الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ
(170)
- 2327 - (1) حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ،
===
(77)
- (787) - (باب من لا تجوز شهادته)
(170)
- 2327 - (1)(حدثنا أيوب بن محمد) بن زياد الوزان أبو محمد (الرقي) مولى ابن عباس، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة تسع وأربعين ومئتين (249 هـ). يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا مُعَمَّرُ) بصيغة اسم مفعول؛ مِن عَمَّر المضعف (ابن سليمان) النخعي أبو عبد الله الرقي، ثقةٌ فاضل، من التاسعة، مات سنة إحدى وتسعين ومئة (191 هـ). يروي عنه:(ت س ق).
(ح وحدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقةٌ حافظ متقن فاضل، من الحادية عشرة مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ) على الصحيح، وله ست وثمانون. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقةٌ متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(قالا) أي: قال معمر بن سليمان ويزيد بن هارون: (حدثنا حجاج بن أرطاة) - بفتح الهمزة - ابن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطاة الكوفي القاضي، أحد الفقهاء، صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(م عم)، قال أبو حاتم: صدوق يدلس عن الضعفاء يكتب حديثه، وقال ابن المبارك: كان الحجاج
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ،
===
يدلس، فكان يحدثنا الحديث عن عمرو بن شعيب. انتهى.
(عن عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(عن جده) أي: روى شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الحسن، لأن فيهما حجاج بن أرطاة، وهو صدوق مدلس، روى عن عمرو بن شعيب بالعنعنة.
(قال) جده عبد الله بن عمرو: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجوز) أي: لا تصح ولا تقبل (شهادة خائن ولا خائنة) على غيرهما.
قال السندي: يحتمل أن يراد: الخيانات في أمانات الناس، وأن يراد: الأعم الشامل للخيانة في أحكام الله تعالى؛ من ترك المأمورات، وارتكاب المنهيات.
قال أبو عبيدة: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما افترضه الله تعالى على عباده وأتمنهم عليه، وقد شمل الكل قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} (1)، فقد دخل فيه كلّ من يضيع شيئًا مما أمر الله به أو ارتكب شيئًا مما نهى الله تعالى عنه.
(1) سورة الأنفال: (27).
وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ".
===
وعلى هذا؛ فعطف المجرور بعده عليه من عطف الخاص على العام؛ لغرض الاهتمام بالخاص؛ قيل: هو الوجه؛ لئلا يخرج كثير من أنواع الفسق، قيل: حقيقة الخيانة لا يعلمها إلَّا الله تعالي، لكن قد يغلب الظن بها بالأمارات، وهذا يكفي في. رد الشهادة. انتهى منه.
(وَلَا) تصح أيضًا شهادة (محدود) بحد ارتكب سببه (في الإسلام) أي: بعد دخوله في الإسلام؛ كأن زنى أو شرب بعد أن تعلم أن هذه الأمور من محارم الله يحرم ارتكابها، أما ما ارتكب سببه في الجاهلية قبل الإسلام .. فلا يحد به ولا ترد شهادته به؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وإنما ردت شهادته بذلك؛ لما في ارتكابه المحرمات من الاستخفاف بمحرمات الله، فجوزي برد شهادته؛ كما يجب إقامة الحد عليه (وَلَا) تصح أيضًا شهادة (ذي غمر) - بكسر الغين وسكون الميم - وهو الحقد والعداوة في غير الله تعالي، والمعنى: أنه لا تجوز شهادة عدو على عدوه سواء كان أخاه نسبًا أو أجنبيًا، فالمراد بقوله:(على أخيه) أي: مثله، ولا يخص بأخوة الإسلام؛ لئلا يخرج حكم الذمي، ومقتضى كلام "القاموس": أنه بفتحتين، وأن كسر الغين لغة. انتهى منه.
وفي رواية أبي داوود: (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه).
قوله: (وَلَا زان ولا زانية) المانع من قبول شهادتهما الفسق الصريح.
قوله: (وَلَا ذي غمر على أخيه) فإن قيل: لَمْ قبلتم شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة بينهما؟
قال ابن رسلان: قلنا: العداوة ها هنا دينية، والدين لا يقتضي شهادة الزور، بخلاف الدنيوية، قال: وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور.
