الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المبرد: دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان، فأحد النظر إليها ثم قال: يا بثينة! ما رأى فيك جميل حتى قال فيك ما قال! ؟ قالت: وما رأى الناس منك حتى ولوك الخلافة؟ فضحك، وقضى حاجتها.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع والثلاثون:
(34)
أن تقرآن على أسماء ويحكما
…
مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
على أن «أن» فيه، أن الناصبة للمضارع، أهملت حملًا على أختها «ما» عند البصريين، خلافًا للكوفيين في زعمهم أنها المخففة من الثقيلة. أقول: هكذا اشتهروا، والصواب العكس، فإن القول بأنها هي المخففة قول البصريين، والقول بأنها الناصبة الخفيفة وقد أهملت، قول الكوفيين، قال ابن جني في «الخصائص»: سألت أبا علي، رحمه الله تعالى، عنه فقال: هي مخففة من الثقيلة، كأنه قال: أنكما تقرآن، إلا أنه خفف من غير تعويض. وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى، قال: شبه أن بما فلم يعملها كما لا يعمل ما. انتهى.
وأحمد بن يحيى هو ثعلب أحد أئمة الكوفيين، والمحدث هو ابن السراج شيخ أبي علي الفارسي، وزاد في «سر الصناعة»: وهذا مذهب البغداديين، وفي هذا بعد، وذلك أن أن لا تقع إذا وصلت حالًا أبدًا، إنما هي للمضي أو للاستقبال، نحو: سرني أن قام، ويسرني أن تقوم غدًا، ولا تقول: يسرني أن يقوم، وهو في حال القيام، وما إذا وصلت بالفعل وكانت مصدرًا فهي للحال أبدًا، نحو قولك: ما تقوم حسن، أي: قيامك الذي أنت عليه حسن، فيبعد تشبيه
واحدة منهما بالأخرى، وكل واحدة منهما لا تقع موقع صاحبتها، قال أبو علي: وأولي، أن المخففة من الثقيلة، الفعل بلا عوض ضرورة، وهذا على كل حال، وإن كان فيه بعض الضعف، أسهل مما ارتكبه الكوفيون. انتهى. وكذلك قال في «شرح تصريف المازني» قال: سألت أبا علي عن ثبات النون في تقرآن بعد «أن» فقال: «أن» مخففة من الثقيلة، وأولاها الفعل بلا فصل للضرورة، فهذا أيضًا من الشاذ عن القياس والاستعمال جميعًا، إلا أن الاستعمال إذا ورد بشيء أخذ به وترك القياس، لأن السماع يبطل القياس. قال أبو علي: لأن الغرض فيما ندونه من هذه الدواوين، ونقننه من هذه القوانين إنما هو ليلحق من ليس من أهل اللغة بأهلها، ويستوي من ليس بفصيح ومن هو فصيح، فإذا ورد السماع بشيء لم يبق غرض مطلوب، وعدل عن القياس إلى السماع. انتهى.
وقال ابن عصفور في كتاب «الضرائر» : ومنه مباشرة الفعل المضارع لأن المخففة من الثقيلة، وحذف الفصل نحو قول الشاعر، أنشده الفراء عن القاسم ابن معن قاضي الكوفة:
إني زعيم يا نويـ
…
ـقة إن سلمت من الرزاح
أن تهبطين بلاد قو
…
م يرتعون من الطلاح
وقول الآخر:
أن تقرآن على أسماء ويحكما
…
البيت
وقول الآخر:
إذا كان أمر الناس عند عجوزهم
…
فلابد أن يلقون كل يباب
وقول ابن الدمينة:
ولي كبد مقروحة من يبيعني
…
بها كبدا ليست بذات قروح
أبى الناس ويح الناس أن يشترونها
…
ومن يشتري ذا علةٍ بصحيح
وقول الآخر:
وإني لأختار القرى طاوي الحشى
…
محاذوة من أن يقال لئيم
قال أبو بكر ابن الأنباري: رواه الكسائي والفراء عن بعض العرب برفع يقال، ولا يحسن شيء من ذلك في سعة الكلام حتى يفصل بين أن والفعل بالسين أو بسوف، أو قد في الإيجاب وبلا في النفي، فإن جاء شيء منه في الكلام حفظ ولم يقس عليه، نحو قراءة ابن مجاهد:{لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة/233]. برفع يتم. ومن النحويين من زعم أن أن في جميع ذلك هي الناصبة للفعل، إلا أنها أهملت حملًا على ما المصدرية، فلم تعمل لمشابهتها لها في أنهار تقدر مع ما بعدها بالمصدر، وما ذكرته قبل من أنها مخففة أولى، وهو مذهب الفارسي وابن جني، لأنها هي التي استقر في كلامهم ارتفاع الفعل المضارع بعدها. انتهى.
وقال ابن يعيش في «شرح المفصل» عند قوله: وبعض العرب يرفع الفعل