الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج- هذا وقد ذهب عامة القائلين بوقوع الطلاق في الحيض إلى أنَّ الحيضة التي تُطلَّق فيها لا تُحتسب من عدَّتها (1)، وذلك:
1 -
لأنَّ الله تعالى أمر بثلاثة قروء، فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلَّق فيها لم يبقَ منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة، فلا يُعتدُّ بها.
2 -
ولأنَّ الطلاق إنما حرم في الحيض لِما فيه من تطويل العدَّة عليها، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءًا، كان أقصر لعدتها، وأنفع لها، فلم يكن مُحرَّمًا (2).
المطلب الثاني
ما وقع فيه الخلاف
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: في المراد بـ «الأقراء»
.
المسألة الثانية: في عدَّة الأمَّة ذات الأقراء.
المسألة الثالثة: في عدَّة المختلعة.
المسألة الأولى في المراد بـ «الأقراء» :
اختلف أهل العلم في المراد بالأقراء في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] على قولين:
القول الأول: أنها الحيض:
ذهب إليه الحنفية (3)، وأحمد في رواية عنه، وهي المذهب (4).
(1) المغني (11/ 203) بداية المجتهد (2/ 68).
(2)
المغني (11/ 203).
(3)
رد المحتار (3/ 505) فتح القدير (4/ 308) البناية (4/ 770).
(4)
المغني (11/ 200) الإنصاف (9/ 279) المبدع (8/ 177).
وهو قول جمع من فقهاء السلف منهم: علقمة والأسود، وإبراهيم النخعي، وشريح، والشعبي، والحسن، وقتادة وسعيد بن جبير، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وإسحاق، وأبو عبيد، والثوري، والعنبري، والأوزاعي، والحسن بن حي، وابن شبرمة وربيعة، ومجاهد، ومقاتل والضحاك وعكرمة والسدي وإسحاق (1).
وروي عن جمع من فقهاء الصحابة منهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وأبو موسى، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وابن عباس، ومعاذ بن جبل، ومعبد الجهني، وعبد الله بن قيس (2).
الأدلَّة (3):
1 -
قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
فظاهر الآية وجوب التربُّص ثلاثة كاملة، ومن جعل القروء الأطهار لم يوجب ثلاثة؛ لأنه يكتفي بطُهرَين وبعض الثالث، فيخالف ظاهر النصِّ، ومن جعله الحيض أوجب ثلاثة كاملة، فيوافق ظاهر النصِّ، فيكون أولى من مخالفته (4).
2 -
قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].
(1) المغني (11/ 220) زاد المعاد (5/ 600) المحلى (11/ 629).
(2)
المغني (11/ 200) زاد المعاد (5/ 600) فتح القدير (4/ 308) البناية (4/ 770).
(3)
وسأذكر الأدلَّة دون ما ورد عليها من مناقشات تجنُّبًا للإطالة، حيث إنَّ المسألة من أمهات مسائل الخلاف، وقد أطال الكلام عليها ابن القيم في الهدي، فمن أراد الاستزادة فليرجع إليه (5/ 600 - 650).
(4)
المغني (1/ 202) العناية (4/ 311) زاد المعاد (5/ 604) النهاية (4/ 771) بداية المجتهد (2/ 67) المبدع (7/ 117).
وجه الاستدلال:
أنَّ الله نقلهنَّ عند عدم الحيض إلى الاعتداد بالأشهر، فدلَّ ذلك على أنَّ الأصل الحيض (1) كما قال تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة: 6].
3 -
قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]
وهذا هو الحمل والحيض عند عامة المفسرين، والمخلوق في الرحم إنما هو الحيض الوجودي.
ولهذا قال السلف والخلف، هو الحمل والحيض، وقال بعضهم: الحمل، ولم يقل أحد قط: إنه الطهر (2).
4 -
ولأنَّ لفظ القرء لم يستعمل في كلام الشارع إلَاّ للحيض (3)،
ولم يجئ عنه في موضع واحد استعماله للطهر، فحمله في الآية على المعهود المعروف من خطاب الشارع أولى، بل متعين (4).
5 -
ما جاء في حديث ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «خير بريرة، فاختارت نفسها، وأمرها أن تعتدَّ عدَّة الحرَّة فكانت عدَّة الحرَّة هي الثلاث الحيض» (5). ومن حديث عائشة: «أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض» (6).
(1) المغني (2/ 201) زاد المعاد (5/ 611) فتح القدير (4/ 311).
(2)
زاد المعاد (5/ 610).
(3)
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للمستحاضة «دعي الصلاة أيام أقرائك» .
أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر (1/ 208) والترمذي في كتاب الطهارة، باب المستحاضة تتوضَّأ لكلِّ صلاة (1/ 220) وابن ماجة في كتاب الطهارة باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها (1/ 204).
(4)
انظر: المغني (1/ 201) زاد المعاد (5/ 609) المبدع (8/ 117) السيل الجرار (2/ 380).
(5)
أخرجه أحمد في المسند (2542، 3405).
قال الشوكاني: ورجاله رجال الصحيح السيل الجرار (1/ 381).
(6)
أخرجه ابن ماجة في كتاب الطلاق، باب خيار الأمة إذا أُعتِقت (1/ 671) قال في الزوائد إسناده صحيح ورجال موثوقون .. وكذا قال الشوكاني في السيل الجرار (1/ 381).
ووجه الاستدلال: ظاهر.
6 -
أمره صلى الله عليه وسلم للمختلعة أن تعتدَّ بحيضة.
أ- فأخرج النسائي من حديث الربيع بنت معوذ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة ثابت بن قيس بن شماس لَمَّا اختلعت من زوجها أن تتربَّص حيضة واحدة وتلحق بأهلها (1).
ب- وفي سُنن أبي داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي أن تعتد بحيضة» (2).
ج- وفي الترمذي: «أنَّ الربيع بنت معوذ اختلعت على عهد رسول الله من زوجها فأمرها النبي - أو أمرت - أن تعتد بحيضة» (3).
7 -
ويدل له حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طلاق الأمَّة تطليقتان، وعدتها حيضتان» (4).
ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان» (5).
(1) أخرجه النسائي في كتاب الطلاق، باب عدة المختلعة (6/ 497) وسنده حسن.
(2)
أخرجه أبوداود في كتاب الطلاق، باب الخلع (2/ 670) والترمذي في الطلاق، باب ما جاء في الخلع (3/ 482) ورجاله ثقات.
(3)
أخرجه الترمذي في الطلاق، باب ما جاء في الخلع (2/ 482) وإسناده صحيح.
(4)
أخرجه أبو داود في الطلاق، باب سُنة طلاق العبد (2/ 639) وقال: وهو حديث مجهول، وابن ماجة في الطلاق، باب في طلاق الأمة وعدتها (1/ 672) والترمذي في الطلاق باب ما جاء أن طلاق الأمة تطليقتان (3/ 489).
وقال عقبة: حديث عائشة حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلَاّ من حديث مظاهر بن أسلم ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث.
(5)
أخرجه ابن ماجة في الموضع السابق (1/ 272) قال في الزوائد: إسناد حديث ابن عمر فيه عطية العوفي متفق على تضعيفه، وقد صح من قول ابن عمر، أخرجه مالك في الموطأ (2/ 574).
8 -
أنَّ الاستبراء عدَّة مختصرة، فكان النصُّ على الحيض فيه معنويًّا لكون عدة الحرائر بالحيض لا بالطهر (1).
وقد ثبت عن أبي سعيد الخدري أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس: «لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة» (2).
9 -
ولأنَّ العدةَّ استبراء فكانت بالحيض، كاستبراء الأمة، وذلك لأنَّ الاستبراء لمعرفة براءة الرحم من الحمل والذي يدلُّ عليه الحيض فوجب أن يكون الاستبراء به (3).
10 -
ولأنَّ العدَّة تتعلَّق بخروج خارج من الرحم، فوجب أن تتعلَّق بالطهر كوضع الحمل، يُحقِّقه أنَّ العدَّة مقصودها معرفة براءة المرأة من الحمل فتارة تحصل بوضعه، وتارة بما ينافيه، وهو الحيض الذي لا يتصوَّر وجوده معه (4).
11 -
أنَّ الأدلَّة والعلامات، والحدود والغايات، إنما تحصل بالأمور الظاهرة المتميِّزة عن غيرها، والطهور هو الأمر الأصلي، ولهذا متى كان مستمرًا مُستصحبًا لم يكن له حُكم يفرد به في الشريعة، وإنما الأمر المتميِّز هو الحيض، فإنَّ المرأة إذا حاضت تغيَّرت أحكامها من بلوغها وتحريم العبادات عليها من الصلاة، والصوم، والطواف، وغير ذلك.
(1) المغني (1/ 201) زاد المعاد (5/ 612) السيل الجرار (1/ 682) فتح القدير (4/ 311).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 62، 87) وأبو داود في النكاح، باب وطء السبايا (2/ 614) وسكت عنه، والحاكم (2/ 195) وصحَّحه وقد صحَّحه الألباني كما في الإرواء (7/ 214).
(3)
المغني (11/ 202) فتح القدير (4/ 311) النيابة (4/ 772) المبدع (8/ 117) زاد المعاد (5/ 612).
(4)
المغني (11/ 202).
ثم إذا انقطع الدم واغتسلت فلم تتغيَّر أحكامها بتجدُّد الطهر، لكن لزوال المغير الذي هو الحيض، فإنها تعود بعد الطهر إلى ما كانت عليه قبل الحيض من غير أن يجدَّد لها الطهر حُكمًا، و «القرء» أمر يُغير أحكام المرأة، وهذا التغير إنما يحصل بالحيض دون الطهر (1).
القول الثاني: أنها الأطهار:
ذهب إليه المالكية (2)، والشافعية (3)، وأحمد في رواية عنه (4)، والظاهرية (5).
وهو قول جمع من فقهاء السلف منهم: الفقهاء السبعة، وأبان بن عثمان، والزهرين وعمر بن عبد العزيز، وأبو ثور (6).
وروي عن زيد بن ثابت، وعائشة، وعبد الله بن عمر (7).
الأدلَّة:
1 -
قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1].
أي: في عدَّتهنَّ، كقوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47].
أي: في يوم القيامة.
(1) زاد المعاد (5/ 615).
(2)
الكافي (1/ 516) الإشراف (2/ 166) بداية المجتهد (2/ 67) المنتقى (3/ 94) الشرح الصغير (3/ 516).
(3)
روضة الطالبين (8/ 366) مغني المحتاج (3/ 385) حلية العلماء (7/ 316).
(4)
المغني (11/ 200) الإنصاف (9/ 279) المبدع (8/ 117) زاد المعاد (5/ 601).
(5)
المحلى (11/ 623).
(6)
المغني (11/ 201) زاد المعاد (5/ 601) المحلى (11/ 624) وما بعدها، بداية المجتهد (2/ 67) البناية (4/ 770).
(7)
المحلى (11/ 629) المغني (11/ 206) زاد المعاد (5/ 601).
وإنما أمر بالطلاق في الطهر لا في الحيض (1)، ويدلُّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر:«مُره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، فإن شاء طلَّق، وإن شاء أمسك، فتلك العدَّة التي أمر الله تعالى أن تُطلق لها النساء» (2).
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ العدَّة التي أمر الله أن تطلق لها النساء هي الطهر الذي بعد الحيضة، ولو كان القرء هو الحيض، كان طلقها قبل العدَّة لا في العدَّة (3).
2 -
أنَّ اللسان يدلُّ على ما ذهبنا إليه ومن ذلك.
أ- أنَّ «القرء» اسم وُضِع لمعنى، فلمَّا كان الحيض دمًا يرخيه الرحم فيخرج، والطهر دم يُحتبس فلا يخرج، وكان معروفًا من لسان العرب، أنَّ القرء: الحبس. تقول العرب: «هو يقري الماء في حوضه» ، وفي سقائه، وهذا يدلُّ على أنَّ المراد بـ «القرء» الطهر (4).
ب- أن هذا الجمع خاص بالقرء الذي هو الطهر، وذلك أنَّ القرء الذي هو الحيض يُجمع على «أقراء» لا على «قروء» (5).
ج- أنَّ الحيضة مؤنثة، والطهر مذكَّر، فلو كان القرء الذي يُراد به الحيض لَما ثبت في جمعه الهاء؛ لأنَّ الهاء لا تثبت في جمع المؤنَّث فيما دُون العشرة (6).
(1) المغني (1/ 200) بداية المجتهد (2/ 67) زاد المعاد (5/ 615) الإشراف (2/ 166).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
زاد المعاد (5/ 66) الأم (5/ 209) بداية المجتهد (2/ 68) المغني (11/ 200) مغني المحتاج (3/ 385).
(4)
بداية المجتهد (2/ 67) زاد المعاد (5/ 617) الإشراف (2/ 166) مغني المحتاج (3/ 385).
(5)
بداية المجتهد (2/ 67).
(6)
بداية المجتهد (2/ 67).
3 -
من المعقول:
أ- أنها عدَّة عن طلاقٍ مجرَّد مباح، فوجب أن يُعتبر عُقَيب الطلاق، كعدَّة الآيسة والصغيرة (1).
ب- ولأنه زمانٌ يجوز إيقاع الطلاق فيه فوجب أن يكون مُعتدَّا فيه، أصله الحمل (2).
الترجيح:
والراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أنَّ المراد بها الحيض؛ لقوَّة ما بُنِي عليه من استدلال، ومن أهمها ولا شكّ توارد كلمات الشارع على استعمالها في الحيض.
وكذا اتفاق كلمة هذا الجمع الكبير من فقهاء الصحابة.
مسائل مترتبة على كلِّ قول:
أولاً- عند القائلين بأنها الحيض.
وعلى القول بأنَّ المراد بها «الحيض» لا تنقضي العدة حتى تنقضي الحيضة الثالثة، وهل تنقضي بمجرَّد الطهر؟ اختلف هؤلاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها تنقضي عدَّتها بمجرَّد طهرها من الحيضة الثالثة.
ذهب إليه الشافعي في القديم (3)، وأحمد في رواية عنه (4). والأزواعي وسعيد بن جبير (5).
(1) المغني (11/ 201).
(2)
الإشراف (2/ 166).
(3)
المغني (11/ 205) زاد المعاد (5/ 603) حيث كان يقول: الإقراء الحيض.
(4)
المغني (11/ 205) زاد المعاد (5/ 603) المبدع (8/ 118).
(5)
المغني (11/ 205) زاد المعاد (5/ 603).
الأدلَّة:
1 -
لأنَّ الله تعالى قال: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، وقد كملت القروء بدليل وجوب الغسل عليها ووجوب الصلاة وفعل الصيام وصحته منها (1).
2 -
ولأنه لم يبقَ في حُكم العدَّة في الميراث، ووقوع الطلاق بها، واللعان، والنفقة فكذلك فيما نحن فيه (2).
القول الثاني: إنها لا تنقضي عدَّتها حتى تغتسل.
ذهب إليه أبو حنيفة فيما إذا انقطع الدم لأكثر الحيض (3)، وأحمد في الرواية الثانية عنه (4)، وسعيد بن المسيب، وشريك، وإسحاق (5)، وهو المشهور عن أكابر الصحابة؛ منهم: عمر وعلي وابن مسعود وأبو بكر وعثمان وأبو موسى وعبادة وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل وابن عباس (6).
الأدلَّة:
1 -
لأنه قول الأكابر من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم فكان إجماعًا (7).
2 -
ولأنها ممنوعة من الصلاة بحكم حدث الحيض فأشبهت الحائض (8).
(1) المغني (11/ 205) المبدع (8/ 118).
(2)
المغني (11/ 205) المبدع (8/ 118).
(3)
فتح القدير (4/ 167) البناية والهداية (4/ 601)
(4)
المغني (11/ 205) زاد المعاد (5/ 603) المبدع (8/ 118).
(5)
المغني (11/ 205).
(6)
المغني (11/ 205) فتح القدير (4/ 308).
(7)
المغني (11/ 205) المبدع (8/ 118).
(8)
المغني (11/ 205) المبدع (8/ 118).
واحتجَّ للحنفية: بأنّ الحيض عندهم لا يزيد على عشرة أيام، فبمجرَّد الانقطاع خرجت من الحيض فانقطعت العدَّة وانقطعت الرجعة (1).
القول الثالث: أنها في عدَّتها، ولزوجها رجعتها حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها.
ذهب إليه أحمد في رواية عنه (2)، والثوري (3)،، وهو قول أبي حنيفة، لكن إذا انقطع الدم لأقل الحيض (4).
دليل هذا القول: لم أجد لِما ذهب إليه أحمد في هذه الرواية من دليل، ولعلَّه نظر إلى أنها قد تتعمَّد إطالة العدَّة بترك الاغتسال، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلَاّ تركها صلاة وقت.
أما الحنفية فقالوا: إنها فيما دون العشر يُحتمل عوده الدم، فلا بدَّ أن يُعتضد الانقطاع بحقيقة الاغتسال، أو بلزوم حُكم من أحكام الطاهرات بمضيِّ وقت الصلاة (5).
الترجيح:
ولعلَّ الراجح هو القول الثاني من أنها لا تنقضي عدَّتها حتى تغتسل، بلا فرق بين أن ينقطع دمها لأقل مدَّة أو أكثرها، لقوَّة ما بُنِيَ عليه من استدلال، خاصة اتفاق كلمة أكابر فقهاء الصحابة على ذلك، ولأنها ما تزال في حكم الحيض في منعها من الصلاة ومنع الجماع والطواف وغير ذلك، إلَاّ أنه ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يعرف منها قصد إطالة العدة.
(1) فتح القدير والهداية (4/ 167) البناية (4/ 602) المغني (11/ 205).
(2)
المغني (11/ 205) زاد المعاد (5/ 603).
(3)
المصادر السابقة.
(4)
البناية والهداية (4/ 601) فتح القدير (4/ 167).
(5)
المصادر السابقة.
ثانيًا- ما يترتَّب على القول بأنها الأطهار.
وعلى القول بأنها الأطهار إذا طلقها وهي طاهر انقضت عدتها برؤية الدم من الحيضة الثالثة (1).
وإن طلَّقها حائضًا - وقيل بوقوعه - فقد اختلف هؤلاء في وقت انتهاء العدَّة على قولين:
القول الأول: أنها تنقضي برؤية الدم من الحيضة الرابعة.
ذهب إليه مالك (2)، والشافعي في ظاهر مذهبه (3)، والحنابلة (4)، وإليه ذهب القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وأبان بن عثمان، وأبو ثور (5).
الأدلَّة:
1 -
لأنَّ الله جعل العدة ثلاثة قروء، فالزيادة عليها مخالفة للنصِّ، فلا يُعوّل عليه (6).
2 -
ولأنَّ الظاهر أنه حيض (7).
3 -
ولأنه قول جمع من الصحابة منهم: زيد، وابن عمر، وعائشة (8).
(1) الكافي (1/ 516) المهذب (2/ 144) روضة الطالبين (8/ 367) المغني (11/ 205).
(2)
الكافي (1/ 516) الشرح الصغير (3/ 523).
(3)
روضة الطالبين (8/ 367) مغني المحتاج (3/ 385) حلية العلماء (7/ 317) المهذب (2/ 144).
(4)
المغني (11/ 205).
(5)
المغني (11/ 205).
(6)
روضة الطالبين (8/ 367) المغني (11/ 205).
(7)
روضة الطالبين (8/ 367).
(8)
الأثر عن زيد أخرجه مالك في الموطأ باب ما جاء في الأقراء، وعدة الطلاق، وطلاق الحائض من كتاب الطلاق (2/ 577) والشافعي في المسند في كتاب الطلاق باب العدة (2/ 59) والبيهقي في السُنن الكبرى، كتاب العدد (7/ 415).
والأثر عن ابن عمر، وعائشة، عزاه ابن قدامة للأثرم بإسناده، المغني (11/ 205).
القول الثاني: أنها لا تنقضي حتى يمضي من الدم يوم وليلة.
ذهب إليه الشافعي في القول الآخر (1)، وحكاه القاضي احتمالاً في مذهب الحنابلة (2).
الأدلَّة:
1 -
لجواز أن يكون الدم دم فساد فلا نحكم بانقضاء العدَّة حتى يزول الاحتمال (3).
ونوقش: بأنه قد حُكِم بكونه حيضًا في ترك الصلاة، وتحريمها على الزوج، وسائر أحكام الحيض فكذلك في انقضاء العدَّة (4).
القول الثالث: أنها إن حاضت للعادة انقضت العدة بالطعن في الحيضة، وإن حاضت لغير العادة بأن كانت عادتها ترى الدم في عاشر الشهر فرأته في أوله لم تنقضِ حتى يمضي عليها يوم وليلة.
ذهب إليه الشافعية في وجه (5).
هذا وقد اختلف القائلون بأنَّ القرء: الطهر، في احتساب القرء الذي طلقها فيه قرءًا على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها تحتسب به.
ذهب إليه عامة القائلين بأنها الطهر (6).
(1) روضة الطالبين (8/ 367) مغني المحتاج (3/ 385) حلية العلماء (7/ 317) المهذب (2/ 144).
(2)
المغني (11/ 205).
(3)
المغني (11/ 205).
(4)
المغني (11/ 205).
(5)
روضة الطالبين (8/ 367) حلية العلماء (7/ 317).
(6)
الكافي (1/ 516) الشرح الصغير (3/ 523) روضة الطالبين (8/ 366) مغني المحتاج (3/ 385). المغني (11/ 205) المحلى (11/ 623).
1 -
لأنَّ الطلاق إنما حرم في الحيض دفعًا لضرر تطويل العدة عليها، فلو لم يحتسب ببقية الطهر قرءًا، كان الطلاق في الطهر أضرَّ بها وأطول عليها (1).
2 -
ولأنَّ بعض الطُّهر وإن قلَّ يصدق عليه اسم «قرء» ، قال تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] وإنما هو شهران وبعض الثالث (2).
القول الثاني: أنها لا تحتسب به، فتعتدُّ بثلاثة قروء سوى الطهر الذي طلَّقها فيه.
ذهب إليه الزهري (3).
كما لا تُحتسب ببقية الحيضة عند من يقول: «القرء» الحيض (4).
القول الثالث: أنه إن كان جامعها في ذلك الطهر، لم تحتسب ببقيته وإلَاّ احتسبت.
ذهب إليه أبو عبيد (5).
لأنه زمن حُرم فيه الطلاق، فلم يحتسب به من العدَّة، كزمن الحيض (6).
ونوقش: بأنه لا يصح؛ لأنَّ تحريم الطلاق في الحيض لكونها لا تحتسب ببقيته فلا يجوز أن تجعل العلَّة في عدم الاحتساب تحريم الطلاق، فتصير العلَّة معلولاً وإنما تحريم الطلاق في الطُهر الَّذي أصابها فيه، لكونها مرتابة ولكونه لا يأمن الندم بظهور حملها (7).
(1) المغني (11/ 23).
(2)
مغني المحتاج (3/ 385).
(3)
المغني (11/ 203) زاد المعاد (5/ 602).
(4)
زاد المعاد (5/ 602).
(5)
المغني (11/ 203)، زاد المعاد (5/ 602) حلية العلماء (7/ 317).
(6)
المغني (11/ 203)، حلية العلماء (7/ 317).
(7)
المغني (11/ 203).