الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنا شطر هذا الأمر قسمة عادل
…
متى جعل الله الرسالة ترتبا
أي: راتبة دائمة في واحد؟ فقال: وأنا القائل:
ومن عجب الأيام أنك حاكم
…
علي وأني في يديك أسير
فأمر به فضربت عنقه.
والثالث: الأخطل المجاشعي، وهو الأخطل بن غالب أخو الفرزدق، وكان شاعرًا وإنما كسفه الفزدق فذهب شعره.
والرابع: الأخطل ابن حماد بن الأخطل بن ربيعة بن النمر بن تولب. هكذا ذكر الأربعة الآمدي في «المؤتلف والمختلف» فيحتمل أن يكون ذلك الشعر لأحد الثلاثة المتأخرة، والله سبحانه أعلم.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن والأربعون:
(48)
ويقلن شيب قد علا
…
ك وقد كبرت فقلت إنه
على أن «إن» فيه بمعنى نعم، قال سيبويه في «باب ما تلحقه الهاء لتتبين الحركة»: ومثل ما ذكرت لك قول العرب: إنه، وهم يريدون: إن، ومعناها: أجل، وأنشد هذا البيت، قال الأعلم: الشاهد فيه تبيين حركة النون بهاء
السكت، لأنها حركة بناء لا تغير لإعراب، فكرهوا تسكينها لأنها حركة مبني لازمة، ومعنى إن هنا: نعم، انتهىز
وقال أبو علي في «البغداديات» بعد نقل كلام سيبويه: وكان أبو بكر أجاز فيه مرة أن تكون إن المحذوفة الخبر، كأنه قال: إن الشيب قد علاني، فأضمره فجرى بذلك ذكره، وحذف خبره للدلالة عليه، قال: وحذف الخبر في هذا أحسن لأن عنايته بإثبات الشيب نفسه كما أنه يحذف معها الخبر لما كان عرضة، ووكده كإثبات المحل في قوله:
إن محلًا وإن مرتحلًا
قال: وهذا أحد ما تشبه فيه إن «لا» النافية العاملة النصب.
وزعم أبو عبيدة أن إن بمعنى نعم غير موجودة، وهي في البيت مؤكدة، الهاء اسمها، وخبرها محذوف، أي: إنه قد كان كما يقلن، وقال الجوهري: قال أبو عبيد: وهذا اختصار من كلام العرب يكتفي منه بالضمير، لأنه قد علم معناه، وأما قول الأخفش: إنه بمعنى نعم، فإنما يريد تأويله، ليس أنه موضوع في أصل اللغة لذلك. انتهى.
قال ابن الشجري في «أماليه» بعد نقل هذا الكلام عن أبي عبيد: والهاء في تفسير أبي عبيدة للشأن، ولم يتعقبه بشيء، ولا يخفى أن ضمير الشأن لا يجوز حذف خبره، بل يجب التصريح يجزأي الجملة من خبره، وأيضًا لا يجوز الحكم على ضمير بأنه ضمير الشأن إلا إذا لم يمكن أن يكون له مرجع، وقول المصنف: إن التقدير: إنه كذلك، ليس الضمير فيه للشأن، لأن شرط خبره أن يكون في الأصل جملة مستقبلة، وكذلك ليس جملة، بل الضمير فيه راجع إلى القول
المفهوم من يقلن، أي: إن قولهن كذلك، وظن ابن الملا الحلبي أن الضمير للشأن، وأتى بكلام لا طائل له أعرضنا عنه.
وقد جاءت إن لتصديق الخبر المنفي في قول ساعدة الهذلي، وهو:
ولا أقيم بدار الذل إن ولا
…
آتي إلى الغدر أخشى دونه الخمجا
قاقل السكري في شرحه: إن هنا بمعنى نعم، والخمج بفتح الخاء المعجمة والميم بعدها جيم: سوء الذكر، وجاءت لتصديق الخبر المثبت أيضًا فيما أنشده ابن الشجري، وهو:
قالوا غدرت فقلت إن وربما
…
نال النى وشفى الغليل الغادر
ومنه خبر ابن الزبير
وجاءت بعد الاستفهام أيضًا فيما أنشده المصنف في أواخر الباب الخامس، وهو:
قالوا أخفت فقلت إن وخيفتي
…
ما إن تزال منوطةً برجائي
ونقل ابن الملا عن أبي حيان أن «إن» في هذه المواضع هي المؤكدة، حذف معمولاها، فإنه قال: كلام ابن الزبير لا ينتهض دليلًا لابن مالك على أن إن فيه بمعنى نعم، لأنه مما حذف فيه الاسم والخبر، ولا يجوز حذفهما معًا إلا
مع إن، وقد حذفت العرب الجملة إلا حرفًا منها كما في قولهم: قاربت المدينة ولما، وقوله:«وإن كان فقيرًا معدمًا قالت وإن» فإن التقدير: ولما أدخلها، وإن كان فقيرًا معدمًا قبلته، هذا كلامه.
ولا يخفى أن المنصوص في إن وأخواتها جواز حذف أحد معموليها فقط، ولم يجز أحد حذفهما معًا مع بقاء إن، نعم يجوز أن يحذف معمولاها معها، والفرق بينها وبين لما وإن ظاهر، فإن إن لتأكيد نسبة الكلام، فجيء لمزيد الاعتناء به، فلا يجوز حذفه لئلا يبطل الغرض.
والبيت من جملة أبيات أوردها صاحب «الأغاني» لعبيد الله بن قيس الرقيات، وهي:
بكر العواذل في الصبا
…
ح يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا
…
ك وقد كبرت فقلت إنه
لابد من شيبٍ فدعـ
…
ن ولا تطلن ملامكنه
ولقد عصيت الناهيا
…
ت الناشرات جيوبهنه
حتى أرعويت إلى الرشا
…
دوما ارعويت لنهيهنه
وروري «الصبوح» بدل الصباح، وهو ما يشرب في وقت الصباح، وبكر: جاء بكرة، هذا أصله، ثم استعمل في كل وقت، والعواذل: جمع عاذلة، ورواه صاحب «الصحاح»:
بكرت على عواذلي
…
يلحينني وألومهنه
قال ابن السيرافي: يلحيني: يلمنني على اللهو والغزل، وألومهن على لومهن لي، ويقلن: قد شبت وكبرت، فقلت: نعم، يريد أنه يأتي على علم منه بأمر نفسه، والجيوب: جمع جيب، وهو طوق القميص، والارعواء: النزوع عن الجهل وحسن الرجوع عنه، وكبرت بكسر الباء: بمعنى صرت كبيرًا، والهاء في القوافي للسكتز
وابن قيس الرقيات اسمه عبيد الله بالتصغير، وهو شاعر قرشي، وكان زبيري الهوى، خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، فقاتل معه إلى أن قتل مصعب، فخرج هاربًا إلى أن جاء إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وهو يعشي أصحابه، وقال: جئت عائذًا بك، فكتب ابن جعفر إلى زوجة الوليد بن عبد الملك لتشفع لها فشفعها.
قال حماد الرواية: إذا أردت أن تقول الشعر، فارو شعر ابن قيس الرقيات، فإنه أرق الناس حواشي شعر. وسئل بعضهم في التميز بينه وبين عمر ابن أبي ربيعة فأجاب بأن ابن أبي ربيعة أشهر بالغزل، وابن قيس الرقيات أكثر أفانين شعرز
قال أبو عبيد في «النسب» : عبيد الله بن قيس سمي بالرقيات، لأنه كان يشبب بامرأتين كل منهما تسمى رقية. انتهى. وقيل الرقيات لقب قيس والده. وقد تكلمنا عليه، وجمعنا ما للعلماء فيه من الأقوال بما لا مزيد عليه في الشواهد الثالث والثلاثين بعد الخمسمائة من شواد الرضي وذكرنا ترجمته هناك مستوفاة بتوفيق الله تعالى.