المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌20 - باب صلاة الطالب - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٦

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌1 - باب جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌2 - باب فِي أي وَقْتٍ يُحَوِّلُ رِداءَهُ إِذا اسْتَسْقَى

- ‌3 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الاسْتِسْقاءِ

- ‌4 - باب صَلاةِ الكُسُوفِ

- ‌5 - باب مَنْ قَالَ أَرْبَعُ رَكَعاتٍ

- ‌6 - باب القِراءَةِ فِي صَلاةِ الكُسُوفِ

- ‌7 - باب يُنادَى فِيها بِالصَّلاةِ

- ‌8 - باب الصَّدَقَةِ فِيها

- ‌9 - باب العِتْقِ فِيهِ

- ‌10 - باب منْ قَالَ يرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ

- ‌11 - باب الصَّلاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِها

- ‌12 - باب السُّجُودِ عِنْدَ الآيَاتِ

- ‌[كِتَابُ صَلَاةَ السَّفَرِ]

- ‌1 - باب صَلاةِ المُسافِرِ

- ‌2 - باب مَتَى يُقْصِرُ المُسافِرُ

- ‌3 - باب الأَذانِ فِي السَّفَرِ

- ‌4 - باب المُسافِرِ يُصلِّي وَهُوَ يَشُكُّ في الوَقْتِ

- ‌5 - باب الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ

- ‌6 - باب قِصَرِ قِراءَةِ الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌7 - باب التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

- ‌8 - باب التَّطَوُّعِ عَلَى الرّاحِلَةِ والوِتْرِ

- ‌9 - باب الفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌10 - باب مَتَى يُتِمُّ المُسافِرُ

- ‌11 - باب إِذَا أَقامَ بِأَرْضِ العَدُوِّ يَقْصُرُ

- ‌12 - باب صَلاةِ الخَوْفِ

- ‌13 - باب مَنْ قَالَ: يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الإِمَامِ وَصَفٌّ وِجاهَ العَدُوِّ فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُ قائِمًا حَتَّى يُصَلِّيَ الذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ فَيَصُفُّونَ وِجاهَ العَدُوِّ، وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، وَيَثْبُتُ جالِسًا فَيُتِمُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا

- ‌14 - باب مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانُوا وِجاهَ العَدُوِّ واخْتُلِفَ فِي السَّلامِ

- ‌15 - باب مَنْ قَالَ يُكَبِّرُونَ جَمِيعًا وَإِنْ كَانُوا مُسْتَدْبِرِي القِبْلَةِ ثُمَّ يُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَأْتُونَ مَصافَّ أَصْحابِهِمْ وَيَجِيءُ الآخَرُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ تُقْبِلُ الطَّائِفَةُ التِي كَانَتْ مُقابِلَ العَدُوِّ فَيُصَلُّونَ لأَنَفُسِهِمْ رَكْعَةً والإِمامُ قاعِدٌ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ كُلِّهِمْ جَمِيعًا

- ‌16 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ ركْعَةً؟ ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً

- ‌17 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُ الذِينَ خَلْفَهُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِيءُ الآخَرُونَ إِلَى مَقامِ هؤلاء فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً

- ‌18 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ رَكْعَةً وَلا يَقْضُونَ

- ‌19 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

- ‌20 - باب صَلاةِ الطَّالِبِ

- ‌[كِتَابُ التَّطُّوُعِ]

- ‌ أبواب صلاة التطوع

- ‌1 - باب التَّطَوُّعِ وَرَكَعَاتِ السُّنَّةِ

- ‌2 - باب رَكْعَتَيِ الفَجْرِ

- ‌3 - باب فِي تَخْفِيفِهِمَا

- ‌4 - باب الاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا

- ‌5 - باب إِذَا أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ ركْعَتَيِ الفَجْرِ

- ‌6 - باب مَنْ فاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا

- ‌7 - باب الأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ وبَعْدَها

- ‌8 - باب الصَّلاةِ قَبْلَ العَصْرِ

- ‌9 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ

- ‌10 - باب مَنْ رَخَّصَ فِيهِما إِذا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً

- ‌11 - باب الصَّلاةِ قَبْلَ المَغْرِبِ

- ‌12 - باب صَلاةِ الضُّحَى

- ‌13 - باب فِي صَلاةِ النَّهارِ

- ‌14 - باب صَلاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌15 - باب ركْعَتَيِ المَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيانِ

- ‌16 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ العِشاءِ

- ‌أبواب قيام الليل

- ‌17 - باب نَسْخِ قِيامِ اللَّيْلِ والتَّيْسِيِر فِيهِ

- ‌18 - باب قِيامِ اللَّيْلِ

- ‌19 - باب النُّعاسِ فِي الصَّلاةِ

- ‌20 - باب مَنْ نامَ عَنْ حِزْبِهِ

- ‌21 - باب مَنْ نَوَى القِيَامَ فَنَامَ

- ‌22 - باب أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌23 - باب وَقْتِ قِيامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ

- ‌24 - باب افْتِتاحِ صَلاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ

- ‌25 - باب صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌26 - باب فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالقِراءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌27 - باب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌28 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ القَصْدِ فِي الصَّلاةِ

- ‌[كِتَابُ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌1 - باب فِي قِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ

- ‌2 - باب فِي لَيْلَةِ القَدْرِ

- ‌3 - باب فِيمنْ قَالَ لَيْلَةُ إِحْدى وَعِشْرِينَ

- ‌4 - باب مَنْ رَوى أَنَّها لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ

- ‌5 - باب مَنْ روى فِي السَّبْعِ الأَواخِر

- ‌6 - باب مَنْ قَالَ سبْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌7 - باب مَنْ قَالَ هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ

- ‌8 - باب فِي كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ

- ‌9 - باب تَحْزِيبِ القُرْآنِ

- ‌10 - باب فِي عَدَدِ الآي

الفصل: ‌20 - باب صلاة الطالب

‌20 - باب صَلاةِ الطَّالِبِ

1249 -

حَدَّثَنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنا عَبْدُ الوارِثِ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابن عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيانَ الهُذَلِيِّ - وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفاتٍ - فَقَالَ:"اذْهَبْ فاقْتُلْهُ".

قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلاةُ العَصْرِ فَقُلْتُ: إِنِّي لأخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ما إِنْ أُؤَخِّرُ الصَّلاةَ فانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنا أُصَلِّي أُومِئُ إِيماءً نَحْوَهُ فَلَمّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لهذا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ فِي ذاكَ. قَالَ: إِنِّي لَفِي ذاكَ؟ فَمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً حَتَّى إِذا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ (1).

* * *

باب صلاة الطالب

[1249]

(حدثنا عبد الله بن عمرو) بن أبي الحجاج ميسرة المنقري مولاهم البصري (أبو معمر) المقعد شيخ البخاري، قال:(حدثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي (2) مولاهم البصري قال:

(1) رواه أحمد 3/ 496، وأبو يعلى (905)، وابن خزيمة (983)، وابن حبان (7160).

حسن إسناده الحافظ في "الفتح" 2/ 437.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(232) ثم أشار إلى نقله إلى الصحيح انظر "صحيح أبي داود"(1135 م).

(2)

في (ص، س): التيمي.

ص: 260

(حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر) بن الزبير بن العوام (عن) عبد الله (1)(بن عبد الله) قال المنذري: كذا جاء مبينًا (2) من رواية محمد بن سلمة الحراني، عن محمد بن إسحاق (3)(بن أنيس) بضم الهمزة مصغر.

(عن أبيه) عبد الله بن أنيس بن أسعد الهذلي، ثم الأنصاري حليفهم شهد العقبة مع السبعين من الأنصار وأُحُدًا وكان يكسر أصنام بني سلمة هو ومعاذ حين أسلما، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر (4)، وقال له: يا رسول الله، إني شاسع الدار فمرني (5) بليلة أنزل لها (6). فقال: انزل ليلة ثلاث وعشرين (7)، وتعرف تلك الليلة بليلة الجهني، وهو (8) الذي رحل إليه جابر بن عبد الله فسمع منه حديثًا في القصاص و (9) المظالم بين أهل الجنة والنار قبل دخولهما (10) فأدركه في الشام، قيل: إنه الحديث الذي ذكره البخاري في قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ

(1) في (ص، س، ل): عبيد الله. والمثبت من "تهذيب الكمال" 14/ 315.

(2)

في (م): مثنيا.

(3)

"الأم" 2/ 328.

(4)

"تهذيب الكمال" 14/ 314.

(5)

في (م): فمن له.

(6)

في (م): بها.

(7)

"الموطأ" 1/ 320.

(8)

زاد بعدها في النسخ (أحد)، وهي زيادة مقحمة لا يستقيم بها السياق.

(9)

في (م): في.

(10)

في (م): دخولها.

ص: 261

الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} (1) في آخر الكتاب فقال عبد الله بن أنيس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الله العباد فيناديهم يسمع من بعد كما يسمع من قرب: أنا الملك أنا الديان"(2). وقال ابن بطال: هو حديث الستر على المسلم (3).

(قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: سرية وحده (إلى خالد بن سفيان) ابن نبيح (4)(الهذلي) الجاهلي.

(وكان نحو عرنة) بضم العين وفتح الراء المهملتين، قال المنذري: سكنها بعضهم، والأول أصوب (5)، وبعدها نون مفتوحة [وتاء تأنيث دون تنوين؛ لأنه غير منصرف](6) وهو بطن الوادي الذي فيه المسجد [مسجد عرنة](7) والميل (8) كله وهو من الحرم.

وقال الشافعي: عرفة (9) ما جاوز وادي عرنة، وليس الوادي ولا المسجد من عرفة (10) هذا آخر كلامه (11).

(1) سبأ: 123.

(2)

"صحيح البخاري"(7481).

(3)

"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 159.

(4)

سقط من (م).

(5)

"شرح سنن أبي داود" للعيني 5/ 137.

(6)

سقط من (م).

(7)

سقط من (م).

(8)

في (ص، س): المسد. والمثبت من (ل، م)، و"شرح سنن أبي داود".

(9)

في (ص): عرنة. والمثبت من (س، ل، م)، و"الأم".

(10)

في (ص): عرنة. والمثبت من (س، ل، م)، و"الأم".

(11)

"الأم" 2/ 328.

ص: 262

وعرفات بالتنوين، قيل سميت عرفة لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل: لتعريف جبريل آدم ومن بعده مناسكهم. وقيل: لأن جبريل حج بإبراهيم عليه السلام فكان يعرفه المواضع (1) والمناسك فيقول: عرفت (2).

(فقال: اذهب) إليه (فاقتله) وإنما أمره بقتله؛ لأنه كان معه ناس من قومه، وكان قد جمع الجموع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عبد الله: صفه لي يا رسول الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيته هبته وفرقت منه" بفتح الفاء والراء وسكون القاف أي خفت منه. قال عبد الله: وكنت لا أهاب الرجال فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إليه فأذن لي.

(قال): وأخذت سيفي وخرجت أعتدي إلى خزاعة، حتى إذا كنت ببطن عرنة (فرأيته) يمشي ووراءه الأحابيش، ومن ضوى إليه، فعرفته بنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته، فرأيتني أنظر إليه (3) وقلت: صدق الله ورسوله (وقد)(4) في نسخة (5)(حضرت صلاة العصر) قبل أن أصل إليه.

(فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما) يحتمل أن تكون حرفًا مصدريًّا (6)، و (إن) المكسورة الهمزة الساكنة النون زائدة فإنها تزاد كثيرًا. ورواية أحمد بحذفها، وزيدت إن (7) بعد ما يشبهها (8) في اللفظ

(1) في (م): الموضع.

(2)

في (ص، س): قد عرف. وفي (ل): قد عرفت.

(3)

و (4) سقط من (م).

(5)

من (ل).

(6)

في (ص، س): خوفًا مصدرًا.

(7)

سقط من (م).

(8)

في (ص): شبهها.

ص: 263

بما النافية، وفعل (أُؤَخِّرِ)(1) مرفوع ويقدر هو وما بعده بالمصدر، والتقدير: خفت أن يكون بيني وبين الوصول إليه تأخير (الصلاة) عن وقتها المشروع لها (2)، ويحتمل أن تكون ما زمانية والتقدير: أخاف أن يوجد بيني وبينه زمان أؤخر الصلاة فيه عن وقتها.

(وانطلقت أمشي) إليه (وأنا أصلي) هذِه الواو واو الحال، وأنا أصلي جملة اسمية (3) منصوبة على الحال.

استدل به الشافعي (4) وغيره على أن الخوف إذا اشتد تجوز الصلاة ماشيًا وراكبًا، وإن لم يلتحم القتال لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ولهذا الحديث لا يجوز تأخيرها عن الوقت.

قال ابن الملقن في "التوضيح في شرح الجامع الصحيح": اختلف العلماء في صلاة الطالب على ظهر الدابة بعد (5) اتفاقهم على جواز صلاة المطلوب راكبًا، فذهبت طائفة إلى أن الطالب لا يصلي على دابته وينزل فيصلي على الأرض، هذا قول عطاء (6) وأحمد (7).

وقال الشافعي: إلا في حالة واحدة وهو أن ينقطع الطالبون من

(1) في (ص): يؤخر.

(2)

من (ل، م).

(3)

في (ل، م): فعلية.

(4)

"الأم" 1/ 373 - 374.

(5)

في الأصول الخطية: على. والمثبت من "التوضيح".

(6)

"الأوسط" 5/ 23.

(7)

"مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله"(489).

ص: 264

أصحابهم فيخافون عودة (1) المطلوبين إليهم، فإذا كان هكذا جاز الإيماء راكبًا (2).

وقال ابن حبيب: هو في سعة، وإن كان طالبًا لا ينزل فيصلي إيماءً (3)؛ لأنه مع عدوه، ولم يصل إلى حقيقة أمن. وقاله مالك (4).

وهو مذهب الأوزاعي وشرحبيل (5)، وذكر الفزاري (6) عن الأوزاعي قال:[إن خاف](7) الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صلوا حيث وجهوا على كل حالٍ؛ لأن الحديث جاء أن النصر لا يرفع ما دام الطلب.

وعن الأوزاعي مرة (8): إن كان الطالب قرب المطلوب أومأ وإلا فلا، وعن الشافعي ما سلف (9). ثم ذكر (10) حديث [ابن أنيس](11) هذا [مستدلًا به](12)، انتهى.

(1) في (م): عدوة.

(2)

"الأم" 1/ 378.

(3)

"التاج والإكليل" 2/ 188.

(4)

"المدونة" 2/ 241، و"المنتقى" 1/ 325.

(5)

"التمهيد" 15/ 286.

(6)

كذا في الأصول الخطية، وفي "التوضيح": المدائني.

(7)

في (م): إني أخاف.

(8)

من (ل، م).

(9)

"التوضيح" 8/ 39 - 41.

(10)

سقط من (م).

(11)

في (م): أبي نبيشة. وفي (ل): ابن أنيسة.

(12)

في (م): مسند لأنه.

ص: 265

ويستدل لصلاة الراكب والماشي إيماءً بقوله صلى الله عليه وسلم (1): "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"(2)[بأنه لما أمرهم بأنهم لا يصلون العصر إلا في بني قريظة](3) وقد علم بالوحي أنهم لا يأتونها إلا بعد (4) مغيب الشمس، ووقت العصر فرض، فاستدل أنه كما جاز للذين ذهبوا إلى بني قريظة ترك الوقت وهو فرض، ولم يعنفهم عليه السلام، فلذلك ساغ للطالب أن يصلي راكبًا وماشيًا بالإيماء، ويكون ترك الركوع (5) والسجود المفترض [على الأرض](6) كترك الذين صلوا في بني قريظة فريضة الوقت وإنما استدل البخاري بالحديث (7) على صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وماشيًا، إيماء (8) لأنه عليه السلام لما أمرهم بالاستعجال إلى بني قريظة، والنزول ينافي مقصود [الجد الموصل](9) فمنهم من بنى على أن النزول للصلاة معصية للأمر الخاص بالجد فتركها إلى أن فات وقتها لوجود التعارض.

ومنهم من جمع بين دليل (10) وجوب الصلاة ووجوب الإسراع في

(1) زاد في (م): في.

(2)

أخرجه البخاري (946)، ومسلم (1770) (69) لكن قال مسلم:"لا يصلين أحد الظهر. .".

(3)

من (ل، م).

(4)

من (س، ل، م).

(5)

في (ص، س، ل): للركوع.

(6)

من (م).

(7)

سقط من (م).

(8)

في (ص): أي.

(9)

في (م): الوصول.

(10)

في (م): دليلي.

ص: 266

هذا السير فصلى راكبًا، ولو فرضنا نزولهم بها لكان ذلك مضادًا لما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يظن بأحد من الصحابة على تقوية أفهامهم، وإذا جازت (1) الصلاة للطالب راكبًا والإيماء بالركوع والسجود والمطلوب أولى (2) (أومئ) يعني: بالرأس للركوع والسجود إيماءً، ويدل عليه قول ابن عمر: فإن كان خوف أكثر من ذلك فصلّ راكبًا أو قائمًا تومئ (إيماء) رواه مسلم (3).

وإذا أومئ بهما فيكون السجود أخفض من الركوع [تمييزًا بينهما](4)(نحوه) أي: نحو المطلوب، وإن كان غير (5) مستقبل القبلة لقوله تعالى:{فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (6)، وقول ابن [عمر: مستقبلي القبلة] (7) أو غير مستقبليها، رواه البخاري (8):(فلما دنوت منه قال لي: من أنت) أيها الرجل؟ (قلت: رجل من العرب) عرب خزاعة.

(بلغني أنك تجمع لهذا الرجل) يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم (فجئتك في ذلك) لأكون معك. فيه دليل لما قاله الغزالي وغيره أن الكلام وسيلة إلى المقصود فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب

(1) في (ص): جاءت.

(2)

من (م).

(3)

"صحيح مسلم"(839)(306).

(4)

من (م).

(5)

من (ل، م).

(6)

البقرة: 239.

(7)

من (س، ل، م).

(8)

"صحيح البخاري"(4535).

ص: 267

جميعًا، فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل بالكذب دون الصدق فالكذب فيه واجب إن كان يحصل ذلك المقصود واجبًا، ومباحًا إن كان المقصود مباحًا كما أن عصمة دم المسلم واجبة، فمهما كان في الصدق سفك دم كما هو هنا، وكما فيمن اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب، ومهما كان لا يتم مقصود حرب أو إصلاح ذات البين أو (1) استمالة قلب المجني عليه إلا بالكذب، فالكذب مباح إلا أنه ينبغي أن (2) يحترز عنه ما أمكن (3).

والذي يدل على الاستثناء من الكذب ما روى مسلم في "صحيحه" من حديث أم كلثوم قالت: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها (4) الحديث، أو كما قال.

(قال): أجل (إني لفي ذلك) وفي رواية: إني (5) لفي الجمع له. قال: (فمشيت) بفتح الشين.

(معه ساعة) وأنا أحدثه وقد استحلى حديثي (حتى إذا) انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه، وهدأ الناس وناموا (وأمكنني) الاغترار منه

(1) في (م): و.

(2)

سقط من (ل، م).

(3)

"إحياء علوم الدين" 3/ 137.

(4)

"صحيح مسلم"(2605)(101) واللفظ لأبي داود (4921).

(5)

سقط من (م).

ص: 268

(علوته بسيفي) فضربته فقتلته (حتى برد) بفتح الباء الموحدة والراء، أي مات، وأخذت رأسه ثم دخلت غارًا في الجبل، وضربت به (1) العنكبوت علي، وجاء الطلب فلم يجدوا شيئًا فانصرفوا راجعين، ثم خرجت فكنت أسير الليل وأتوارى بالنهار حتى قدمت المدينة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فلما رآني قال: أفلح الوجه.

قلت: أفلح وجهك يا رسول الله، فوضعت رأسه بين يديه وأخبرته خبري، فدفع إليَّ عصا وقال: تخصر (2) بهذِه في الجنة، فكانت عنده فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها (3) في كفنه ففعلوا، وكان خروجه من المدينة لخمس خلون من المحرم على رأس خمس وثلاثين شهرًا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت غيبته ثماني عشرة ليلة.

وقال موسى بن عقبة: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بموته قبل قدوم عبد الله بن أنيس.

قال ابن هشام (4): وقال عبد الله بن أنيس في ذلك شعرًا:

تركت ابن ثور كالحوار وحوله

نوائح تفري كل جيب مقدد

تناولته والظعن خلفي وخلفه

بأبيض من ماء الحديد مهند

(1) سقط من (م).

(2)

في (ص): تخط.

(3)

في (م): يدخروها.

(4)

"سيرة ابن هشام" 4/ 295.

ص: 269

أقول له والسيف يعجم رأسه

أنا ابن أنيس فارس [غير قعدد](1)

وقلت له خذها بضربة ماجد

حنيف على دين النبي محمد

وكنت [إذا هم النبي](2) بكافرْ

سبقت إليه باللسان وباليد

[قاله جميعه ابن سيد الناس في سيرته](3)، قال: وقوله: يعجم رأسه. من قولهم: فلان يعجم التمرة. أي: يلوكها ويعضها و [القعدد: الجبان](4)(5).

(1) في (ص، س): يتحير تعدد.

(2)

في (ص): أولهم للنبي.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (ص، س): التعدد الحنان.

(5)

"عيون الأثر" 2/ 9 - 10.

ص: 270