الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب
اجتنابُ النجاسةِ
، وهي: عينٌ، أو صفةٌ منع الشرعُ منها، بلا ضرورةٍ، لا لأذى فيها طبعًا، ولا لحق اللَّه -تعالى- أو غَيرِه شرعًا.
ــ
باب اجتناب النجاسة
* قوله: (منها) فيه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، إذ المنع من عين النجاسة حقيقي، وأما المنع من تناول الصفة فهو على معنى المنع من تناول القائمة به، إذ الصفة نفسها لا يتأتى تناولها.
* قوله: (شرعًا) انظر ما فائدة قوله "شرعًا" مع قوله في الأول: "منع الشرع. . . إلى آخره"، فتأمل!
وقد يقال: إنه راجع لقوله "أو غيره" والمعنى: أو منع منها، لكن لا لِحَقِّ غيره الثابت (1) بالشرع، ويكون احترازًا عن الحق الصُّوري، الثابت للغير من غير جهة الشرع، بأن غصب إنسان من آخر شيئًا، فإن المغصوب منه ليس ممنوعًا من التصرف فيما بيد الغاصب، وإن كان واضعًا يده عليه؛ لأن هذا ليس من جهة الشرع بل من جهة الاستيلاء والقهر، وهو لا حرمة له، ولا يضر تسمية مثل هذا حقًّا؛ لأنا قد أشرنا إلى أنه حق صورة، أو بالنظر لاعتقاد الغاصب، أو على سبيل المشاكلة،
(1) في "ب": "الثالث" وهو تحريف.
حيث لم يُعْف عنها بدن مُصلٍّ، وثويه، وبقعتهما، وعدم حملها: شرطٌ للصلاة.
ــ
وهي (1) تسمية الشيء باسم غيره لوقوعه في صحبته، كما قالوه في حديث التبكير إلى الجمعة في قوله صلى الله عليه وسلم:["فكأنما أهدى دجاجة، فكأنما أهدى بيضة"](2) بعد "فكأنما أهدى بُدْنَة"، و"فكأنما أهدى بقرة"(3)، مع أن كلًّا من الدجاجة، والبيضة لا يسمى هديًا، لكن سَوَّغ ذلك وقوعه في صحبة ما يصح أن يسمى هديًا (4)(5)، وهذا وإن كان تكلفًا ظاهرًا، لكنَّه أولى من التكرار، تدبر وعاود النظر فيه مرَّة أخرى، وانظر هل يصح أن يتسلط عليه حينئذٍ قوله:"منع الشرع"؟
* قوله: (بَدَن مُصَلٍّ) انظر ما محله من الإعراب؟، ولعلّه مفعول فيه، أو على التوسع بحذف الجار وهو "عن"؛ لأن الاجتناب معناه التباعد، فكأنه قال: تباعد النجاسة، بمعنى إبعادها عن بَدَن المصلي. . . إلخ، يُقَرِّب هذا قول صاحب الفروع (6) بدل ذلك:"طهارة بَدَن المصلي، وسترته، وبقعته. . . إلخ، شرط".
* قوله: (وعدم حملها) عطف على "اجتناب".
* قوله: (شرط للصلاة) خبر لاجتناب وما عطف عليه، لكن لا بد من
(1) في "ب": "وهو".
(2)
ما بين المعكوفتين سقط من: "ب".
(3)
من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري في كتاب: الجمعة، باب: فضل الجمعة (2/ 366) رقم (881)، ومسلم في كتاب: الجمعة. باب: الطِّيب والسواك يوم الجمعة (2/ 582) رقم (850).
(4)
في "ب" و"ج" و"د" و"هـ": "به".
(5)
انظر: فتح الباري (2/ 366).
(6)
الفروع (1/ 364).
فتصح من حاملٍ مستجمرًا، وحيوانًا طاهرًا، وممن مس ثوبُه ثوبًا، أو حائطًا نجسًا لم يستند إليه أو قابلها راكعًا أو ساجدًا ولم يلاقها، أو صَلَّى على طاهرٍ من متنجِّسٍ طَرَفُه، ولو تحرك بحركته من غير متعلِّق ينجرُّ به، أو سقطتْ عليه فزالت، أو أزالها سريعًا، لا إن عجز عن إزالتِها عنه، أو نسيَها، أو جهل عينَها أو حكمَها أو أنها كانت في الصلاة، ثم علم، أو حمل قارورةً، أو آجُرَّةً (1) باطنُها نجسٌ أو بيضةً فيها (2) فرخ ميت. . . . . .
ــ
حذف أو تأويل.
* قوله: (فتصح من حاملٍ مستجمِرًا)؛ أيْ: لأن نجاسته معفوٌّ عنها، والتعليل بأنها نجاسة في معدنها (3) لا يخفى ما فيه، وأيضًا فالمثال الثاني مثال لما علل به، ولا حاجة إلى حمل كلام المص -رحمه اللَّه تعالى- على الإطناب.
