الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد ألَاّ إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإنَّ من أهم المهمَّات، وآكد الفرائض والواجبات، أن يعرف العبد حُكم ربِّ العالمين، ويتفقَّه فيما نزل به من مسائل الشرع والدين، حتى يعبد الله على بصيرة المهتدين، فيكون بذلك على نهج الأنبياء والمرسلين {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
ألا وإنَّ الناس بحاجةٍ إلى من يُعينهم على ذلك من العلماء والباحثين، فأرجو أن يكون عملي هذا من هذا السبيل.
الداعي لجمع مسائل هذا الموضوع والكتابة فيه:
هذا وقد دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع جُملة أمور من أهمها ما يلي:
1 -
قلَّة اهتمام الباحثين - سابقيهم ولاحقيهم - بالتعرُّض لمسائل هذا الموضوع، حتى قال الدارمي: الحيض كتابٌ ضائعٌ لم يُصنَّف فيه
تصنيف يقوم بحقِّه (1).
وقال ابن العربي: والتقصير في عُلومه ومسائله أمرٌ لم يزل يتقادم (2).
2 -
إنَّه لَمَّا كان الحيض شيئًا قد كتبه الله على بنات آدم (3)؛ كما قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ولكون الشارع قد علَّق به جُملة من الأحكام، ولَمَّا كانت هذه الأحكام ممَّا يلزم جُملة النساء تعلمها، ولكون هذه الأحكام مُفرَّقة مبثوثة في أبواب الفقه، ولوقوع الخلاف في كثيرٍ من هذه المسائل؛ فقد توافرت الدواعي لجمع هذه الأحكام في مؤلَّفٍ مستقِل.
قال ابن قدامة: "وقد علَّق الشرع على الحيض أحكامًا وأجمل عدَّها"، ثم قال: وإذا ثبت هذا فالحاجة داعيةٌ إلى معرفة الحيض ليُعلم ما يتعلَّق به من الأحكام (4).
وقال ابن عابدين: ومعرفة مسائله من أعظم المهمات لِما يترتَّب عليها ما لا يُحصى من الأحكام (5).
وقال النووي: ومعلومٌ أنَّ الحيض من الأمور العامة المتكرِّرة، ويترتَّب عليه ما لا يُحصى من الأحكام، فيجب الاعتناء بما هذه حاله (6).
وقال ابن نجيم: ومعرفة مسائل الحيض من أعظم المهمات لما يترتَّب عليها ما لا يُحصى من الأحكام .. قال: وكان من أعظم الواجبات؛ لأنَّ عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به،
(1) المجموع (2/ 345).
(2)
حاشية جامع الترمذي (1/ 231).
(3)
أخرجه البخاري من حديث عائشة في كتاب الحيض، باب الأمر بالنساء إذا نفسن (1/ 77).
(4)
المغني (1/ 386).
(5)
رد المحتار (1/ 282).
(6)
المجموع (2/ 345).