الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجانب الثاني في مسِّ كتُب الحديث والفقه ونحوها مما اشتمل على القرآن:
وقد اختلف القائلون باشتراط الطهارة لمسِّ المصحف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يجوز:
ذهب إليه المالكية (1)، والحنابلة (2)، وبه قال بعض الحنفية (3) وبعض الشافعية (4).
الأدلَّة:
1 -
ما ثبت من حديث ابن عباس في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، وقد ضمنه آية من كتاب الله (5).
ووجه الاستدلال:
تضمينه صلى الله عليه وسلم للكتاب الآية من القرآن، ومن المعلوم أنهم سيمسُّونه، وهذا يدلُّ على جواز مس المحدث لِما اشتمل على آيات من القرآن ومنها كتُب الحديث والفقه (6).
2 -
ولأنها لا يقع عليها اسم «مصحف» ولا تثبت لها حُرمته (7).
القول الثاني: أنه يُكرَه:
ذهب إليه بعض الحنفية (8)، وبعض الشافعية (9).
(1) سراج السالك (1/ 95) حاشية الدسوقي (1/ 125).
(2)
المغني (1/ 204) المبدع (1/ 174) كشاف القناع (1/ 135).
(3)
تحفة الفقهاء (2/ 31) بدائع الصنائع (1/ 33) رد المحتار (1/ 176).
(4)
المجموع (2/ 68) روضة الطالبين (1/ 80).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
انظر: المغني (1/ 204)
(7)
المغني (1/ 204) كشاف القناع (1/ 135).
(8)
فتح القدير (1/ 169) رد المحتار (1/ 176) الفتاوى الهندية (1/ 39).
(9)
المجموع (2/ 69،،70).
واستدلُّوا:
بأن كتب الحديث والفقه لا تخلو من الآيات القرآنية، فيكره مسّها لذلك (1).
القول الثالث: أنه يَحرُم:
ذهب إليه الشافعية في وجه (2)، لأن مسها مع اشتمالها على الآيات من القرآن، يخل بتعظيم القرآن فيحرم (3).
الجانب الثالث: مس الحائض لما ترجم (4) من القرآن إلى غير العربية:
وقد اختلف القائلون بحرمة مس الحائض للمصحف، في حكم مسِّها لما ترجم إلى غير العربية على قولين.
القول الأول: أنه يجوز لها ذلك:
ذهب إليه المالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
(1) فتح القدير (1/ 169).
(2)
المجموع (2/ 69) نهاية المحتاج (1/ 126).
(3)
نهاية المحتاج (1/ 126).
(4)
ومبني المسألة على حكم ترجمة القرآن إلى غير العربية.
وقد ذهب الجمهور من أهل العلم ومنهم فقهاء المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى عدم جواز ترجمة القرآن إلى غير العربية، ولا تصح الصلاة بما ترجم، ولو مع العجز عن القراءة بالعربية.
انظر للمالكية: حاشية الدسوقي (1/ 125) وللشافعية: المجموع (3/ 379) مغني المحتاج (1/ 159) وللحنابلة: المبدع (1/ 441) كشاف القناع (1/ 340).
وذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى جواز ترجمه إلى غير العربية، إلا أنهم اختلفوا في جواز الصلاة بالمترجم، مع القدرة على الصلاة بالعربية، فأجاز ذلك أبو حنيفة ومنع منه صاحباه، وقد روي عنه الرجوع إلى قول صاحبيه.
انظر: الهداية (1/ 47) فتح القدير (1/ 284، 285).
(5)
حاشية الدسوقي (1/ 125).
(6)
المجموع (3/ 380).
(7)
الفروع (1/ 417) المبدع (1/ 441) كشاف القناع (1/ 340).
1 -
لأن الذي يحرم مسه هو القرآن، والترجمة تفسير لا قرآن؛ لأنَّ القرآن هو اللفظ العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2]
وقال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195]
وترجمته لا تُسمَّى قرآنا فلا تحرم على المحدث (1).
2 -
ولأن القرآن معجز بلفظه ومعناه، قال الإمام أحمد: القرآن معجز بنفسه (2)، أي: بخلاف ترجمته بلغة أخرى.
فإذا تُرجِم إلى غير العربية زال الإعجاز باللفظ فلا يُسمَّى «قرآنًا» ، فإذ لا يثبت له حُكم القرآن فلا يحرم مسّه (3).
القول الثاني: أنه يكره لها ذلك:
ذهب إليه فقهاء الحنفية (4).
جاء في الفتاوى الهندية: ولو كان القرآن مكتوبًا بالفارسية يكره لهما (يعني الحائض والجُنب) مسُّه عند أبي حنيفة، وكذلك عندهما على الصحيح (5).
الاستدلال:
قالوا: لأنَّ العبرة للمعنى، ومعنى القرآن موجود في الترجمة فتعلَّقت بها الحرمة (6).
(1) كشاف القناع (1/ 340).
(2)
كشاف القناع (1/ 340) الفروع (1/ 408).
(3)
حاشية الدسوقي (1/ 125) المجموع (3/ 380) المبدع (1/ 441) الفروع (1/ 417).
(4)
انظر: الفتاوى الهندية (1/ 39) فتاوى قاضي خان (1/ 86) والظاهر أن المراد بالكراهة هنا كراهة التحريم؛ لأنهم يعتبرونه قرآنا حتى تعلق بها جواز الصلاة، مع القدرة على العربية عند أبي حنيفة ومع العجز عند صاحبيه.
(5)
الفتاوى الهندية (1/ 39) وانظر أيضًا: فتاوى قاضي خان (1/ 86).
(6)
المصادر السابقة.
المطلب الرابع
في طهارة سؤر الحائض (1)، وطهارة بدنها، وعرقها
ذهب عامة أهل العلم (2)
إلى أنَّ بدن الحائض وسؤرها وعرقها طاهر.
وقد نقل النووي وابن جرير الإجماع على ذلك.
قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم: أعضاء الجُنب والحائض والنفساء وعرقهم، طاهر، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ونقل ابن المنذر الإجماع عليه (3).
وقال ابن مفلح: بدن الحائض وعرقها وسؤرها طاهر، ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك، ولا وضع يدها على شيء من المائعات، ذكره ابن جرير إجماعًا (4).
ومما يدل لهذا ما يلي:
1 -
حديث عائشة: أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض فيأخذه رسول الله فيضع فاه على موضع فيها فيشرب، وتتعرَّق العَرْق (5)،
(1) السؤر: سبقت الإشارة لمعناه، وهو ما بقي في الإناء، فهو بقية الشيء.
(2)
انظر: الهداية (1/ 23) البحر الرائق (1/ 133) شرح الخرشي (1/ 66) الكافي (1/ 144) التفريع (1/ 195) مواهب الجليل (1/ 52) الأوسط (1/ 297) المجموع (2/ 151) المغني (1/ 69) المبدع (1/ 267) كشاف القناع (1/ 201).
لكن قال في المبدع: ولعلَّ المراد ما لم يفسد من المائعات بملاقاة بدنها، وإلا توجه المنع فيها. المبدع (1/ 267) وانظر: كشاف القناع (1/ 201) وقد حكى ابن المنذر في الأوسط، وابن قدامة في المغني: عن جابر بن زيد أنه لا يتوضأ من سؤرها، وحكي عن النخعي القول بكراهة الوضوء منه. الأوسط (1/ 297) والمغني (1/ 69).
(3)
المجموع (2/ 151).
(4)
المبدع (1/ 267).
(5)
العرق: بالفتح، العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم: النهاية (3/ 230).