المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌28 - باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٦

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌1 - باب جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌2 - باب فِي أي وَقْتٍ يُحَوِّلُ رِداءَهُ إِذا اسْتَسْقَى

- ‌3 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الاسْتِسْقاءِ

- ‌4 - باب صَلاةِ الكُسُوفِ

- ‌5 - باب مَنْ قَالَ أَرْبَعُ رَكَعاتٍ

- ‌6 - باب القِراءَةِ فِي صَلاةِ الكُسُوفِ

- ‌7 - باب يُنادَى فِيها بِالصَّلاةِ

- ‌8 - باب الصَّدَقَةِ فِيها

- ‌9 - باب العِتْقِ فِيهِ

- ‌10 - باب منْ قَالَ يرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ

- ‌11 - باب الصَّلاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِها

- ‌12 - باب السُّجُودِ عِنْدَ الآيَاتِ

- ‌[كِتَابُ صَلَاةَ السَّفَرِ]

- ‌1 - باب صَلاةِ المُسافِرِ

- ‌2 - باب مَتَى يُقْصِرُ المُسافِرُ

- ‌3 - باب الأَذانِ فِي السَّفَرِ

- ‌4 - باب المُسافِرِ يُصلِّي وَهُوَ يَشُكُّ في الوَقْتِ

- ‌5 - باب الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ

- ‌6 - باب قِصَرِ قِراءَةِ الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌7 - باب التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

- ‌8 - باب التَّطَوُّعِ عَلَى الرّاحِلَةِ والوِتْرِ

- ‌9 - باب الفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌10 - باب مَتَى يُتِمُّ المُسافِرُ

- ‌11 - باب إِذَا أَقامَ بِأَرْضِ العَدُوِّ يَقْصُرُ

- ‌12 - باب صَلاةِ الخَوْفِ

- ‌13 - باب مَنْ قَالَ: يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الإِمَامِ وَصَفٌّ وِجاهَ العَدُوِّ فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُ قائِمًا حَتَّى يُصَلِّيَ الذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ فَيَصُفُّونَ وِجاهَ العَدُوِّ، وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، وَيَثْبُتُ جالِسًا فَيُتِمُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا

- ‌14 - باب مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانُوا وِجاهَ العَدُوِّ واخْتُلِفَ فِي السَّلامِ

- ‌15 - باب مَنْ قَالَ يُكَبِّرُونَ جَمِيعًا وَإِنْ كَانُوا مُسْتَدْبِرِي القِبْلَةِ ثُمَّ يُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَأْتُونَ مَصافَّ أَصْحابِهِمْ وَيَجِيءُ الآخَرُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ تُقْبِلُ الطَّائِفَةُ التِي كَانَتْ مُقابِلَ العَدُوِّ فَيُصَلُّونَ لأَنَفُسِهِمْ رَكْعَةً والإِمامُ قاعِدٌ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ كُلِّهِمْ جَمِيعًا

- ‌16 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ ركْعَةً؟ ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً

- ‌17 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُ الذِينَ خَلْفَهُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِيءُ الآخَرُونَ إِلَى مَقامِ هؤلاء فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً

- ‌18 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ رَكْعَةً وَلا يَقْضُونَ

- ‌19 - باب مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

- ‌20 - باب صَلاةِ الطَّالِبِ

- ‌[كِتَابُ التَّطُّوُعِ]

- ‌ أبواب صلاة التطوع

- ‌1 - باب التَّطَوُّعِ وَرَكَعَاتِ السُّنَّةِ

- ‌2 - باب رَكْعَتَيِ الفَجْرِ

- ‌3 - باب فِي تَخْفِيفِهِمَا

- ‌4 - باب الاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا

- ‌5 - باب إِذَا أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ ركْعَتَيِ الفَجْرِ

- ‌6 - باب مَنْ فاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا

- ‌7 - باب الأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ وبَعْدَها

- ‌8 - باب الصَّلاةِ قَبْلَ العَصْرِ

- ‌9 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ

- ‌10 - باب مَنْ رَخَّصَ فِيهِما إِذا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً

- ‌11 - باب الصَّلاةِ قَبْلَ المَغْرِبِ

- ‌12 - باب صَلاةِ الضُّحَى

- ‌13 - باب فِي صَلاةِ النَّهارِ

- ‌14 - باب صَلاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌15 - باب ركْعَتَيِ المَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيانِ

- ‌16 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ العِشاءِ

- ‌أبواب قيام الليل

- ‌17 - باب نَسْخِ قِيامِ اللَّيْلِ والتَّيْسِيِر فِيهِ

- ‌18 - باب قِيامِ اللَّيْلِ

- ‌19 - باب النُّعاسِ فِي الصَّلاةِ

- ‌20 - باب مَنْ نامَ عَنْ حِزْبِهِ

- ‌21 - باب مَنْ نَوَى القِيَامَ فَنَامَ

- ‌22 - باب أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌23 - باب وَقْتِ قِيامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ

- ‌24 - باب افْتِتاحِ صَلاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ

- ‌25 - باب صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌26 - باب فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالقِراءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌27 - باب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌28 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ القَصْدِ فِي الصَّلاةِ

- ‌[كِتَابُ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌1 - باب فِي قِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ

- ‌2 - باب فِي لَيْلَةِ القَدْرِ

- ‌3 - باب فِيمنْ قَالَ لَيْلَةُ إِحْدى وَعِشْرِينَ

- ‌4 - باب مَنْ رَوى أَنَّها لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ

- ‌5 - باب مَنْ روى فِي السَّبْعِ الأَواخِر

- ‌6 - باب مَنْ قَالَ سبْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌7 - باب مَنْ قَالَ هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ

- ‌8 - باب فِي كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ

- ‌9 - باب تَحْزِيبِ القُرْآنِ

- ‌10 - باب فِي عَدَدِ الآي

الفصل: ‌28 - باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة

‌28 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ القَصْدِ فِي الصَّلاةِ

1368 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنِ ابن عَجْلانَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ". وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ (1).

1369 -

حَدَّثَنا عُبَيْد اللهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنا عَمِّي، حَدَّثَنا أَبِي، عَنِ ابن إِسْحاقَ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَجَاءَهُ فَقَالَ: "يا عُثْمانُ أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي؟ ". قَالَ: لا والله يا رَسُولَ اللهِ، ولكن سُنَّتَكَ أَطْلُبُ. قَالَ:"فَإِنِّي أَنامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنْكِحُ النِّساءَ، فاتَّقِ اللهَ يا عُثْمانُ، فَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ"(2).

1370 -

حَدَّثَنا عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ قَالَتْ: لا، كَانَ كُلُّ عَمَلِهِ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ ما كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَطِيعُ (3).

* * *

(1) رواه البخاري (1970، 5861)، ومسلم (782).

(2)

رواه أحمد 6/ 268، والبزار في "المسند" 18/ 107 (49).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1239).

(3)

رواه البخاري (1987، 6466)، ومسلم (783).

ص: 596

باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة (1)

[1368]

(حدثنا قتيبة بن سعيد)[قال (حدثنا الليث](2) عن) محمد (ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي سلمة) بن (3) عبد الرحمن.

(عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اكلفوا) بهمزة وصل ولام مفتوحة يقال: كلفته بكسر اللام إذا تحملته، وكلفت بالشيء إذا ولعت به وأحببته، أي: تحملوا (من العمل ما تطيقون) الدوام عليه من غير مشقة.

(فإن الله) تعالى (لا يملّ) بفتح الياء والميم (حتى تملوا) بفتح المثناة والميم أي: لا يترك الثواب حتى تتركوا العمل بالملل (4)، وقيل: حتى بمعنى الواو، والمعنى: لا يمل وتملوا.

قال التيمي: معناه: إن الله لا يمل أبدًا (5) مللتم أنتم أم لم تملوا نحو قولهم: لا أكلمك حتى يشيب الغراب، ولا يصح التشبيه؛ لأن شيب الغراب ليس ممكنًا عادة بخلاف ملال العبادة (6).

قال الكرماني: إنه صحيح؛ لأن المؤمن أيضًا شأنه (7) أن لا يمل من الطاعة، وهو قول ابن فورك. وقال ابن الأنباري: سَمَّى فعل الله مللًا على

(1) في (ص، ل): القراءة.

(2)

سقط من (م).

(3)

من (م).

(4)

من (س، ل، م).

(5)

من (ل، م)، ومصادر التخريج.

(6)

"عمدة القاري" 1/ 403.

(7)

في (م): مضانه.

ص: 597

جهة المزاوجة كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (1).

(فإن أحب العمل إلى الله) تعالى (أدومه) أي: ما داوم عليه صاحبه.

(وإن قل) وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك خشية الإملال اللاحق بمن انقطع عن العبادة، وقد ذم الله تعالى من التزم فعل البر ثم قطعه بقوله تعالى:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (2) وابن عمر لما ضعف عن العمل ندم على مراجعته صلى الله عليه وسلم في التخفيف عنه، وقال: ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم (3).

وفيه دليل على فضيلة الدوام على العمل، وفيه بيان شفقته ورأفته صلى الله عليه وسلم بأمته؛ لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة؛ لأن النفس تكون فيه أنشط، ويحصل منه مقصود الأعمال، وهو الدوام عليها بخلاف ما يشق عليه؛ لأنه معرض لأن يترك كله أو بعضه، أو يفعله بكلفة فيفوته الخير الكثير (4) وإن قلّ ذلك العمل ودام فهو خير مما كثر وانقطع.

(وكان إذا عمل عملًا أثبته) أي: لازمه وداوم عليه، وفي "صحيح مسلم" من حديث عائشة رضي الله عنها: كان آل محمد إذا عملوا عملًا أثبتوه (5). ولمسلم عن القاسم بن محمد: كانت عائشة إذا عملت العمل لزمته (6).

(1) الشورى: 40.

(2)

الحديد: 27.

(3)

أخرجه البخاري (1975)، ومسلم (1159)(182).

(4)

في (م): كله.

(5)

"صحيح مسلم"(782)(215).

(6)

"صحيح مسلم"(783)(218).

ص: 598

[1369]

(حدثنا [عبيد الله] (1) بن سعد) بن إبراهيم بن سعد، قال:(حدثني عمي) يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (حدثنا أبي) يعني: أب نفسه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن [بن عوف](2) الزهري العوفي المدني (عن) محمد (بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير.

(عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون) بفتح الميم وسكون الظاء المعجمة بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلًا، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا، وكان حرم الخمر في الجاهلية، ونزل التحريم موافقًا له كما في موافقات عمر رضي الله عنه على ما ظهر لي (فجاءه فقال: يا عثمان، أرغبت (3) عن سنتي؟ ) رغبت عن الشيء إذا لم تُرِدْه (فقال: لا والله يا رسول الله) فيه جواز الحلف من غير استحلاف (ولكن سنتك) بالنصب مفعول مقدم.

(أطلب) وتقديم المفعول دليل على (4) أنه شديد الاهتمام بأمر السنة، وشأن العرب تقديم الأهم، وكذا تقديم سائر المفعولات (5) كما ذكر أن أعرابيًّا سابب آخر فأعرض المسبوب عنه (6) فقال له السابّ: إياك أعني.

(1) في (م): عبد الله.

(2)

سقط من (م).

(3)

في (ص، س، ل): إن رغبت. والمثبت من (م)، و"سنن أبي داود".

(4)

من (ل، م).

(5)

في (م): المعمولات.

(6)

سقط من (م).

ص: 599

فقال له الآخر: وعنك أعرض، فقدما الأهم. ومن هذا قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: فإني (أنام وأصلي وأصوم وأفطر) رواية البخاري: "لكني (2) أصوم وأفطر وأصلي (3) وأرقد"(4) لكن قاله لجماعة، ولفظه عن أنس بن مالك (5) قال: جاء رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروها [كأنهم تقالوها] (6) فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال بعضهم: أما أنا [فإني أصلي](7) الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال:"أنتم الذين قلتم كذا، أما والله إني لأخشاكم لله (8) وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد".

(وأنكح النساء) قوله: "وأنكح" النكاح (9) هنا الإصابة بدليل رواية الصَّحيحين: "وأمسُّ النساء"(10)، وفي الحديث دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان

(1) الفاتحة: 5.

(2)

في (ص، س): لكن.

(3)

من (ل، م)، و"صحيح البخاري".

(4)

"صحيح البخاري"(5063).

(5)

زاد في (م): عن ابن أنس. وفي (س، ل): عن أنس.

(6)

من (ل، م)، و"صحيح البخاري".

(7)

في (م): فأصلي.

(8)

في (ص، س): فيه.

(9)

في (م): النساء.

(10)

هذا لفظ أحمد 2/ 158، وفي قصة أخرى، ولفظ رواية الصحيحين:"وأتزوج النساء" البخاري (5063)، ومسلم (1401)(5) في قصة الجماعة.

ص: 600

يتوسط في إعطاء نفسه حقها، ويعدل فيها غاية العدل، فيصوم ويفطر وينام وينكح النساء ويأكل مما يجد من الطيبات كالحلوى والعسل ولحم الدجاج، وتارة يجوع حتى يربط على بطنه الحجر. وقال:"عرض علي (1) ربي أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبًا فقلت: لا يا رب، ولكن أجوع يومًا وأشبع يومًا، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت حمدتك وشكرتك"(2) فاختار النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه أفضل الأحوال ليجمع بين مقامي الشكر والصبر والرضا.

(فاتق الله) تعالى (يا عثمان) أي اسلك سبيل الكتاب والسنة واتّقِ ما عداها من الطرق، ويحتمل أن يراد بالتقوى الدوام عليها كقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} (3)(فإن لأهلك عليك حقًّا) يريد أنه إذا داوم على الصوم ذابت نفسه وضعفت قواه فلم يستطع [القيام بحق](4) أهله، وربما أضعفه الصيام عن التكسب للعيال والقيام بحقوق الزوجات، فيكون ترك الصيام في بعض الأيام أفضل، وإليه الإشارة بقوله:"فإن (5) لأهلك عليك حقًّا". وقد جاء في حق داود عليه السلام: "كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى"(6) يشير إلى أنه لا يضعفه صيامه عن ملاقاة عدوه ومجاهدته (7) في سبيل الله؛ ولهذا روي عن

(1) في (ص، س): لي.

(2)

أخرجه الترمذي (2347)، وأحمد 5/ 254.

(3)

النساء: 136.

(4)

في (ص): حق. وفي (س): بحق.

(5)

سقط من (م).

(6)

أخرجه البخاري (1977)، ومسلم (1159)(186).

(7)

في (ص): أن يجاهد، وفي (س، ل): ويجاهد.

ص: 601

النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم الفتح وكان في رمضان: "إن هذا يوم قتال فأفطروا"(1)، وكان عمر إذا بعث سرية قال: لا تصوموا؛ فإن التقوي على الجهاد أفضل من الصوم.

(وإن لضيفك عليك حقًّا) فيه دليل على أن المتطوع بالصوم إذا ضافه ضيف كان المستحب له أن يفطر ويأكل معه ليزيد في إيناسه (2)، وذلك نوع من إكرامه (وإن لنفسك عليك حقًّا) فيه إشارة إلى أن النفس وديعة لله عند ابن آدم، وهو مأمور أن يقوم بحقها، ومن حقها اللطف بها حتى توصل صاحبها إلى المنزل.

قال الحسن: نفوسكم مطاياكم إلى ربكم فأصلحوا مطاياكم توصلكم (3) إلى ربكم (4). فمن وفى نفسه حظها (5) من المباح بنية التقوي بها (6) على تقويتها على أعمال الطاعات كان مأجورًا في ذلك كما قال معاذ: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي (7).

ومن قصر في حقها حتى ضعفت وتضررت كان ظالمًا لها، وإلى هذا أرشده بقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: "إنك إذا فعلت ذلك تفهت (8) له

(1)"مصنف عبد الرزاق" 5/ 302 (9688).

(2)

في (ص): البشاشة.

(3)

من (ل، م).

(4)

"فتح الباري" لابن رجب 1/ 140.

(5)

في (م): حقها.

(6)

في (م): به.

(7)

أخرجه البخاري (4342)، ومسلم (1733)(15).

(8)

في (س، م): تفهمت.

ص: 602

النفس وهجمت (1) له العين" (2)، ومعنى تفهت (3) بكسر الفاء: أعيت وكلت، ومعنى هجمت العين غارت، وقال لأعرابي جاءه فأسلم ثم أتاه من عام قابل وقد تغير فلم يعرفه، فلما عرفه سأله عن حاله فقال: ما أكلت بعدك طعامًا بنهار. فقال صلى الله عليه وسلم: "ومن أمرك أن تعذب نفسك" (4). فمن عذب نفسه بأن (5) حملها ما لا تطيق من الصيام ونحوه، فربما أثر ذلك في ضعف بدنه وعقله فيفوته من الطاعات الفاضلة أكثر مما حصله بتعذيب نفسه بالصيام (فصم) يومًا (وأفطر) يومًا لتجمع بين مقامي الصبر والشكر كما تقدم أصوم يومًا [وأفطر يومًا](6)، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك في تضرعي وافتقاري إليك، وإذا أفطرت وشبعت حمدتك وشكرتك وذكرتك في حمدي وشكري (وصلي ونم) واحتسب في نومك ما تحتسب في صلاتك؛ لأن النوم إعانة على الصلاة.

[1370]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) قال (حدثنا جرير) بفتح الجيم (عن منصور، عن إبراهيم) النخعي الكوفي.

(عن علقمة) بن قيس (قال: سألت عائشة: كيف عمل) بالرفع (رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل كان يخص شيئًا من الأيام) بعمل مخصوص.

(1) في (م): هممت.

(2)

"معرفة السنن والآثار" 4/ 52 (5439).

(3)

في (س، م): تفهمت.

(4)

أخرجه النسائي في "الكبرى"(2743)، وابن ماجه (1741)، وأحمد 5/ 28.

(5)

من (م).

(6)

سقط من (س، ل، م).

ص: 603

(قالت: لا) قيل: سبب عدم تخصيصه صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام أو ليلة من الليالي بعمل من صلاة أو قراءة أو صيام أو غير ذلك من الأعمال خوفًا من المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن (1) به كما افتتن قوم بالسبت (2) وقيل: لئلا يعتقد وجوبه، وقيل: لئلا يؤدي تخصيص ذلك الإقبال عليه وترك غيره من الأعمال (كل عمله كان ديمةً) بكسر الدال وإسكان الياء، أي يدوم عليه ولا يقطعه، ومنه سمي المطر المتوالي ديمةً إذا كان دائمًا مع سكون فشبهت عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر، وأصله الواو فانقلبت بالكسرة قبلها، وفي حديث حذيفة في ذكر الفتن:"أنها لآتيتكم ديمًا". أي أنها تملأ الأرض في دوام، فالديم جمع ديمة (3).

(وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع) من العمل، ومن تتبع أحواله صلى الله عليه وسلم في تهجداته وتعبداته ومواصلته على الصيام، وما خصه الله تعالى مع ذلك من القوة والأعمال الشاقة لشاهد العجب العجاب مما يذهل ذوي الألباب، لكنه كان صلى الله عليه وسلم يترك كثيرًا من الأعمال خشية أن يعمل به فيفرض عليهم.

[والله سبحانه وتعالى أعلم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبيه الكريم.

يتلوه: باب تفريع شهر رمضان.

(1) في (ص): يفتن.

(2)

في (ص): افتن بيوم السبت.

(3)

"النهاية"(ديم).

ص: 604