الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقيس بن ذريح صاحب لبتى، وكأنا في إمرة الزبير. كذا في «تاريخ الإسلام» للذهبي، أورد ترجمته في سنة سبعين للهجرة.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن عشر:
(18)
فأصاخ يرجو أن يكون حيًا
…
ويقول من فرح هيا ربا
قال القالي في «أماليه» : قرأت في «نوادر ابن الأعرابي» على أبي عمر المطرز الأعرابي:
وحديثها كالقطر يسمعه
…
راعي السنين تتابعت جدبا
فأصاخ يرجو أن يكون حيًا
…
ويقول من طمع هيا ربا
وكذا أنشدها الجاحظ في كتاب «البيان» لبعضهم، والقطر: قطر المطر، وجملة يسمعه: صفة لقطر، لأن اللام فيه للجنس، والهاء ضميره، وفيه مضاف محذوف، أي: يسمع صوت نزوله، وراعي: فاعل يسمع، وهو مضاف للسنين بتقدير في، وكان الظاهر أن يقول: سمعه، لكنه أتى بالمضارع لحكاية الحال، قال السيوطي: وأورده ثعلب في «أماليه» بلفظ: «وحديثها كالقطر مر
به». وجملة: تتابعت، صفة للسنين، واللام فيها للجنس أيضا: بدليل أن غير القالي رواه «سنين» بلالام، وزعم ابن وحيي في شرحه أن قوله راع بالتنوين، وسنين ظرفه، وتتابعت: بالموحدة قبل العين، وقال أبو عبيد البكري فيما كتبه على «أمالي القالي» وسماه «اللآلي في شرح الأمالي»: ورواه غيره «تتابعت» بالياء المثناة التحتية، وهي رواية جيدة، لأن التتابع أخص بالشر، انتهى. قال في «القاموس»: والتتابع ركوب الأمر والتهافت، ولإسراع في الشر واللجاجة، والسنين: الأعوام، وجدبًا: تمييز محول عن الفاعل، والأصل: تتابع جدب السنين عليه، والجدب بفتح الجيم وسكون الدال المهملة: المحل وزنًا ومعنى، وهو انقطاع المطر ويبس الأرض، وقوله: فأصاخ، الفاء: لمحض السببية، وأضاخ بالصاد المهملة والخاء المعجمة: أمال أذنه للاستماع، وجملة يرجو حال من ضمير أصاخ، واسم يكون ضمير القطر، وخبرها حيًا، والحيا: بفتح الحاء المهملة والقصر، قال صاحب «القاموس»: الحيا: الخصب والمطر، ويمد، انتهى. والخصب بالكسر:
خلاف الجدب، وعلى كلا المعنيين لابد من تقدير مضاف، أي: سبب خصب أو مقدمة مطر، وإن قدرت تكون بمعنى تصير فلا حذف، وكذا إن قرت تكون تامة، وحيًا فاعلها، أي: يحصل الخصب والمطر، وقال المطرزي في فضل معنى المقامة من مقدمة «شرحه للمقامات الحريرية»: الحيا: اسم للمطر، لأنه يحيي البلاد والعباد، ثم سموا النبات حيًا، لأنه يكون بالمطر، ثم اتسعوا فسموا الثحم والسمن حيًا، لأنهما يكونان من النبات، وهو الذي أراده الراعي في قوله:
فقلت لرب الناب خذها ثنية
…
وناب علينا مثل نابك في الحيا
وجملة يقول: معطوف على جملة يرجو، وقوله: من طمع، رواية الكثيرين «من فرح» ومن تعليلية، ويجوز أن تكون ابتدائية، وهيا ربا: مقول القول، وربا: منادى مضاف إلى ياء المتكلم المنقلبة ألفًا، والمقصود بالنداء محذوف لظهوره.
شبه محبوبته في شدة رغبة مجيئها إليه بقطر قد اشتدت حاجة راعي الماشية إليه، لتوالي أعوام المحل عليه، فلما سمع صوت قطرات المطر أمال أذنه ليسمعه، ويتحقق نزوله راجيًا أن يكون خصبًا مربعًا، أو غنيًا سريعًا، وقائلاً من شدة فرحه:
يا رب حقق رجائي:
ولقد أجاد الدماميني في قوله: والمعنى رجا أن يكون ما سمعه من وقع ذلك القطر اليسير مقدمة مطر عظيم. وابن الملا الحلبي أطال وما أجاد، وهذا كلامه: الحيا بالقصر المطر، وبالمد الاستحياء، وجملة: يسمعه مستأنفة لبيان وجه التشبيه، وضميره عائد على الحديث أو على القطر، والجملة صفة له، لأن تعريفه جنسي، وعطف أصاخ على يسمعه، لأنه في معنى يصيخ، والعدول إلى الماضي للدلالة على التحقق، واسم يكون ضمير عائد إلى حديثها المسموع إن كانت ناقصة، أو الحيا مرفوعها إن كانت تامة، والواو من: ويقول، استئنافية، والفعل بعدها مرفوع، لا عاطفة، وهو منصوب، لأو رجاء القول غير مراد، والمعنى: أن حديث هذه المحبوبة كالقطر إذ به حياة النفوس، كما أن بذاك حياة البقاع، فهو إذا سمعه راعي الماشية، في سنين توالي جدبها، ظنه غيثًا، فألقى إليه سمعه راجيًا أن يكون غيثًا على التحقيق، وأخذ يقول: يا رب حقق ذلك، أو أن حديثها كالقطر المسموع للراعي المذكور، وعليه فرجاء كونه حيًا، أو وجدانه مع أنه مسموع له، لأنه مقدمته، والتشبيه على الأول تشبيه مفرد بمفرد، وعلى الثاني تشبيه مفرد بمركب، ويمكن أن يدعي أن هذا الراعي لما توالت عليه سنو
الجدب نسي المطر، فلما سمع القطر لم يتحقق كونه من المطر، لما عنده من اليأس منه، فرجاه وأكد رجاءه بالدعاء، انتهى. ومن خطه نقلت.
قال القالي في «أماليه» : أنشدنا بعض أصحابنا في حسن الحديث:
فبتنا على رغم الحسود وبيننا
…
حديث كمثل المسك شيبت به الخمر
حديث لو أن الميت نودي ببعضه
…
لأصبح حيًا بعدما ضمه القبر
وأحسن في هذا المعنى علي بن العباس الرومي، أنشدنا الناجم قال: أنشدنا ابن الرومي لنفسه:
وحديثها السحر الحلال لو أنه
…
لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت
…
ود المحدث أنها لم توجز
شرك النفوس ونزهة ما مثلها
…
للمطمئن وعقلة المستوفز
أقول: هذا نهاية ما قيل في هذا المعنى، وقد أخذ قوله:«ود المحدث أنها لم توجز» من مجنون ليلى، وهو قيس بن الملوح العامري، وهو قوله:
من الحفرات البيض ود جليسها
…
إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
ومن جيده قول بشار بن برد: