (1) أو نوم أو سهو ونحوِه.
الرابعُ: تقدُّمُ خطبتين بدلَ ركعتين، لا من الظهر من شرطهما:
ــ
وأقول: فيه نظر، لأنهم صرحوا بأن نية الفرض متضمنة لنية النفْل (2)، فلم يصدق عليه أنه صلَّى ما لم ينوه.
* قوله: (تقدم خطبتَين) هو من قبيل إضافة الصفة للموصوف؛ أيْ: خطبتان متقدمتان، وهذا في معنى شرطَين، والمراد: أنه يشترط وجود خطبتَين، ويشترط أن يكونا متقدمتين على الصلاة، فتدبر!.
* قوله: (لا من الظهر)؛ لأن الصحيح من المذهب أنها؛ أيْ: الجمعة صلاة مستقلة، لا بدل من الظهر (3)، وعليه فيشكل قولهم إنها إذا فاتت تصلَّى ظهرًا، إذ كان مقتضى هذا القول أنها إنما تعاد على هيئتها التي هي (4) عليها، كباقي الصلوات إذا أعيدت، فلتطلب حكمة التخصيص؟
وقد يقال: لا حكمة له سوى الورود، وأما الجواب بأن الجمعة لا تعاد (5)
(1) في "م": "أم" وهو تحريف.
(2)
في قولهم: "وينقلب نفلًا ما بأن عدمه، كفائته فلم تكن، أو لم يدخل وقته"، وسبق ذلك ص (278)، وانظر: الإنصاف (3/ 371).
(3)
انظر: الفروع (2/ 87)، الإنصاف (5/ 158)، وتقدم ص (472، 473).
(4)
في "أ": "كانت".
(5)
انظر: الفروع (2/ 87).
الوقتُ، وأن يصح أن يؤمَّ فيها، وحمدُ اللَّه -تعالى-، والصلاةُ على رسوله عليه السلام، وقراءةُ آية ولو جُنُبًا مع تحريمها، والوصيةُ بتقوى اللَّه -تعالى- في كلِّ خطبة، وموالاةُ جميعهما مع الصلاة، والنيةُ، والجهرُ بحيث يُسمِعُ العددَ المعتبر حيث لا مانع، وسائرُ شروط الجمعة. . . . . .
ــ
فمصادرة، فتدبر!.
* قوله: (وحمد اللَّه تعالى)؛ أيْ: بلفظ الحمد للَّه.
* قوله: (والصلاة على رسوله)(1) انظر هل يشترط أن يكون بلفظ اسمه، كما يقول الشافعية (2)؟ حرره (3)!.
* قوله: (وسائر شروط الجمعة)؛ أيْ: باقي شروط الجمعة، ككون الأربعين
(1) قال ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام ع (524): "والدليل على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة ما رواه عبد اللَّه بن أحمد: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا خالد، حدثني عون بن أبي جحيفة كان أبي من شُرَط علي رضي الله عنه، وكان تحت المنبر، فحدثني أنه صعد المنبر -يعني عليًّا رضي الله عنه فحمد اللَّه وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم. . . "؛ ثم ذكر ابن القيم رحمه الله آثارًا عن الصحابة في ذلك، ثم قال في ص (526):"فهذا دليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطب كان أمرًا مشهورًا، معروفًا عند الصحابة رضي الله عنهم".
(2)
انظر: نهاية المحتاج (2/ 300)، مغني المحتاج (1/ 285).
(3)
في الفوكه العديدة لابن منقور (1/ 135): "قال يحيى الفومني على هامش الإنصاف بخط يده على قوله: (ويصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة): ظاهر كلامهم اشتراط إظهار اسمه الشريف، كقوله: اللهم صَلِّ على محمد، أو على النبي، فلا يكفي صلى الله عليه وسلم ونحوه، ولو سبقه قول: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه ونحوه والظاهر أن حكم خطبة الجمعة وحكم التشهد واحد، فليحرر!، انتهى. هذا الذي تقرر لنا عند شيخنا" اهـ.
قال الشيخ عبد اللَّه أبو بطين بعد نقله كلام الفومني السابق: "وهكذا رأيت لغيره من فقهاء نجد، وذكر بعض الشافعية". انظر: حاشية العنقري (1/ 291).
للقدْرِ الواجبِ.
لا الطهارتان، وسترُ العورة، وإزالةُ النجاسة، ولا أن يتولاهما واحد، ولا من يتولَّى الصلاةَ، ولا حضورُ متولِّي الصلاةِ الخطبةَ.
ويبطلُها كلامٌ محرَّمٌ ولو يسيرًا، وهي بغير العربية كقراءة.
ــ
مستوطنين حين الخطبة، فلو كانوا بسفينة مسافرين فيها من قرية واحدة، وخطبهم أحدهم، ولم يَصِلوا القرية حتى فرغ الخطبتين لم تجزئا، ولزمه استئنافها، ذكره الشارح (1).
* قوله: (للقدر الواجب) خبر مبتدأ محذوف؛ أيْ: وهذه الشروط للقدر (2). . . إلخ، نبه عليه الشارح (3).
* قوله: (لا الطهارتان. . . إلخ)؛ أيْ: لا يشترط للخطبتَين.
* قوله: (ولا أن يتوالاهما واحد) ويعايا بها، فيقال: عبادة بدنية محضة وصحَّت من اثنين (4).
* قوله: (ولا حضور متولي الصلاة) ما لم يكن من العدد المعتبر، كما علم من قوله (وسائر شروط الجمعة)، إذ من جملة ذلك حضور الأربعين.
* قوله: (وهي بغير العربية كقراءة) وتقدم أنه إن لم يحسن القراءة بالعربية
(1) شرح منصور (1/ 297).
(2)
من هنا يبدأ السقط في نسخة "ب" إلى قوله في باب: محظورات الإحرام: "ويلزمه بأكله الجزاء؛ أيْ: جزاء ما ذبح أو صِيد لأجله"(2/ 328).
(3)
شرح منصور (1/ 297).
(4)
انظر: النكت على المحرر (1/ 151).
وسُنَّ أن يخطبَ على مِنبر أو موضعٍ عالٍ عن يمين مستقبلِي القبلة، وإن وقف بالأرض فعن يسارِهم، وسلامُه إذا خرج، وإذا أقبل عليهم، وجلُوسه حتى يؤذَّن، وبينهما قليلًا. . . . . .
ــ
حرم ترجمته عنها بغيرها، لكن قال ابن رجب في القاعدة العاشرة (1):"خطبة الجمعة لا تصح مع القدرة بغير العربية، على الصحيح (2)، وتصح مع العجز"، انتهى.
قال في الإقناع (3): "غير القراءة، فإن عجز عنها وجب بدلها ذكر"، انتهى.
واعلم أن كلام الإقناع هو الموافق لما أسلفه المص في صفة الصلاة (4)، وهو الذي أحال عليه هنا بقوله:(كقراءة)، فتدبر!.
* قوله: (عن يمين مستقبلي القبلة) المراد بها: المحراب.
* قوله: (وإن وقف بالأرض فعن يسارهم) ولعل هذا للورود (5)، وإلا فلا علة ظاهرة تقتضيه، مع أن مذهب الشافعية (6) أن السنة أن يكون على اليمين مطلقًا.
(1) القواعد ص (13).
(2)
انظر: الفروع (2/ 113)، الإنصاف (5/ 226).
(3)
الإقناع (1/ 297).
(4)
ص (295) في قوله: "فإن لم يحسن قرآنًا حرم ترجمته، ولزم قول سبحان اللَّه والحمد للَّه. . . إلخ".
(5)
لم أجد فيه نقلًا إلا عن أبي المعالي، قال في الإنصاف (5/ 236):"وأما إذا وقف الخطيب على الأرض فإنه يقف عن يساره مستقبلي القبلة، بخلاف المنبر، قاله أبو المعالي".
وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (2/ 67): "قوله: (كان منبر النبي صلى الله عليه وسلم على يمين القبلة) لم أجده حديثًا، ولكنه كما قال: فالمستند فيه إلى المشاهدة، ويؤيده حديث سهل ابن سعد في البخاري في قصة عمل المرأة المنبر، قال: فاحتمله النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه حيث ترون".
