الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ
(166)
- 2323 - (1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ
===
(74)
- (784) - (باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد)
(166)
-2323 - (1)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) أخو أبي بكر بن أبي شيبة العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ). يروي عنه:(خ م دس ق).
(وعمرو بن رافع) بن الفرات القزويني البجلي أبو حجر - بضم الحاء المهملة وسكون الجيم - ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).
(قالا: حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة صحيح الكتاب، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب الكوفي، ثقة ثبت، وكان لا يدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة فقيه من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبيدة) بن عمرو (السلماني) - بكسر السين وسكون اللام - ويقال: بفتحها؛ نسبة إلى بطن من مراد، المرادي الكوفي تابعي كبير، من الثانية، مخضرم فقيه ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء .. سأله، مات سنة اثنتين
قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَبْدُرُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ".
===
وسبعين (72 هـ)، أو بعدها، والصحيح أنه مات قبل سنة سبعين. يروي عنه:(ع).
(قال) عبيدة: (قال عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قال عبد الله: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أر من ذكر اسم هذا السائل (أي الناس خير؟ ) فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الناس (قرني) أي: خير أمتي القرن الذي يلوني؛ وهم قرن الصحابة (ثم الذين يلونهم) وهم قرن التابعين (ثم الذين يلونهم) وهم قرن أتباع التابعين (ثم) بعد هذه القرون الثلاثة (يجيء قوم تبدر) أي: تسبق (شهادة أحدهم يمينه) تارةً (و) تسبق (يمينه شهادته) تارة أخرى.
قال النووي: هذا ذم لمن يشهد ويحلف مع شهادته، ومعنى الحديث: أنه يجمع بين اليمين والشهادة؛ فتارة تسبق هذه، وتارة هذه.
قال في "المصباح": يقال: بدر إلى الشيء بدورًا؛ من باب قعد، وبادر إليه مبادرة وبدارًا؛ من باب قاتلَ، بمعنى: أسرع.
قال العيني: في حالين لا في حالة واحدة، قال الكرماني: تقدم الشهادة على اليمين وبالعكس دور، فلا يمكن وقوعه، فما وجهه؛ لأن الدور محال؟
قلت: معناه: هم الذين يحرصون على الشهادة، مشغوفين بترويجها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يحلفون على ما يشهدون به، فتارة يحلفون قبل أن يأتوا بالشهادة، وتارة يعكسون. انتهى منه.
يعني: أن هذا القرن الرابع يقل فيه الورع، فيقدم الناس فيه على الأيمان والشهادة من غير توقف ولا تحقيق، كذا فسره القرطبي، وهو مؤيد بما سيأتي في حديث عمر:"يشهدون قبل أن يستشهدوا".
قيل: معناه: أن الناس يجمعون بين اليمين والشهادة؛ فتارة تسبق هذه، وتارة هذه، واستدل به المالكية على بطلان شهادة من حلف على شهادته، والجمهور على عدم البطلان. انتهى من "التكملة".
والقرن - بسكون الراء - من الناس: أهل زمان واحد، قال الشاعر:
إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم
…
وخلفت في قرن فأنت غريب
مشتق من الاقتران؛ وهو بمعنى الوقت من الزمان، يقال له ذلك؛ لأنه يقرن قرن أمة بأمة.
واختلفوا في تحديد مقدار زمانه: فقيل: ثمانون سنة، وقيل: ستون سنة.
وقال الحافظ في "فتح الباري"(5/ 7 و 6): والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: الصحابة.
وقد سبق في صفة النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (وبعثت في خير قرون بني آدم)، وفي حديث بريدة عند أحمد:"خير هذه الأمة القرن الذي بعثت فيهم"، وقد ظهر أن الذي بين البعثة وآخر من مات من الصحابة مئة سنة وعشرون سنة، أو دونها، أو فوقها بقليل، على الاختلاف في وفاة أبي الطفيل، وهو آخر من مات من الصحابة.
وإن اعتبر ذلك من وفاته صلى الله عليه وسلم .. فيكون مئة سنة، أو تسعين،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أو سبعًا وتسعين، وأما قرن التابعين؛ فإن اعتبر من سنة مئة .. كان نحو سبعين أو ثمانين، وأما الذين بعدهم؛ فإن اعتبر منها .. كان نحوًا من خمسين، فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان، والله أعلم.
واتفقوا أن آخر من كان من أتباع التابعين ممن يقبل قوله من عاش إلى حدود العشرين ومئتين، وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورًا فاشيًا.
قوله: "ثم الذين يلونهم
…
" إلى آخره، واقتضى هذا الحديث أن يكون الصحابة أفضل من التابعين، والتابعون أفضل من أتباع التابعين، لكن هل هذه الأفضلية بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد؟ محل بحث، وإلى الثاني نحا الجمهور، والأول قول ابن عبد البر.
قال الحافظ: والذي يظهر أن من قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو في زمانه بأمره، أو أنفق شيئًا من ماله بسببه .. لا يعدله في الفضل أحد بعده كائنًا من كان.
وأما من لم يقع له ذلك .. فهو محل البحث، والأصل في ذلك قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} (1).
وأطال الحافظ في "الفتح" في تحقيق محل البحث، ثم انتهى إلى أن ما فاز به من شاهد النبي صلى الله عليه وسلم من زيادة فضيلة المشاهدة .. فلا يعدله فيها أحد، وكذلك من عمل شيئًا من أعمال الخير في عهده صلى الله عليه وسلم .. فلا يعدله في تلك الأعمال من جاء بعده، أما الفضائل الجزئية .. فلها مجال واسع. انتهى كلامه.
(1) سورة الحديد: (10).
(167)
- 2324 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَرَّاحِ،
===
قال القرطبي: وظاهر هذا الحديث أن هذه القرون الثلاثة أفضل مما بعدها إلى يوم القيامة، وهذه القرون أنفسها متفاضلة؛ فأفضلها الأول، ثم الذي بعده، ثم الذي بعده، فأما أفضلية الصحابة؛ وهو القرن الأول على ما بعدهم .. فلا تخفى، وأما أفضلية من بعدهم بعضهم على بعض .. فبحسب قربهم إلى القرن الأول وبحسب ما ظهر على أيديهم؛ من إعلاء كلمة الدين ونشر العلم، وفتح البلاد والأمصار، وإخماد كلمة الكفر، ولا خفاء أن الذي كان من ذلك في قرن التابعين .. كان أكثر وأغلب مما كان في أتباعهم، وكذلك الأمر في الذين بعدهم، ثم بعده غلبت الشرور، وارتبكت الأمور. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأيمان والنذور، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة (ثم الذين يلونهم
…
) إلى آخره، والبيهقي في "السنن الكبرى"، والترمذي في كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن مسعود بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(167)
- 2324 - (2)(حدثنا عبد الله بن الجراح) بن سعيد التميمي أبو محمد القهستاني - بضم القاف والهاء وسكون المهملة ثم مثناة - نزيل نيسابور: نسبة إلى قهستان؛ ناحية بخراسان بين هراة ونيسابور، قال النسائي:
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا مِثْلَ مَقَامِي فِيكُمْ فَقَالَ: "احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي،
===
ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة اثنتين، ويقال: سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه: (دق).
(حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة صحيح الكتاب، من الثامنة، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الملك بن عمير) بن سويد اللخمي مولاهم الكوفي، ثقة فصيح عالم تغير حفظه وربما دلس، من الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر بن سمرة) بن جنادة السوائي - بضم السين - الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما، نزل الكوفة ومات بها بعد سنة سبعين. يروي عنه:(ع).
(قال) جابر: (خطبنا عمر بن الخطاب) رضي الله تعالى عنه (بالجابية) موضع بالمدينة يصلون فيه صلاة الاستسقاء والعيد.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(فقال) عمر في خطبته: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا) معاشر الصحابة (مثل مقامي) بفتح الميم؛ لأنه مصدر ميمي؛ من قام الثلاثي؛ أي: قام فينا في حياته قيامًا مثل قيامي (فيكم) على المنبر للوعظ (فقال) في خطبته: (احفظوني) أيها الناس (في أصحابي) أي: راعوني في شأنهم؛ فلا تؤذوهم لأجل حقي وصحبتي، أو اقتداءً بأخلاقي وأحوالي فيهم، وأنهم على الخير، وهذا أقرب إلى ما بعده.
ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ وَمَا يُسْتَشْهَدُ، وَيَحْلِفَ وَمَا يُسْتَحْلَفُ".
===
(ثم) احفظوني في (الذين يلونهم) يعني: التابعين (ثم) احفظوني في (الذين يلونهم) يعني: أتباع التابعين (ثم) بعد أتباع التابعين (يفشو) ويكثر (الكذب، حتى يشهد الرجل) منهم لغيره (وما بستشهد) بالبناء للمفعول؛ أي: والحال أنه ما تطلب منه الشهادة.
قيل: هو كناية عن شهادة الزور؛ أي: إن الناس ما يطلبون منه الشهادة؛ لعلمهم أنه ليس بشاهد، وقيل: هو الذي انتصب شاهدًا، وليس هو من أهل الشهادة. انتهى "سندي".
(ويحلف) مع شهادته (وما يستحلف) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: والحال أنه ما يطلب منه الحلف؛ أي: ما عنده مبالاة بالحلف؛ أي: يحلف على ما يعلم وعلى ما لا يعلم، فلا يتورع عن شهادة الزور.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن له شواهد؛ منها: حديث ابن مسعود المذكور قبله، ولصحة سنده.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم