الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فامتنع وأطعم كتابه لرسوله، وكتب عبد الملك إلى بكير بن وساج، وكان خليفة ابن خازم على مرو، وتعهده على خراسان ووعده ومناه، فخلع بكير ابن خازم ودعا إلى عبد الملك، فأجابه أهل مرو، وبلغ ابن خازم فخاف أن يأتيه بكير فيجتمع عليه أهل مرو وأهل نيسابور، فترك بجيرًا وأقبل إلى مرو، فاتبعه بجير فلحقه على قرية على ثمانية فرساخ من مرو، فقاتله ابن خازم، وكان الذي قتله وكيع بن عمرو القربعي، وأقبل بكير في أهل مرو، فوافاهم حين قتل ابن خازم، فبعث برأسه إلى عبد الملك، وكان ذلك في سنة اثنتين وسبعين من الهجرة.
وترجمة الفرزدق تقدمت في الشاهد الثاني.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الثلاثون:
(30)
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
…
ولم تجدي من أن تقري به بدًا
أورده صاحب «الكشاف» عند قوله تعالى: {كلا سنكتب ما يقول} من سورة مريم {آية /79] ، قال: فإن قلت: كيف قيل: سنكتب بين التسويف، وهو كما قاله: كتب، من غير تأخير، قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق/18] قلت: فيه وجهان، أحدهما: سنظهر له ونعلمه أنا كتبنا قوله، على طريقة قوله:«إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة» أي: تبين وعلم بالانتساب أني لست بابن لئيمة. انتهى. وكذا قال القاضي، وسبقهما الفراء، قال في تفسيره من سورة البقرة عند قوله تعالى:{فلم تقتلون أنبياء الله من قبل} [الآية / 90] يقول القائل: إنما تقتلون
للمستقبل، فكيف قال: من قبل؟ ونحن لا نجيز في الكلام: أنا أضربك أمس، وذلك جائز إذا أردت بتفعلون الماضي، ألا ترى أنك تعنف الرجل بما سلف من فعله، فتقول: ويحك لم تكذب؟ لم تبغض نفسك إلى الناس؟ ! ومثله قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشيطان على ملك سليمان} [البقرة/102] ولم يقل: ما نلت [الشياطين] وذلك عربي كثير في الكلام، أنشدني بعض العرب:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
…
ولم تجدي من أن تقري بها بدا
فالجزاء للمستقبل، والولادة [كلها] قد مضت، وذلك أن المعنى معروف ومثله في الكلام: إذا نظرت في سيرة عمر لم يسئ، المعنى: لم تجده أساء، فلما كان أمر عمر لا يشك في مضيه، لم يقع في الوهم أنه مستقبل، فلذلك صلحت (من قبل) مع قوله:(فلم تقتلون) وليس الذين خوطبوا بالقتل هم القتلة، إنما قتل الأنبياء أسلافهم الذين مضوا، فتولوهم على ذلك ورضوا به، فنسب القتل إليهم. انتهى كلامه، ونقلنا كلامه برمته تبركًا به.
والبيت ثاني بيتين لزائد بن صعصعة الفقعسي، وكانت له امرأة طمحت عليه وأمها سرية، وأولهما:
رمتني عن قوس العدو وباعدت
…
عبيدة زاد الله ما بيننا بعدا
قوله: رمتني عن قوس العدو، يريد: قذفتني بما يحبه أعدائي، وهو كناية عن قول السوء، وعبيدة بالتصغير: زوجته وكانت تبغضه، والطامخ من النساء: التي تبغض زوجها وتنظر إلى غيره، وما: مفعول أول لزاد، عبارة عن البعد الحاصل من مباعدتها، وبعدًا: المفعول الثاني.