الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتسبغ فيه، بحيث يجري الماء على أعضائها (1).
قال ابن عبد البر: المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضَّأ وعمَّ جميع بدنه، فقد أدَّى ما عليه .. وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء (2).
الفرع الثالث: في نقض الشَّعر للغسل من المحيض:
اختلف أهل العلم في حُكم نقض المرأة لشعرها إذا كان مضفورًا على قولَين:
القول الأول: أنَّ عليها نقضه:
ذهب إليه الحنابلة في المذهب (3)، والظاهرية (4)، وبعض المالكية (5)، وهو قول الحسن، وطاوس (6)، والنخعي (7).
الأدلَّة:
1 -
ما رُوِيَ من حديث أنس مرفوعًا: «إذا اغتسلت المرأة من حيضها، نقضت شعرها نقضًا، وغسلته بخطمي وأشنان، وإن غسلته من الجنابة صبَّت الماء على رأسها صبًّا وعصرته» (8).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: ضعف الحديث؛ لأنَّ في إسناده مسلم بن صبح اليحمدي، وهو مجهول.
(1) انظر: الهداية (1/ 16) الكافي (1/ 146) الحاوي (1/ 220) المغني (1/ 289، 302).
(2)
نقله ابن قدامة في المغني (1/ 289).
(3)
المغني (1/ 299) المبدع (1/ 197) كشاف القناع (1/ 154).
(4)
المحلى (2/ 53).
(5)
المنتقى (1/ 6).
(6)
الأوسط (1/ 134) المغني (1/ 299).
(7)
حلية العلماء (1/ 225) المجموع (2/ 187).
(8)
قال في مجمع الزوائد: أخرجه الطبراني في الكبير، وفيه سلمة بن صبيح اليحمدي، ولم أجد في ذكره (1/ 273).
الوجه الثاني: اقترانه بالغسل بخطمي وأشنان يدلُّ على عدم الوجوب، فإنه لم يقل أحدٌ بوجوب الخطمي والأشنان (1).
2 -
حديث عائشة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: «انقضي شعرك وامتشطي» (2).
ووجه الاستدلال ظاهر:
ونوقش الاستدلال به من أوجه:
الوجه الأول: أنه ليس فيه أمر بالغسل.
الوجه الثاني: لو سلم بالأمر بالغسل لم يكن فيه حُجة؛ لأنَّ ذلك ليس هو غسل الحيض، إنما أُمِرت بالغسل في حال الحيض للإحرام بالحج، فإنها قالت: أَدركَنِي يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي» (3).
الوجه الثالث: أنه لو ثبت الأمر به حُمِل على الاستحباب جمعًا بينه وبين الأدلَّة على عدم الوجوب.
الوجه الرابع: أنَّ فيه ما يدلُّ على عدم الوجوب، وهو أنه أمرها بالمشط وليس بواجب، فما هو من ضرورته أولى (4).
3 -
ما أخرجه ابن ماجة من حديث عائشة السابق وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وكانت حائضًا:«انقضي رأسك، واغتسلي» (5).
قال ابن حزم: والأصل في الغسل الاستيعاب للشعر، وإيصال
(1) السيل الجرار (1/ 115).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض (1/ 81) ومسلم في كتاب الحج باب وجوب الإحرام (2/ 870).
(3)
كما سبق.
(4)
انظر: المغني (1/ 301) السيل الجرار (1/ 115).
(5)
أخرجه ابن ماجة، في كتاب الطهارة، باب الحائض كيف تغتسل (1/ 210) وقال في الزوائد: إسناده ثقات، وكذا أخرجه ابن حزم في المحلى (2/ 53).
الماء إلى البشرة بيقين، بخلاف المسح، فلا يسقط ذلك إلَاّ حيث أسقطه النص، وليس ذلك إلَاّ في الجنابة فقط (1).
ويمكن أن يناقش بالأوجه التالية:
1 -
أن ما فيه من ذِكر الغسل مخالف لرواية الصحيحين، والأخذ بما فيهما أولى.
2 -
أنَّ القائلين بعدم وجوب النقض لا يقولون بالاكتفاء بالمسح، بل يشترطون وصول الماء إلى البشرة، وإلا وجب النقض (2).
3 -
أنَّ الحديث في الغسل للإحرام بالحج، وليس للغسل من المحيض، بدليل تصريح عائشة بذلك وأنها كانت حائضًا ولَمَّا تطهر.
4 -
ولأنَّ الأصل وجوب نقض الشعر ليتحقَّق وصول الماء إلى ما يجب غسله فعُفِيَ عنه في غُسل الجنابة؛ لأنه يكثر فيشق ذلك فيه، والحيض بخلافه، فبَقِيَ على مقتضى الأصل في الوجوب (3).
القول الثاني: أنَّ ذلك مستحبٌّ وليس بواجب:
ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ ومنهم الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة في قول. وهو قول عطاء، والحكم، والزهري (7).
واستدلُّوا بما يلي:
1 -
ما روته أسماء أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض،
(1) المحلى (2/ 53).
(2)
انظر: المجموع (2/ 187) حلية العلماء (1/ 225).
(3)
المغني (1/ 300).
(4)
الهداية (1/ 16) فتح القدير (1/ 59) البحر الرائق (1/ 196) المبسوط (1/ 45).
(5)
الكافي (1/ 144) القوانين الفقهية (23) المنتقى (1/ 96) المعونة (1/ 132).
(6)
الحاديث (1/ 225، 226) المجموع (2/ 187) حلية العلماء (1/ 225).
(7)
المغني (1/ 300) المبدع (1/ 197).
والشاهد منه: أنه لم يذكر النقض ولو كان واجبًا لذَكره؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة (2).
2 -
ما أخرجه مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للحيضة وللجنابة؟ فقال:«لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين» (3).
قالوا: وهذا زيادة (4)، يجب قبولها، وهذا صريح في نفي الوجوب (5).
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: أن أكثر روايات الحديث ليس فيها ذكر الحيض، فوجب الأخذ بما رواه الأكثر.
الوجه الثاني: أن قوله «لا» راجع إلى الجنابة لا غير، لأنَّ النص قد ورد بالنقض للحيض، وهو ما جاء في حديث عائشة.
الوجه الثالث: أنه على فرض أنَّ قوله: «لا» راجع إلى الجميع، فإنَّ حديث عائشة ناسخ له، فحديث عائشة زائد حُكمًا ومثبت شرعًا على حديث أم سلمة، والزيادة لا يجوز تركها (6).
وأجيب عن هذه المناقشات:
بأنَّ مبناها على أنَّ حديث عائشة في الغسل للحيض، وقد بيَّنا فيما
(1) سبق تخريجه.
(2)
المغني (1/ 300).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة (1/ 260).
(4)
يقصد ذكر الحيض، إذا أكثر الروايات أن السؤال عن غسل الجنابة.
(5)
المغني (1/ 300) فتح القدير (1/ 59).
(6)
المحلى (2/ 54).