المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والخمسون: - شرح أبيات مغني اللبيب - جـ ١

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌أنشد في الخطبة:

- ‌وأنشد فيها بعده، وهو الانشاد الثاني:

- ‌وأورد بعده وهو الانشاد الثالث:

- ‌الباب الأول

- ‌أنشد في الهمزة، وهو الانشاد الرابع:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد الخامس:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد العاشر:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الحادي عشر:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني عشر، وهو من شواهد سيبويه:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث عشر

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع عشر:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس عشر:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس عشر:

- ‌وأنشد في «أيا» وهو الانشاد السابع عشر:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن عشر:

- ‌وأنشد في «إذن» وهو الانشاد التاسع عشر:

- ‌وانشد بعده، وهو الانشاد العشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والعشرون:

- ‌وأنشد في «إن» المكسورة الخفيفة، وهو الانشاد الثاني والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد التاسع والعشرون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد التاسع والثلاثون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والأربعون:

- ‌وأنشد في إن المكسورة المشددة، وهو الانشاد السادس والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن والأربعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد التاسع والأربعون:

- ‌وأنشد في «أم» ، وهو الانشاد الخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد التاسع والخمسون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الستون:

- ‌وانشد بعده، وهو الانشاد الواحد والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والسنون:

- ‌وأنشد في (أل) وهو الانشاد الرابع والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والسنون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثامن والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد التاسع والستون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الواحد والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والسبعون:

- ‌وأنشد في «أما» بالتخفيف، وهو الانشاد الرابع والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد السابع والسبعون:

- ‌وأنشد بعده في «أما» بالتشديد، وهو الانشاد الثامن والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد التاسع والسبعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثمانون:

- ‌وأنشد بعده في «إما» بالكسر والتشديد، وهو الانشاد الواحد والثمانون:

الفصل: ‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والخمسون:

بل ليت شعري متى أغدو تعارضني

جرداء سابحة أو سابح قدم

نحو الأميلح من سمنان مبتكرًا

بفتيةٍ فيهم المرار والحكم

والمرار والحكم أخواه.

وذكر الآمدي في «المؤتلف والمختلف» أن من يقال له المرار ستة: أولهم: المرار الفقعسي، وثانيهم: هذا المترجم، وثالثهم: المرار بن سلامة العجلي، وهو إسلامي أيضًا، ورابعهم: المرار بن بشير السدوسي، وخامسهم: المرار الكلبي، وسادسهم: المرار بن معاذ الجرشي.

‌وأنشد بعده، وهو الانشاد الثالث والخمسون:

(53)

لعمرك ما أدري وإن كنت داريا

شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر

على أن الهمزة المقدرة مع «أم» لطلب التعيين، وليست الهمزة فيه التسوية، وإن تقدم عليها ما أدري، وأن المعنى: ما أدري أي النسبين هو الصحيح.

وعلى هذا لأخير بني كلام ابن الشجري، وقد أخذ كلامه من «شرح الكافيه» لابن مالك، وهذه عبارته فيها: و «أم» سميت متصلة، لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى أحدهما عن الآخر، وشرط ذلك أن يقرن ما يعطف بها عليه بهمزة التسوية، أو بهمزة يطلب بها وبأم ما يطلب بأي، وعلامة ذلك صلاحية الاستغناء بها عنها، فمن لوازم ذلك كون الناطق «بأم» المذكورة مدعيًا العلم بنسبة الحكم إلى أحد المذكورين دون تعيين، وقد يكون مصحوباهما اسمين نحو: أزيد عندك

ص: 208

أو عمرو، أو فعلين الفاعل واحد في المعنى، نحو: أقام زيد أم قعد، أو فعلين لفاعلين متباينين، كقول الشاعر:

ما أبالي أنب بالحزن تيس

أم جفاني بظهر غيبٍ لئيم

ولا يمنع كونهما جملتين اسميتين إذا كان معنى الكلام معنى أي، ومنه قول الشاعر:

لعمرك ما أدري وإن كنت داريًا

شعيث ابن سهمٍ أم شعيث ابن منقر

أراد: ما أدري أشعيث ابن سهم، أم شعيث ابن منقر، لأن المعنى معنى أي، كأنه قال: ما أدري أي النسبين هو الصحيح.

وابن سهم وابن منقر خبران لا صفتان، وحذف التنوين من شعيث على حد حذفه من عمرو في قول القالئل:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه

ففي هذا حجة على وقوع أم المتصلة بين جلمتين ابتدائيتين، ومنه قول الآخر:

ولست أبالي بعد فقدي مالكًا

أمو تي ناء أم هو الآن واقع إلى هنا كلام «شرح الكافية» وفيه أمران:

أولهما: أنه جعل الهمزة الصالح موضعها لأي قسيمة لهمزة التسوية، مع أنه

ص: 209

في «التسهيل» وشرحه جعل الهمزة الصالح موضعها لأي شاملة لكلا الهمزتين، وأقره عليه من شراحه أبو حيان والمرادي وابن عقيل، وهذا هو الموافق لصريح كلام سيبويه كما يأتي نصه.

وثانيهما: أنه جعل الهمزة بعد ما أبالي، وبعد لا أدري لغير التسوية، وهو الاستفهام الحقيقي، لصلاحية «أي» موضع الهمزة وأم ومدخولهما، ولهذا قال: لأن المعنى معنى أي، ومدار الاستفهام مع أم عنده صحة حاول أي محلهما، سواء كان قبلهما ما أدري أم لا أبالي، أم ليت شعري، أم سواء أم لا، وحينئذ لم يبق لهمزة التسوية موضع يخصها، فإن في هذه المواضع الأربعة يصح حاول أي موضع الهمزة وأم، فلا وجه حينئذ لجعل همزة التسوية عديلة لهمزة الاستفهام الحقيقي، وهذا مخالف لكلام النحويين، فإنهم قالوا: إن همزة التسوية هي المسوقة بسواء، أو ما أبالي، أو ما أدري، أو ليست شعري ونحوهن، وجعلوها قسيمة لهمزة الاستفهام الحقيقي.

قال سيبويه في باب «أم إذا كانالكلام بها بمنزلة أيهما وأيهم» وذلك [قولك]: أزيد عندك أم عمرو، وأزيدًا لقبيت أم بشرا؟ فأنت الآن مدع أن عنده أحدهما، لأنك إذا قلت: أيهما عندك؟ أو: أيهما لقيت؟ فأنت مدع أن المسؤول قد لقي أحدهما، أو أن أحدهما عنده إلا أن علمك استوي فيهما، لا تدري أيهما هو، إلى أن قال: ومن هذا الباب قوله: ما أبالي لزيدًا لقيت أم عمرًا، وسواء على أزيدًا كلمت أم عمرًا، وإنما جاز حرف الاستفهام هنا لأنك سويت الأمر [ين] عليك كما استويا حين قلت: أزيد عندك أم عمرو؟ فجرى هذا على حرف الاستفهام، كما جرى على حرف النداء قولك: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة،

ص: 210

وإنما لزمت أم هنا لأنك تريد معنى أيهما، ألا ترى أنك تقول: ما أبالي أي ذلك كان، وسواء على أي ذلك كان، والمعنى واحد. وأي ههنا تحسن وتجوز كما جازت في المسألة، ومثل ذلك: ما أدري أزيد ثم أم عمرو، وليت شعري، أزيد ثم أم عمرو، فأوقعت أم ههنا كما أوقعته في الذي قبله، لأن هذا يجري على حرف الاستفهام حيث استوى علمك كما جرى الأول، ألا ترى أنك تقول ليت شعري أيهما ثم، وما أدري أيهما، فيجوز أي ويحسن، كما جاز في قولك: أيهما ثم. هذا كله كلام سيبويه.

فأنت ترى كيف أشرك الهمزتين في أي، وفصل الكلام على همزة التسوية الواقعة بعد تلك الكلمات الأربع عن همزة الاستفهام الحقيقي بقوله: ومن هذا الباب، ومثل لهمزة التسوية بأمثلة وقعت أم فيها بين مفردي جملة واحدة، وأقره عليه السيرافي وأبو علي الفارسي في تعليقته على «الكتاب» .

قال السيرافي بعدما قرر كلام سيبويه وشرحه: وقد اتسعت العرب في ذلك، أي: في الاستفهام، فاستعماوه في غير الاستفهام في مواضع مختلفة إلى أن قال: ومنه: م أدري أزيد في الدار أم عمرو؟ فهذه حال السائل. فإذا سأل وهذه حاله قال: أزيد في الدار أم عمرو، ومنه قول القائل: ليت شعري أزيد في الدار أم عمرو، وتمنى أن يعلم ما يسأل عنه السائل إذا قال: أزيد في الدار أم عمرو، ومنه: ما أبالي أزيد جاءك أم عمرو، سويت بين الأمرين في منزلتهما عندك، وهو أنهما عليك سواء، ومنه: سواء علي أقمت أم قعدت، ومعناه: قيامك وقعودك علي مستويان، وإنما جاز الاستفهام وأم في هذه الأشياء، وإن لم تكن استفهامًا، لما فيها من التسوية والمعادلة، فشبهت من الاستفهام بما فيها من التسوية والمعادلة، لاجتماعهما في التسوية والمعادلة، لا في حرف الاستفهام، كما جرى

ص: 211

حرف النداء في قولك: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة، ولست تناديه، وإنما تخصه فتجريه على حرف النداء، لأن النداء فيه اختصاص، فيشبه به الاختصاص لا لأنه منادى. انتهى.

ولما رأى ناظر الجيش المخالفة بين كلامي ابن مالك، حاول التوفيق بينهما، فقال في «شرح التسهيل»: لأا شك أن المسألة تحتاج إلى تحقيق، ويظهر أن يقال: إن «ما أبالي» يمكن أن يقال لإرادة معنى التسوية بالكلام الي هي فيه، بمعنى أن الأمرين المذكورين بعدهما مستويان عند المتكلم بهما، ويمكن أن يقال: لإرادة عدم المبالاة، أي: لا أبالي فعلك، وكذا لا أدري يمكن أن يراد بهما استواء الأمرين عند المتكلم بها، بمعنى أنهما استويا عنده في عدم العلم، ويمكن أن يراد بها عدم الالتفات، والمعنى حينئذ يرجع إلى معنى عدم المبالاة، وإذا كان كذلك، كان لكل من الكلمتين اعتباران فيحسن الاستشهاد بهما لمعنى التسوية، وللمعنى الآخر.

هذا كلامه. فعلى ما ذكرنا، كيف يجوز تغليط ابن الشجري مع إمامته، وهو في ذلك تابع لكلام سيبويه وأصحابه! وعلى فرض أنه لم يوجد لسيبويه نص ينزل على نحو ما ذكره ناظر الجيش، وما قاله ابن الشجري في بيت زهير أورده في موضعين من «أماليه» أولهما في المجلس الرابع والثلاثين في بحث همزة الاستفهام وثانيهما في المجلس السابع والسبعين في بحث «أم» .

وقول المصنف: وأن الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب لأنه خبر .. الخ، منقوض بصور وقعت فيها أم متصلة بعد همزة ليست للتسوية ولا للاستفهام الحقيقي بل للإنكار أو التعجب، وقد ذكره المصنف في قوله تعالى:{أمن هو قانت} [الزمر/9] وأم المقدرة فيه متصلة وتقديرها: أمن هوقانت خير أم هذا الكافر،

ص: 212

والهمزة لغير الاستفهام الحقيقي كما صرح به، وليست أم منقطعة، لأن حرف الإضراب لا يقدر لعدم الدال عليه.

وأجاب الدماميني بأن المراد بقوله: الاستفهام معها على حقيقته ليس كونه كذلك دائمًا، وإنما المراد في الجملة، فوجه الفرق أن «أم» في التسوية لا استفهام معها البتة، لأنه خبر محض دائمًا، والواقعة بعد غيرها يوجد معها الاستفهام الحقيقي في الجملة في بعض الصور، ثم قال: إنه يأباه قوله بعده: إن الهمزة إذا كانت للإنكار كانت بمزلة النفي، والمتصلة لا تقع بعده، وهذا يقدح في هذا الجواب، فالإشكال باق على حاله.

قال شيخنا الخفاجي: الجواب المذكور لا يدفع الإشكال، فإنه إذا ثبت ما يخالفه ولو في صورة واحدة، لم يحصل الفرق، فالإشكال باق مجاله، وإن تبعه جميع الشراح فيما قال. انتهى.

وقول المصنف في أم بعد همزة التسوية: لا تقع إلا بين جملتين، لم أره بالحصر لأحد إلا لناظر الجيش، فإنه قال في «شرح التسهيل»: إن كانت الهمزة للتسوية فلا يكون مصحوباهما إلا جملتين، والجملتان في تأويل مفردين، ويكونان فعليتين واسميتين ومختلفتين، ومثل بما مثل به المصنف، وهو مخالف لما مثل به سيبويه في كلامه الذي نقلناه من وقوع أم بين مفردي جملة، ومن شواهده بيت زهير المذكور، وقول بثينة ترثي جميلًا:

سواء علينا يا جميل بن معمرٍ

إذا مت بأساء الحياة ولينها

وقول الآخر:

سواء إذا ما أصلح الله أمرهم

علي أوفر ما لهم أم أصارم

ص: 213

وقال أبو حيان في «شرح التسهيل» : ومما عودل فيه بين الجملة وبين المفرد قوله:

سواء عليك النفر أم بت ليلة

بأرض القنان من نمير وعامر

وكذا قال في «الارتشاف» وقول المصنف: إن أم الأخرى تقع بين جملتين ليستا في تأويل المفرد، هذا القيد لم أره في كلام أحد، بل رأيت ابن الناظم صرح بخلافه في شرح الألفية، قال: وتقع أم بعد هذه الهمزة بين مفردين نحو: أزيد في الدار أم عمرو، وبين جملتين في تأويل المفردين، وقد يكونان فعليتين أو ابتدائيتين، أو إحداهما فعلية والأخرى ابتدائية، ومثل بالأبيات التي مثل بها المصنف. ولأبي حيان مثله، قال في «شرح التسهيل»: ويأتي بعد أم هذه المفرد والجملة في تقدير المفرد أو في معناه، فالجملة في تقدير المفرد، نحو قوله:

أمخدج اليدين أم أتمت

فأتم في تقدير المفرد، وتقديره: أمخدج اليدين أم متمًا، والجملة في معنى المفرد: أقام زيد أم قعد، تريد: أي الفعلين كان، والمعنى: أكان من زيد قيام أم قعود. انتهى. وكذا في «الارتشاف» وهذا هو الصواب، لأن الجمل التي بعد: ليت شعري، وما أبالي وما أدري، وقعت معلقة بالاستفهام عن العامل، وهو طالب للعمل في محلها.

والقاعدة: أن كل جملة لها محل من الإعراب لابد أن تكون حالة محل المفرد، وأبو حيان حكم لها بالإفراد حتى في الجمل المستأنفة التي لم يطلبها عامل، كما رأيت في كلامه. وقول المصنف: ومثله بيت زهير السابق، أراد أن معنى بين زهير: ما أدري أي الفريقين آل حسن. كما قال في بيت شعيث، والمعنى:

ص: 214

ما أدري أي النسبين هو الصحيح، لأن بيت زهير على معنى أي، كبيت شعيث، وأي لا تكون خلفًا عن همزة التسوية، وأم عنده وعند ابن مالك في أحد قوله، فصحة حاول أي موضعها دل على أن الهمزة ليست للتسوية، وقد قدمنا ما يرده، وهو أن سيبويه وأصحابه وابن مالك في «التسهيل» وشرحه يجوز عندهم أن تخلف أي همزة التسوية وأم، وليس المثلية في بيت زهير لبيت شعيث أن يجعل ما بعد أم جملة اسمية بتقدير مبتدأ، والتقدير: أم نساء هم، وأم هم نساء، لأن المصنف عنده أن الهمزة في بيت زهير لغير تسوية، و «أم» الواقعة بعد همزة غير التسوية تقع بين مفردين كما قرره المصنف، فكيف يقدر ما هو مستغنى عنه! ؟ ولم يفهم الدماميني غير هذا، وتبعه من جاء بعده من الشراح، قال: يريد أن بيت زهير مثل بيت شعيث بن سهم من حيث وقوع أم فيه بين جملتين وهو معترض بحسب الظاهر، إنما وقعت بين جملة اسمية ومفرد، فإن قلت: التقدير أم هم نساء، قلت: هو ممكن لكن يبقى النظر في تفريقه بين الآية الشريعة، وهو قوله تعالى:{أأنتم أشد خلقًا أم السماء} [النازعات/27] وبين بيت زهير، فتقدير جزء تتم به الجملة في البيت دون الآية تحكم، انتهى كلامه.

وقول المصنف إن ابن الشجري توهم أن معنى الاستفهام فيه غير مقصود، أقول: قائل البيت، وهو زهير، يعلم قطعًا أن آل حسن من أي الفريقين، وإنما أورده بصورة الاستفهام لغرض التجاهل والتهكم، فكيف يكون استفهامًا يطلب بالهمزة وأم التعيين! وما ذكره من قوله: علمت أزيد في الدار أم عمرو، حققه السيرافي فقال: وقد اتسعت العرب في ذلك فاستعملوه في غير الاستفهام

ص: 215

في مواضع مختلفة، فمن ذلك قول القائل: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو، فهذا ليس باستفهام، والمتكلم فيه بمنزلة المسؤول، والمخاطب يصير بمنزلة السائل، لأن الذي يقول: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو، قد عرفه بعينه، فهو بمنزلة المسؤول الذي يقال له: أزيد في الدار أم عمرو؟ ولأنه يعرفه بعينه، والمخاطب إذا قال له القال: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو، يعتقد من قول المتكلم له أن أحدهما في الدار ولا يعرفه بعينه، فهو بمنزلة السائل في الأول. انتهى كلامه.

ومن هنا نرجع إلى شرح البيت فنقول: قوله: لعمرك ما أدري وإن كنت داريًا .. تقدم الكلام عليه في شرح الشاهد السادس، وقوله: شعيث ابن سهم .. الخ، قال الأعلم: المعنى: ما أدري أشعيث من بني سهم أم هم من بني منقر؟ وشعيث: حي من تميم من بني منقر، فجعلهم أدعياء وشك في كونهم منهم أو من بني سهم. وسهم هنا حي من قيس. انتهى. وكذا في شرح السيرافي، قال يهجو هذه القبيلة، فيقول: لم تستقر على أب لأن بعضها يعزوها إلى منقر، وبعضها يعزوها إلى سهم. انتهى.

