الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيأخذه فيضع فاه على موضع فيها (1).
2 -
وكانت تغسل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض (2).
3 -
وقال لعائشة: «ناوليني الخُمرة من المسجد» قالت: إني حائض، قال:«إنَّ حيضتك ليست في يدك» (3).
4 -
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المؤمن لا ينجس» (4).
المطلب الخامس
دخولها للمسجد
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في اللبث
فيه.
المسألة الثانية: في عبور المسجد.
المسألة الأولى: في اللبث:
اختلف أهل العلم في حُكم دخول الحائض إلى المسجد ولبثها فيه على قولين.
القول الأول: أنه لا يجوز لها ذلك:
ذهب إليه جمهور أهل العلم، ومنهم الأئمَّة الأربعة وأصحابهم (5).
(1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وطهارة سؤرها (1/ 245).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب غسل المعتكف (1/ 256) ومسلم في كتاب الحيض باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (1/ 244).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
انظر: فتح القدير والهداية (1651) البحر الرائق (1/ 205) مجمع الأنهر (1/ 53) مواهب الجليل (1/ 374) الشرح الصغير (1/ 312) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (1/ 175) الحاوي (1/ 384) المجموع (2/ 156) المهذب (1/ 45) المغني (1/ 200) المبدع (1/ 260) كشاف القناع (1/ 197).
الأدلَّة:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43].
ووجه الدلالة:
أنَّ الله نهى الجُنب عن قربان مواضع الصلاة، وهي المساجد (1) وإذا ثبت هذا في الجُنب، ففي الحائض أولى؛ لأن حدثها آكد، ولذلك حرم الوطء، ومنع الصيام، وأسقط الصلاة، وساواها في أكثر الأحكام (2).
ونُوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا غير مسلم؛ لأن المسجد لم يذكر في أول الآية فيكون آخرها عائدًا عليه، وإنما ذكرت الصلاة، والصلاة لا تجوز للجنب إلا أن لا يجد ماء فيتيمَّم صعيدًا (3).
وقد رُوِي القول بأنَّ الآية في الصلاة نفسها عن علي وابن عباس، وأنَّ معنى الآية: ألَاّ يقرب الصلاة، وهو جُنب إلَاّ وهو مسافر تصيبه الجنابة فيتيمَّم ويصلِّي حتى يجد الماء (4).
الوجه الثاني: على فرض التسليم بما ذكروه، فإنَّ الآية في الجُنب، ولا دلالة فيها على منع الحائض للفارق، وهو قدرته على التطهُّر دونها.
2 -
ما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم من قوله لعائشة وقد حاضت وهي محرمة: «افعلي ما يفعل الحاج، غير ألَاّ تطوفي بالبيت» (5).
(1) الأوسط (2/ 109) المجموع (2/ 155) المحلى (2/ 250) المغني (1/ 200).
(2)
المغني (1/ 200) الحاوي (1/ 384).
(3)
المحلى (2/ 253) الأوسط (2/ 109).
(4)
المصادر السابقة.
وانظر: الأثر عن علي في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 157).
والأثر عن ابن عباس في تفسير الطبري (5/ 62).
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب الأمر بالنساء إذا نفسن (1/ 77) ومسلم في كتاب الحج، باب جواز إدخال الحج على العمرة (2/ 873).
3 -
وكذا قوله لما أخبر أن صفية قد حاضت: «أحابستنا هي؟» قالوا: إنها قد أفاضت، قال:«فلتنفر إذن» (1).
والشاهد:
منعه صلى الله عليه وسلم للحائض من دخول المسجد.
ونوقش: بأنَّ الذي في الحديث نهيٌ عن الطواف؛ لأنه لا يصحُّ من الحائض، ولا دلالة فيه على منعها من دخول المسجد، فلو كانت ممنوعة لذَكَره (2).
4 -
ما أخرجه أبو داود من حديث أفلت بن خليفة، عن جسرة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال:«وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جُنب» (3).
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت (195) ومسلم في الحج، باب إذا حاضت المرأة (2/ 964).
(2)
المحلى (2/ 253).
(3)
أخرجه أبو داود، في كتاب الطهارة، باب الجُنب يدخل المسجد (1/ 157) وسكت عنه وأخرجه ابن ماجة في كتاب الطهارة، باب ما جاء في اجتناب الحائض المسجد (1/ 212) من حديث أم سلمة، والحديث قد اختلف في تصحيحه، فقال البيهقي: ليس بقوي، قال: قال البخاري عند جسرة عجائب، وقد خالفها غيرها في سد الأبواب، وقال الخطابي: ضعف جماعة هذا الحديث، وقالوا: أفلت مجهول. وقال الحافظ عبد الحق: هذا الحديث لا يثبت، انظر: المجموع (2/ 160).
وقال ابن المنذر في الأوسط (2/ 110) هو غير ثابت: وقال ابن حزم في المحلى: أما أفلتت فغير مشهور ولا معروف بالثقة، وخالفهم غيرهم: فقال أحمد: لا أرى بأفلت بأسًا وقال الدارقطني كوفي ثقة،، وقال العجلي: جسرة تابعية ثقة. ورواه أبو داود ولم يضعفه انظر: المجموع (2/ 160).
وقال الشوكاني: وهو حديث صحيح ولا وجه لتضعيف ابن حزم له بأفلت بن خليفة الكوفي، فهو معروف مشهور صدوق، كما صرح بذلك أئمة الحديث، وليس بمجهول كما قال، وأخرج هذه الحديث من غير طريقه ابن ماجة عن جسرة عن أم سلمة وروي من طرق وله شواهد، فالحجة قائمة به. السيل الجرار (1/ 109).
ونوقش: بأن الحديث ضعيف فلا يصحُّ للاحتجاج.
قال ابن المنذر: وهو غير ثابت؛ لأن أفلت لا يجوز الاحتجاج بحديثه (1).
وقال ابن حزم: أما أفلت فغير مشهور، ولا معروف بالثقة (2).
وأُجيب عنه بأنَّ هذا غير مسلم، بل هو حديث صحيح (3).
5 -
حديث أم عطية: أَمَرَنا - تعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نُخرِج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين (4).
ووجه الاستدلال: ظاهر.
ونُوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنَّ المراد بالمُصلَّى هنا الصلاة لا مكانها، بدليل الرواية الثانية عند مسلم:«فأمَّا الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين» (5).
الوجه الثاني: أنَّ مُصلَّى العيد ليس له حُكم المسجد، إذا لم يكن مُصلَاّه مسجدًا.
الوجه الثالث: أنه لو صحَّ أنه نهي وأنه للتحريم، فعِلَّته كراهة جلوس من لا يصلِّي مع المصلِّين (6).
(1) الأوسط (2/ 110).
(2)
المحلى (2/ 252).
(3)
السيل الجرار (1/ 109) المجموع (2/ 160) فتح القدير (1/ 165).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب العيدين، باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد. وباب اعتزال الحيض المصلى (1/ 9، 10) ومسلم في كتاب صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى، وشهود الخطبة (2/ 605).
(5)
صحيح مسلم كتاب صلاة العيدين باب إباحة خروج النساء في العيدين (2/ 606).
(6)
انظر: إحكام الأحكام، لابن دقيق العيد (349).
القول الثاني: أنَّ لها ذلك:
ذهب إليه داود وابن حزم والمزني (1).
ولعلَّه قول من يُجيز ذلك للجُنب، منهم:
ابن المنذر، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحسن بن مسلم، وقتادة، وروي عن علي وابن عباس (2).
الأدلَّة:
قوله صلى الله عليه وسلم: «.. جُعِلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» (3).
ولا خلاف أنَّ الحائض مُباح لها جميع الأرض، وهي مسجد، فلا يجوز أن يُخَصُّ بالمنع بعض المساجد دون بعض (4).
ويمكن أن يُناقَش بأنَّ هذا يقتضي استواء المساجد وغيرها في جميع الأحكام ولا تقولون بذلك.
2 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لَمَّا حاضت وهي مُحرِمة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألَاّ تطوفي بالبيت» (5).
فلم ينهها إلَاّ عن الطواف بالبيت فقط؛ ومن الباطل المتيقَّن أن يكون لا يحلُّ لها دخول المسجد، فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف (6).
3 -
ما روت عائشة أم المؤمنين: «أنَّ وليدة سوداء كانت لحيٍّ من
(1) المحلى (2/ 253) المجموع (2/ 160).
(2)
الأوسط (2/ 107، 108).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب التيمم باب قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} .
ومسلم في كتاب المساجد، باب مواضع الصلاة (1/ 370).
(4)
المحلى (2/ 253).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
المحلى (2/ 253).
العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فكان لها خباء في المسجد أو حفش» (1)(2).
قال ابن حزم: فهذه امرأةٌ ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمعهود من النساء الحيض، فما منعها عليه السلام من ذلك، ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه عنه فمباح (3).
ويمكن أن يناقش: باحتمال أنها قد دخلت في سن اليأس، وبه يزول المانع، أو أنها تخرج في أيام حيضها، لما هو معلوم عندهم من المنع، أو أن ذلك للضرورة، لعدم وجود المكان الذي تأوي إليه.
4 -
ما ثبت من حديث أبي هريرة من قوله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليس بنجس» (4).
قال ابن المنذر: وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا .. وكان أويل قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] ما قد ذكرناه (5)، وجب ألا يمنع من ليس بنجس من المسجد إلا بحجة، ولا نعلم حجة (6).
ونوقش: بأنه لا يلزم من عدم نجاستها جواز لبثها في المسجد (7).
5 -
ما روي عن عائشة؛ قالت: اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه مستحاضة، فكانت ترى الحمرة والصفرة؛ فربما وضعت الطست (8).
(1) الخفش: بكسر الحاء، وإسكان الفاء: البيت الصغير، الذليل، القريب السمك، سمي به لضيقه النهاية (1/ 407).
(2)
الحديث مطول في البخاري، كتاب الصلاة، باب نوم المرأة في المسجد (1/ 113).
(3)
المحلى (2/ 353).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أي: أنها في المسافر لا يجد الماء فيتيمم انظر: الأوسط (2/ 108).
(6)
الأوسط (2/ 110).
(7)
المجموع (2/ 161).
(8)
الطست: إناء، والتاء فيه بدل من السين فجمعه «طساس» ، ويجمع على «طسوس» ، النهاية (3/ 124) ترتيب القاموس (3/ 76).
تحتها وهي تصلي (1).
والشاهد منه: إقراره صلى الله عليه وسلم لاعتكاف المستحاضة، والحائض مثلها لا فرق (2).
ونوقش: بالفارق؛ لأن الاستحاضة حدث لا يمنع الصلاة فلم يمنع اللبث كخروج الدم من أنفه (3).
6 -
حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «ناوليني الخُمرة (4) من المسجد» قالت: إني حائض، قال:«إن حيضتك ليست في يدك» (5).
7 -
ومثله حديث ميمونة؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض (6).
ووجه الاستدلال منهما ظاهر:
8 -
أن المشرك يجوز أن يترك فيمكث في المسجد، فالمسلمة الحائض من باب أولى (7).
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: عدم التسليم بجواز مكث الكافر، فهو ممنوع.
الوجه الثاني: علي التسليم بجواز مكث الكافر، فلأن الكافر لا
(1) أخرجه البخاري، في كتاب الحيض، باب الاعتكاف للمستحاضة (1/ 85).
(2)
المحلى (5/ 289، 290).
(3)
المغني (1/ 201).
(4)
الخمرة: هي ما يضع عليه الرجل جزء وجهه في سجوده، من حصير أو نسيج من خوص، وسميت خمرة؛ لأنها تخمر الوجه، أي: تغطيه، وقيل: لأن خيوطها مستورة بسعفها. النهاية (2/ 77).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض لرأس زوجها (1/ 245) سبق تخريجه.
(6)
أخرجه النسائي في كتاب الحيض، باب بسط الحائض الخمرة في المسجد (1/ 161).
(7)
المجموع (2/ 160).