الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب قيام الليل
17 - باب نَسْخِ قِيامِ اللَّيْلِ والتَّيْسِيِر فِيهِ
1304 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ ابن شَبُّويه، حَدَّثَنِي عَليُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: فِي المُزَّمِّلِ {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ} نَسَخَتْها الآيَةُ التِي فِيها {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} وَنَاشِئَةُ اللَّيْلِ: أَوَّلُهُ وَكَانَتْ صَلاتُهُمْ لأَوَّلِ اللَّيْلِ يَقُولُ هُوَ أَجْدَرُ أَنْ تُحْصُوا ما فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنْ قِيامِ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الإِنْسانَ إِذا نامَ لَمْ يَدْرِ مَتَى يَسْتَيْقِظُ، وَقَوْلُهُ:(أَقْوَمُ قِيلًا) هُوَ أَجْدَرُ أَنْ يُفْقَهَ فِي القُرْآنِ وَقَوْلُهُ: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} يَقُولُ فَراغًا طَوِيلًا (1).
1305 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن مُحَمَّدٍ - يَعْنِي: المَرْوَزِيَّ - حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سِماكِ الحَنَفِيِّ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ أَوَّلُ المُزَّمِّلِ كانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَزَلَ آخِرُها، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِها وَآخِرِها سَنَةٌ (2).
* * *
باب نسخ قيام الليل [والتيسير فيه](3)
[1304]
(حدثنا أحمد بن محمد المروزي) بفتح الميم والواو نسبة
(1) رواه البيهقي 2/ 500 من طريق أبي داود.
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1177).
(2)
رواه ابن أبي شيبة 19/ 575 (37092)، والطبراني 12/ 196 (12877)، والحاكم 2/ 505، والبيهقي 2/ 500، والضياء في "المختارة" 10/ 418 (441). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1178).
(3)
سقط من (م).
إلى (مرو)(1) الشاهجان (2) بفتح الشين المعجمة [وكسر الهاء بعدها](3) جيم من بلاد فارس (بن شبويه)(4) بفتح الشين المعجمة وتشديد الباء الموحدة المضمومة.
قال في "الكمال": قال الدارقطني عنه: البخاري كان من كبار الأئمة (5). قال: (حدثني علي بن حسين) بن واقد المروزي (عن أبيه) حسين بن واقد قاضي مرو، أخرج له مسلم والأربعة.
(عن يزيد) بن أبي (6) سعيد المروزي (النحوي) حكى ابن السمعاني (7)، عن أبي بكر بن أبي داود (8): يزيد بن أبي (9) سعيد النحوي نسبة إلى قبيلة (10).
وهو ولد نحو بن شمس بن مالك [بن فهم الأزدي](11) وليس هو من نحو العربية، ولم يرو الحديث من القبيلة، وشيبان (12) بن عبد الرحمن
(1) في (م): مرورو.
(2)
في (س، ل): الشاهيجان.
(3)
في (م): بعد.
(4)
في (م): سيبويه.
(5)
"الكاشف" 1/ 201.
(6)
سقط من (م).
(7)
في (م): السمعان.
(8)
زاد في (م): بن. وفي (ل): أن.
(9)
سقط من (م).
(10)
"الأنساب" 5/ 468.
(11)
سقط من (م).
(12)
في (م): سنان.
المؤذن وسائرهم نسبوا إلى نحو العربية، وكذا حكى الأمير عن الشريف ابن أخي اللبن (1): شيبان بن عبد الرحمن لم يكن نحويًّا إنما هو (2) من بني نحو بن شمس (3).
(عن عكرمة، عن ابن عباس قال)(4) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (5) أصله المتزمل فأدغمت التاء في الزاي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتزمل في ثيابه أول ما جاءه جبريل فرقًا منه وخوفًا حتى آنس به. قال السدي: معناه يا أيها النائم، قم فصل (6). وكان قد تزمل (7) للنوم.
