الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على هذه الرواية بالغين المعجمة، والتألي: تفعل من الالية، وهي اليمين.
وجميع من نسب إليهم هذا الشعر كلهم شعراء جاهليون.
وأنشد بعده، وهو الانشاد الثاني والأربعون:
(42)
فأمهله حتى إذا أن كأنه
…
معاطي يدٍ في لجةِ الماء غامر
هو من قصيدة من شعر أوس بن حجر، لكنه من قصيدة فائية وفيه تحريف، وصحيحه:
معاطي يد من جمة الماء غارف
والضمائر للصيد، وفاعل أمهله ضمير الصياد، ولابد من شرح أبيات حتى يتضح المعنى، ومطلع القصيدة هذا:
تنكر بعدي من أميمة صائف
…
فبرك فأعلى تولبٍ فالمخالف
فقوقرهبى فالسليل فعاذب
…
مطافيل عوذ الوحش فيها عواص
يقول: تنكر علي بعد أهله فما كدت أعرفه، وهذه أماكن في بلاد تميم.
وبرك: بكسر الموحدة وسكون الراء المهملة، وتولب كجعفر، ويأتي أيضًا بمعنى الحمار، والمخالف: بفتح الميم بعدها خاء معجمة، وقوقرهي بفتح القاف وتشديد الواو، وقرهي: بفتح القاف والراء وسكون الهاء بعدها باء موحدة فألف مقصورة، والليل بفتح السين: واد، وعاذب: بالعين المهملة والذال المعجمة، والمطافيل: التي معها أولادها، جمع مطفل اسم فاعل من أطفلت، والعوذ، بضم العين المهملة والذال المعجمة: الحديثات العهد بالنتاج، جمع عائذ، والعواطف: جمع عاطف، أي: هي ثانية عنقها على ولدها نائمة، يريد أنهن آمنات.
كأن جيد الأرض يبليك عنهم
…
تقي اليمين بعد عهدك حالف
بها العين والآرام تزجي سخالها
…
فطيم ودان للفطام وناصف
جديد الأرض: ما ليس به أثر ولم يدمن، أي: لم يجعل دمنة من بعر الآرام وبولها. ويبليك: يحلف لك ما كان ههنا أحد من شدة ما درس الأثر وانمحى، من الإبلاء وهو الحلف، يقال: أبلني يمينًا، أي: احلف. وقال: تقي اليمين، لأنهم يقولون: يمين فاجرة، يريد: هذه يمين لا إثم فيها.
والعين: بقر الوحش جمع عيناء، وهي الواسعة العين. والآرام: الظباء الخاصة البياض جمع ريم للذكر والأنثى، وتزجي سخالها: تسوق أولادها.
والناصف: الذي قد سعى، أي: بعضها فظيم، وبعضها دان وبعضها ناصف.
وقد سألت عني الوشاة فخبرت
…
وقد نشرت منها لدي الصحائف
فاعل سألت ضمير أميمة، والواشي: الذي يزين الكذب ويحسنه، أخذ من وشي الثوب. وقوله: فخبرت بالبناء للمجهول، أي: أخبرها الوشاة خبري، وقوله: وقد نشرت بالمجهول أيضًا، أي: ونشر الوشاة صحائفها عندي فأخبرني بخبرها.
ثم بعد أن تغزل بثلاثة أبيات أخر، قال:
وأدماء مثل الفحل يومًا عرضتها
…
لرحلي فيها جرأة وتقاذف
وروي: «فيها هزة وتقاذف» والهزة: الحركة السريعة، ومعنى فيها تقاذف: أنها تعدو براكبها، وقوله: عرضتها، أي: جعلتها عرضة لرحلي، يقال: فلاتة عرضة للزوج، أي: قد بلغت وقويت عليه، والرحل: مركب للبعير يتخذ من جلود لا خشب فيه يتخذ للركض الشديد، ورحل البعير كمنع للبعير يتخذ من جلود لا خشب فيه يتخذ للركض الشديد، ورحل البعير كمنع، وارتحله: وضع عليه الرحل.
ثم بعد أن نعتها بالسرعة والنجابة وكمال الخلقة في ستة عشر بيتًا قال:
كأني كسوت الرحل أحقب قاربًا
…
له بجنوب الشيطين مساوف
يقول: كأني جعلت رحلي على أحقب، وهو حمار الوحش، سمي أحقب لبياض في موضع الحقيبة منه، وقيل: الذي في موضع البطن منه بياض. والقارب: الذي قرب من الماء. وجنوب بالضم: جمع جنب، والشيطان فيعلان، بكسر العين: اسم مكان. ومساوف: جمع مسوف وهو مكان السوف، أي: الشم. يقول: قد بالت الحمر فيه فهو يشمها. وقال غير الأصمعي: أراد بالمساوف هنا مراعي، قال: وأصل السوف الشم، شبه ناقته بالحمار الوحشي، وهو في الجلادة والسرعة والقوة والصبر مثل، ووصف الأحقب بالقارب لأنه أشد لسرعته وعدوه، لأن الحيوان إذا قرب من الماء وهو عطشان اشتد حرصه للشرب، فيكون سعيه إليه حثيثًا وشده شديدًا، ووصفه بالمصراع الثاني، لأنه إذا كان قريبًا من المرعى وهو جائع يجهد نفسه إليه، فالشاعر شبه ناقته بحمار الوحش الذي هذه صفته، وإذا كان بهذه الصفة فلا شيء أسرع منه.
يقلب قيدودًا كأن سراتها
…
صفا مدهن قد زلقته الزحالف
يصرف حقباء العجيزة سمحجاً
…
لها ندب من زره ومناسف
يقلب، أي: يصرف هذا الحمار، والقيدود بالقاف: الأتان الطويله، والسراة بالفتح: الظهر، والصفا: الحجارة المساء، والمدهن بضم الميم والهاء:
نقرة تكون في الجبل يستنقه فيها الماء، والجمع مداهن، والزحالف: جمع زحاوفة، وهي آثار أراجيح الصبيان على الميدان.
والحقباء: مؤنث الأحقب، وهي الأتان التي في موضع الحقيبة منها بياض، والسمحسج بتقديم المهملة على الجيم كجعفر: الطويلة على وجه الأرض، والندب
بفتحتين: كل أثر نا ت، والزر بفتح الزاء المعجمة وتشديد الراء: العص، يقال: زره بمقدم فيه، أي: عضه، ومناسف جمع منسف، وهو موضع النسف وهو العض.
وأخلفه من كل وقطٍ ومدهنٍ
…
نطاف فمشروب يباب وناشف
يعني: أن الحمار لم يجده كما ظن، والوقط بالواو المفتوحة والقاف الساكنة بعدها طاء مهملة: المكان الصلب يحبس الماء فيه، والمدهن تقدم، واليباب: القفر، والناشف: اليابس، والنطاف: جمع نطفة، وهي القليل من الماء.
ثم بعد أن وصفه بسبعة أبيات قال:
إذا استقبلته الشمس صد بوجهه
…
كما صد عن نار المهول حالف
تذكر عينا من غمازة ماؤها
…
له حدب تستن فيه الزخارف
صد بوجهه: أعرض عنها لشدة عطشه، ونار المهول، أي: الرجل يهول على الرجل اليمين يحلفه عند نار إذا اتهم بدم أو غيره، يصد عنها مخافة العقوبة.
تذكر، أي: الحمار، وغمازة بضم الغين المعجمة والزاء معجمة أيضًا: اسم عين دون هجر، والحدب بفتح الحاء والدال المهملتين: جمع حدبة، وهو الارتفاع، وتستن: تجري، والزخارف: جمع زخرف، وهو شيء يشبه الوشي يكون فوق الماء إذا طردته الريح.
فأوردها التقريب والشد منهلًا
…
قطاه معيد كرة الورد عاطف
أي: أورد الحمار أتانه العين تقريبًا وشدًا، أي: سيرًا شديدًا، والمنهل:
المشرب، وقطاه: مبتدأ مضاف إلى ضمير المنهل، ومعيد بالتنوين: ضمير بالمبتدأ، وكرة الورد: مفعوله، وعاطف: خبر ثان، يقول: فأورد أتانه منهلًا لا يخلو من الماء يعود قطاه إليه، والقطا تشرب، ولا تجوز بالشربة الأولى لبعد المكان حتى تعود فتشرب مرة ثانية.
فلاقى عليه من صباح مدمرا
…
لناموسه من الصفيح سقائف
صد غاثر العينين خبب لحمه
…
سهامة قيظ فهو أسود شاسف
يعني أن الحمار لما ورد إلى الماء مع أتانه لقي عليه صيادًا من بني صباح بضم الصاد وخفة الباء، وهو بطن من ضبة، وبطن من عبد القيس، وبطن من عنزة. ومدمرًا: مهلكًا، وناموس الصياد: موضعه الذي يستتر فيه من الوحش، وقوله: من الصفيح سقائف، يعني أن الصياد الذي كان فيه: ابن صياد، ورث الناموس من أبيه، لأن سقف الناموس إذا كان من خبث لم يلبث، وكل حجر رقيق مصلح فهو صفيح. ثم وصف الصياد فقال: صد، أي: هو عطشان لبعده عن أهله وعن المنهل، لقعوده في طريق الوحش ينتظرها. وخبب لحمه – بالخاء المعجمة – أي: سقفه وقطعه، وجعل فيه طرائق، وسهامة القيظ، أي: شدة حر الصيف، يقال: وجه ساهم، أي متغير أترث فيه الشمس، والشاسف: الضامر اليابس.
أخو قتراتٍ قد تيقن أنه
…
إذا لم يجد لحما من الصيد خاسف
معاود قتل الهاديات شواؤه
…
من اللحم قصرى رخصة وطفاطف
القترات: جمع قترة، وهو موضع الصياد، والخاسف: الخميص البطن الذي قد اضطربت خاصرتاه وانخسف بطنه وهزل، والهاديات: أوائل الوحش، ويروى:«معاود تأكال القنيص» يعني أنه معتاد لأكل الصيد، وشواؤه مبتدأ، وقصرى خبره، والقصرى بوزن جلى: الضلع القصيرة، ورخصة صفتها، بمعنى
هشة، والطفطفة: بكسر الطائين وسكون الفاء الأولى: الجلدة التي تلي الخاصرة مما يلي الجنب، يعني أنه قانع بالقليل.
قصي مبيت الليل للصيد مطعم
…
لأسهمه بار وغار وراصف
يقول: لا ينام عند أهله، هو أبدًا يريد صيد الوحش، وقوله: لأسهمه بار، هو يبري سهامه ويغروها بالغراء، وبشد الرصفة على صدر السهم، والرصفة بالتحريك:
العقب الذي يلي فوق الرغظ – بالضم – وهو مدخل رأس النصل من السهم.
فأمهله حتى إذا أن كأنه
…
معاطي يدٍ من جمة الماء غارف
فاعل أمهل ضمير الصياد، والهاء: ضمير الأحقب الذي هو حمار الوحش، وحتى: ابتدائية غاية لما قبلها، وإذا ظرفية، وفعلها محذوف يفهم من المقام تقديره: حتى إذا صار من الماء في القرب مثل الرجل الذي يتناول بيده غرفًا، وجمة الماء بفتح الجيم: مجتمعه، ومن متعلق بغارف، ومعاطي يد، أي: معاطي في يد، والمعاطي: المتناول، فالإضافة ظرفية، وأن بعد إذا زائدة.
فيسر سهما راشه بمناكب
…
ظهار لؤام فهو أعجف شارف
فيسر معطوف على أمهل، وفاعله ضمير الصياد، ويسر بمعنى هيأ. وراشه: جعل له ريشًا، وقوله: بمناكب، أي: بريش كان على أطراف مناكب الطير، وريش المناكب: أربع ريشات تكون على طرف المنكب، قال ابن السكيت: إذا كان القدح ثقيلًا شوحطًا ريش به، واللؤام بضم اللام بعدها همزة: أن يلتئم الريش، فيكون بطن قذة إلى ظهر الريشة، وقوله: فهو أعجف، أي: براه حتى أعجفه، والشارف: القديم، أراد أنه قد قتل به صيدًا كثيرًا.
فأرسله مستيقن الظن أنه
…
مخالط ما تحت الشراسيف جائف
فاعل أرسله ضمير الصياد، ومستيقن الظن: حال منه: وأصله: مستيقنًا ظنه، أي: عادا ظنه يقينًا في أنه، أي: في أن السهم يشك قلبه، وهو معنى قوله: مخالط ما تحت الشراسيف، جمع شرسوف، وهو مقط الضلع، وهو الطرف المشرع على البطن، وجائف: واصل إلى جوفه، قال ابن السكيت: قوله: مستيقن الظن، أي: غير شاك، واستشهد البيضاوي بهذا البيت عند قوله تعالى:{الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} من سورة البقرة {آية 46] ، قال: أي: يتوقعون لقاء الله تعالى، أو يتيقنون، وكأن الظن لما شابه العلم في الرجحان أطلق عليه كتضمين معنى التوقع، قال أوس بن حجر: فأرسله مستيقن الظن
…
اليت.
فمر النضي بالذراع ونحره
…
وللحين أحيانًا عن النفس صارف
النضي: القدح بلا ريش ولا نصل، وأراد السهم، وسمي نضيًا لأن صانعه نضاه نضوًا، أي: براه بريًا حتى صار رفيعًا، يقول: أخطأ السهم ولم يصب المقتل، وإنما مر بذراعه ونحره، والحين: الهلاك، واللام وعن متعلقتان بصارف، وصارف: خبر مبتدأ محذوف معلوم من المقام تقديره: والله صارف للحين عن النفس في بعض الأحيان.
فعض بإبهام اليمين ندامةً
…
ولهف سرًا أمه وهو لاهف
يقول: عض الصياد إبهام يمينه ندامة على خطأ سهمه، قال ابن السكيت:
قوله: ولهف سرًا أمه وهو لاهف: وذلك إذا قال: يا لهفاه، يا لهف أماه.
ولاهف: ملهوف مكروب، ولهف سرًا لئلا يسمع الوحش.
وجال ولم يعكم وشيع إلفه
…
بمنقطع الغضراء شد موالف
يعني: جال الحمار ولم يعكم، أي: لم يرجع ولم ينصرف إلى الماء، وإلفه:
أتانه التي معه، وشيعها: قواها وأعانها، والغضراء بمعجمتين: طينة حرة، والشد الموالف: المتتابع، فاعل شيع، والشد: الجري والعدو، ومنقطع: مكان الانقطاع.
فما زال يبري الشد حتى كأنما
…
قوائمه في جانبيه رعانف
قال ابن السكين: يبري يسرع في مره، يقول: كأنه يطير بأجنحة، وكأن قوائمه فضول زعانف، والزعانف: أكارع الأديم وأطرافه.
تواهق رجلاها يديه ورأسه
…
له نشز فوق الحقيبة رادف
هذا آخر القصيدة، قال ابن السكيت: المواهقة: المسايرة، وهي المباراة، وقوله: له نشز، أي: له ارتفاع، وكل ناشز مرتفع، قال الله عز وجل:{وإذا قيل انشزوا فانشزوا} [المجادلة/11] وقوله: فوق الحقيبة، الحقيبة: كناية عن الكفل، وقوله: رادف، أي: كما يردف الرجل حقيبته. انتهى.
وهذا البيت من شواهد سيبويه وأنشده: «نواهق رجلاها يداها» برفعهما على أن اليدين مضافة إلى ضمير مؤنث، وهو ضمير الأتان.
والشاهد فيه أنه رفع يداها بإضمار فعل، ولم يجعلهما مفعولين، فكأنه قال بعد قوله: تواهق رجلاها: تواهقهما يداها، محمول على المعنى، لأنه إذا واهقت الرجلان اليدين، فقد واهقت اليدان الرجلين، قال ابن خلف في «شرح شواهده»: احتج سيبويه بما سمع من إنشاد بعض العرب بالرفع فيهما، وإذا أنشد العربي الذي يحتج بشعره وكلامه بيتًا على ضرب ولفظ غير الضرب المشهور، فقول العربي الراوي حجة، كما أن قول الشاعر الذي قال الشعر في الأصل حجة، وفي شعره اليدان
منصوبة بتواهق، وإنشاده:«تواهق رجلاها يديه» والمعنى يوجب أن تكون اليدان مضافة إلى ضمير مذكر، وهو ضمير الحمار، وذلك أن المواهقة هي المسايرة، وهي المواعدة، والحمار يقدم أتانه بين يديه ثم يسير خلفها، يعني أن يديه تعملان كعمل رجلي الأتان، ورأسه فوق عجز الأتان كالقتب الذي يكون على ظهر البعير، والحقيبة: كناية عن الكفل فيما زعموا، والحقيبة: ما يحمله الإنسان خلفه إذا كان راكبًا على عجز المركوب، والرادف: الذي يكون في الموضع الذي يكون فيه الردف. انتهى كلام ابن خلف.
وأوس بن حجر: بفتح الحاء المهملة والجيم، من شعراء تميم في الجاهلية، قال ابن قتيبة في كتاب «الشعراء»: كان أوس فحل مضر، حتى نشأ النابغة وزهير فأحملاه، وقيل لعمرو بن معاذ وكان بصيرًا بالشعر: من أشعر الناس؟ فقال: أوس، قيل ثم من؟ قال: أبو ذؤيب، وكان أوس عاقلًا في شعره كثير الوصف لمكارم الأخلاق، وهو من أوصفهم للحمير والسلاح، ولا سيما للقوس، وسبق إلى دقيق المعاني وإلى أمثال كثيرة. انتهى. وكان أبو دليحة فضالة بن كلدة محسنًا إليه مدحه بقصائد، ولما مات رثاه بقصائد أيضًا، ومما رثاه به قوله من قصيدة:
أيتها النفس أجملي جزعًا
…
فإن ما تحذرين قد وقعا
إن الذي يجمع السماحة والنـ
…
نجدة والبر والتقى جمعا
ألالمعي الذي يظن لك الظـ
…
ـظن كأن قد رأى وقد سمعها
إلى أن قال، وهو خبر اسم إن: