الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ
(115)
- 2272 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ،
===
(49)
- (759) - (باب التغليظ في الحيف والرشوة)
والحيف: الجور والميل عن الحق في الحكم، والرشوة: أخذ المال على الحكم بالباطل.
* * *
(115)
- 2272 - (1)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ -بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وسكون الواو ثم بمعجمة- التميمي أبو سعيد (القطان) البصري، ثقة متقن حافظ إمام قدوة، من كبار التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا مجالد) -بضم الميم وتخفيف الجيم- ابن سعيد بن عمير الهمداني -بسكون الميم- أبو عمرو الكوفي، قال النسائي تارة: ثقة، وأخرى: ليس بالقوي، وقد تغير في آخره، من صغار السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن عامر) بن شراحيل الحميري الشعبي الكوفي، ثقة فقيه، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).
(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي،
عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ حَاكِمٍ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاء، فَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ .. أَلْقَاهُ فِي مَهْوَاةٍ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا".
===
ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وستين (63 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه مجالد بن سعيد، وهو متفق على ضعفه.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من حاكم يحكم بين الناس) عمومه يشمل من يحكم بالحق أيضًا، لكن لا عموم في الأمر بالإلقاء، فيخص بالحكم بالباطل، ويمكن تخصيص الكلام من الأصل بمن يحكم بالباطل .. (إلا جاء) ذلك الحاكم (يوم القيامة وملك) من الأملاك (آخذ بقفاه) أي: بمؤخر رأسه، والجملة الاسمية حال من فاعل جاء (ثم يرفع) ذلك الملك الآخذ بقفاه (رأسه إلى) جهة (السماء) مستمعًا بما يؤمر به في ذلك الحاكم.
(فإن قال) له قائل من جهة السماء: (ألقه) أي: ألق أيها الملك هذا الحاكم المأخوذ لك قفاه في هوة جهنم .. (ألقاه) أي: ألقى الملك هذا الحاكم (في مهواة) أي: في مسقط من مساقط هواء جهنم يذهب فيها إلى أن يصل جهنم (أربعين خريفًا) أي: أربعين عامًا، وهو من إطلاق الجزء وإرادة الكل؛ لأن الخريف اسم لفصل من فصول السنة بين الصيف والشتاء، وهي الأربعة المجموعة في قول بعضهم:
ربيع صيف من الأزمان
…
خريف شتاء فخذ بياني
(116)
-2273 - (2) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بلَالٍ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّان، عَنْ حُسَيْنٍ -يَعْنِي: ابْنَ عِمْرَانَ- عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (17)(245)؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم استدل المؤلف على الترجمة بحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه، فقال:
(116)
- 2273 - (2)(حدثنا أحمد بن سنان) بن أسد بن حبان -بكسر المهملة بعدها موحدة- أبو جعفر القطان الواسطي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة تسع وخمسين ومئتين (259 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا محمد بن بلال) أبو عبد الله البصري التمار، صدوق يغرب، من التاسعة. يروي عنه:(دق).
(عن عمران) بن داور -بفتح الواو المخففة بعدها راء- أبو العوام -بتشديد الواو- (القطان) البصري، صدوق يهم ورُمي برأي الخوارج، من السابعة، مات بين الستين والسبعين ومئة (165 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن حسين) قال المؤلف: (يعني) شيخي أحمد بحسين الذي أبهم حسين (بن عمران) الجهني، صدوق يهم، من السابعة. يروي عنه:(ق).
(عن أبي إسحاق) سليمان بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات في حدود الأربعين ومئة (140 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن أبي أوفى) علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي الصحابي
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ".
===
المشهور -رضي الله تعالى عنه- شهد الحديبية وعُمِّر بعد النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة سبع وثمانين (87 هـ)، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عمران القطان، وهو مختلف فيه.
(قال) ابن أبي أوفى: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله مع القاضي) بالتأييد والتوفيق لإدراك الحق والحكم به (ما لم يجر) ويظلم في حكمه؛ أي: ما لم يدخل في حكمه الجور؛ أي: ما لم يكن مائلًا إلى الباطل في حكمه (فإذا جار) أي: أدخل الجور والميل عن الحق في حكمه .. (وكله إلى نفسه) أي: فوضه إلى نفسه، فلا يؤيده بالتوفيق والهداية إلى الصواب في الحكم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الأحكام، باب في ما جاء في الإمام العادل، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمران القطان، ولكن قال في لفظه:(فإذا جار .. تخلى عنه، ولزمه الشيطان)، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الأحكام، وقال: إسناده صحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي على ذلك.
قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(117)
- 2274 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَعْنَةُ اللهِ
===
(117)
- 2274 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: سنة تسع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن خاله الحارث بن عبد الرحمن) القرشي العامري، خال ابن أبي ذئب، صدوق، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله بن عمرو: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنة الله
عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي".
===
على الراشي) أي: على معطي الرشوة لغيره؛ لأنه معين على المعصية (و) على (المرتشي) أي: الآخذ لها؛ والرشوة -بالكسر والضم-: وصلة إلى حاجته بالمصانعة؛ من الرشاء المتوصل به إلى الماء، قيل: هذا إن كان لباطل، وأما من يعطي دفعًا لظالم، أو توصلًا إلى حق .. فغير داخل فيه. انتهى من "السندي".
وفي "القاموس": الرشوة -مثلثة-: الجعل، جمعها رُشًا -بضم الراء- ورِشًا -بكسرها- يقال: رشاه: أعطاه إياها، وارتشى: أخذها. انتهى، ولفظ الترمذي:(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم).
والراشي: هو دافع الرشوة، والمرتشي: آخذها.
زاد في حديث ثوبان: (والرائش) يعني: الذي يمشي بينهما، رواه أحمد.
قال ابن الأثير في "النهاية": الرشوة: -بالفتح- والرشوة -بالكسر-: الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة؛ وأصله: من الرشا الذي يتوصل به إلى الماء، فالراشي: من يعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي: الآخذ، والرائش: الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا، ويستنقص لهذا.
فأما ما يعطي توصلًا إلى أخذ حق أو دفع ظلم .. فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أخذ؛ أي: أمسك وسجن بأرض الحبشة في شيء من الحوادث، فأعطى دينارين حتى خلي سبيله من السجن.
وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه أو ماله إذا خاف الظالم. انتهى كلام ابن الأثير.
وفي "المرقاة" شرح "المشكاة": قيل: الرشوة: ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو ليدفع به عن نفسه ظلمًا .. فلا بأس به، وكذا الآخذ إذا أخذ ليسعى في إصابة صاحب الحق .. فلا بأس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
به، لكن هذا ينبغي أن يكون في غير القضاة والولاة؛ لأن السعي في إصابة الحق إلى مستحقه ودفع الظلم عن المظلوم .. واجب عليهم، فلا يجوز لهم الأخذ عليه، قال القاري: كذا ذكره ابن الملك، وهو مأخوذ من كلام الخطابي، إلا قوله: وكذا الآخذ، وهو بظاهره ينافيه حديث أبي أمامة مرفوعًا:"من شفع لأحدٍ شفاعةً؛ أهدى له هدية عليها فقبلها .. فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا" رواه أبو داوود. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".
وقال الشوكاني في "النيل": والتخصيص لطالب الحق بجواز تسليم الرشوة منه للحاكم لا أدري بأي مخصص هذا، والحق التحريم مطلقًا؛ أخذًا بعموم الحديث، ومن زعم الجواز في صورة من الصور؛ فإن جاء بدليل مقبول، وإلا .. كان تخصيصه ردًا عليه، ثم بسط الكلام فيه. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأقضية، باب في كراهية الرشوة، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة.
* * *
وقد ذكر المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستئناس، والثاني للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثالث للاستدلال به على الجزء الأخير منها.
والله سبحانه وتعالى أعلم