المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) - (718) - باب ما جاء في كراهية الأيمان في الشراء والبيع - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب التّجارات

- ‌(1) - (711) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ

- ‌فصل في حكم بيع المعاطاة

- ‌(2) - (712) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ

- ‌(3) - (713) - بَابُ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ

- ‌(4) - (714) - بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌(5) - (715) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ

- ‌(6) - (716) - بَابُ السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ

- ‌(7) - (717) - بَابُ السَّوْمِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

- ‌فائدة

- ‌(9) - (719) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ

- ‌(10) - (720) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

- ‌تتمة

- ‌(11) - (721) - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ

- ‌(12) - (722) - بَابُ الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ

- ‌(13) - (723) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ

- ‌(14) - (724) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ

- ‌(15) - (725) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

- ‌(16) - (726) - بَابُ بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ

- ‌(17) - (727) - بَابُ مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْبَرَكَةِ

- ‌(18) - (728) - بَابُ الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا

- ‌(19) - (729) - بَابُ مَا يُرْجَى مِنَ الْبَرَكةِ فِي الْبُكُورِ

- ‌(20) - (730) - بَابُ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ

- ‌(21) - (731) - بَابُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ

- ‌(22) - (732) - بَابُ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(23) - (733) - بَابٌ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا .. فَلْيُبَيِّنْهُ

- ‌(24) - (734) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ

- ‌(25) - (735) - بَابُ شِرَاءِ الرَّقِيقِ

- ‌(26) - (736) - بَابُ الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(27) - (737) - بَابُ مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ

- ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

- ‌(28) - (738) - بَابُ صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ

- ‌(29) - (739) - بَابُ اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ

- ‌(30) - (740) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌(31) - (741) - بَابُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌(32) - (742) - بَابُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌(33) - (743) - بَابُ بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا

- ‌(34) - (744) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً

- ‌(35) - (745) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(36) - (746) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا

- ‌(37) - (747) - بَابُ السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

- ‌(38) - (748) - بَابٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ. . فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ

- ‌(39) - (749) - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ

- ‌(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

- ‌(41) - (751) - بَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌(42) - (752) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌(44) - (754) - بَابُ مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ

- ‌(45) - (755) - بَابُ مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ

- ‌(46) - (756) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا

- ‌فرع

- ‌(47) - (757) - بَابُ اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ

- ‌كتابُ الأحكام

- ‌(48) - (758) - بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ

- ‌(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ

- ‌(50) - (760) - بَابُ الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ

- ‌(51) - (761) - بَابٌ: لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌(52) - (762) - بَابٌ: قَضِيَّةُ الْحَاكمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا

- ‌(53) - (763) - بَابُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ

- ‌(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(55) - (765) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(56) - (766) - بَابُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ

- ‌(57) - (767) - بَابٌ: بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ

- ‌(58) - (768) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ

- ‌(59) - (769) - بَابُ مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ

- ‌(60) - (770) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي

- ‌(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

- ‌(62) - (772) - بَابُ الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِه

- ‌(63) - (773) - بَاب: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ

- ‌(64) - (774) - بَابُ مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ

- ‌(65) - (775) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ فِي خُصٍّ

- ‌(66) - (776) - بَابُ مَنِ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ

- ‌(67) - (777) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ

- ‌(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

- ‌(69) - (779) - بَابُ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

- ‌(70) - (780) - بَابُ الصُّلْحِ

- ‌(71) - (781) - بَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ

- ‌(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ

- ‌(73) - (783) - بَابُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ

- ‌(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ

- ‌(75) - (785) - بَابُ الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا

- ‌(76) - (786) - بَابُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ

- ‌(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ

- ‌(78) - (788) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌فائدة

- ‌(79) - (789) - بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌(80) - (790) - بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ

الفصل: ‌(8) - (718) - باب ما جاء في كراهية الأيمان في الشراء والبيع

(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

(14)

- 2171 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ

===

(8)

- (718) - (باب ما جاء في كراهية الأيمان في الشراء والبيع)

(14)

- 2171 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.

(وأحمد بن سنان) بن أسد بن حبان -بكسر المهملة بعدها موحدة- أبو جعفر القطان الواسطي، ثقةٌ حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة تسع وخمسين ومئتين (259 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(خ م د س ق).

(قالوا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقةٌ ثبت، من كبار التاسعة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الأسدي الكاهلي الكوفي، ثقةٌ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي صالح) ذكوان السمان، ثقةٌ، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة) أنفار

ص: 51

لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيمٌ؛ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيل،

===

(لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة) كلام رضًا (ولا ينظر إليهم) نظر رضًا (ولا يزكيهم) أي: لا يطهرهم من ذنوبهم بالغفران، وهذا كناية عن غضبه عليهم (ولهم عذاب أليم) أي: وَجِعٌ شديدٌ.

أحدهم: (رجل) جالس (على فضل ماء) أي: على ماء فاضل عن حاجتِهِ وكفايتِهِ كائن ذلك الماء (بالفلاة) أي: بالمفازة، والفلاة -بفتح الفاء-: هي المفازة والقفر التي لا أنيس بها (يمنعه) أي: يمنع ذلك الماء (ابن السبيل) وفي رواية مسلم: (من ابن السبيل) بزيادة: (من) أي: من المسافر المار على ذلك الماء؛ أي: يمنع ابن السبيل من شرب ذلك الماء الفاضل عن حاجته.

قال النووي: ولا يشك في غلظ تحريم ما فعل وشدة قبحه، فإذا كان من يمنع فضل الماء الماشية عاصيًا .. فكيف بمن يمنعه الآدمي المحترم؟ ! فإن الكلام فيه، فلو كان ابن السبيل غير محترم؛ كالحربي والمرتد .. لم يجب بذل الماء له. انتهى.

قال القرطبي: قوله: "ورجل على فضل ماء بالفلاة

" إلي آخره، يعني بفضل الماء: ما فضل عن كفاية السابق للماء وأخذ حاجته منه، فمن كان كذلك، فمنع ما زاد على ذلك .. تعلَّق به هذا الوعيدُ.

وابن السبيل: هو المسافر، والسبيل: الطريق، وسمي المسافر بذلك؛ لأن الطريق تبرزه وتظهره، فكأنها ولدته، وقيل: سمي بذلك؛ لملازمته إياه؛ كما يقال في الغراب: ابن دَأَبة؛ لملازمته دأبة البعير؛ أي: دُبُرَه لينقُرها، والبعير الدَّبَرُ: هو الذي تقرحتْ دأَبَتُه، والدأبة من البعير: هو الموضع الذي تقع عليه ظِلْفةُ الرَّحْل فيَعْقِرَهُ، والفلاة: القفر؛ كما مر آنفًا.

ص: 52

وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا

===

وهذا هو الماء الذي قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن منعه بقوله: "لا يمنع فضل الماء؛ ليمنع به الكلأ" رواه البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

وقد أجمع المسلمون على تحريم منع ذلك؛ لأنه منع ما لا حق له فيه من مستحقه، وربما أتلفه أو أتلف ماله وبهيمته، فلو منعه هذا الماء حتى مات عطشًا .. اقتُصَّ منه عند مالك؛ لأنه قتله؛ كما لو قتله بالجوع أو بالسلاح.

(و) ثانيهم: (رجل بايع) أي: ساوم (رجلًا) آخر وباع له (سلعة) أي: بضاعة معروضة للبيع (بعد) صلاة (العصر، فحلف) للرجل الثاني، وهو المشتري (بالله) أي: باسم الله أو بصفته؛ ليغره على أنه (لأخذها) أي: لأخذ تلك السلعة واشتراها من مالكها (بـ) ثمن قدره (كذا) أي: ألف ريال مثلًا (و) قدره (كذا) أي: خمس مئة، مع أنَّه أخذها بألف ريال فقط (فصدَّقه) أي: فصدق المشتري البائع على أنه أخذها بألف وخمس مئة، فأعطاه ألفين بزيادة خمس مئة على ما زعمه؛ من أنه اشتراها بألف وخمس مئة؛ أي: بزيادة ألف ريال في الحقيقة (وهو) أي: والحال أنه أخذ تلك السلعة (على غير ذلك) المذكور الذي ذكره وأشار إليه بقوله كذا وكذا؛ وهو ألف وخمس مئة.

