الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيت آخر، وأوردهما في أول الثالث الثالث منه، في باب ترجمته:«باب نجمع فيه طرائف من حسن الكلام، وجيد الشعر، وسائر الأمثال، ومأثور الأخبار» ثم قال: وقال رجل من طيئ، وكان رجل منهم يقال له: عروة بن زيد الخيل، قتل رجلًا من بني أسد يقال له زيد، ثم أقيد به بعد:
علا زيدنا يوم الحمى رأس زيدكم
…
بأبيض مشحوذ الغرار يمان
فإن تقتلوا زيدًا بزيد فإنما
…
أقادكم السلطان بعد زمان
انتهى. وكذا رواهما الحصري في كتابه «زهر الآداب» وظهر من قولهما أنه شعر إسلامي، فإن زيد الخيل من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم.
والمشحوذ: من شحذت: شفرة السيف، وقوله: أقادكم السلطان، أي: مكنكم من قتله قودًا يقال: أقاد السلطان القاتل بالقتيل، أي: قتله به قودًا.
والمعنى: إن تفتخروا بقتل زيدنا بزيدكم، فلا فخر، لأن ذلك إنما جرى بحكم السلطان، وقوة الحاكم، وكان ذلك بعد مدة، فلا يكون مثل قتل من قوة البأس والشجاعة.
وأنشد بعده، وهو الانشاد السبعون:
(70)
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلاً
…
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
على أن أل فيه زائدة. قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب «النبات» وقد أنشد هذا البيت: واحدها ابن أوبر، وهو معرفة، يقال: هذا ابن أوبر مطروحًا. انتهى. وقال ابن جني في «الخصائص» قال أبو عثمان: سألت الأصمعي عن هذا البيت فقال: الألف واللام في الأوبر زائدة، وقال السيرافي في شرح أبيات «الغريب المصنف»: والذي يستعمل في الكلام بنات أوبر، ولكن الشاعر احتاج فنكره، ثم أدخل عليه الألف واللام، كما قال:
باعد أم العمرو من أسيرها
انتهى. وقال المصنف في شرح أبيات ابن الناظم: بنات أوبر: كمأة صغار على لون التراب، يضرب بها المثل في الرداءة وقلة الخير، فيقال: إن بني فلان بنات أوبر، أي: يظن بهم الخير، فلا يوجد وهو علم جنس ممنوع الصرف للعملية والوزن، كابن آوى، فالألف واللام فيه زائدة إذ لا يجتمع تعريفا العلمية وأل، وهذا قول سيبويه والأصمعي، وعليه بنى الناظم والشارح. وزعم المبرد أنه اسم جنس، بمنزلة ابن لبون، لإهو مصروف، وأل فيه للتعريف.
ويرده أنهلم يسمع بالألف واللام إلا في الشعر، وقول الآخر:
ومن جنى الأرض ما تأتي الرعاء به
…
من ابن أوبر والمفرود والفقعه
وهذه الثلاثة أنواع من الكمأة، فمنعه من الصرف. وأيضًا فليس من نظم الكلام أن يأتي بأحدها نكرة، وبالآخرين معرفة، مع تمكنه من أن يقول: من ابن الاوبر، بالنقل. وزعم ابن خروف أن أل في بنات الأوبر للمح الصفة، مثلها في الحسن، لأن أوبر صفة في الأصل، ويرده ما قدمناه من أن ذلك لم يستعمل في النثر. انتهى.
وهذا البيت قلما خلا عنه كتاب لغة أو نحو، ومع هذه الشهرة لم يعرف له قائل.
ولقد جنيتك، قال ابن السيرافي: معنى جنيتك: جنيت لك، أي: لقطت الكمأة وحبيتك بها، وبنات أوبر: شر الكمأة. وإنما يريد أنه جاءه بخيارها، ونهاه عن أكل رديئها وما لا خير فيه. انتهىز
وقال الميداني في «مجمع الامثال» عند قولهم: «جانيك من يجني عليك» يريد: الذي يدني لك الخير، هو الذي يجني عليك الشر. فقولهم: جانيك، معناه: الجاني لك، يقال: جنيت له، ثم تحذف اللام فيقال:[جنيته، كما يقال: كلت له، ووزنت له، ثم تحذف اللام، فيقال]: كلته ووزنته.
قال تعالى: (وإذا كالوهم أو وزنوهم)[المطففين/3] أي: كالوا لهم، قال الشاعر: ولقد جنيتك أكمؤًا .. البيت، أي: جنيت لك. انتهى.
وكذلك أورده البيضاوي عند تفسير آية التطفيف، وقال: إن اللام خذفت توسعًا. وتبعه المصنف في شرح أبيات ابن الناظم وقال: أي تناولت لك،
ونظره بآية التطفيف، وآية يس:(والقمر قدرناه منازل)[الآية/39] أي: قدرنا له.
والأكمؤ: جمع كمء، كأفلس جمع فلس، والكمء: واحد الكمأة، على العكس من باب تمر وتمرة. هذا قول المنتجع بن نبهان، وعكس ذلك أو خيرة، فتحا كما إلى العجاج، فقضى لمنتجع.
والعساقل: ضرب من الكمأة أيضًا، وأصلها: عساقيل، لأن واحدها عسقول، كعصفور، فحذف المدة للضرورة. انتهى.
وفي كتاب «النبات» لأبي حنيفة الدينوري باب في وصف الكمأة وأنواعها، أجاد فيه الكلام، أحببت نقله هنا باختصار، وقال: الكمأة: جمع واحده كمء، وهو من نادر الكلام، لأن بناء الكلام على أن تكون الواحدة بهاء، والجمع بطرح الهاء. وحكي عن أبي زيد أن الكمأة تكون واحدة وجمعًا. وحكى غيره: كمأة واحدة، وكمأتان وكمآت، على القياس، ويقال: هذا كمء، وهذان كمآن، وهؤلاء أكمؤ ثلاثة، فإذا كثرت فهي الكمأة. وقال ابن الأعرابي: الواحدة كمء، والجميع كمأة، وقال أبو زياد الكلابي الأعرابي: الكمأة والجباة والبداة، والعراجين والأفاتيخ، والضغابيس والذأانين، والطراثيث وبنات أوبر، هذه تدعى فقوعًا، لأن الأرض تفقع عنها من غير أصل ولا بقل ولا ثمرة، وخيرها الكمأة. قال: والأفاتيخ وبنات أوبر: تخرج أول الفقوع، فيحسبها الناس كمأة، حتى يستخرجوها فيعرفونها. قال: والعراجين: تفقع عنها الأرض وتطول حتى تكون شبرًا ودون ذلك، وقد تؤكل. والضغابيس: تفقع من تحت الأرض فيخضر ما ظهر منها وما في الأرض منها خير من ذلك، وهو أبيض يأكله الناس أخضره وأبيضه. والذأانين: تخرج من تحت الأرض كأنها عمد ضخام، ولا يأكلها شيء، إلا أنها تعلفها الإبل في الجدب، وتأكلها المعزى
وتسمن عليها، وهي تتخذ للأدوية، ولا يأكلها إلا الجائع لمرارتها. والجباة: هنة كأنها كمء، ولا ينتفع بها. قال: والبدأة مثلها، إلا أن البدأة سوداء، والجبأة بيضا. وقال ابن الأعرابي: الجبأة خيار الكمأة، والفقة شرها وأردؤها، وهي الفطر، قال: والعساقيل وبنات أوبر: صغارها ورديئها، وقال أبوزياد: كمأة السهل بيضاء رخوة، وكمأة الآكام سود جيدة، وقال ابن الأعرابي: واحد الكمأة كمء، وكذلك واحد الجبأة جبء، وثلاثة أجبؤ، وكذلك الفقعة، واحدها: فقع، وثلاثة أفقع. قال: وهي شرها وأرؤها، وهي الفطر، قال: ومنها جنس يقال له: العساقيل وبنات أوبر، وهي صغارها ورديئها، وأنشد: ولقد جنيتك أكمؤًا وعساقلًا .. البيت. وقال غيره: الجبء هو الكمء الأحمر، والجميع أجبؤ وجبأة. وقال ابن الأعرابي: الطرثوت: نبات على طول الذراع لا ورق له، كأنه من جنس الكمأة، وقال غيره: الفقع: الكمء الأبيض، وهو أردأ الكمأة طعمًا وأسرعه فسادًا، وقال أبو زيد: بنات أوبر: هي المرغبة، وقال زكريا الأحمر: الكمأة: هي التي إلى الغبرة والسواد، والجبأة: التي إلى الحمرة، والفقعة: البيض، وبنات أوبر: الصغار. وأنشد: ولقد جنيبتك أكمؤًا وعساقلًا .. البيت. وقال أبو عمرو: الكمأة الصغار: مفاريد، والواحد مفرود، وقال غيره: العساقيل: واحدها عسقل، وهو أكبر من الفقع وأشد بياضًا واسترخاء، والفطر من جنسها، وهو الفعيل، وقال بعض الرواة: العساقيل: الكمأة البيض، والجبء السود، فلم يجمع بالهاء، كأن الواحد جبأة. وقال بعض الرواة: العسقول: ضرب من الجبأة، وهي كمأة بين البياض والحمرة، وأنشد: ولقد جنيتك أكمؤًا وعساقلًا .. البيت. وقال: الفعيل: ضرب من الكمأة، ينبت مستطيلًا كأنه عود ليس له رأس، فإذا يبس تطاير، وقال: العرجون: ضرب من الكمأة قدر شبر، وهو طيب ما دام غضًا. والضغابيس: شبه العراجين ينبت بالغور في أصول الثمام، طوال حمر رخصه تؤكل، ويضرب