الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
ولأنَّ الحيض كدم الاستحاضة وهو لا يمنع قراءة القرآن (1).
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه ما ذهب إليه القائلون بالجواز لقوَّة ما ذكروه من أدلَّة، وأقواها ولا شك عدم ورود دليلٍ صحيحٍ في المنع.
فإن طهرت حرمت عليها القراءة حتى تغتسل؛ لأن الأمر صار بيدها فهي كالجُنب.
الفرع الثاني: في قراءة الآية فما دونها:
هذا وقد اختلف القائلون بعدم جواز القراءة من الحائض، في قراءتها للآية فما دونها على الأقوال التالية.
القول الأول: أنه لا يجوز لها قراءة الآية فما دونها إذا كان بقصد التلاوة مطلقًا، فأما إذا لم تقصد بأن قالت:«بسم الله» لافتتاح الأعمال تبركًا أو قالت: «الحمد لله» .. لا بأس.
ذهب إليه أكثر الحنفية (2)، والشافعية (3) وهو رواية عن أحمد اختارها بعض أصحابه (4).
الأدلَّة:
1 -
حديث ابن عمر السابق أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض والجُنب شيئًا من القرآن» (5).
(1) المنتقى (1/ 345).
(2)
بدائع الصنائع (1/ 38) فتح القدير (1/ 167) المبسوط (3/ 152) الفتاوى الهندية (1/ 38).
(3)
روضة الطالبين (1/ 85) نهاية المحتاج (1/ 220) مغني المحتاج (1/ 72).
(4)
الفروع (1/ 201) الإنصاف (1/ 243) المبدع (1/ 187) كشاف القناع (1/ 147).
(5)
سبق تخريجه.
ووجه الدلالة:
أنَّ الحديث عام في النهي عن قراءة القرآن، لا فرق بين الآية وما دونها، لأنَّ قوله:«شيئًا» نَكِرَةٌ في سياق النفي؛ فتعمُّ القليل والكثير (1).
ونوقش: بضعف الحديث فلا يصلح للاحتجاج (2).
2 -
حديث علي السابق؛ قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضَّأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن ثم قال: «هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجُنب فلا ولا آية» "(3).
ووجه الدلالة واضح: وإذا ثبت هذا في الجُنب فالحائض مثله.
ونوقش: بضعفه فلا يصلح للاحتجاج (4).
3 -
حديث قصَّة عبد الله بن رواحة مع زوجته، وفيه قوله لها:"وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جُنب"(5).
وهذا نصٌّ عام يشمل القليل والكثير.
ونوقش: بضعفه أيضًا كما أسلفنا (6).
4 -
ولأنه قرآن فمُنع من قراءته كالآية (7).
القول الثاني: أنه يجوز لها قراءة ما دون الآية، دون الآية التامة:
ذهب إليه أبو حنيفة في رواية عنه، اختارها بعض أصحابه (8).
والإمام أحمد في رواية عنه، وهي المذهب عند أصحابه (9).
(1) فتح القدير (1/ 167) المغني (1/ 200).
(2)
انظر: (21).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
انظر: (23).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
انظر (23).
(7)
المغني (1/ 200).
(8)
مختصر الطحاوي (18) بدائع الصنائع (1/ 38) فتح القدير (1/ 167) المبسوط (152) اللباب (1/ 48).
(9)
الإنصاف (1/ 243) المبدع (1/ 188) الفروع (1/ 201) المغني (1/ 200)
الأدلَّة:
احتج الحنفية لما ذهبوا إليه:
1 -
بأنَّ المتعلِّق بالقرآن حُكمان هما: جواز الصلاة، ومنع الحائض عن قراءته، ثم في حقِّ أحد الحكمين يفصل بين الآية وما دونها. وكذلك في الحكم الآخر (1).
واحتج الحنابلة:
2 -
بأنَّ ما دون الآية لا يحصل به الإعجاز، ولا يجزئ في الخطبة، ويجوز إذا لم يُقَصد به القرآن وكذلك إذا قصد (2).
ونوقش من أوجه:
الوجه الأول: بأنَّ مبني التفريق على التعليل، والتعليل في مقابلة النص مردود (3).
الوجه الثاني: أنَّ من الآيات ما هو كلمة واحدة فقط، مثل قوله تعالى:{وَالضُّحَى} [الضحى: 1] وقوله: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] وقوله: {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] وقوله: {وَالْفَجْرِ} [الفجر: 1] ومنها كلمات كثيرة كآية الدَّين، فإذ لا شكَّ في هذا، فإن في إباحتهم لها قراءة آية الدين، والتي بعدها أو آية الكرسي، أو بعضها ولا تتمها، ومنعهم إياها من قراءة:{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} أو منعهم لها من إتمام {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] لعجبًا (4).
الوجه الثالث: أنَّ بعض الآية، والآية قرآن بلا شك، ولا فرق أن يُباح لها آية، أو أن يباح لها أخرى، أو بين أن تمنع من آية، أو تمنع من أخرى (5).
(1) المبسوط (3/ 152) رد المحتار (1/ 172).
(2)
المغني (1/ 200).
(3)
رد المحتار (1/ 172).
(4)
المحلى (1/ 104).
(5)
المحلى (1/ 103).