الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دواؤه، فلا فارقني، فإني ألتذ به. وإن كنت مسحورًا، أي: وإن كان الذي بي لا يعلم ما هو، فلا فارقني أيضًا. فلا يجوز أن يكون معنى مطبوبًا مسحورًا ههنا، لأنه يصير الصدر والعجز بمعنى واحد. انتهى.
ولم يذكر أحد من شرح «الحماسة» قائل هذه الأبيات والله تعالى أعلم.
وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والسبعون:
(77)
ما ترى الدهر قد أباد معدًا
…
وأباد السراة من عدنان
على أن أصله: أما ترى؟ فحذفت ألف أما. وهذا قول ابن السيد البطليوسي في كتابه «إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل» كما نقله المرادي عنه في «الجنى الداني» .
وأما قول الدماميني أنشده ابن السيد في كتابه المسمى بـ (إصلاح الخلل في شرح أبيات الجمل» فصوابه ما قلناه، وأما شرح أبياته فاسمه:«كتاب الحلل في شرح أبيات الجمل» وهذا التأليف متأخر عن ذاك، فإنه قال في كتاب «شرح الأبيات»: لما فرغت من الكلام في إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل، أردت أن أتبع ذلك الكلام في إعرابه أبياته ومعانيها .. إلى آخر ما ذكرهز
وروى عجزه ابن مالك:
وأباد القرون من قوم عاد
قال في كتاب «التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح» : ومنها أن الحسن أو الحين، أخذ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فنظر إليه رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم، فأخرجها من فيه، وقال:«أما علمت» وفي بعض النسخ: «ما علمت» قلت: لا إشكال في هذا الحديث إلا في رواية من روى: «ما علمت» فإن أما هذه مركبة من همزة الاستفهام، وما النافية، وأفاد تركيبها التقرير والتثبيت، فكأن قائل: أما فعلت، قائل: قد فعلت. وأكثر ما يستعمل في هذا المعنى ألم، ومن روى «ما علمت» فأصله «أما علمت» فحذفت همزة الاستفهام، لأن المعنى لا يستقيم إلا بتقديرها. وقد كثر حذف الهمزة إذا كان معنى ما حذفت منه لا يستقيم إلا بتقديرها، ومن حذف الهمزة قبل ما النافية عند قصد التقرير ما أنشد البطليوسي:
ما ترى الدهر قد أباد معدًا
…
وأباد القرون من قوم عاد
انتهى كلامه ملخصًا. قال الدماميني: ويمكن أن «ما» في البيت نافية، ولا همزة محذوفة، والكلام خبر محض خوطب به من يعلمه، ولكن عنده غفلة ولنهاك في اللذة، تنزيلًا له منزلة الجاهل، لمخالفته مقتضى العلم، من حيث أن علمه بهلاك هؤلاء يقتضي التيقظ والتحفظ من الاسترسال في الغفلة، وحيث خالف هذا المقتضى، كان كالجاهل الذي لا علم عنده. انتهى.
مراده: تنزيل رؤيته منزلة العلم، لغفلته وانهماكه في اللذات، فنزل العالم به منزلة الجاهل، وهو بمعنى تنزيل وجود علمه بمنزلة عدمه، ولا فرق بينهما، فلا حاجة للفرق بينهما بما لا طائل تحته، كما أطال ابن الملا الكلام.
وترى: تعلم، والدهر: مفعوله الأول، وجملة «قد أباد معدًا»: في موضع المفعول الثاني. وأباد: أهلك وأفنى. ومعد: ابن عدنان، أبو عرب الحجاز وما يليه، ويطلق على القبيلة، ويجوز أن يراد كل منهما هنا. وإسناد أباد إلى