المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(40) - (750) - باب السلم في الحيوان - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب التّجارات

- ‌(1) - (711) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ

- ‌فصل في حكم بيع المعاطاة

- ‌(2) - (712) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ

- ‌(3) - (713) - بَابُ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ

- ‌(4) - (714) - بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌(5) - (715) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ

- ‌(6) - (716) - بَابُ السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ

- ‌(7) - (717) - بَابُ السَّوْمِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

- ‌فائدة

- ‌(9) - (719) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ

- ‌(10) - (720) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

- ‌تتمة

- ‌(11) - (721) - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ

- ‌(12) - (722) - بَابُ الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ

- ‌(13) - (723) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ

- ‌(14) - (724) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ

- ‌(15) - (725) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

- ‌(16) - (726) - بَابُ بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ

- ‌(17) - (727) - بَابُ مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْبَرَكَةِ

- ‌(18) - (728) - بَابُ الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا

- ‌(19) - (729) - بَابُ مَا يُرْجَى مِنَ الْبَرَكةِ فِي الْبُكُورِ

- ‌(20) - (730) - بَابُ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ

- ‌(21) - (731) - بَابُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ

- ‌(22) - (732) - بَابُ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(23) - (733) - بَابٌ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا .. فَلْيُبَيِّنْهُ

- ‌(24) - (734) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ

- ‌(25) - (735) - بَابُ شِرَاءِ الرَّقِيقِ

- ‌(26) - (736) - بَابُ الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(27) - (737) - بَابُ مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ

- ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

- ‌(28) - (738) - بَابُ صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ

- ‌(29) - (739) - بَابُ اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ

- ‌(30) - (740) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌(31) - (741) - بَابُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌(32) - (742) - بَابُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌(33) - (743) - بَابُ بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا

- ‌(34) - (744) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً

- ‌(35) - (745) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(36) - (746) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا

- ‌(37) - (747) - بَابُ السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

- ‌(38) - (748) - بَابٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ. . فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ

- ‌(39) - (749) - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ

- ‌(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

- ‌(41) - (751) - بَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌(42) - (752) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌(44) - (754) - بَابُ مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ

- ‌(45) - (755) - بَابُ مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ

- ‌(46) - (756) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا

- ‌فرع

- ‌(47) - (757) - بَابُ اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ

- ‌كتابُ الأحكام

- ‌(48) - (758) - بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ

- ‌(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ

- ‌(50) - (760) - بَابُ الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ

- ‌(51) - (761) - بَابٌ: لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌(52) - (762) - بَابٌ: قَضِيَّةُ الْحَاكمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا

- ‌(53) - (763) - بَابُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ

- ‌(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(55) - (765) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(56) - (766) - بَابُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ

- ‌(57) - (767) - بَابٌ: بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ

- ‌(58) - (768) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ

- ‌(59) - (769) - بَابُ مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ

- ‌(60) - (770) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي

- ‌(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

- ‌(62) - (772) - بَابُ الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِه

- ‌(63) - (773) - بَاب: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ

- ‌(64) - (774) - بَابُ مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ

- ‌(65) - (775) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ فِي خُصٍّ

- ‌(66) - (776) - بَابُ مَنِ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ

- ‌(67) - (777) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ

- ‌(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

- ‌(69) - (779) - بَابُ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

- ‌(70) - (780) - بَابُ الصُّلْحِ

- ‌(71) - (781) - بَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ

- ‌(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ

- ‌(73) - (783) - بَابُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ

- ‌(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ

- ‌(75) - (785) - بَابُ الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا

- ‌(76) - (786) - بَابُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ

- ‌(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ

- ‌(78) - (788) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌فائدة

- ‌(79) - (789) - بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌(80) - (790) - بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ

الفصل: ‌(40) - (750) - باب السلم في الحيوان

(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

(89)

- 2246 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ

===

(40)

- (750) - (باب السلم في الحيوان)

(89)

- 2246 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا مسلم بن خالد) المخزومي مولاهم المكي المعروف بالزنجي، فقيه صدوق كثير الأوهام، من الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ) أو بعدها. يروي عنه:(د ق).