والمعني: أنه اشتراه بألف، ويزعم أنه اشتراها بألف وخمس مئة، ويبيعها بألفين، ومعنى الكلام: أنه حلف له بعد صلاة العصر على أعين الناس، فالتقييد بذلك؛ لأنه وقت اجتماعهم وتكاثرهم، ولأنه وقت تلاقي ملائكةِ الليل والنهار، وفي ذلك تكثير الشهود منهم على كذب الحالف أو صدقه، فيكون أخوف.

(و) ثالثهم: (رجل بايع) وعاهد (إمامًا) وسلطانًا على الإمامة، حالة كونه

ص: 53

لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا؛ فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا .. وَفَي لَهُ، وَإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا .. لَمْ يَفِ لَهُ".

(15)

- 2172 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

===

(لا يبايعه) أي: لا يريد مبايعته (إلا لدنيا) أي: إلا لأجل نيل حظوظ الدنيا منه من المال والجاه وغيرهما لا لاتفاق الكلمة (فإن أعطاه) الإمام (منها) أي: من الدنيا .. (وفى له) أي: للإمام العهد؛ أي: بر ونفذ تلك البيعة، فلا ينقضها ولا يخدعه (وإن لم يعطه) الإمام (منها) أي: من الدنيا .. (لم يف) ذلك الرجل البيعة (له) أي: للإمام، بل ينقضها ويسعى في إبطالها.

وقال القاضي: استحق ذلك الوعيد؛ لغشه الإمام والمسلمين؛ لأنه يظن أنه إنما بايَعَهُ ديانةً، وهو قصَدَ ضد ذلك مع ما يُثِيرُ من الفتن، لا سيما إذا كان متبوعًا مطاعًا. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري؛ أخرجه في كتاب المساقاة، باب إثم من منع ابن السبيل من الماء، ومسلم في كتاب الأيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد لحديث أبي هريرة بحديث أبي ذر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(15)

- 2172 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقةٌ عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئة. يروي عنه: (ق).

(ومحمد بن إسماعيل) بن البختري -بفتح الموحدةِ والمثناةِ بينهما خاءٌ

ص: 54

قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

===

معجمةٌ ساكنةٌ- الحساني -بمهملتين- أبو عبد الله الواسطي، نزيل بغداد، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ت ق).

كلاهما (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن المسعودي) عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي، صدوق اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد .. فبعد الاختلاط، من السابعة، مات سنة ستين، وقيل: سنة خمس وستين ومئة (165 هـ). يروي عنه: (عم).

(عن علي بن مدرك) -بضم الميم على صيغة اسم الفاعل- النخعي أبي مدرك الكوفي، ثقةٌ، من الرابعة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن خرشة) بفتحات وبالشين المعجمة (ابن الحر) -بضم المهملة وتشديد الراء- الفزاري، كان يتيمًا في حجر عمر، قال أبو داوود: له صحبة، وقال العجفي: ثقةٌ، من كبار التابعين، فيكون من الثانية، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي ذر) الغفاري جندب بن جنادة المدني الربذي رضي الله تعالى عنه.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 55

ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثَة لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

===

(ح) أي: حول المؤلف السند (و) قال: (حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، لقبه بندار، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري ربيب شعبة، لقبه غندار، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة إمام أئمة الجرح والتعديل، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن علي بن مدرك) النخعي الكوفي.

(عن أبي زرعة) هرم (بن عمرو بن جرير) بن عبد الله البجلي الكوفي، ثقةٌ، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن خرشة بن الحر، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سباعياته؛ ففيه نزول، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، غرضه بسوقه: بيان متابعة أبي زرعة لعلي بن مدرك في رواية هذا الحديث عن خرشة بن الحر.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة) أنفار (لا يكلمهم الله) سبحانه وتعالى (يوم القيامة) تكليم رضًا عنهم، بل يكلمهم تكليم سخط وغضب عليهم؛ كما في جاء في "صحيح البخاري":"يقول الله لمانع الماء: اليوم أمنعك فضلي؛ كما منعت فضل ما لم تعمل يداك" رواه البخاري رقم (2369)

ص: 56

وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

===

من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وكما حكى الله تعالى أنه يقول للكافرين:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (1)، وقيل معناه: لا يكلمهم بلا واسطة استهانةً بهم، وقيل: معنى ذلك: الإعراض عنهم والغضب عليهم.

(ولا ينظر إليهم) نظر رحمة ورضًا، بل ينظر إليهم نظر سخط وغضب، ونظر الله تعالى إلي عباده: رحمته لهم، وعطفه عليهم، وإحسانه إليهم، وهذا النظر هو المنفي في هذا الحديث، فمعنى:"لا ينظر إليهم": لا يرحمهم؛ من إطلاق السبب وإرادة المسبب، وإلا .. فالله تعالى يرى كل موجود في الدنيا والآخرة، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

(ولا يزكيهم) أي: لا يطهرهم من ذنوبهم؛ لعظم جرمهم، وقيل: لا يثني عليهم، ومن لا يثني عليه سبحانه .. يعذبه (ولهم) أي: ولأولئك الثلاثة (عذاب أليم) أي: شديد الألم الموجع؛ أي: لهم عذاب أليم مؤبد لا ينقطع على كفرهم إن استحلوا ذلك، فلا إيمان لهم، أو: عذاب شديد على جرمهم؛ مجازاة عليه إن لم يستحلوا ذلك، فإيمانهم باقي صحيح، وقيل: معنى (أليم): مؤلم، قال الواحدي: هو العذاب الذي يخلص ألمه إلى قلوبهم.

والعذاب لغةً: كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، قال: وأصل العذاب في لغة العرب؛ من العذب؛ وهو المنع، يقال: عذبته عذبًا؛ إذا منعته، وعذب عذوبًا؛ أي: امتنع، وسمي الماء عذبًا؛ لأنه يمنع العطش، فسمي العذاب عذابًا؛ لأنه يمنع المعاقب من معاودته مثل جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله، والله أعلم. انتهى "نووي".

(1) سورة المؤمنون: (108).

ص: 57

فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ قَالَ: "الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ،

===

قال أبو ذر: (فقلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هم) أي: من هؤلاء الذين وصفتهم بما ذكر (يا رسول الله؛ فـ) إنهم (قد خابوا) أي: خاب هؤلاء الثلاثة وحرموا عن نيل المقاصد التي هي رضا الله تعالى وإحسانه ورحمته (وخسروا) في صفقتهم بطردهم عن رحمته تعالى واستحقاقهم لعذابه؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أحدهم: (المسبل) أي: المرخي (إزاره) أي: الجار طرفه على الأرض خيلاء؛ أي: كبرًا وعجبًا؛ كما في الحديث الآخر: (لا ينظر الله عز وجل إلى الذي يجر إزاره خيلاء)، والخيلاء: الكبير، والإزار: ما يتحزم به.

وكانت العرب لا تعرف السراويلات، وإنما تعرف الأزر؛ لأنه لباس أبيهم إسماعيل، ذكر ابن عبد ربه أن أعرابيًا وجد سراويل، فأخرج يديه من ساقيه، وجعل يلتمس من يخرج رأسه، فلم يجد، فرمى به، وقال: إنه لقميص شيطان.

وخص الإزار بالذكر؛ لأنه أكثر لباس العرب، ويشهد لذلك قوله في الآخر:"من جر ثوبه"، فعم جميع ما يلبس، فحكم الإزار والرداء والثوب في ذلك سواء، وقد روى أبو داوود من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الإسبال في الإزار والقميص والعمامة؛ فمن جر شيئًا منها خيلاء .. لم ينظر الله إليه يوم القيامة" رواه أبو داوود (4094)، وفي طريق أخرى قال ابن عمر: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار .. فهو في القميص. رواه أبو داوود (4095).

قال القرطبي رحمه الله تعالى: وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحد الأحسن والجائز في الإزار الذي لا يجوز تعديه، فقال فيما رواه أبو داوود والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري: "أزرة المؤمن إلي أنصاف ساقيه، لا

ص: 58