ومعنى تزمل: تلفف (8) في ثوبه فخوطب بهذا أول ما بدئ بالوحي قبل تبليغ الرسالة. ثم خوطب بعد ذلك بالنبي والرسول: ({قُمِ اللَّيْلَ}) أي: قم لصلاة الليل، وكان قيام الليل فريضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ({إِلَّا قَلِيلًا}) ثم بين قدر القليل (9) فقال:({نِصْفَهُ}) تقدير الآية: قم الليل نصفه إلا قليلًا، أي: قم نصف الليل، أي: صل من الليل النصف.
(1) في (ص، س، ل): الليث. والمثبت من (م)، و"الإكمال".
(2)
في (م): كان.
(3)
"الإكمال" 7/ 119.
(4)
من (ل، م)، و"سنن أبي داود".
(5)
المزمل: 1.
(6)
"تفسير البغوي" 8/ 249.
(7)
في (م): نزل.
(8)
في (م): يلتف.
(9)
في (م): الليل.
(ثم نسختها الآية التي فيها) أي في آخرها. وروى مسلم من طريق عن (1) سعد بن هشام: قلت لعائشة: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} ؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله افترض قيام الليل في أول هذِه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولًا حتى انتفخت أقدامهم، فأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، ثم أنزل الله تعالى التخفيف في آخر هذِه السورة، فصار قيام الليل تطوعًا بعد الفريضة (2)، وكان هذا بمكة.
{عَلِمَ أَنْ} مخففة من الثقيلة، وحذف اسمها، أي: علم أنكم ({لَنْ تُحْصُوهُ})[قال مقاتل: قاموا حتى انتفخت أقدامهم فنزل {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ}](3). قال مقاتل: كان الرجل يصلي الليل كله مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام فقال الله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} لن تطيقوا معرفة ذلك (4)({فَتَابَ عَلَيْكُمْ}) أي عاد عليكم بالعفو والتخفيف عنكم ({فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}) يعني في الصلوات المشروعة.
واستدل أبو حنيفة بهذِه الآية على أن الفاتحة لا تجب بل يقرأ بما شاء من القرآن ولو آية، قال البيهقي: ولا حجة فيها؛ لأن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ ما تيسر معه من القرآن، وليس ذلك إلا الفاتحة لسهولتها على الألسن، ثم جمع ما ورد من الأحاديث في الفاتحة هو
(1) سقط من (م).
(2)
"صحيح مسلم"(746)(139).
(3)
من (ل، م).
(4)
"تفسير البغوي" 8/ 257.
بيان لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (1) ثم روى عن قيس بن أبي حازم قال: صليت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أول ركعة بالحمد وأول آية من البقرة، ثم قام في الثانية فقرأ: الحمد لله والآية الثانية من البقرة ثم ركع، فلما انصرف أقبل علينا فقال: إن الله تعالى يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} .
[ثم قال البيهقي: قال علي بن عمر: هذا إسناد حسن، ثم قال: وفيه حجة لمن يقول أن معنى قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}](2) أن ذلك إنما هو بعد قراءة [فاتحة الكتاب](3). ثم قال: وحديث أبي سعيد: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم[أن نقرأ](4) بفاتحة الكتاب وما تيسر حجة (5) في ذلك أيضًا (و {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}) ساعاته وكل ساعة منه ناشئة؛ سميت بذلك لأنها تنشأ أي: تبدو، ومنه نشأت السحابة إذا بدت، وكل ما حدث أول الليل وبدا فقد نشأ وهو ناشئ.
(أوله) قال عكرمة: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} هو القيام من أول الليل.
وعن علي بن الحسين أنه كان يصلي بين المغرب والعشاء ويقول: هذِه {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} (6) لأنه أول نشوء ساعاته مصدر جاء على فاعله
(1) المزمل: 20.
(2)
سقط من (م).
(3)
"السنن الكبرى" 2/ 40.
(4)
من (م).
(5)
سقط من (م).
(6)
"تفسير البغوي" 8/ 253.
كالعافية بمعنى العفو (وكانت صلاتهم لأول الليل)(1) هي الناشئة (يقول هو) يعني (2): صلاة أول الليل (أجدر) بالجيم (3) أحق (أن تحصوا)(4) بضم أوله أي: تبلغوا إتيان (ما فرض الله عليكم من قيام الليل، وذلك أن) بفتح الهمزة (5)(الإنسان إذا نام) أول الليل (لم يدر متى يستيقظ) فالأحوط أن يأتي به في أول الليل قبل أن ينام، ولهذا جاء في وصية أبي هريرة: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أوتر قبل أن أنام (6).
(وقوله) تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} ({وَأَقْوَمُ}) معناه أجدر وأحق ({قِيلًا}) أي (7): قولًا بالقرآن في قراءته؛ لأن القراءة في الليل أفرغ قلبًا من النهار؛ لأنه في النهار تعرض له حوائج يشتغل بها قلبه؛ فإذا ذهب النهار وجاء الليل وهدأت العيون وسكنت الأصوات كان ذلك أحرى.
([هو أجدر] (8) أن يفقه) بفتح الياء والقاف، وفي بعضها بفتح الفوقانية والقاف المشددة، أصله: تتفقه فحذفت إحدى التاءين.
(في القرآن) ويفهم معانيه الغامضة ويتفقه ما فيه من الأحكام الشرعية والأسرار الإلهية.
(1) من (م)، و"سنن أبي داود".
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): أي.
(4)
كتب في حاشية (ل): ولو قرأ.
(5)
في (ص، س): أن. وفي (ل): الهمزة أن.
(6)
أخرجه البخاري (1981)، ومسلم (721)(85).
(7)
في (ص): أن.
(8)
من "السنن".
(وقوله) تعالى: ({إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)}) معناه: (فراغًا طويلًا) وسعة لتصرفك في قضاء حوائجك وأشغالك في إقبالك وإدبارك، فصل من الليل واغتنمه عند فراغك من أشغال النهار، وأصل السبح التقلب، ومنه سمي (1) السابح في الماء لتقلبه بيديه ورجليه، وقرأ يحيى بن يعمر: سبخًا. بالخاء المعجمة بعد الباء الموحدة أي: استراحة وتخفيفًا للبدن، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد دعت على سارق:"لا تسبخي عنه بدعائك عليه"(2) أي: لا تخففي (3) عنه الإثم الذي يستحقه (4) بالسرقة.
[1305]
(حدثنا أحمد بن محمد المروزي، حدثنا وكيع، عن مسعر) بكسر الميم.
(عن سماك) بن الوليد (الحنفي) اليمامي، أصله من اليمامة، أخرج له مسلم، والحنفي نسبة إلى بني حنيفة قبيلة كبيرة من ربيعة بن (5) نزار (6)، نزلوا اليمامة، وهو تابعي مشهور.
(عن ابن عباس قال: لما نزلت أول) سورة (المزمل كانوا) يعني الصحابة رضي الله عنهم (يقومون) في صلاة الليل (نحوًا) نعت لمصدر محذوف تقديره يقومون قيامًا نحوًا (من قيامهم في شهر رمضان) وذلك أن الله
(1) سقط من (م).
(2)
أخرجه أبو داود (1499)، والنسائي في "الكبرى"(7359)، وأحمد 6/ 45.
(3)
في (ص، س): تحيفي.
(4)
في (ص): سبخته.
(5)
من (م).
(6)
في "الأصول الخطية": يزيد. والمثبت من "اللباب في تهذيب الأنساب" 1/ 397.
تعالى لما أمر في أول المزمل بقيام الليل إلا قليلًا ثم بينه (1) بأنه النصف، أو ينقص منه قليلًا وهو السدس يبقى الثلث، أو يزاد عليه قليلًا وهو السدس يبقى الثلثان، فخيرهم الله تعالى بين هذِه المنازل الثلاث، فكان النبي صلى الله عليه وسلم[وأصحابه يقومون](2) على هذِه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل، ومتى النصف، ومتى الثلثان، فكان يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يأتي بالقدر الواجب، فشق عليهم ذلك (3) واشتد وانتفخت أقدامهم، فرحمهم الله تعالى وخفف عنهم و (نزل) ما في (آخرها) وهو قوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} (وكان) مدة ما (بين أولها) يعني بين نزول أول السورة (و) نزول الآية التي في (آخرها سنة) اثنا عشر شهرًا في السماء.
(1) في (م): نبه.
(2)
في (م): يقوم.
(3)
سقط من (م).