* قوله: (وحيوانًا طاهرًا)؛ أيْ: غير مأكول؛ لأن ما في بطنه نجس، وأما المأكول فلا فائدة في ذكره؛ لأنه لا نجاسة ببطنه.
* قوله: (أو نسيها)؛ لأنه ترك شرطًا للصلاة، وشروط الصلاة لا تسقط بالنسيان.
* قوله: (ثم علم) راجع للمسائل الأربع.
(1) الآجُرِّ: بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف: اللبن إذا طبخ، واحده: آجر، وهو معرب.
المصباح المنير (1/ 6) مادة (أجر).
(2)
في "م": "بها".
(3)
انظر: شرح المصنف (1/ 621)، شرح منصور (1/ 153).
أو مَذِرَةً (1)، أو عنقودًا حباتُها مستحيلة خمرًا.
وإن طيَّن نجسةً، أو بَسط عليها، أو على حيوان نجس، أو حريرٍ طاهرًا صفقيًا، أو غَسل وجه آجُرٍّ وصلى عليه، أو على بساطٍ باطنُه فقط نجسٌ، أو علوٍّ سلفُه غصبٌ، أو سريرٍ تحته نجسٌ: كُرهت وصحَّت.
ــ
* قوله: (أو مَذِرَةً) هذا يدل على أن البيضة المَذِرَة نجسة، ونُقل في الإنصاف (2) عن بعضهم (3) أنها طاهرة، وصححه (4)، والمص تبع في ذلك التنقيح (5) لما (6) ذكر في خطبته (7).
* قوله: (أو حرير) مُكَرَّر مع قوله في الباب قبله (8)"وافتراشه لا تحت صفيقٍ"، فتنبه!.
وقد يقال: ذكَره مع ما يكره، لبيان الكراهة التي لم تعلم ممَّا سبق، إذ (9) لم يتعرض هناك إلا لنفي الحرمة.
* قوله: (أو علوٍّ)؛ أيْ: مباح، بأن كان بناؤه (10) قبل الغصب، أو بعده، لكن
(1) المذرة: مذرت البيضة من باب تعب: فسدت. المصباح المنير (2/ 567) مادة (مذر).
(2)
الإنصاف (1/ 184)(3/ 293).
(3)
كابن عقيل رحمه الله.
(4)
انظر: تصحيح الفروع (1/ 110).
(5)
التنقيح ص (24).
(6)
في "ج" و"د": "كما".
(7)
ص (5).
(8)
ص (250).
(9)
في "ب" و"ج": "إذا".
(10)
في "أ": "بنى أولًا".
وإن خِيط جرحٌ أو جُبر عظمٌ، بخيط، أو عظم نجس فصحَّ: لم تجب إزالتُه مع ضرر، ولا يتيمم له إن غطاه اللحم، ومتى وَجبت فمات: أُزِيل إلا مع المُثْلة.
ولا يلزم شاربَ خمر قيءٌ، وإن أُعيدت سنٌّ، أو أُذُنٌ، أو نحوُهما، فثبتت: فطاهرةٌ.
* * *
ــ
كان الباني هو مالك السفل بعد غصبه، أو كان كلٌّ لواحدٍ، وغصب السفل، وصلَّى في العلو بإذن رب العلو، بخلاف ما إذا غصب محلًّا وبنى عليه، ثم صَلَّى في العلو، فإن الهواء تابع للقرار.
* قوله: (إن غطَّاه اللحم) قال بعضهم (1): ومثله الوشم.
* قوله: (إلا مع المُثْلة) وهي البشاعة (2)، لكن يبقى النظر في قوله:"إلا مع المُثْلة" فإنه متى كان هناك مُثْلة تَبينَّا أنها لم تكن وجبت عليه في الحياة.
وأجاب الشيخ منصور -رحمه اللَّه تعالى- بأنه لا يلزم من حصول المُثْلة للميت (3) حصولها للحي، وهو كذلك، فإن لحم الحي يتماسك، فلا يمثل به، إلا ما كان عن كثير معالجة بخلاف لحم الميت.
* قوله: (فثبتت فطاهرةٌ) وكذا إن لم تثبت؛ لأن ما أُبِيْنَ من حي كميتته، وميتة
(1) كالشيخ منصور في شرح الإقناع (1/ 292) وعبارته: "قلت: ويشبه ذلك الوشم، إن غطاه اللحم غسله بالماء. وإلا تيمم له" اهـ، وانظر: رسالة الوسم في الوشم لأحمد الخليجي ص (29 - 31)، وتقدم في باب التيمم ص (91) بعض أحكام الوشم.
(2)
في "أ": "الطاعة" وهو تحريف.
(3)
في "ب" و"ج" و"د": "بالميت".