الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والسنون:
ذاك خليلي وذو يواصلني
…
يرمي ورائي بامسهم وامسلمه
على أن «لام التعريف» تبدل ميما في لغة طيئ وحمير، قال الرضي في «شرح الشافية»: هذا الإبدال ضعيف، وقال ابن جني في «سر الصناعة»: هذا الإبدال شاذ لا يسوغ القياس عليه. وفيهما نظر، فإنه لغة قوم بأعيانهم، قال صاحب «الصحاح»: هي لغة لحمير، وقال الرضي في «شرح الكافية» هي لغة حمير ونفر من طيئ، وقال الزمخشري في «المفصل»: وأهل اليمن يجعلون مكانها الميم، ومنه:«ليس من ام بر صيام في ام سفر» .
وقال:
يرمي ورائي بامسهم وامسلمه
ولا يجوز الحكم على لغة قوم بالضعف ولا بالشذوذ، نعم لا يجوز القياس بإبدال كل لام ميمًا، ولكن يتبع إن سمع، ورواه الجوهري في مادة (سلم):
ذاك خليلي وذو يعاتبني
…
يرمي ورائي بالسهم وامسلمه
وقال: يريد: السلمة، وكذا رواه صدر الأفاضل، وقال: الرواية بالسهم
بتشديد السين على اللغة المشهورة، وامسلمه: بالميم الساكن بعد الواو على اللغة اليمانية. انتهى. وهذا مخالف لقول المصنف: الشاهد له حديث: «ليس من ام بر .. » وغير منوي أيضًا إلا إن حركت الألف بعد الواو، وتحريكها لحن، وقد تابع الناس الجوهري في ذكر المصراع الأول، قال المصنف في «شرح أبيات ابن الناظم: روى الجوهري: «يعاتبني» بدل «يواصلني» وزعم أن الواو زائدة، وكأن ذلك لأنه رأى أن قوله: يرمي، محط الفائدة، فقدره خبرًا، وقدر خليلي تابعًا للإشارة، وذو صفة لخليلي، فلا يعطف عليه، وتبعية خليلي للإشارة بأنه بدل منها لا نعت، بل ولا بيان، لأن البيان بالجامد كالنعت بالمشتق، ونعت الإشارة بما ليست فيه أل ممتنعة، وبهذا أبطل أبو الفتح كون بعلي، فيمن رفع «شيخًا» بيانًا، ولك أن تعرب خليلي خبرًا وذو عطفًا عليه، ويرمى حالًا منه، وإن توقف المعنى عليه، مثل:(وهذا بعلي شيخًا)[هود/72] انتهى كلامه.
أقول: ليس في كلام الجوهري ما يدل على زيادة الواو، ولعل القائل غيره، أو تكون نسخة شراح أبيات ابن الناظم زعم بعضهم أن الواو وذو زائدة، كما نقل ابن الملا عنه هكذا، على أن المصراع الأول ليست روايته كما ذكر، وإنما الشعر كما رواه الآمدي في «المؤتلف المختلف» ليجير بن غنمة الطائي أحد بني بولان ابن عمرو بن الغوث بن طي، قال: وأراه أخا خالد بن غنمة الشاعر الجاهلي الطائي ويجير القائل في أبيات:
وإن مولاي ذو يعاتبني
…
لا إحنة عنده ولا جرمه
ينصرني منك غير معتذرٍ
…
يرمي ورائي بامسهم وامسلمه
انتهى. وكذا روى هذا الشعر ابن بري في «أماليه» على «الصحاح» وقال: هذه الرواية هي الصواب. والمولى: ابن العم، والناصر والحليف، والمعتق والعتيق. والظاهر أن المراد هنا أحد الثلاثة الأول.
وذو: كلمة طائية بمعنى الذي محلها الرفع خبر إن، ويعاتبني: صلتها، والمعاتبة: مخاطبة الإدلال، والاسم العتاب، قال الشاعر:
ويبقى الود ما بقي العتاب
وقوله: لا إحنة: مبتدأ، وعنده الخبر، والجملة حال من فاعل يعاتبني، ويجوز أن يكون خبرًا ثانيًا لإن، والجيد أن يكون «ذو» صفة لمولاي، وإحنة خبره، وجرمة معطوف على إحنة – بكسر الهمزة وسكون الحاء المهملة بعدها نون – وهي الضغينة والحقد، والجرمة، بفتح الجيم وكسر الراء: الجرم والذنب. ووراء بالمد: من الأضداء بمعنى قدام وخلف، ويحتمل المعنيين هنا.
وقال الصفدي في «فض الختام عن التورية والاستخدام» : وقد جاء وراء بمعنى قدام، قال تعالى:(وكان وراءهم ملك يأخذ)[الكهف /79] أي: أمامهم. وقال تعالى: (وإني خفت الموالي من ورائي)[مريم /5] أي: من أمامي، وقال الشاعر:
ذاك خليلي وذو يواصلني .. البيت
يريد: أمامي. انتهى كلامه. والرمي وراء: كناية عن الذب والمدافعة.