الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: إذا ما انتسبنا، الانتساب: رفع النسب، واللؤم: دناءة الأصل، يقول: إذا انتسبنا معًا تبين لك أني كريم من نسل كريم، أطلق الفعل، وأريد به ظهوره والعلم به اللازم له، إما مجازًا أو كناية، فإن لم تلدني: جواب إذا، وهو مستقبل، وعدم الولادة ماض لوقوعه قبل انتسابه، أي: إذا انتسبنا علمت يا فلانة وتبينت أني لست بابن لئيمة، وإنما خص الأم لأنه إذا كان كريم الأم فمن باب أولى أن يكون كريم الأب، لأن العرب لا يزوجون من دونهم، وقد يتزوجون من دونهم، أو خصها لمكان التعريض بلوم المخاطبة، والبد: الفراق والخلاص، ومن متعلقة به، والضمير في به راجع إلى القول المتقدم، أي: لم تجدي خلاصًا من إقرارك بما قلته من أني لم تلدني بئيمة، وفي قوله: إذا ما انتسبنا، التفات من الغيبة إلى التكلم، وفي قوله: ولم نجدي، التفات من التكلم إلى الخطاب.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والثلاثون:
(31)
إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن
…
عارًا عليك ورب قتل عار
هو من قصيدة لثابت قطنة، رثى بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، أورد منها أربعة أبيات الشريف الحسيني في «حماسته» وبعده:
شهدتك من يمن عصائب ضيعت
…
ونأى الذين بهم يصاب الثار
ولقد بسطت لهم يمينك بالندى
…
مثل الفرات تمده الأنهار
حتى إذا شرق القنا وجعلتهم
…
تحت الأسنة أسلموك وطاروا
شرق القنا، أي: أحمرت الرماح بالدم، وأسلموك: خذلوك، وذلك أن يزيد بن المهلب خلع يزيد بن عبد الملك، ورام الخلافة لنفسه في البصرة، فتجهز يزيد بن عبد الملك لقتاله أخاه مسلمة بن عبد الملك، وخرج يزيد بن المهلب واستخلف على البصرة ولده معاوية بن زيد وسار حتى نزل العقر، وهي عقر بابل عند الكوفة بالقرب من كربلاء، ثم أقبل مسلمة حتى نزل على يزيد بن المهلب، فاصطفوا فشد أهل البصرة على أهل الشام فكشفوهم، ثم إن أهل الشام كثروا عليهم وكشفوهم، وما زال الحرب بينهم ثمانية أيام حتى كان يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة مضت من صفر الخير، سنة اثنتين ومائة، وشرع أصحاب ابن المهلب يتسللون من حوله، وبقيت معه جماعة، فقاتل حتى قتل هو وأخوه محمد بن المهلب وجماعة من أهل بيته.
وثابت فطنة: هو ثابت بن كعب، وقيل: ابن عبد الرحمن بن كعب أخو بني أسد بن الحارث بن العتيك، وقيل: بل هو مولى لهم، ولقب قطنة، لأنها سهمًا أصاب إحدى عينيه، فذهب بها في بعض حروب الترك، فكان يحشوها قطنة. وهو شاعر فارس شجاع، من شعراء الدولة الأموية، وكان من أصحاب يزيد من المهلب، وكان يوليه أعمالًا من أعمال الثغور، فيحمد فيها مكانه، لكفايته وشجاعته، وقد بسطنا الكلام على هذا المحل في الشاهد الثامن والتسعين بعد السبعمائة من شواهد الرضي.
وقال السيوطي: ثم رأيت في «شرح التسهيل» لأبي حيان ما نصه: أنشد المبرد لأبي حدرة الخارجي يرثي زيد بن علي: