الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم:
فهذا عام لا تخصيص له بردِّ ما خالف أمره وإبطاله وإلغاءه، فكيف يقال: بأنَّ هذا الطلاق المنهيَّ عنه والمحرَّم صحيحٌ لازمٌ نافذ (1).
وقال الشوكاني: وهو حديثٌ صحيحٌ شاملٌ لكلِّ مسألةٍ مخالفةٍ لِما عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسألة النزاع من هذا القبيل، فإنَّ الله لم يُشرع هذا الطلاق ولا أذن فيه فليس من شرعه وأمره (2).
الترجيح:
والراجح هو القول الثاني لقوَّة أدلته وكثرتها وتظافرها في الدلالة على عدم وقوع الطلاق البدعي.
الفرع الثالث: في الرجعة في الطلاق في الحيض:
وفيه جانبان:
الجانب الأول: في حُكم الرجعة.
الجانب الثاني: في الإجبار على الرَّجعة.
الجانب الأول: في حُكم الرجعة في الطلاق البدعي:
هذا وقد اختلف القائلون بوقوع الطلاق في حكم الرجعة في ذلك الطلاق على قولين:
القول الأول: أنها غير واجبة وإنما ذلك مستحب:
ذهب إليه الحنفية في قول (3)، والشافعية (4)، وأحمد في رواية عنه،
(1) زاد المعاد (5/ 224) تهذيب سُنن أبي داود (3/ 100).
(2)
نيل الأوطار (6/ 254).
(3)
رد المحتار (3/ 233).
(4)
روضة الطالبين (8/ 4) مغني المحتاج (3/ 309) حلية العلماء (7/ 23).
وهي المذهب (1)، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى (2).
أدلَّة هذا القول:
1 -
لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها، وأقل أحوال الأمر الاستحباب (3).
2 -
ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره، وإنما أمر أباه أن يأمره، والآمر بالأمر بالشيء ليس آمرًا بذلك الشيء (4).
ونوقش: بأنَّ النبي قال: «فليراجعها» وهذا أمر منه.
وأجيب: بأنَّ المراد فليراجعها لأجل أمرك، فيكون الوجوب لأجل أمر الوالد (5).
3 -
ولأنَّ ابتداء النكاح إذا لم يكن واجبًا فاستدامته كذلك (6).
ونوقش: بعدم صحَّة هذا القياس؛ لأنَّ الاستدامة واجبة هنا لأجل الوقت، فإنه لا يجوز فيه الطلاق (7).
4 -
ولأنه بالرجعة يزيل المعنى الذي حرَّم الطلاق (8).
5 -
ولأنَّ المعصية وقعت فتعذَّر ارتفاعها (9).
ونوقش: بأن تعذُّر ارتفاع المعصية لا يصلح صارفًا للصيغة عن الوجوب لجواز رفع أثرها وهو العدَّة وتطويلها؛ إذ بقاء الشيء بقاء ما هو أثره من وجهٍ فلا تُترك الحقيقة (10).
ثم قد يناقش: بأنه الرجعة يرتفع عنه الإثم، وهو قول جمع من أهل العلم (11).
(1) المغني (10/ 328) المبدع (7/ 261) الإنصاف (8/ 450).
(2)
المغني (10/ 328) تهذيب السُنن لابن القيم (3/ 103).
(3)
المغني (10/ 328) المبدع (7/ 261).
(4)
مغني المحتاج (3/ 309).
(5)
مغني المحتاج (3/ 309).
(6)
تهذيب سُنن أبي داود (3/ 103).
(7)
المصدر السابق.
(8)
المغني (10/ 228).
(9)
رد المحتار (3/ 223).
(10)
رد المحتار (3/ 223).
(11)
المغني (3/ 309).
6 -
ولأنه طلاق لا يرتفع بالرجعة فلم تَجِب عليه الرجعة فيه، كالطلاق في طُهرٍ مسَّها فيه (1).
القول الثاني: وجوب الرجعة:
ذهب إليه الحنفية في قول (2)، ومالك (3)، وأحمد في رواية عنه (4)، وداود الظاهري (5).
أدلَّة هذا القول:
1 -
لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها، وظاهر الأمر الوجوب (6).
2 -
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (7) وطلاقها حال الحيض إضرارٌ بها؛ لأنه يُطوِّل عليها العدَّة، فيجب إزالته، ولا طريق إلى ذلك إلَاّ بالارتجاع (8).
3 -
ولأنَّ الرجعة تجري مجرى استبقاء النكاح، واستبقاؤه ههنا واجب بدليل تحريم الطلاق (9).
4 -
ولأن الرجعة إمساك للزوجة بدليل قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] فالإمساك مراجعتها في العدَّة والتسريح تركها حتى تنقضي عدتها.
وإذا كانت الرجعة إمساكًا فلا ريب في وجوب إمساكها في زمن الحيض وتحريم طلاقها فتكون واجبة (10).
(1) المغني (10/ 329) المبدع (7/ 261).
(2)
رد المحتار (3/ 233).
(3)
بداية المجتهد (2/ 49) الإشراف (2/ 123) الشرح الصغير (3/ 343) الكافي (1/ 472) المنتقى (3/ 67).
(4)
المغني (10/ 328) المبدع (7/ 261) الإنصاف (8/ 450).
(5)
المغني (10328) تهذيب سُنن أبي داود لابن القيم (3/ 103).
(6)
الإشراف (2/ 123) بداية المجتهد (2/ 49) رد المحتار (3/ 223) المغني (10/ 329).
(7)
سبق تخريجه (141).
(8)
الإشراف (2/ 123).
(9)
المغني (10/ 329) تهذيب السُنن (3/ 103) المبدع (7/ 261).
(10)
المغني (10/ 328) تهذيب سُنن أبي داود (3/ 103).