الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقصي: أحد أجداد النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والسنون:
صوت الحمار اليجدع
هو قطعة من بيت وهو:
يقول: الخنى وأبغض العجم ناطقًا
…
إلى ربنا صوت الحمار اليجدع
أراد الذي يجدع، قال ابن عصفور في كتاب «الضرائر»: ومن النحويين من ذهب إلى أن هذه الألف واللام الداخلة على الفعل ليست الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول، بل هي مبقاة من الذي، وهو باطل، بدليل أنها لو كانت مبقاة منه، لجاز أن يقع في صلتها الفعل الماضي كما يقع في صلة الذي، فلما لم تدخل إلا على الفعل المشبه لاسم الفاعل، وهو المضارع، دل ذلك على أنها الداخلة على اسم الفاعل في الكلام. انتهى. وزعم أبو علي في «المسائل العسكرية» أن دخول أل على الفعل لم يوجد إلا في اليجدع، والينقصع، وكلمتين أخريين. أقول: هو أكثر من ذلك قال الفرزدق:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
…
ولا الأصل ولا ذي الرأي والجدل
وقال آخر:
وليس البري للخل مثل الذي يرى
…
له الخل أهلًا أن يعد خليلا
وقال آخر:
ما كاليروح ويغدو لاهيًا فرحًا
…
مشمرًا يستديم الحزم ذو رشد
وقال آخر:
لا تبعثن الحرب إني لك الـ
…
ينذر من نيرانها فاتق
وقال آخر:
فذو المال يؤتي ماله دون عرضه
…
لما نابه والطارق اليتعمل
وقال آخرك
أحين اصطباني أن سكت وإنني
…
لفي شغلٍ عن دخلي اليتتبع
والبيت من سبعة أبيات، أوردها أبوزيد في «نوادره» لذي الخرق الطهوي، وقبله وهو أولها:
أتاني كلام الثعلبي ابن ديسقٍ
…
ففي أي هذا ويحه يتترع
وبعده:
فهلا تمناها إذ الحرب لاقح
…
وذو النبوان قبره يتصدع
يأتك حيا دارم وهما معلًا
…
ويأتك ألف من طهية أقرع
فيستخرج اليربوع من نافقائه
…
ومن جحره بالشيحة اليتقصع
وبقي بعد هذه الخمسة بيتان. وقوله: أتاني كلام الثعلبي، هو بالثاء المثلثة والعين المهملة كما في «نوادر أبي زيد» في نسخ ثلاث قديمات صحاح، ورفع نسبه أبو محمد الأعرابي فيما كتبه على «نوادر ابن الأعرابي» وأبو علي القالي في «ذيل أماليه»: فقالا: وهو أبو مذعور طارق بن ديسق بن عوف بن عاصم بن عبيد
ابن ثعلبة بن يربوع. انتهى. فهو منسوب إلى جده الأعلى الذي هو بطن من يربوع. وهو شاعر إسلام كما يأتي بيانه. وصحفة العيني وتبعه ابن الملا فقال: نسبه إلى تغلب، بالمثناة من فوق والغين المعجمة.
وديسق كجعفر: علم منقول، قال الصاغاني في «العباب»: قال الليث: الديسق: خوان من فضة، والطريق المستعمل، والحوض اللآن، والشيخ، والنور، وكل حلي من فضة بيضاء صافية، ووعاء من أوعيتهم، مأخوذ من الدسق – بفتحتين – وهو امتلاء الحوض، يقال: ملأت الحوض حتى دسق، أي، ساح ماؤه، وقيل: هو بياض الحوض وبريقه. انتهى.
وقوله: يتترع، هو من الترع، بفتحتي التاء المثناة فوق والراء، قال صاحب «العباب»: ترع الرجل كفرح، إذا اقتحم الأمور مرحًا ونشاطًا، وقيل: ترع: سارع إلى النشر والغضب، وتترع إليه بالشر: تسرع، وكأنه توعده بأمور، وقوله: يقول الخنى .. البيت، قال الجوهري، وتبعه الصاغاني: هذا البيت من أبيات الكتاب، وهذا لا أصل له، وقد تصفحت شواهد سيبويه في عدة نسخ، فلم أجده فيها.
والخنى، بالخاء المعجمة والنون: الكلام القبيح، وألفه منقلبة من ياء، ولهذا يكتب بالألف، وقد خني عليه بالكسر – وأخنى عليه في منطقه، إذا أفحش، وهو منصوب لأنه مصدر نوعي، أي: يقول القول الخنى، والجملة تفسير لقوله: كلام الثعلبي. وأبغض: أفعل تفضيل، من بغض الشيء – بالضم – بغاضة، صار بغيضًا. وإلى ربنا: متعلق بأبغض. وروى ابن جني في «سر الصناعة: «إلى ربه» فالضمير لابن ديسق، وإلى بمعنى عند، والعجم: جمع أعجم وعجماء، وهو الحيوان الذي لا ينطق، والأعجم أيضًا: الإنسان الذي في
لسانه عجمة، وإن كان بدويًا لشبهه بالحيوان. وناطقًا: تمييز للنسبة، وأصله: وأبغض نطق العجم، أي: تصويتها فلما حذف نطق، صارت نسبة البغض إلى العجم مبهمة، ففسرت بالتمييز، ولابد من هذا المحذوف ليصح الإخبار بصوت. قال الراغب: النطق في التعارف: الأصوات المنقطعة التي يظهرها اللسان، وتعيها الآذان، ولا يقال للحيوانات نطاق، إلا مقيدًا، أو على طريق التشبيه، كقول الشاعر:
عجبت لها أنى يكون غناؤها
…
فصيحًا ولم تفغر بمنطقها فما
انتهى. وهو هنا مجاز عن الصوت، وفي «العباب» وغيره: حمار مجدع: مقطوع الأذنين. انتهى. والحمار إذا كان مقطوع الأذنين يكون صوته أقبح وقد ورد تمثيل الصوت المرتفع بصوت الحمار في وصية لقمان لابنه، قال تعالى حكاية عنه:(واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)[لقمان/19] أي: أوحش الأصوات وأقبحها. وجزم الدماميني أنه من: جدعت الحمار: سجنته، قال: لأن الحمار إذا حبس كثر تصويته، وإذا جعل من الجدع الذي هو قطع الأذن، لم يظهر له معنى، قال السيوطي: وليس كما قال،
لأن صوت الحمار حالة قطع أذنيه أكثر وأقبح، وكأنه ظن أن المراد صوته بعد التجديع، وليس كذلك، بل المراد وقت التجديع، وفيه نظر، فإنه لا يصوت عند قطع أذنه أصلًا. وقوله: فهلا تمناها، الضمير المؤنث راجع إلى معهود بينهما، أو إلى شيء في بيت لم يذكر هنا. ولاقح: حبلى بمنايا الرجال، ومقارعة الأبطال. وفي شرح «نوادر أبي زيد» ذو النبوان: لم يعرفه أبو زيد، وأقول: قال ياقوت في «معجم البلدان» : النبوان بفتح النون والباء الموحدة: اسم ماء بنجد لبني أسد، وقيل: لبني السيد، فالمراد بذي النبوان: رجل، وهو إما صاحب هذه الماء، أو لأنه دفن في أرضها، وفي «القاموس»: وذو النبوان، محركة: وديعة بن مزيد، والنبوان: ماء. انتهى. والتصدع: التشقق، وفي «القاموس»: تصدع: تفرق، وتصدعت الأرض بفلان، إذا تغيب فيها، وقوله: يأتك حيًا دارم: فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، أي: إن حاربتنا يأتك حيًا دارم، في «الصحاح»: درمت الأرنب وغيرها تدرم – بالكسر – إذا قاربت الخطى، ومنه سمي دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم، وكان يسمى مجرًا، وذلك أن أباه لما أتاه قوم في حمالة، فقال له: يا بحر اثنتي بخريطة، وكان فيها مال، فجاء يحملها، وهو يدرم تحتها من ثقلها. انتهى. وبنو دارم: حي من بني تميم فيه بيتها وشرفها.
وطهية بالتصغر: حي من تميم، سموا باسم أمهم، وهي طهية بنت عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وهي أم أبي سود وعوف ابني مالك بن حنظلة، والنسبة إليها: طهوي بسكون الهاء، وبعضهم يفتحها على القياس.
ومالك: أخو دارم. وأقرع بالقاف: تام، يقال: ألف أقرع، ودرهم أقرع، ومائة قرعاء.
وقوله: فيستخرج اليربوع .. الخو الفاء للسببية، ويستخرج: منصوب بأن مضمرة، وهو مبني للمفعول، ويجوز بالبناء للفاعل مسندًا إلى الألف. واليربوع: دويبة تحفر الأرض، والياء زائدة، لأنه ليس في كلام العرب «فعلول» سوى «صفعوق» على ما فيه، وله جحران، أحدهما: القاصعاء، وهو الذي يدخل فيه، والآخر: النافقاء، وهو الجحر الذي يكتمه ويظهر غيره، وهو موضع يرفقه، فإذا أني من قبل القاصعاء، ضرب النافقاء برأسه فانتفق، أي: خرج، وجمعها: قواصع ونوافق. ونافق اليربوع: أخذ في نافقائه، ومنه المنافق، شبه باليربوع لأنه يخرج من الإيمان من غير الوجه الذي دخل فيه، وقيل: لأنه يستر كفره، فشبه بالذي يدخل النفق، وهو السرب. والجحر – بضم الجيم – يكون للضب واليربوع والحية، والجمع جحرة، كعنبة، وانجحر الضب – على انفعل – آوى إلى جحره.
وقوله: بالشيحة: رواه أبو عمرو الزاهد وغيره تبعًا لابن الأعرابي: «ذي الشيحة» وقال: لكل يربوع شيحة عند جحره، ورد أبو محمد الأعرابي على ابن الأعرابي في «ضالة الأديب» وقال: ما أكثر ما يصحف في أبيات المتقدمين، وذلك أنه توهم أن الشيحة موضع ينبت الشيح، وإنما الصحيح: ومن جحره بالشيخة – بالخاء المعجمة – وهي رملة بيضاء في بلاد بني أسد وحنظلة. وكذا رواه الجرمي أيضًا، وفي «القاموس» أيضًا. والشيخة: رملة بيضاء ببلاد أسد وحنظلة، ومنه قول ذي الخرق الطهوي:
ومن جحره بالشيخة اليتقصع
انتهى. واستفدنا منه أنه بفتح الشين، لأنه قال بعده: وبكسر الشين بنية لبياضها. وقال أبو عبيد البكري في «معجم ما استعجم» : الشيحة بكسر
أوله وبالحاء المهملة: رملة إذا طلعت فيها طلعت في نجفةٍ، وهي نجفة مليحة، ثم طلعت في حزن بني يربوع. ومليحة – بضم الميم وفتح اللام وسكون الياء بعدها حاء مهملة – بين الحزن والشيحة، وهي من منازل بني يربوع. انتهى. والحاصل أن هذه الكلمة اختلفوا في ضبطها، والله أعلم بها.
وقوله: اليتقصع، رواه أبو محمد الخوارزمي عن الرباشي بالبناء للمفعول، يقال: تقصع اليربوع دخل في قاصعائه فيكون صفة للجحر، وصلته محذوفة، أي: من جحره الذي يتقصع فيه، كما قدره ابن جني في «سر الصناعة» وروي بالبناء للفاعل، فيكون صفة لليربوع ولا حذف. ورواه أبو زيد «المتقصع» بصيغة اسم المفعول، المنفعل من القاصعاء، فيكون صفة اليربوع أيضًا، لكن فيه حذف الصلة.
والمعنى: إنكم إن حاربتمونا، جئناكم بقبائلنا يحيطون بكم، ولا نجاة لكم، ولو احتلتم بكل حيلة، كاليربوع الذي يجعل النافقاء حيلة لخلاصه من الحارش، فإذا كثر عليه الحارش، أخذوا عليه من نافقائه ومن قاصعائه، فلا يبقى له مهرب البتة.
وقد تكلمنا على هذه الأبيات بأبسط مما هنا في شرح أول شاهد من شواهد الرضي. وقد أنشد أبو زيد في «نوادره» هذه الأبيات لذي الخرق الطهوي وقال: إنه جاهلي، وفيه نظر، فإن له ولطارق بن ديسق أشعارًا في قصة نحر غالب، والد الفرزدق، إبله عام المجاعة بالكوفة في خلافة علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، تدل على أنهما إسلاميان، قال أبو علي القالي في كتاب «ذيل أماليه»: قرأنا على أبي الحسن، قال أبو محلم: حدثني جماعة من بني تميم عن آبائهم عن أجدادهم قالوا: أسنت بنو تميم زمن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، فانتجعوا أرضًا من أرض كلب من ظرف السماوة، يقال لها: صوار، من الكوفة
مسافة يوم وليلة، فضع غالب بن صعصعة طعامًا، ونحر نحائر، وجفن جفانًا، وجعل يقسمها على أهل المزايا، وهم أهل القدر، فأتت جفنة منها سحيم بن وثيل الرباحي الشاعر، فكفأها وضرب الخادم التي أتته بها، فتألم غالب من ذلك، فعاتب سحيمًا، وكثر الكلام بينهما حتى تداعيا إلى المعاقرة، وكاان سحيم رجلا فيهسوء خلق وأذية للناس، وكانت إبله خوامس، قد أغبت خمسًا لم ترد، ووردت إبل غالب، فطفق غالب يعقرها، وطافت الوغدان والفتيان بالإبل، فجعلت تحوزها من أطرافها، ومع الفرزدق هراوة يوردها على أبيه، فيقول غالب: رد أي بني، فيقول الفرزدق: إعقر أبه: حتى نحر مائتين، فقال طارق بن دبسق بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، وكان يهاجي سحيمًا:
أبلغ سحيمًا إن عرضت وجحدرا
…
أن المخازي لا ينام قرادها
إلى آخر أبيات أربعة، وأبيات لغيره. وقال طارق بن دبسق يعير سحيمًا:
لعمري وما عمري علي بهينٍ
…
لقد ساء ما جازيت يا ابن وثيل
مددت بذي باعٍ عن المجد جيدر
…
وسيف عن الكوم الخيار كليل
وقال ذو الخرق الطهوي يتعصب لغالب، لأنه من بني مالك بن حنظلة:
أبلغ رياحًا على نأيها
…
ورهط المحل شفاة الكلب
فلا تبعثوا منكم فارطًا
…
عظيم الرشاء كبير الغرب
يعارض بالدلو فيض الفرا
…
ت تصك أواذيه بالخشب
فما كان ذنب بني مالكٍ
…
بأن سب منهم غلام فسب
عراقيب كوم طوال الذرى
…
تخر بوائكها للركب
بأبيض يهتز في كفه
…
يقط العظام ويبري العصب
تسامى قروم بني مالكٍ
…
فاسمى بهم غالب إذا غلب
فأبقى سحيم على ماله
…
وهاب السؤال وخاف الحرب
وأقبلت إبل سحيم حتى وردت عليه، فأوردها كناسة الكوفة، فجعل يعقرها، فقال علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه: لا تأكلوا منها، فإنه مما أهل به لغير الله، وأمر فطرد الناس عنها. انتهى ما أورده القالي باختصار قليل. ومعلوم أن غالبًا وسحيمًا من أشراف التابعين، وجميع العرب كانوا حينئذ مسلمين.
وقد رفع الآمدي في «المؤتلف والمختلف» نسب ذي الخرق فقال: ذو الخرق الطهوي، واسمهك قرط، ويقال: ذو الخرق بن قرط أخو بني سعيدة بن عوف بن مالك بن حنظلة بن طهية بنت عبد شمس بن سعيد بن زيد مناة بن تميم، شاعر فارس وهو القائل:
فما كان ذنب بني مالكٍ
…
بأن سب منهم غلام فسب
وفي «ضالة الأديب» أيضًا ما يقتضي أن طارق بن ديسق إسلامي، فإنه جرت قصة في دفع إبل الصدقة، فتهاجى بسيبها ابن ديسق والأخوص الرياحي - بالخاء المعجمة - فإن ابن ديسق هجا بني رياح بن يربوع بقصيدة أولها:
نهيتكم عن جندل القاع بعدما
…
مضى الليل نوكى أرسلت والمجاهل
فقال الأخوص يرد على طارق:
أفي كل عام أنت مهدٍ قصيدةً
…
يمزق مذعور بها والنعابل
كأنك خنزير يدوس بأنفه
…
كناسة ما بين الزقاقين هابل
فإن تك فاتتك العلى يا ابن ديسقٍ
…
فدعها ولكن لا تفتك الأسافل
ومذعور: هو ابن طارق بن ديسق، والنعابل، بفتح النون والعين المهملة وكسر الموحدة: رهط طارق، وفي طهية أيضًا شاعران كل منهما يقال له ذو الخرق، أوردهما الآمدي في «المؤتلف والمختلف» أحدهما: خليفة بن حمل بن عامر ابن حميري بنوقدان بن سبيع بن عوف بن مالك بن حنظلة، ولقب ذا الخرق بقوله:
ما بال أم حبيشٍ لا تكلمنا
…
لما افتقرنا وقد تثري فنتفق
تقطع الطرف دوني وهي عابسة
…
كما تشاوس فيك الغائر الحنق
لما رأت إبلي جاءت حمولتها
…
غرثى عجافًا عليها الريش والخرق
قالت ألا تبتغي مالًا تعيش به
…
عما تلاقي وشر العيشة الرمق
فيئي إليك فإنا معشر صبر
…
في الجدب لا خفة فينا ولا ملق
إنا إذا حطمة حتت لنا ورقًا
…
نمارس العيش حتى ينبت الورق
ثانيهما: شمير بن عبد الله بن هلال بن قرط بن سعيدة. ولما شرحت هذه الأبيات في أول شاهد من شواهد المحقق الرضي، لم يظهر لي تعيين قائلها من