الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - فصل
تصح صلاة الخوف بقتال مباح، ولو حضرًا مع خوف هجمِ العدوِّ.
[وتصح في سفر] على ستة أوجه:
الأول: إذا كان العدوُّ جهةَ القبلة يُرى. . . . . .
ــ
فصل في صلاة الخوف
* قوله: (بقتال مباح) كقتال كفار، وأهل بغي، ومحاربين؛ أيْ: لا محرم، كقتال أهل العدل؛ لأن الصلاة على غير الهيئة المعروفة رخصة، وهي لا تستباح بالمعصية، ذكره في الحاشية (1).
* قوله: (مع خوف. . . إلى آخره) قيد في (حضرًا).
* قوله: (في سفر) ظاهر حل المص في شرحه (2)، أن قوله:"في سفر" مرتبط بما بعده، فإنه قال:"وتصح صلاة الخوف على ستة أوجه في سفر"، وحينئذٍ فيكون ساكتًا عن بيان كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم لها حالة الحضر (3).
* قوله: (الأول) هذا الوجه صلاته صلى الله عليه وسلم بعسفان،. . . . . .
(1) حاشية المنتهى (ق / 65 ب).
(2)
شرح المصنف (2/ 249).
(3)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 421): "وصلاة الخوف في الحضر قال بها الشافعي والجمهور إذا حصل الخوف، وعن مالك تختص بالسفر"، وقال الشنقيطي في أضواء البيان (1/ 420، 421): "واستدل بعضهم لمنعها بأنه صلى الله عليه وسلم لم يصلِّها إلا في السفر، وجمهور العلماء على أنها تصلى في الحضر أيضًا. . . وأجابوا عن كونه صلى الله عليه وسلم لم يصلِّها يوم الخندق بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف). وانظر: المغني (3/ 298)، ونيل الأوطار (4/ 4).
ولم يُخف كَمينٌ صفَّهم الإمام صفَّين فأكثرَ وأحرم بالجميع، فإذا سجد سجد معه الصف المقدَّمُ، وحرس الآخر حتى يقومَ الإمام إلى الثانية فيسجدُ ويلحقه، ثم الأَوْلَى تأخُّرُ المقدَّم، وتقدُّمُ المؤَخَّر، ثم في الثانية يحرس الساجدُ معه أولًا، ثم يلحقه في التشهد فيسلمُ بجميعهم، ويجوزُ جعلُهم صفًّا وحرسُ بعضِه، لا حرسُ صفٍّ في الركعتين.
ــ
وبأرض بني سليم (1). شرح (2)(3).
* قوله: (كمين) في القاموس (4): (الكمين: كأمير القوم، يكمنون في الحرب).
* قوله: (وحرس الآخر) المناسب لقوله: "فأكثر" أن يقول: وحرس الباقي، إلا أن تجعل اللام في الآخر للجنس الصادق بالواحد، والمتعدد، أو المراد بالآخر: ما قابل المُقَدَّم.
* قوله: (ويجوز جعلهم صفًّا) ليس هذا وجهًا مستقلًّا كما قد يتوهم، بل هو صفة من صفات الوجه الأول، لأن القصد من الوجه المذكور أن يتخلف بعض المأمومين عن الإمام، سواء كان المتخلف صفًّا أو أكثر، أو بعض صف،
(1) من حديث جابر رضي الله عنه: أخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف (1/ 574) رقم (840)، ومن حديث أبي عياش الزرقي رضي الله عنه: أخرجه أحمد (4/ 59)، وأبو داود في أبواب: صلاة السفر، باب: صلاة الخوف (2/ 11) رقم (1236)، والنسائي في أول كتاب: صلاة الخوف (3/ 177) رقم (1550)، ولفظ أبي داود:"فصلَّاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرتَين، مرة بعسفان، ومرة بأرض بني سليم".
(2)
سقط من: "ب" و"ج" و"د".
(3)
شرح المصنف (2/ 250، 251).
(4)
القاموس المحيط ص (1584) مادة (كمن).
الثاني: إذا كان (1) بغير جهتِها، أو بها ولم يُر قسمهم طائفتَين تكفي كلُّ طائفة العدوَّ؛ طائفةٌ تحرس وهي مؤتمَّة به في كل صلاته تسجد معه لسهوِه. . . . . .
ــ
فتدبر، لئلا تخلط!.
* قوله: (الثاني) هذا الوجه صلاته صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع (2).
* قوله: (ولم ير)؛ أيْ: أو يرى وخيف كمين، على قياس ما تقدم.
* قوله: (وهي مؤتمة به. . . إلخ) فيه نظر، فإن الواو فيه إما أن تكون للعطف على "تحرس" أو للحال، ويلزم إما أن تكون حارسة مع ائتمامها، أو في حالة اتئمامها، وهو ليس كذلك.
وقد يقال: في الترديد نظر، لجواز أن تكون الواو للاستئناف، وعليه فلا بد من ملاحظة قول الشارح (3):"أي في حكم المؤتمة به".
قال شيخنا في حاشيته (4) في بيان كونها في حكم المؤتمة: "لأنها حين تقوم لتأتي بالركعة الثانية، لا تنوي المفارقة، والمراد: بعد دخولها معه لا قبله، قال الحجاوي في الحاشية (5): ولو قيده بذلك، لزال ما يوهم خلافه"، انتهى.
وبخطه: قوله: (وهي مؤتمة)؛ أيْ: من حين دخولها معه، لا من مبدأ صلاته،
(1) بعده في "م" زيادة: "العدو".
(2)
من حديث سهل ابن أبي حثمة: أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع (7/ 421 - 422) رقم (4129، 4131)، ومسلم في كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف (1/ 575) رقم (841).
(3)
شرح المصنف (2/ 252).
(4)
حاشية المنتهى (ق 65/ أ).
(5)
حاشية التنقيح ص (112).
وطائفةٌ يصلِّي بها ركعة وهي مؤتمَّة فيها فقط تسجدُ لسهوه فيها إذا فرغتْ، فإذا استتمَّ قائمًا إلى الثانية: نوَت المفارقةَ وأتمَّت لنفسها، وسلَّمت، ومضَت تحرس، ويمطلُها مفارقتُه قبل قيامِه بلا عذر، وبطيلُ قراءتَه حتى تحضرَ الأُخرى فتصلي معه الثانيةَ، ويكررُ التشهدَ حتى تأتيَ بركعة وتتشهد فيسلمُ بها، وإن أحبَّ ذا الفعل مع رؤية العدوِّ: جاز، وإن انتظرها جالسًا بلا عذر. . . . . .
ــ
كما قد يتوهم، أو المراد: من أول صلاته، ويكون معنى مؤتمة: في حكم المؤتمة، كما أشار إليه الشارح (1).
* قوله: (ويطيل قراءته) هذا هو المستثنى فيما تقدم (2) من تطويل الركعة الأولى.
* قوله: (فتصلي معه)؛ أيْ: فتحرم بالصلاة، وتصلي معه الثانية، وهذا مأخذ قيد الحجاوي (3)، أي: قوله في بيان قولهم وهي مؤتمة به؛ "أيْ: من حين دخولها معه لا قبله".
* قوله: (وإن انتظرها)؛ أيْ: الطائفة الثانية، التي لم تكن أحرمت معه أولًا، ولو قدم هذه الجملة على الجمل (4) التي قبلها، لكان أحسن، إذ محلها عقب قوله:"ويطيل قراءته حتى تحضر الأخرى، فتصلي معه الثانية".
(1) شرح المصنف (2/ 252).
(2)
ص (405) في قوله: "وتطويل قراءة الأولى عن الثانية، إلا في صلاة خوف في الوجه الثاني".
(3)
حاشية التنقيح ص (112).
(4)
في "أ": "الجملة".
وائتمت به معَ العلم: بطُلت.
ويجوزُ أن تترك الحارسةُ الحراسةَ بلا إذنٍ وتصلي (1) لمددٍ تحققتْ غناءه، ولو خاطر أقلُّ ممن شرطنا وتعمدوا الصلاةَ على هذه الصفة: صحَّت.
ويصلي المغربَ بطائفةٍ ركعتَين، وَبِالأُخْرَى (2) ركعةً، ولا تتشهد معه عقبها ويصح عكسُهما.
والرباعيةُ التامة بكلِّ طائفة ركعتين. . . . . .
ــ
* قوله: (مع العلم)؛ أيْ: مع العلم ببطلان صلاته، لإتيانه بجلوس في غير محله، من غير عذر.
* قوله: (بطُلت)؛ أيْ: صلاة الإمام، فلا يصح الاقتداء (3) به حينئدٍ. وبخطه: الأولى لم تنعقد.
* قوله: (ممن شرطنا)؛ أيْ: من كون كل طائفة تكفي العدو.
* قوله: (ولا تتشهّد) بل تفارقه عقب الرفع من السجود.
* قوله: (بكل طائفة ركعتَين)؛ أيْ: مع إتيان كل من الطائفتَين بركعتَين وحدها، بعد مفارقة الإمام، كما يعلم من بقية كلامه، فتكون الصلاة تامة في حق كل من الإمام والمأمومين، وهذا وجه الفرق بين ما هنا، وما يأتي (4) في الوجه الخامس.
(1) بعده في "م" زيادة: "معه".
(2)
في "م": "وبأخرى".
(3)
في "ب": "اقتداء".
(4)
ص (468) في قوله: "يصلي بكل طائفة ركعتين بلا قضاء".
وتصح بطائفة ركعةً، وبأخرى ثلاثًا، وتفارقُه الأولى عند فراغِ التشهد وينتظرُ الثانية جالسًا يكرره، فإذا أتت قام، وتُتمُّ الأولى بالفاتحة فقط، والأخرى بسورة معها وإن فرَّقهم أربعًا وصلَّى بكل طائفة ركعةً: صحَّت صلاة الأُولَيَيْنِ، لا الإمامِ والأُخرَيَيْن. . . . . .
ــ
* قوله: (وتصح بطائفة ركعةً وبأخرى ثلاثًا) هذه جملة معترضة.
* قوله: (وتفارقُه الأولى)؛ أيْ: في المغرب، والرباعية إذا صلَّى بها ركعتين.
* قوله: (وتتم الأولى)؛ أيْ: التي أدركت معه الأولتَين، لأن ما تأتي به تتميم، لا قضاء، كما أشار إليه بقوله (وتتم) دون: تقضي.
* قوله: (والأخرى)؛ أيْ: وتتم الأخرى على جهة القضاء.
* قوله: (بسورة) لأنها إنما أدركت معه الأخريَين، فما تأتي به قضاء لأول الصلاة، وحينئذٍ فالمراد: تتم على جهة القضاء، فيكون المص استعمله في حقيقته ومجازه معًا.
* قوله: (وإن فرقهم) كان الأولى أن يمهد لذلك فيقول: ولا يجوز للإمام الزيادة على انتظارَين، فلو فرقهم أربعًا. . . إلخ.
* قوله: (صحَّت صلاة الأوليَين)؛ أيْ: لعدم وجود (1) الانتظار الثالث الذي لم يرد نظيره، وهو السبب في بطلان صلاة الإمام والأخريَين.
* قوله: (لا الإمام والأخريَين) أما الثالثة فلأنها (2) لم تفارقه إلا بعد قيامه
(1) في "ج" و"د": "ورود".
(2)
في "ب" و"ج" و"د": "فإنها".
إلا إن جهلوا البطلان.
الثالث: أن يصليَ بطائفة ركعةً ثم تمضيَ، وبالأخرى ركعةً ثم تمضيَ، ويسلمَ وحدَه، ثم تأتيَ الأولى فتتمَّ صلاتَها بقراءةٍ. . . . . .
ــ
للركعة الرابعة بنية انتظار الطائفة الرابعة، وهو انتظار ثالث، فتبطل به صلاة الثالثة، حيث بطُلت صلاته قبل مفارقتها، وأما الرابعة فلأنها لم تدخل معه إلا بعد الحكم ببطلان صلاته، فلم تنعقد صلاتهم حيث كانوا عالمين بالحال.
وبخطه: قوله: (والأخريَين) كان الظاهر إعادة (لا)، فإن كلامه يوهم خلاف المراد، إذ العبارة صادقة بصحة صلاة أحد الشقَّين من الإمام والأخريَين.
* قوله: (إلا ان جهلوا)؛ أيْ: جهل الإمام والطائفتان الأخريان (1) بطلان صلاة الإمام، فتصح صلاة الطائفتَين الأخريَين، كما لو جهل المأموم مع الإمام حدث الإمام، وأما صلاة الإمام فباطلة، علم أو جهل، هذا معنى كلامه في الإنصاف (2)، قاله في الحاشية (3).
* قوله: (ثم تأتي) الظاهر أن الإتيان إلى مصلى الإمام ليس بشرط، ولا واجب، بل الواجب إتيان كل طائفة بما بقي من صلاتها، بدليل حديث الباب، وآخره:"ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة"(4) والحديث في الشرح (5)، فراجعه!.
(1) في "ج" و"د": "الأخريين".
(2)
الإنصاف (5/ 134، 135).
(3)
حاشية المنتهى (ق 65/ ب، 66/ أ).
(4)
من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع (7/ 422) رقم (4133)، ومسلم في كتاب: المسافرين، باب: صلاة الخوف (1/ 574) رقم (839).
