الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرمة مثل حرمة الهدي الذي يهدى إلى البيت الحرام، وقوله: يستباء، أي: تؤخذ امرأته، وكان هذا الرجل قد قامر على أهله وماله فقمر، وأخذت منه امرأته وماله، فيقول: لم أر قومًا أسروا رجلًا له حرمة، وأخذوا امرأته فاتخذوها للنكاح، ويستباء: من الباءة وهي النكاح.
وقوله: والرجل المنادي، أي: الرجل المجالس في الندي والنادي، وهما المجلس، يقال: ندوت الرجل وناديته إذا جالسته، وقوله: أمام الحي، إنما قال هذا لأن مجالسهم كانت أمام الحي، لئلا يسمع النساء كلامهم ويطلعن على تدبيرهم، يقول: من جاور قومًا وم نجالسهم فحقهما وذمتهما واحدة، أي: إن لم يكن هذا الرجل جاركم فله حرمة بمجالسته إياكم، فحقه واجب عليكم كوجوب حق الجارز
ويأتي الكلام إن شاء الله تعالى على محل الشاهد من البيت بعد شاهدين.
وزهير بن أبي سلمى - بضم السين - واسمه ربيعة بن رباح المزني، وكانت محلتهم في بلاد غطفان، فيظن الناس أنهم من غطفان، وهو غلط وزهير أحد الشعراء الثلاثة الفحول: امرئ القيس وزهير والنابغة الذبياني. وكان زهير ينظم القصيدة في شهر، وينقحها ويهذبها في سنة، وكانت قصائد تسمى حوليات زهير.
وقد تتبعنا ما يتعلق بترجمته في حواشينا على «شرح قصيدة بانت سعاد» وذكرنا طرفًا منها في الشاهد الثامن والثلاثين بعد المائة من شواهد الرضي.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والخمسون:
(51)
ولست أبالي بعد فقدي مالكًا
…
أموتي ناء أم هو الآن واقع
قال الدماميني: الذي يظهر لي أن الجملة الواقعة بعدها في محل نصب والفعل معلق، قال الجوهري: وقولهم: لا أباليه، أي: لا أكثرت به، فهو فعل متعد بنفسه ويقرب من معنى الفعل القلبي، لأن معنى لا أكثرت به: لا أفكر فيه ازدراء به، والتعليق من هذه الجملة، انتهى كلامه. وهو تارة يتعدى بالباء، قال النووي في «تهذيبه»: إن بعض المحدثين من أهل العصر زعم أن تعديته بالباء لحن، والصواب: أباليه، ولم يسمع من العرب إلا هكذا، وهذا غلط منه بخبر بجهالته وقلة بضاعته، والصحيح أنه يتعدى بالياء، وهو المسموع عن العرب، وفي الحديث «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ومن لم يبال به لم يفقهه» وفي الصحيحين: «كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا يبالي بتأخير العشاء» هكذا روي «بتأخير» بالباء، وفي البخاري عن أبي هريرة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال:«ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حرام أم حلال» انتهى.
ومثله في «المصباح» قال: قولهم: لا أباليه ولا أبالي به، أي: لا أهتم به ولا أكثرت له، ولم أبال ولم أبل للتخفيف، كما حذفوا الياء من المصدر، فقالوا: لا أباليه بالة. والأصل بالية، مثل عافاه معافاة وعافية، قالوا: ولا يستعمل إلا مع الجحد، والأصل فيه قولهم: تبالى القوم: إذا تبادروا إلى الماء القليل فاستقوا، فمعنى لا أبالي: لا أبادر إهمالًا له، وقال أبو زيد: ما باليت به مبالاة، والاسم البلاء وزان كتاب، وهو الهم الذي تحدث به نفسك. انتهى.
وقال ابن فارس في «المجمل» : اشتبه علي اشتقاق أبالي، حتى رأيت في شعر ليلى الأخيلية:
تبالي رواياهم هبالة بعدما
…
وردن وجول الماء بالجم يرتمي
قالوا في تفسيره: التبالي: المبادرة بالاستقاء، يقال: تبالى القوم: إذا تبادروا الماء فاستقوه عند قلة الماء، وقال بعضهم: تبالى القوم: إذا قل الماء فاستقى هذا والآخر ينتظر حتى يجري الماء فيستقي، فأصل قولهم: لا أبالي به: لا أبادر إلى اقتنائه وانتظاري به، بل أنبذه ولا أعتد به. انتهى.
فجملة الاستفهام تكون باعتبار تعديه بنفسه في موضع الصريح، وباعتبار تعديه بالباء في موضع المفعول المقيد بحرف الجر.
وفقدته فقدًا من باب ضرب، وفقدانًا: عدمته، والنائي: البعيد. ومالك: هو مالك بن نويرة.
والبيت من شعر لمتمم بن نويرة اليربوعي، رثى به أخاه مالك بن نويرة، قال ابن السيد في شرح «كامل» المبرد: قولهم: «فتى ولا كمالك» هو مالك ابن نويرة سيد بني يربوع، قتله خالد بن الوليد. انتهى. وكان سبب قتله فيما يقال أنه ارتد في من ارتد من العرب، فلما بلغ أبا بكر رضي الله تعالى عنه خبره بعث إليه خالد بن الوليد فحاربهو فمسكه فقتله، ورثاه أخوه متمم بأشعار كثيرة، ويأتي إن شاء الله تعالى بعضها في هذا الكتاب.
وهو من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، أورده أبو عمر بن عبد البر في كتابه «الاستيعاب» قال: متمم بن نويرة بن جمرة اليربوعي التميمي الشاعر.