الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول: أنه لا تلزمه كفارة:
ذهب إليه الحنابلة (1).
لأنَّ وجوب الكفارة بالشرع، وإنما ورد الخبر بها في الحائض وغيرها لا يساويها؛ لأنَّ الأذى المانع من وطئها قد زال بانقطاع الدم (2).
القول الثاني: أنَّ عليه نصف دينار:
ذهب إليه قتادة والأوزاعي (3).
لأنه حكم تعلَّق بالوطء في الحيض، فثبت قبل الغسل، كالتحريم (4).
ونوقش: بأنه يبطل بما لو حلف لا يطأ حائضًا فإنَّ الكفارة تجب بالوطء في الحيض، ولا تجب في غيره (5).
الترجيح:
والراجح هو القول الأول، لِما ذكروه من استدلال، في مقابل ضعف ما ذكر للقول الثاني.
الفرع الثاني: في الاستمتاع فيما عدا الفرج، مما هو دون السرَّة وفوق الركبة
.
وقد اختلف أهل العلم في حكم ذلك على الأقوال التالية.
القول الأول: أنه يحرم:
ذهب إليه الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية في الأصح (8)
(1) المغني (1/ 418).
(2)
المغني (1/ 418).
(3)
المغني (1/ 418).
(4)
المغني (1/ 418).
(5)
المغني (1/ 418).
(6)
فتح القدير (1/ 167) مجمع الأنهر (1/ 53) البحر الرائق (1/ 208).
(7)
المنتقى (1/ 117) الإشراف (1/ 45) بداية المجتهد (1/ 41) القوانين (31) المعونة (1/ 184).
(8)
المجموع (2/ 363) حلية العلماء (1/ 276) مغني المحتاج (1/ 110) الوجيز (1/ 52).
وجمع من فقهاء السلف منهم: سعيد بن المسيب، وطاوس، وعطاء، وشريح وقتادة وسليمان بن يسار (1).
الأدلَّة:
1 -
قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222].
فالمحيض: الحيض مصدر حاضت المرأة حيضًا، ومحيضًا، بدليل قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} .
والأذى: هو الحيض المسؤول عنه (2).
وقال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4].
ونوقش: بأن اللفظ يحتمل المعنيين، وإرادة مكان الدَّم أرجح، بدليل أمرين:
أحدهما: أنه لو أراد الحيض لكان أمرًا باعتزال النساء في مدَّة الحيض بالكلية (3).
الثاني: أن سبب نزول الآية، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها، فلم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوهنَّ في البيت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح» (4).
2 -
ولما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض» (5).
وفائدة ذلك: أن يحول المئزر بين موضع الحيض وما دونه (6).
(1) المجموع (2/ 365) الأوسط (2/ 207) المحلى (11/ 303).
(2)
المغني (1/ 415) المجموع (2/ 263) الأوسط (2/ 207) الإشراف (1/ 54) المعونة (1/ 184).
(3)
المغني (1/ 415).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
البخاري باب مباشرة الحائض من كتاب الحيض (1/ 78) ومسلم في باب مباشرة الحائض فوق الإزار (1/ 242).
(6)
الإشراف (2/ 54).
3 -
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: أنه محمول على الاستحباب جمعًا بين قوله صلى الله عليه وسلم وفعله (1).
وقد يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعض المباح تقذرًا كتركه أكل الضَّب والأرنب (2).
الوجه الثاني: أنَّ ما رووه دليل على حِلِّ ما فوق الإزار لا على تحريم ما تحته (3).
الوجه الثالث: أنَّ هذا مفهوم، والمنطوق كما سيأتي مُقدَّم عليه (4).
3 -
ولما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقال:«فوق الإزار» (5).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه لا يصح (6).
الوجه الثاني: أنه لو صح؛ فإنَّ المراد بالإزار هنا الفرج بعينه، كما هو منقول عن اللغة، فليست مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم فوق الإزار تفسيرًا للإزار في حديث عمر، بل هي محمولة على الاستحباب (7).
4 -
ولأنَّ ذلك تحريم للفرج، ومن يرعى حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى (8).
(1) المجموع (2/ 363) المغني (1/ 416).
(2)
المغني (1/ 416).
(3)
المغني (1/ 416).
(4)
فتح القدير (1/ 167) المغني (1/ 416) كشاف القناع (1/ 200).
(5)
أخرجه أحمد في المسند عنه (1/ 14) وعن عائشة (6/ 72) وأخرجه ابن حزم في المحلى عنه، وعن معاذ وعائشة وابن عباس وحزام ابن حكيم، وضعَّفها كلها (2/ 243).
(6)
انظر: المحلى (2/ 243).
(7)
المجموع (2/ 363).
(8)
المجموع (2/ 363).
5 -
ولأنه معنى يحرِّم الوطء في الفرج، فوجب أن يحرمه فيما دونه كالإحرام والصوم (1).
6 -
ولأنه وطء مقصود في العادة كالوطء في الفرج (2).
7 -
ولأنه لَمَّا منع الوطء في الفرج لأجل الأذى، وجب أن يمنع مما يقاربه؛ لأنَّ الأذى يصيبه غالبًا إذا كان دم الحيض يسيل بنفسه من غير اختيار المرأة، وبذلك فارق الدُبر (3).
القول الثاني: أنه إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عن الفرج لضعف شهوة، أو شدَّة ورع جاز وإلَاّ فلا.
ذهب إليه الشافعية في وجه (4).
ولم أجد دليلهم عليه.
ولعله أخذًا مما ورد في حديث عائشة السابق وقولها في آخره: «
…
وأيكم يملك أربه (5) كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك أربه؟» (6).
القول الثالث: أنه جائز.
ذهب إليه أحمد (7)، والشافعية في وجه في المذهب (8)، ومحمد بن الحسن (9)، والظاهرية (10)، وهو قول جمع من فقهاء السلف منهم:
(1) الإشراف (1/ 55).
(2)
الإشراف (1/ 55) المعونة (1/ 184).
(3)
الإشراف (1/ 55).
(4)
المجموع (2/ 363).
(5)
أربه: أي حاجته، تعني أنه كان غالبًا لهواه، وأكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراء، وله تأويلان: أحدهما أنه الحاجة، والثاني: أرادت به العضو، من الأعضاء الذكر خاصة. النهاية (1/ 36).
(6)
سبق تخريجه، وهو حديث:«كان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض» .
(7)
المغني (1/ 415) كشاف القناع (1/ 198).
(8)
المجموع (2/ 363) مغني المحتاج (1/ 110).
(9)
فتح القدير (1/ 167) البحر الرائق (1/ 208).
(10)
المحلى (2/ 249)(11/ 305).
عكرمة والشعبي: والثوري، وإسحاق، والحكم، وروي عن عطاء، ومسروق، والحسن، والنخعي (1).
الأدلَّة:
1 -
قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222].
والمحيض اسم لمكان الحيض، كالمقيل، والمبيت، فتخصيصه، موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحته فيما عداه (2).
2 -
قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} إلى قوله تعالى: {فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} [البقرة: 222].
قال ابن المنذر: فقال غير واحد من علماء الناس: من حيث أمركم الله أن يعتزلوهنَّ في حال الحيض، والمباح منها بعد أن تطهر هو الممنوع منها قبل الطهارة، والفرج محرم في حال الحيض بالكتاب والإجماع، وسائر البدن على الإباحة التي كانت قبل الحيض (3).
2 -
حديث أنس في صنيع اليهود مع المرأة إذا حاضت، وسؤال الصحابة عن ذلك، ثم نزول الآية، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«اصنعوا كلَّ شيء إلَاّ النكاح» (4).
وهذا تفسير لمراد الله، ولا تتحقَّق مخالفة اليهود بحملها على إرادة الحيض؛ لأنه يكون موافقًا لهم (5).
ونوقش: بأنه منسوخ بحديث عمر السابق؛ لأنَّ حديث أنس كان متصلاً بنزول الآية.
(1) المحلى (11/ 303)(2/ 249) المجموع (2/ 366) المغني (1/ 415) الأوسط (2/ 206).
(2)
المغني (1/ 415) المحلى (2/ 248) كشاف القناع (1/ 200).
(3)
الأوسط (1/ 218).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
المغني (1/ 416).
وأجيب: بأن حديث عمر لا يصحُّ، ولو صحَّ فمن له أنه كان بعد نزول الآية، ولعلَّه قبل نزولها، فإذا كان ممكنًا هذا فلا يجوز القطع بأحدهما، ولا يجوز ترك ما جاء به القرآن، وبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم أثر نزول الآية، لمثل هذا النص (1).
3 -
ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: «اجتنب منها شعار (2) الدم» (3).
4 -
ولأنه منع الوطء لأجل الأذى فاختص محله (4).
الترجيح:
والراجح هو القول الثاني، لقوة ما بُني عليه من استدلال، ومنه حديث أنس الصحيح الصريح، وأنَّ المنع من أجل الأذى، وهو غير موجود في الاستمتاع دون الفرج.
(1) المحلى (2/ 249).
(2)
الشعار: الثوب الذي يلي الجسد؛ لأنه يلي شعره، النهاية (2/ 480).
(3)
أخرجه الدارمي في باب مباشرة الحائض من كتاب الطهارة (1/ 243).
(4)
المغني (1/ 416) كشاف القناع (1/ 200).