وشعيث: بضم الشين وفتح العين المهملة وآخره ثاء مثلثة قال العسكري في كتاب «التصحيف» والأعلم: ومن رواه بالباء الموحدة فقد صحفه، ومنقر بكسر الميم وفتح القاف: بطن من تميم وهو منقر بن عبيد – بالتصغير – ابن مقاعس ابن عمرو بن كعب بن زيد مناة بن تميم، كذا في «جمهرة الأنساب» وقوله: وسهم حي من قيس، أي: من قيس عيلان، وهو سهم بن عمرو بن ثعلبة بن غنم بن قتيبة بن باهلة، وينتهي نسبه إلى غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وفي قريش أيضًا سهم أبو حي، وهو سهم بن عمرو بن هصيص – بالتصغير –

ص: 216

ابن عمرو بن جمح - بضم الجيم وفتح الميم - ابن كعب بن لؤي، ومنهم قيس بن عدي بن سعد بن سهم.

وشعيث المذكور لم أر له ذكرًا في «جمهرة الأنساب» ولا في «الصحاح» ولا في «تهذيب الأزهري» وفي «القاموس» : شعيث كزبير: ابن محرز.

والبيت أنشده سيبويه للأسود بن يعفر، وقال السيرافي: وفي نسخة عتيقة من «الكتاب» : قال أوس بن حجر، بدل الأسود بن يعفر. انتهى.

وأنشده المبرد في موضعين من «الكامل» للشعين المنقري والله تعالى أعلم.

ونقل أبو الوليد الوقشي فيما كتبه على «كامل المبرد» عن «البيان» للجاحظ أنه قال: ذكروا أن شعيث بن سهم بن محرز بن حزن أغير على إبله، فأتى أوس بن حجر يستنجده، فقال أوس: أوخير من ذلك! احضض لك قيس بن عاصم، وكان يقول: إن حزن بن الحارث هو حزن بن منقر، فقال:

سائل بها مولاك قيس بن عاصم

فمولاك مولى السوء إن لم يعير

لعمري ما أدري أمن حزن محرز

شعيث ابن سهم أم الحزن ابن منقر

وكتب الوقشي على الموضع الثاني من «الكامل» بعد إنشاد البيت الثاني: قال الجاحظ: كان يقال: إن حزن بن الحارث يكون أبا جد شعيث بن سهم بن محرز بن حزن بن الحارث أحد بني العتبر بن عمرو بن تميم، وهو حزن بن منقر،

ص: 217

ولشعيث بن سهم وقول أوس هذا فيه خبر أثبته الجاحظ في «البيان» . انتهى.

فظهر مما ذكرنا أن شعيثًا ليس بأبي قبيلة، وظهر قول من قال: إن تنوينه حذف للضرورة، ولا يتأتى دعوى منع الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار القبيلة، وإنما اعتبر منونًا حذف تنوينه للضرورة لأنه أخبر عنه بابن، والعلم المنون إنما يحذف تنوينه إذا وصف بابن، ومن ثم يكتب ألف ابن أيضًا وإن كان واقعًا بين علمين.

وقول المصنف: والأصل: أشعيث بالهمزة في أول، والتنوين في آخره، فحذفهما للضرورة. انتهى. مذكور في غالب كتب النحو المبسوطة، كشروح «التسهيل» وغيرها، وحكمه هنا بأن حذف الهمزة ضرورة يخالف ما قدمه في بحث الهمزة من إطلاق جواز حذفها، سواء تقدمت على أم، أم لا.

وقائل البيت: هو أبو الجراح الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن جندل ابن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم.

قال صاحب «الصحاح» : والأسود ابن يعفر الشاعر إذا قلته بفتح الياء لم تصرفه، لأنه مثل يقتل، وقال يونس: سمعت رؤبة يقول: أسود بن يعفر بضم الياء، وهذا ينصرف لأنه قد زال عنه شبه الفعل. انتهى.

وذكره الآمدي في «المؤتلف والمختلف» فيمن لقب بالأعشى، فقال: ومنهم أعشى بن نهشل، وهو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن حارثة بن جندل بن نهشل بن دارم، الشاعر المشهور. انتهى. قال السيوطي: وجعله محمد بن سلام الجمحي في الطبقة الثانية مع خداش بن زهير والمخبل السعدي والنمر بن تولب.

ص: 218