(5)
شرح المصنف (2/ 258).
ثم الأخرى كذلك، وإن أتمتَّها الثانيةُ عقب مفارقتها ومضَت، ثم أتَت الأولى فأتمَّت كان أولى.
الرابع: أن يصليَ بكلِّ طائفةٍ صلاةً ويسلمَ بها.
الخامس: أن يصليَ الرُّباعيَّة الجائزَ قصرُها تامةً بكل طائفة ركعتَين بلا قضاء فتكونُ له تامةً ولهم مقصورةً.
السادس: ومنعه اكثرُ أن يصليَ بكلِّ طائفةٍ ركعةً بلا قضاء، وتصح الجمعة في الخوف حضرًا بشرط: كونِ كلِّ طائفةٍ أربعين فأكثرَ، وأن يُحْرِمَ بمن حضرت الخطبةَ، ويسِرَّان القراءة في القضاء.
ــ
* قوله: (ثم أتت الأولى. . . إلخ)؛ أيْ: أو أتمت في مكانها، حيث كان محل الحراسة متسعًا لصلاتها وحراسة الطائفة الأخرى، بل هو أولى، لأنه يكون أقل عملًا.
* قوله: (الرابع أن يصلي بكل طائفة. . . إلخ) ويكون في صلاة الثانية اقتداء مفترض بمتنفل، وتقدم (1) استثناؤها من عدم الصحة.
* قوله: (بلا قضاء) علم منه أنهما يقضيان في الصفة المتقدمة في صفات الوجه الثاني، وإلا لكان هو هذا الوجه بعينه، وتقدم (2) التنبيه عليه.
* قوله: (أن يصلي بكل طائفة ركعة)؛ أيْ: من الصلاة المقصورة، لا مما لا يقصر، كالصبح، والمغرب نبه عليه ابن قندس (3).
(1) ص (423) في قوله: "ولا مفترض بمتنفل إلا إذا صلَّى بهم في خوف صلاتَين، ويصح عكسها".
(2)
ص (466).
(3)
حاشية ابن قندس على الفروع (ق 59/ أ).
ويُصلَّى استسقاءٌ ضرورةً كمكتوبة، وكسوفٌ، وعيدٌ آكدُ، وسُنَّ حملُ ما يدفعُ به عن نفسه ولا يُثقلُه كسيف وسكين، وكره ما منع إكمالها. . . . . .
ــ
* قوله: (ويصلي استسقاء)؛ أيْ: لاستسقاء، كما قدره الشارح (1)، وإلا فالاستسقاء ليس صلاة (2)، بل طلب السقيا، كما سيأتي (3).
* فائدة: بقي من الوجوه وجه سابع، هو: كيفية صلاته عليه الصلاة والسلام عام نجد، على ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة (4)، وهو أن تقوم معه طائفة، وطائفة أخرى تجاه العدو، وظهرها إلى القبلة، ثم يحرم هو والطائفتان، ثم يصلي ركعة هو ومن معه، ثم يقوم إلى الثانية فيذهب من معه إلى وجه العدو، وتأتي
(1) شرح منصور (1/ 288).
(2)
في "أ": "بصلاة".
(3)
ص (516).
(4)
من حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (2/ 320)، وأبو داود في أبواب: صلاة السفر، باب: من قال يكبر جميعًا وإن كانوا مستدبري القبلة (2/ 140 - 150) رقم (1240)، والنسائي في كتاب: صلاة الخوف (3/ 173) رقم (1543)، وابن حبان في كتاب: الصلاة، باب: صلاة الخوف (7/ 123، 131) رقم (2872 - 2878)، والحكم في كتاب: صلاة الخوف (1/ 338) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشَيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وابن خزيمة في أبواب: صلاة الخوف، باب: في صلاة الخوف (2/ 301) رقم (3161)، قال الشوكاني في نيل الأوطار (4/ 8):"الحديث سكت عنه أبو داود، والمنذري ورجال إسناده ثقات عند أبي داود، والنسائي"، وقال الساعاتي في الفتح الرباني (7/ 24) بعد نقله كلام الشوكاني السابق:"وإنما خص أبا داود والنسائي بالذكر؛ لأنه لم يطَّلع على سنده عند الإمام أحمد فيما يظهر، وسنده عند الجميع واحد، وفيه ابن لهيعة، لكنه مقرون بحيوة بن شريح، وهو من رجال الصحيحين، فلا يضر وجود ابن لهيعة فيه لعدم انفراده بروايته".