(6)
انظر: فتح العزيز (4/ 596)، المجموع شرح المهذب (4/ 527).
فإن أبي أو خطبَ جالسًا فَصَلَ بسكتة، وأن يخطبَ قائمًا معتمدًا على سيف أو قوس أو عصا قاصدًا تلقاءَه، وقصَرُهصا، والثانيةُ أقصرُ. . . . . .
ــ
* قوله: (أو خطب جالسًا)؛ أيْ: ولو كان لغير عذر، فعلم من هذا أن القيام ليس من شروط (1) الخطبتَين. ومذهب الشافعي (2)[أن القيام ركن مع القدرة](3)، وهذا معلوم من قول المص:"وإن يخطب قائمًا"، حيث جعله سنة، لا شرطًا.
* قوله: (معتمدًا على سيف. . . إلخ)؛ أيْ: يكون بإحدى يدَيه.
قال في الفروع (4): "ويتوجه باليسرى، ويعتمد بالأخرى على حرف المنبر"، وَوَجْهُ ما بحثه صاحب الفروع: أن الأصل مشروعية الاعتماد على نحو السيف، الإشارة (5) إلى أن هذا الذين ظهر بالسيف، فلما تم أمره جعل السيف ممسوكًا على حالة تغاير إمساكه في حالة القتال.
ثم رأيت في الهدي (6) لابن القيم ما نصه: "وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها"(7) إلى أن قال: "وكان أحيانًا يتوكأ على قوس، ولم يُحفظ عنه أنه توكأ
(1) في "أ": "شرط".
(2)
انظر: المجموع شرح المهذب (4/ 514)، مغني المحتاج (1/ 287).
(3)
ما بين المعكوفتين في "د": "أن القيام مع القدرة شرط".
(4)
الفروع (2/ 116).
(5)
في "أ": "إشارة".
(6)
زاد المعاد (1/ 189، 190).
(7)
من حديث الحكم بن حزن، ولفظه:(وفدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة، فقام متوكئًا على عصا أو قوس. . . ". أخرجه أحمد (4/ 212).
وأبو داود في كتاب: الصلاة، باب: الرجل يخطب على قوس (1/ 287) رقم (1096). قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/ 69): "وإسناده حسن، فيه شهاب بن خراش، وقد =
ورفعُ صوته حسَب طاقتِه، والدعاءُ للمسلمين، ويباح لمعيَّنٍ، وأن يخطب من صحيفة.
* * *
ــ
على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر، إشارة إلى أن الدِّين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين: أحدهما: أن المحفوظ إنما هو الاتكاء على العصا والقوس، والثاني: أن الدِّين إنما قام بالوحي، وأما السيف فلحق أهل العناد والشرك، ومدينة رسول اللَّه التي كانت خطبته فيها إنما فتحت بالقرآن، ولم تفتح بالسيف"، انتهى ملخصًا.
* قوله: (حسَب طاقته) بفتح السين، ولا تُسَكَّن إلا في الضرورة على ما في الصحاح (1)، ومعناها: قَدْر الشيء وعَدَدُه، فاحفظه.
* قوله: (ويياح لمعيَّنٍ)؛ لأنه ورد أن أبا موسى الأشعري دعا لعمر في خطبته (2). وكان مقتضى هذا أن يكون الدعاء للسلطان سنة حينئذٍ؛ لأنه فعل صحابي.
قال شيخنا: "وهذا ليس بلازم، كما أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليس بلازم أن يكون للتشريع، فقد يكون لبيان الجواز"(3).
= اختلف فيه، والأكثر وثقوه، وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة، وله شاهد من حديث البراء بن عازب، رواه أبو داود بلفظ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي يوم العيد قوسًا فخطب عليه".
(1)
الصحاح (1/ 110) مادة (حسب).
(2)
رواه الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي. قال الحافظ ابن كثير: "هذا إسناد غريب. . . ولكن لهذا شواهد كثيرة من وجوه أخر" مسند الفاروق (2/ 673).
(3)
انظر: التحبير شرح التحرير (3/ 1489).