الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الانشاد الخامس والأربعون:
(45)
نزلتم منزل الأضياف منا
…
فعجلنا القرى أن تشتمونا
لما ذكره. قال ابن الشجري في «أماليه» : اختلف النحويون في مواضع من كتاب الله تعالى منها قوله تعالى: {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء /17] ومنها: {يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير} [المائدة/19] ومنها: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} [النحل/15] ومنها: {يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} [الممتحنة/1] وأضافوا إلى ذلك قول عمرو بن كلثوم: «نزلتم منزل الأضياف منا» فقال الكسائي والفراء: يبين الله لكم لئلا تضلوا، وقال المبرد: بل المعنى: كراهة أن تضلوا، وكذلك في الجميع.
وقال علي بن عيسى الرماني: إن التقديرين في قوله تعالى: {يبين الله لكم أن تضلوا} واقعان موقعهما، لأن البيان لا يكون طريقًا إلى الضلال، فمن حذف «لا» فحذفها للدلالة عليها، كما حذفت للدلالة عليها من جواب القسم في نحو: والله أقوم، إلا أن المبرد حمل الحذف على الأكثر، لأن حذف المضاف لإقامة المضاف إليه مقامه أكثر من حذف لا، وأقول: ليس يجري حذف «لا» في نحو الآية مجرى حذفها من جواب القسم لأن الدلالة عليها إذا حذفت قائمة، لأنك إذا قلت: والله أقوم، لو لم ترد «لا» لجئت باللام والنون فقلت: لأقومن. انتهى كلام ابن الشجري.
والبيت من معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي وقبله:
ألا أبلغ بني الطماح عنا
…
ودعميًا فكيف وجد تمونا
وبعده:
قريناكم فعجلنا قراكم
…
قبيل الصبح مرادةً طحونا
قال التبريزي: قال ابن الأنباري: الطماح ودعمي حيان من إياد، وقال ابن السكيت: بنو الطماح من بني وائل، وهم من بني نمارة بضم النون، ودعمي ابن جديلة من إياد، الأول بفتح الطاء وتشديد الميم وآخره حاء مهملة، والثاني بضم الدال وآخره ياء مشددة. وقوله: فكيف وجدتمونا، الفاء عاطفة على أبلغ، والمعطوف محذوف تقديره: فقل، وكيف منصوبة المحل يوجد.
وقوله: نزلتم منزل الأضياف، أي: جئتم لحربنا، فضرب الضيافة والقرى مثلًا، أي: جعلنا ما يقوم مقام القرى الحرب، كما قال تعالى:{فبشرهم بعذاب أليم} [التوبة/34] قاله أبو جعفر النحوي. وقال التبريزي: أي: نزلتم حيث ينزل الأضياف، أي: جئتم للقتال فعاجلنا كم بالحرب، ولم ننتظركم أن تشتمونا. ويقال: معناه: عاجلناكم بالقتال قبل أن توقعوا بنا، فتكونوا سببًا لشتم الناس إيانا. ومعنى: أن تشتمونا على مذهب الكوفيين: لئلا تشتمونا، ثم حذف لا، ولا يجوز عند البصريين حذف «لا» لأن المعنى ينقلب، والتقدير على مذهبهم: فعجلنا الحرب مخافة أن تشتمونا، فحذف مخافة، وأقيم أن تشتمونا مقامها. انتهى كلامه. قال ابن الملا الحلبي: لم يقدر المصنف مخافة في الآية لامتناعها، لكنه لو قدر «كراهة» في البيت أيضًا كان أولى، لأن تعجيل القرى إذا كان لإكرام الضيوف فهو من شأن الكرام، بخلاف ما إذا كان لمخافة الشتم، فهو أسوأ حالًا