(171)
- 2328 - (2) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ،
===
وقال أبو حنيفة: لا تمنع العداوة قبول الشهادة؛ لأنَّها لا تخل بالعدالة، فلا تمنع الشهادة، كالصداقة. انتهى.
قال في "النيل": والحق عدم قبول شهادة العدو على عدوه؛ لقيام الدليل على ذلك، والأدلة لا تعارض بمحض الآراء. انتهي، انتهى من العون.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأقضية، باب من ترد شهادته.
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ لأن حجاج بن أرطاة لَمْ ينفرد بروايته عن عمرو بن شعيب، جل له متابع في الرواية عن عمرو؛ وهو سليمان بن موسى الأشدق، صدوق، من الخامسة؛ كما في رواية أبي داوود، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، وله أيضًا شاهد من حديث عائشة أخرجه الترمذي في كتاب الشهادات، باب فيمن لا تجوز شهادته.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الله بن عمرو بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(171)
- 2328 - (2)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن حرملة بن عمران التجيبي المصري صاحب الشافعي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاثة أو أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م س ق).
(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم المصري القرشي مولاهم، ثقةٌ، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبرني نافع بن يزيد) الكلاعي - بفتح الكاف واللام الخفيفة - أبو يزيد
عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ".
===
المصري، يقال: إنه مولى شرحبيل بن حسنة، ثقةٌ عابد، من السابعة، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(عن) يزيد بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي أبي عبد الله المدني، ثقةٌ مكثر، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عمرو بن عطاء) القرشي العامري المدني، ثقةٌ، من الثالثة، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة رضي الله تعالى عنها المدني، ثقةٌ فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنه) أي: أن أبا هريرة (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تجوز) ولا تقبل (شهادة بدوي على صاحب قرية) والبدوي: هو الذي يسكن البادية في المضارب والخيام ولا يقيم في موضع خاص، بل يرتحل من مكان إلى مكان، وصاحب القرية: هو الذي يسكن القرى؛ وهي المصر الجامع.
قال في "النهاية": إنما كره شهادة البدوي؛ لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع، ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها. انتهى من "العون".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الخطابي: إنما لا تقبل شهادة البدوي؛ لجهلهم بأحكام الشرع وبكيفية تحمل الشهادة وأدائها بغير زيادة ولا نقصان، وإن كان عدلًا من أهل قبول الشهادة .. جازت شهادته، خلافًا لمالك.
قيل: إن كانت العلة جهالتهم .. لزم إلا يكون للتخصيص في قوله: "على صاحب قرية" فائدة.
وقيل: معنى "لا تجوز" عند من يرى الجواز؛ أي: لا يحسن؛ لحصول التهمة لبعد ما بين الرجلين، ويؤيد ذلك تعديتها بعلي، فلو شهد له .. يقبل، وقيل: معنى "لا تجوز" أي: لا تحسُنُ أن يَحْمِلَ مصلحةً؛ لأنه يتعذَّر طلبُه عند الحاجة إليه؛ أي: إلى أداء شهادته، وقيل: يحتمل أن يكون ورد في الشهادة على الإعسار، وفيها يعتبر أن يكون الشاهد من أهل الخِبْرة الباطنة. انتهى "سندي".
وكذلك قال أحمد، وذهب إلى العمل بهذا الحديث جماعة من أصحاب أحمد، وبه قال مالك وأبو عبيد، وذهب الأكثر إلى القبول، قال ابن رسلان: وحملوا هذا الحديث على من لَمْ تعرف عدالته من أهل البدو والغالب أنهم لا تعرف عدالتهم. كذا في "النيل".
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة، ورجال إسناده احتج بهم مسلم في "صحيحه"، وقال البيهقي: وهذا الحديث مما تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار، فإن كان حفظه .. فقد قال أبو سليمان الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو؛ لما فيهم من عدم العلم بإتيان الشهادة على وجهها ولا يقيمونها على حقِّها؛ لقصورِ علمِهم عما تحملُها وتغيُّرِها عن جهتِها، والله أعلم. انتهى من "العون".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأقضية، باب شهادة البدوي على أهل الأمصار.
ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلَّا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم