الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد اختلف أهل العلم في دخول إتيان الحائض في باب الكبائر، أو لا (1).
كما اختلفوا في الحُكم بكفره فيما لو فعله مستحلاًّ (2).
الفقرة الثانية: في الكفارة للوطء في الحيض:
وفيها جزءان:
الجزء الأول: في الكفارة على العالِم الذَّاكر
.
الجزء الثاني: في الكفارة على الجاهل الناسِي.
الجزء الأول: وفيه ما يلي:
أ- حُكم الكفارة
.
ب- قدر الكفارة
أ- حُكم الكفارة:
أولاً- في حكمها على الواطئ
.
ثانيًا- في حكمها على الموطوءة.
أولاً في حكمها على الواطئ:
اختلف أهل العلم في حكم التكفير على الواطئ على قولين:
القول الأول: أنه عليه الكفارة:
ذهب إليه أحمد في رواية عنه، وهي المذهب (3)، والشافعي
(1) انظر: المجموع (2/ 359) فتح القدير (1/ 166) كشاف القناع (1/ 200).
(2)
المجموع (2/ 359) فتح القدير (1/ 166) مجمع الأنهر (1/ 53).
(3)
المغني (1/ 416) كشاف القناع (1/ 251) الإنصاف (1/ 351) المبدع (1/ 226) كشاف القناع (1/ 201).
في القديم (1).
وجمع من فقهاء السلف منهم: النخعي، وإسحاق، وسعيد بن جبير والحسن والأوزاعي (2).
على خلاف بينهم في قدر الكفارة وسيأتي:
دليل هذا القول:
ما رُوي عن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: «يتصدَّق بدينار أو نصف دينار» (3).
(1) المجموع والمهذب (2/ 359) المهذب (1/ 45) مغني المحتاج (1/ 110).
(2)
الأوسط (2/ 210).
(3)
أخرجه أبو داود في باب إتيان الحائض من كتاب الطهارة (1/ 181).
والنسائي في باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضها (1/ 168).
كما أخرجه الترمذي، في باب ما جاء في كفارة إتيان الحائض، من أبواب الطهارة (1/ 224)، وابن ماجة في باب كفارة من أتى حائضًا (1/ 210) وباب من وقع على امرأته وهي حائض من كتاب الطهارة (1/ 213)، وأحمد في المسند (1/ 230) والحاكم (1/ 171) والبيهقي (1/ 314) .. وقد اختُلف في تصحيح الحديث:
فقال ابن المنذر: لا أحسبه بثبت، الأوسط (2/ 312).
وقال الشافعي: لا يثبت مثله.
وقال النووي: اتفق المحدثون على ضعف حديث ابن عباس هذا واضطرابه، ورُوي موقوفًا ومرسلاً وألوانه كثير، قال: وقد جمع البيهقي طُرقه وبيَّن ضعفها بيانًا شافيًا وهو إمام حافظ متقن، متفق على إمامته، وتحقيقه اهـ المجموع (2/ 260)
وقال أحمد: ليس به بأس. المغني (1/ 417) وقال في موضع: ما أحسن حديث عبد الحميد، التلخيص (1/ 166) وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، والمستدرك (1/ 417).
وقال الألباني: وهذا سند صحيح، إرواء الغليل (1/ 218).
وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 166): وقد أمعن ابن القطان القول بتصحيح هذا الحديث، والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه، وأقرَّ ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الإمام، وهو الصواب، فكم من حديث قد احتجوا به فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، قال: وفي هذا ما يرد على النووي دعواه أنَّ الأئمَّة كلَّهم خالفوا الحاكم في تصحيحه اهـ.
وقد صحَّحه أحمد شاكر: كما في تعليقه على سُنن الترمذي (1/ 253).
ونوقش: من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ الحديث ضعيف فلا يصحُّ للاحتجاج (1).
وأجيب: بأن هذا غير مسلَّم، بل الحديث صحيح (2).
الوجه الثاني: أنه لو كان الصحيح وجوب الكفارة لِما خيَّر بين شيء ونصفه (3).
وأجيب: بأنَّ هذا معقول، ومثاله تخيير المسافر بين قصر الصلاة وإتمامها، فأيهما فعل كان واجبًا، كذا ههنا (4).
القول الثاني: أنه لا غرم عليه في ماله، لكن يستغفر الله:
ذهب إليه جمهور أهل العلم (5).
ومنهم الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعي في الجديد (8)، وأحمد في رواية عنه (9)، والظاهرية (10)، وعطاء، والنخعي ومكحول، والشعبي، وابن أبي مليكة، والزهري، وربيعة، وحماد بن أبي سليمان،
(1) المجموع (2/ 260) الأوسط (2/ 312).
(2)
التلخيص الحبير (1/ 166) إرواء الغليل (1/ 218).
(3)
المغني (1/ 418).
(4)
المغني (1/ 418).
(5)
انظر: الأوسط (2/ 210) حلية العلماء (1/ 276) المغني (1/ 416) المجموع (2/ 361) بداية المجتهد (1/ 43).
(6)
فتح القدير (1/ 166) رد المحتار (1/ 290) مجمع الأنهر (1/ 53) البحر الرائق (1/ 207) تبيين الحقائق (1/ 57).
(7)
بداية المجتهد (1/ 43) المنتقى (1/ 117) القوانين الفقهية (31).
(8)
المجموع (2/ 361) حلية العلماء (1/ 276) مغني المحتاج (1/ 110) المهذب (1/ 45).
(9)
الكافي (1/ 74) الإنصاف (1/ 351).
(10)
المحلى (5/ 245).
وأبو الزناد، والليث، وسفيان الثوري (1).
الاستدلال:
1 -
لما رُوِيَ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنًا فصدَّقه بما قال، أو أتى امرأة في دُبرها، أو أتى حائضًا، فقد كفر بما أنزل على محمد» (2).
ولم يذكر كفارة (3).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ الحديث ضعيف فلا يصلح للاحتجاج (4).
الوجه الثاني: أنَّ هذا في المستحيل بدليل أنه حُكِم بكفره.
2 -
ولأنه وطءٌ مُحرَّم للأذى فلم تعلق به الكفارة كالوطء في الدُبر (5).
3 -
ولأنه وطءٌ محرَّم، لا لحرمة عبادة، فلم تجب فيه كفارة كالزنا (6).
4 -
ولعدم الدليل على إيجابها، والأصل براءة الذمة (7).
الترجيح:
والراجح هو القول الأول لما ذكروه من الحديث، وقد صحَّحه غير واحد من الحفاظ، ولا يمتنع أن يَرِد التخيير بين الدينار ونصفه، فالنصف هو أقلّ ما يجب وما زاد فهو تطوُّع.
وقد ورد مثله في كفارة اليمين في التخيير بين العتق والإطعام والكسوة ولا تماثل، وكما ورد التخيير في صلاة السفر بين الركعتين والأربع، فأيًّا فعل فهو واجب.
(1) الأوسط (2/ 209) حلية العلماء (1/ 276) المجموع (2/ 361) المغني (1/ 417).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
المغني (1/ 417).
(4)
سُنن الترمذي (1/ 242).
(5)
المجموع (2/ 359) المغني (1/ 417).
(6)
المنتقى (1/ 117).
(7)
الأوسط (2/ 212) المحلى (2/ 258) معالم السُنن (1/ 181) التلخيص الحبير (1/ 166).