الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعتقد حرمة المسجد فلا يكلف بخلاف المسلم (1).
9 -
أن الأصل عدم التحريم، وليس لمن حرم دليل صحيح صريح (2).
الترجيح:
ولعلَّ الراجح ما ذهب إليه القائلون بجواز مكثها فيه، لقوة أدلَّته وتضافرها، مع صحَّةٍ وقوَّةٍ ما أوردوه من مناقشة لأدلَّة المانعين، إلَاّ أنه ينبغي تقييد ذلك بما إذا أمنت تلويثه، وإلا حرم عليها لما يؤدِّي إليه من تنجيس مكان العبادة.
المسألة الثانية: في عبور المسجد:
وقد اختلف القائلون بمنعها من المُكث في المسجد، في حُكم عبورها له عند الحاجة من أخذ شيءٍ أو تركه أو كون الطريق فيه؛ على قولين:
القول الأول: أنَّ لها ذلك:
ذهب إليه الحنابلة (3)، والشافعية في أصح الوجهين (4)، وبعض المالكية (5)، وهو قول الحسن (6).
واحتجُّوا بما يلي:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43].
فالمراد بالآية قربان مواضع الصلاة؛ لأنه ليس في الصلاة عبور
(1) المجموع (2/ 160) الأوسط (2/ 110).
(2)
المجموع (2/ 160).
(3)
المغني (1/ 201) كشاف القناع (1/ 198) المبدع (1/ 260).
(4)
المهذب (1/ 45) المجموع (2/ 161، 357).
(5)
مواهب الجليل (1/ 374) وحكاه ابن قدامة في المغني عن مالك (1/ 201).
(6)
الأوسط (1/ 107).
سبيل، إنما عبور السبيل في مواضعها وهو المسجد (1)، والاستثناء من النهي إباحة (2)، وإذا ثبت هذا في الجُنب فالحائض مثله.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: بأن هذا غير مسلَّم، والكلام في الصلاة نفسها، فالمراد بالآية أنَّ المسافر إذا أجنب وعدم الماء جاز له التيمُّم والصلاة وإن كانت الجنابة باقية (3).
وأجيب عنه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنَّ هذا الذي ذكروه ليس مختصًا بالمسافر، بل يجوز للحاضر فلا تحمل الآية عليه.
الوجه الثاني: على قولكم في معنى الآية، فإنَّ فيها دليلاً على أنَّ التيمُّم ليس برافعٍ للحدث، وأنتم تأبونه.
الوجه الثالث: أنَّ الحديث وأقوال الصحابة وتفسيرهم قد وردا على نحو قَولنا في الآية، فكان الأخذ به أولى (4).
الوجه الثاني من المناقشة:
لو سلم بما ذكرتموه من معنى الآية، فقياس الحائض على الجُنب قياس مع الفارق لغلظ حدثها دونه.
2 -
ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: «ناوليني الخُمرة من المسجد» قالت: إني حائض، قال:«إنَّ حيضتك ليست في يدك» (5).
3 -
وكذلك حديث ميمونة: «وتقوم إحدانا بالخُمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض» (6).
(1) المجموع (2/ 160).
(2)
المغني (1/ 201).
(3)
فتح القدير والهداية (1/ 166) المجموع (2/ 161).
(4)
المجموع (2/ 161).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
سبق تخريجه.
ووجه الاستشهاد منهما ظاهر (1):
4 -
ما رُوِيَ عن جابر قال: كنا نَمرُّ بالمسجد ونحن جُنب (2).
وهذا إشارة إلى جميعهم فيكون إجماعًا (3) وإذا ثبت في الجُنب فالحائض مثله.
5 -
أنه روي ذلك عن ابن عباس (4)، وابن مسعود (5).
6 -
ولأنه حدث يمنع اللبث في المسجد، فلا يمنع العبور كالجنابة (6).
القول الثاني: أنَّ ذلك لا يجوز:
ذهب إليه الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية في مقابل الأصح (9).
واحتجُّوا بما يلي:
1 -
ما رُوِيَ من قوله صلى الله عليه وسلم: «.. لأ أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جُنب» (10) وهو بإطلاقه حجَّة في منع العبور (11).
(1) انظر: المغني (1/ 201).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 146).
(3)
الأوسط (1/ 106) المغني (1/ 201).
(4)
أخرجه الطبري في التفسير (5/ 63) وابن المنذر في الأوسط (2/ 107).
(5)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 412) والطبري في التفسير (5/ 63).
(6)
المهذب (1/ 45).
(7)
انظر: فتح القدير والهداية (1/ 165) رد المحتار (1/ 292) مجمع الأنهر (1/ 53).
(8)
الكافي (1/ 31) الشرح الصغير (1/ 312) مواهب الجليل (1/ 374).
(9)
المجموع (2/ 358) والمهذب (1/ 45) والوجهان في مذهب الشافعية فيما إذا أمنت تلويثه، وإلا فلا تحريم قولاً واحدًا. ولعله قول الجميع.
(10)
سبق تخريجه (58).
(11)
فتح القدير (1/ 165) مجمع الأنهر (1/ 53) المجموع (2/ 161).