الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البقال عن أبي محجن بتدليس، لأنه لم يدرك عصره، وقد ذكروه في الضعفاء، وقيل: إن اسمه أبو محجن، وهي كنيته أيضًا، وهو بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وتفح الجيم، والسيوطي هنا أثبت له رواية فقط ولم يذكر أن له سماعًا، ونفاها أيضًا الذهبي في «تاريخ الإسلام» وأثبتها له ابن عبد البر في «الاستيعاب» ثم إن الله تعالى وفقه لأن تاب عنها توبة نصوحًا، فلم يعد إليها رضي الله تعالى عنه، وقد استوعينا ترجمته في الشاهد الأربعين بعد الستمائة.
وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والثلاثون:
(36)
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا
…
أبشر بطول سلامةٍ يا مربع
على أن «أن» فيه مخففة من الثقيلة، قال ابن الشجري في «أماليه» في الفرق بين «أن» فيه مخففة من الثقيلة، قال ابن الشجري في «أماليه» في الفرق بين «أن» الخفيفة و «أن» المخففة: إن كل واحدة منهما مختصة بنوع من الفعل، ولهما اشتراك في نوع منه، فالمخففة من الثقيلة تقع بعد الأفعال الثابتة المستقرة في النفوس، نحو: أيقنت وعلمت، ورأيت في معنى علمت، فحكمها في ذلك حكم الثقيلة، وقد عرفت أن الثقيلة موضوعة للتوكيد، فهي ملائمة في المعنى لما ثبت واستقر من الأفعال، لأن التوكيد لا يقع بما لا يثبت في النفوس.
والناصبة للفعل ليست من التوكيد في شيء، وهي مع ذلك تصرف الفعل إلى الاستقبال الذي لا ينحصر وقته، فهي بهذا ملائمة للفعل الذي ليس بثابت، نحو الطمع والرجاء [والخوف] والتمني والإشفاق والاشتهاء.
وأما ما اشتركا فيه من الفعل، فالظن والحسبان والزعم والخيلان، فهذا النحو لا يمتنع وقوع كل واحدة منهما بعده، وإنما حسن هذا لأنه شيء استقر في ظنك كما استقر في علمك، وعلى والوجهين قرأ القراء:{وحسبوا أن لا تكون فتنة} [المائدة /71] فرفع تكون أبو عمرو وحمزة والكسائي، وفتحها ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر. ومثل ذلك قولك فيما استقر في زعمك: زعمت أن ستنطلق، قال:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا
…
البيت
وتقول فيما ليس بثابت عندك: أزعم أن تخرج يا فتى. انتهى كلامه.
والبيت من قصيدة لجرير عدتها واحد ومائة وعشرون بيتًا، هجا بها الفرزدق، مذكورة في «النقائض» وفي «منتهى الطلب من أشعار العرب» .
قال الدماميني في «المزج» استعمل الزعم هنا في القول الباطل، أي: دعواه أنه سيقتل مربعًا دعوى كاذبة لا يمكنه الوفاء بتحقيقها، انتهى.
ومربع – بكسر الميم – رواية شعر جرير، كان توعده الفرزدق ونذر دمه، وفي «مختصر جمهرة الأنساب»: وهو مربع بن وعوعة بن سعية بن قرط بن عبيد ابن كلاب، قال صاحب كتاب «النقائض»: كان سبب قوله: زعم الفرزدق .. البيت، أن غضوب أخت بني ربيعة كانت ناكحًا في بني عوف ابن سبيع، فتزوج عليها زوجها منهم، فأولعت بهم تهجوهم، فقالت:
بنو سبيع زمع الكلاب
…
ليسوا إلى سعدٍ ولا الرباب
ولا إلى القبائل الرغاب
…
كم فيهم من طفلة كعاب
وكعاء ذات ركب قبقاب
…
تتبع كل عزب وثاب
فأوعدها رجال منهم مربع، فقالت:
يا مربعًا يا مربع الضلال
…
يا مربعا هل خاب من إقبال
فضربها مربع، وضربها الآخرون الذين هجتهم، فقال مربع في ذلك شعرًا، وقال جرير:
بني العبد لو كنتم صريحًا لما لك
…
لورعتم دون الضغائن مربعا
فأظن أن الفرزدق ذكر أنه يقتل مربعًا، فقال جرير ينقض عليه بهذا البيت من القصيدة، انتهى كلامه.
وفي البيت معنى بديع، وهو أنه جعل وعيده بشارة بطول سلامته من توعده، على نهج قوله تعالى:{فبشرناهم بعذاب أليم} [آل عمران /21].
وأخذه شيخنا الشهاب الخفاجي فقال:
أبرق في وعيده وأرعدا
…
فدم لصارم الوعيد جردا