(حدثنا زيد بن أسلم) العدوي مولاهم؛ مولى عمر بن الخطّاب أبو عبد الله المدني، ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم؛ مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها المدني، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي رافع) إبراهيم القبطي الهاشمي مولاهم؛ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف) أي: استقرض (من رجل) لم

ص: 266

بَكْرًا وَقَالَ: "إِذَا جَاءَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ. . قَضَيْنَاكَ"، فَلَمَّا قَدِمَتْ. . قَالَ:"يَا أَبَا رَافِعٍ؛ اقْضِ هَذَا الرَّجُلَ بَكْرَهُ"، فَلَمْ أَجِدْ إِلَّا رَبَاعِيًا فَصَاعِدًا،

===

أر من ذكر اسمه؛ أي: اقترض منه، والسين والتاء فيه زائدتان، وفيه دليل على جواز الأخذ بالدين، ولم يختلف العلماء في جواز الاقتراض عند الحاجة إليه، ولا نقص على طالبه، ولا تثريب ولا منة تلحق فيه، ولو كان فيه شيء من ذلك. . لما استسلف النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّه كان أنزه الناس وأبعدهم من تلك الأمور (بكرًا) والبكر -بفتح الباء وسكون الكاف-: الصغيرة من الإبل؛ كالغلام من الآدميين، والأنثى بكرة وقلوص، وهي الصغيرة؛ كالجارية منهم.

وهذا الحديث دليل على جواز قرض الحيوان، وهو مذهب الجمهور، ومنع ذلك الكوفيون، وهذا الحديث الصحيح حجة عليهم، واستثنى من الحيوان أكثر العلماء الجواري، فمنعوا قرضهن؛ لأنه يؤدي إلى عارية الفروج، وأجاز ذلك بعض المالكية بشرط أن يرد غيرها، وأجاز ذلك مطلقًا الطبري والمزني وداوود الأصبهاني، وقصر بعض الظاهرية جواز القرض على ماله مثل من المكيل والموزون، وهذا الحديث حجة عليهم. انتهى من "المفهم".

(وقال) النبي صلى الله عليه وسلم للمقرض له: (إذا جاءت إبل الصدقة. . قضيناك) أي: أديناك بدل قرضك (فلما قدمت) إبل الصدقة؛ أي: الزكاة. . (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا رافع؛ اقض) أي: أد (هذا الرجل) المقرض لنا (بكره) أي: مثل بكره الصغير الذي اقترضناه، فطلب أبو رافع في إبل الصدقة التي جاءت إليه صلى الله عليه وسلم مثل بكره (فـ) لم يجد أبو رافع مثل بكره في إبل الصدقة.

فقال أبو رافع لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم أجد) يا رسول الله في إبل الصدقة (إلا رباعيًا فصاعدًا) أي: فما فوق الرباعي، فلم أجد فيها مثل

ص: 267

فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَعْطِهِ؛ فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً".

===

بكره، والرباعي - مخفف الياء - من الإبل: ما استكمل ست سنين ودخل في السابعة، سمي بذلك؛ لأنه أطلع وأنبت رباعيته بعدما سقطت.

والرباعية بوزن الثمانية: السن التي بين الثنية والناب، وهي أربع رباعيات - مخفف الياء - والذكر: رباع، والأنثى: رباعية.

قال أبو رافع: (فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم) بأني لم أجد في إبل الصدقة إلا رباعيًا فصاعدًا (فقال) لي النبي صلى الله عليه وسلم: (أعطه) أي: أعط الرجل إياه؛ أي: رباعيًا (فإن خير الناس) وأفضلهم وأكرمهم (أحسنهم) أحسن الناس (قضاءً) أي: قضاء الدين برد الأجود في الصفة، أو الأرجح في الميزان.

وقيل: فيه دليل على أن رد الأجود في القرض أو الدين من السنة ومكارم الأخلاق، وليس هو من قرض جر منفعة؛ لأنَّ الممتنع منه ما كان مشروطًا في عقد القرض، وأما إذا لم يكن مشروطًا فيه وتبرع به المديون. . فلا بأس بأخذه ولا بإعطائه. انتهى من "الكوكب".

قال السندي: ولعله صلى الله عليه وسلم أدى من الصدقةِ بِالشرَاءِ منها؛ وقيل: إنَّ من اسْتَقْرضَه منه كان مستحقًا أصلًا للصدقةِ أيضًا؛ بأن كان من العاملين فيها، فيكون الفضلُ صدقة عليه، فلا يرد أنَّه كيف قضى من إبل الصدقة أجود مما يستحقه الغريم، وليس لناظر الصدقات التبرع منها، وكذا اندفع أن الصدقة لا تحل له صلى الله عليه وسلم، فكيف قضى منها؟ وفيه أن رد القرض بالأجود من غير شرط من السنة ومكارم الأخلاق، وكذا فيه جواز القرض للحيوان، وعليه الجمهور، وعند أبي حنيفة لا يجوز، وقد تقدم دليله،

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويؤيده أن استقراض الجارية للوطء ثمَّ ردها بعينها لا يجوز اتفاقًا، والله أعلم. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب البيوع، باب من استلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارت، باب في حسن القضاء، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء فِي اسْتِقْراض البعِير، والنسائيُّ في كتاب البيوع.

فدرجة هذا الحديث: أنَّه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.

قال القرطبي: واختلف أرباب التأويل في استسلاف النبي صلى الله عليه وسلم هذا البكر وقضائه عنه من مال الصدقة؛ هل كان ذلك السلف لنفسه أو لغيره؟ فمنهم من قال: كان لنفسه، وكان هذا قبل أن تحرم عليه الصدقة، وهذا فاسد؛ فإنَّه صلى الله عليه وسلم لم تزل الصدقة محرمة عليه منذ قدوم المدينة، وكان ذلك من خصَائِصِه صلى الله عليه وسلم، ومن جملة علاماته صلى الله عليه وسلم المذكورة في الكتب السابقة؛ بدليل قصة سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه؛ فإنَّه عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جاءه سلمان بتمر، فقدمه إليه، وقال: كل، فقال:"ما هذا؟ " فقال: صدقة، فقال لأصحابه:"كلوا"، ولم يأكل، وأتاه يومًا آخر بتمر، وقال: هدية، فأكل. رواه أحمد (5/ 441 - 444)، وابن هشام في "السيرة"(1/ 214/ 221)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"(1/ 510)، فقال سلمان: هذه واحدة، ثمَّ رأى خاتم النبوة، فأسلم، وقال: هذا واضح.

وقيل: استسلفه لغيره ممن يستحق أخذ الصدقة، فلما جاءت الصدقة. . دفع

ص: 269

(90)

- 2247 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَاب، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ،

===

منها، وقد استبعد هذا من حيث إنه قضاء أزيد من القرض من مال الصدقة، وقال: إن خيركم أحسنكم قضاء، فكيف يعطي زيادةً من مال ليس له ويجعل ذلك من باب حسن القضاء؟ !

وقد أجيب عن هذا بأن قيل: كان الذي استقرض منه من أهل الصدقة، فدفع الرباعي بوجهين؛ بوجه القرض، وبوجه الاستحقاق، وقيل: وجه ثالث، وهو أحسنها إن شاء الله تعالى؛ وهو أن يكون استقرض البكر على ذمته، فدفعه لمستحق، فكان غارمًا، فلما جاءت إبل الصدقة. . أخذ منها بما هو غارم جملًا رباعيًا، فدفعه فيما كان عليه، فكان أداء عما في ذمته وأحسن قضاء بما يملكه. انتهى من "المفهم".

ثمَّ استشهد المؤلف لحديث أبي رافع بحديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(90)

- 2247 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا زيد بن الحباب) -بضم المهملة وموحدتين- أبو الحسين العكلي -بضم المهملة وسكون الكاف- أصله من خراسان، وكان بالكوفة، ورحل في الحديث فأكثر منه، وهو صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا معاوية بن صالح) بن حدير - بالمهملة مصغرًا - الحضرمي

ص: 270

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: اقْضِنِي بَكْرِي، فَأَعْطَاهُ بَعِيرًا مُسِنًّا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَذَا أَسَنُّ مِنْ بَعِيرِي،

===

أبو عمرو الحمصي قاضي الأندلس، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: بعد السبعين ومئة. يروي عنه: (م عم).

(حدثني سعيد بن هانئ) الخولاني أبو عثمان المصري، وقال العجلي: شامي، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(س ق).

(قال) سعيد: (سمعت العرباض) بكسر أوله وسكون الراء بعدها موحدة وآخره معجمة (ابن سارية) السلمي أبا نجيح الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، كان من أهل الصفة، ونزل حمص ومات بها بعد السبعين يروي عنه:(عم).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات.

أي: سمعت العرباض حالة كونه (يقول: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم) يومًا من الأيام (فقال) له صلى الله عليه وسلم (أعرابي) أي: شخص من سكان البادية، لم أر من ذكر اسمه:(اقضني) يا رسول الله؛ أي: أدِّنِي بدلَ (بَكْرِي) الذي استقرضتَ مني (فأعطاه) أي: فأعطى ذلك الأعرابيَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (بعيرًا مسنًا) أي: كبير السن من بكره (فقال الأعرابي) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ هذا) البعير الذي أديتنيه (أَسَنُّ) أي: أكبر سنًا (من بعيري) أي: من البكر الذي استقرضتنيه مني.

ص: 271

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ قَضَاءً".

===

(فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم): خذه؛ أي: خذ هذا الأسن الذي أديتُ لك؛ فإن (خير الناس) وأفضلهم (خيرهم) أي: خير الناس وأجودهم (قضاء) للدين والقرض وأزيدهم على أصل الدين وزنًا وكيلًا أو صفةً.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب البيوع، باب استسلاف الحيوان واستقراضه.

فدرجته: أنَّه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأوّل للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 272