الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الأولى: ألَاّ يعلم براءتها من الحمل:
فقد ذهب عامة أهل العلم إلى وجوب الاستبراء (1)، ومما يدلُّ على الوجوب ما يلي:
1 -
ما روى أبو سعيد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عام أوطاس أن تُوطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حملٍ حتى تحيض (2).
2 -
وما روي عن رويفع بن ثابت، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحلُّ لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يقع على امرأةٍ من السبي حتى يستبرئها بحيضة» (3).
3 -
وفي لفظ: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأتينَّ ثيبًا من السبي حتى يستبرئها بحيضة» (4).
المسألة الثانية: أن يعلم براءتها من الحمل:
وذلك كما لو حاضت عند البائع، أو كانت عند امرأة وهي مصونة فانتقلت عنها إلى رجل، أو من باعها مجبوب أو ذو محرم.
وقد اختلف أهل العلم في وجوب استبرائها على قولين:
القول الأول: وجوب الاستبراء:
ذهب إليه الجمهور؛ ومنهم: الحنفية (5)، والمالكية (6)،
(1) انظر: زاد المعاد (5/ 714) المغني (11/ 274) المحلى (11/ 727) الإشراف (4/ 314) فتاوى النساء، من فتاوى ابن تيمية (449) مغني المحتاج (3/ 408) روضة الطالبين (8/ 338) الكافي (1/ 537) حاشية ابن قاسم على الروض المربع (7/ 89).
(2)
أخرجه أبو داود، في النكاح، باب وطء السبايا (2/ 614) وأحمد في المسند (3/ 28، 62) والدامري في كتاب الطلاق، باب استبراء الإماء (2/ 171).
(3)
أخرجه أبو داود في النكاح باب وطء السبايا (2/ 616) والترمذي في النكاح، باب الرجل يشتري الجارية وهي حامل (1131) وقال: حديث حسن.
(4)
أخرجه الدارمي (2/ 214).
(5)
ذكره لهم صاحب المغني (11/ 214) زاد المعاد (5/ 714).
(6)
الكافي (1/ 537).
والشافعية (1)، والحنابلة (2)، وعطاء، والحسن، والنخعي، وهشام بن حسان، والأوزاعي (3).
واستدلُّوا بما يلي:
1 -
حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عام أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض» (4).
والشاهد منه: نهيه عن وطء غير ذات الحمل حتى تحيض، وهذا عام (5).
ونوقش: بأنَّ المراد منه من يجوز أن تكون حاملاً وألَاّ تكون، فيمسك عن وطئها مخافة الحمل؛ لأنه لا علم له بما اشتمل عليه رحمها، وهذا قاله في المسبيَّات لعدم علم السابئ بحالهنَّ (6).
قال ابن القيم:
وعلى هذا فكلُّ من ملك أمَة لا يعلم حالها قبل الملك، هل اشتمل رحمها على حملٍ أم لا؟ لم يطأها حتى يستبرئها بحيضة، هذا أمرٌ معقول، وليس بتعبُّدٍ محض لا معنى له، فلا معنى لاستبراء العذراء، والصغيرة التي لا تحمل مثلها، والتي اشتراها من امرأته وهي في بيته لا تخرج أصلاً، ونحوها مما يُعلَم براءة رحمها (7).
2 -
أنَّ الاستبراء يجب للتعبُّد أو له وللعلم ببراءة الرحم، وإذا كان كذلك وجب لا فرق بين من علم ببراءتها ومن لم يعلم (8).
ونوقش: بأنَّ هذا أمر معقول، وليس بتعبُّد محض لا معنى له (9).
(1) روضة الطالبين (8/ 427) مغني المحتاج (3/ 408).
(2)
المغني (11/ 274) زاد المعاد (5/ 714).
(3)
المغني (11/ 274) الإشراف (4/ 314).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
روضة الطالبين (8/ 427) المغني (11/ 274) زاد المعاد (5/ 714).
(6)
زاد المعاد (5/ 718).
(7)
زاد المعاد (5/ 719).
(8)
المغني (11/ 274) الإشراف (4/ 314) زاد المعاد (5/ 714).
(9)
زاد المعاد (5/ 718).
3 -
ما روي عن عطاء قال: تداول ثلاثة من التجار جارية، فولدت فدعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه القافة، فألحقوا ولدها بأحدهم، ثم قال عمر: من ابتاع جارية قد بلغت المحيض فليتربَّص بها حتى تحيض، فإن كانت لم تحض، فليتربَّص بها خمسًا وأربعين ليلة (1).
4 -
أنَّ الاستبراء عدَّة الأمة، فيجب على هذه كما يجب على الحرة التي تعرف براءة رحمها من الحمل (2).
القول الثاني: أنه غير واجب:
ذهب إليه جماعة من أهل الحديث (3)، واختاره ابن القيم (4)، ونسبه ابن القيم لمالك نقلاً عن بعض المالكية (5).
واحتجوا بما يلي:
1 -
أنَّ الاستبراء إنما شرع للعلم ببراءة الرحم من الولد، وعلى هذا فكلُّ من مَلك جارية يعلم أنها لم تُوطأ بعد ما حاضت في ملك سيدها إلى أن ملكها فلا استبراء عليه.
وفي نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الرجل ماءه زرع غيره (6)، دليل على أنَّ النهي إنما وقع على الوطء لعلَّة الحمل (7).
وكذلك قوله: «ولا يأتينَّ ثيبًا من السبي حتى يستبرئها» (8) دليلٌ
(1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (12884)(12896).
(2)
زاد المعاد (5/ 714) المغني (11/ 275).
(3)
الإشراف (4/ 314).
(4)
زاد المعاد (5/ 717).
(5)
زاد المعاد (5/ 715) وانظر: الشرح الصغير للدردير (3/ 553).
(6)
أخرجه الترمذي من حديث رويفع، في كتاب النكاح، باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل، وقال: حديث (3/ 429) وأبو داود في النكاح، باب وطء السبايا (2/ 615) وأحمد في المسند (4/ 108) وقد حسنه الألباني، كما في الإرواء (7/ 213).
(7)
الإشراف (4/ 314) زاد المعاد (5/ 718).
(8)
سبق تخريجه.