الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ
(161)
- 2318 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ،
===
(72)
- (782) - (باب تفليس المعدِم والبيع عليه لغرمائه)
والتفليس لغةً: النداء على المفلس بصفة الإفلاس؛ ليحذر الناس معاملته.
وشرعًا: الحجر على من عليه دين حال لا يفي به ماله، والحجر عليه بطلب الغرماء، أو المفلس إن استقل، أو على وليه إن لم يستقل.
و(المعدِم) - بكسر الدال -: هو المفلس.
والمفلس لغةً: من صار ماله فلوسًا؛ أي: جددًا جمع فلس؛ أي: جديد؛ وهي قطع من النحاس كانت معروفةً؛ وهي المسماة بالهللة عند السعوديين، ثم كني الإفلاس عن قلة المال أو عدمه.
وشرعًا: الشخص الذي ارتكبته الديون ولا يفي ماله بدينه أو ديونه.
والكلام فيه مبسوط في الفروع، فراجعه.
(و) في (البيع) لماله قهرًا (عليه لـ) قضاء دين (غرمائه) عنه. انتهى "ب ج".
* * *
(161)
- 2318 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة) بن سوار المدائني، أصله من خراسان، قيل: اسمه مروان الفزاري مولاهم، ثقة حافظ رمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس أو ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة، من
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ للهِ صلى الله عليه وسلم
===
السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن بكير بن عبد الله بن الأشج) المخزومي مولاهم المدني نزيل مصر، ثقة، من الخامسة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن عياض بن عبد الله بن سعد) بن أبي سرح - بفتح المهملة وسكون الراء - القرشي العامري المكي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك الأنصاري رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو سعيد: (أصيب رجل) من المسلمين (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: في زمان حياته النيرة المنيرة عند أهل الحق والإيمان، قال القرطبي، وكذا النووي والأبي: هو معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، وكان غرماؤه يهود، فكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم في أن يخففوا عنه، أو ينظروه، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر في الحديث.
وظاهر هذا الحديث: أن الجائحة أتت على كل الثمرة حتى لم يبق له منها ما يباع عليه؛ فقد ثبتت عسرته، فحكمه الإنظار إلى الميسرة؛ كما قال تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (1).
(1) سورة البقرة: (280).
فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ"، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ"، يَعْنِي: الْغُرَمَاءَ.
===
(في ثمار) متعلق بأصيب؛ أي: أصيب في ثمار (ابتاعها) واشتراها من اليهود بآفة أعدمتها بالكلية، والمعنى: أصابه خسارة بسبب آفة أصابت وأهلكت ثمارًا اشتراها بعد بدو صلاحها، ولم يقطعها ولم ينقد ثمنها (فكثر) بضم المثلثة عليه (دينه) وهذا الحديث هو الذي احتج به الفقهاء؛ لعدم وجوب وضع الجائحة؛ إذ لو كانت الجائحة موضوعة .. لم يصر الرجل مديونًا بسببها.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس: (تصدقوا عليه) أي: على هذا المديون، وفيه فضل مواساة المحتاج ومن عليه دين، والحث على الصدقة عليه (فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك) أي: ما جمع له من الصدقة قدر (وفاء دينه) أي: قدر ما يفي ويقضي دينه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه؛ كما في رواية مسلم؛ أي: الذين استحقوا عليه الدين: (خذوا ما وجدتم) أي: ما حصلتم؛ يعني: مما تصدق به عليه (وليس لكم
إلا ذلك) أي: إلا ما حصلتم، بل عليكم الإنظار إلى ميسرته، قال الراوي:(يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "خذوا
…
" إلى آخره: (الغرماء) أي: غرماءه.
والظاهر من الرواية؛ أي: من قوله: "إلا ذلك" قال في المبارق: ليس معناه إبطال حق الغرماء فيما بقي من ديونهم عليه، بل معناه: ليس لكم الآن إلا هذا، وليس لكم حبسه ما دام معسرًا. انتهى.
قوله: "خذوا ما وجدتم" منه أخذ الفقهاء حكم التفليس، وأن الغرماء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يجوز لهم أخذ ما وجدوه عند مديونهم المفلس، ولكن بواسطة القاضي، ولا يترك له إلا ما يحتاج إليه من الثياب وغيرها.
قال الشافعي: ويترك عليه دست من ثيابه؛ يعني: بدلة، وقيل: دستان؛ لأنه إذا غسل ثيابه .. لا بد له من ملبس، وقالوا: إذا كان يكتفي بدونها .. تباع ويقضى الدين ببعض ثمنها، ويشتري بما بقي ثوبًا يلبسه، وكذا يفعل في المسكن، وعن هذا قالوا: يباع ما لا يحتاج إليه في الحال؛ كاللبد في الصيف، والنطع في الشتاء، وينفق عليه وعلى زوجته وأطفاله وأرحامه. انتهى "رد المحتار" في كتاب الحجر (5/ 105).
قوله: "وليس لكم إلا ذلك" قال الخطابي في "معالم السنن"(5/ 120): وليس في الحديث أنه أمر أرباب الأموال أن يضعوا عنه شيئًا من أثمان الثمار ثلثًا أو أقل منه أو أكثر، إنما أمر الناس أن يعينوه؛ ليقضي حقوقهم، فلما أبدع بهم .. أمرهم بالكف عنه إلى الميسرة، وهذا حكم كل مفلس أحاط به الدين، وليس له مال.
وقال أبو حنيفة: يجوز للغرماء ملازمته وأخذ فضل كسبه مهما وجدوا، وعند الصاحبين له: لا يجوز ملازمته بعد التفليس.
قال القرطبي: وقوله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا عليه" لا يدل على وجوب التصدق على المفلس في قضاء دينه، ومن فعل ذلك أو حض عليه .. كان خيرًا له، وفيه ثواب كثير؛ لأنه سعى في تخليص ذمة المسلم من المطالبة المستقبلة، أو من الإثم اللاحق بتأخير الأداء عن الإمكان إن كان قد وقع ذلك، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بمعاذ؛ ليبين لخصومه أنه ليس عنده شيء، ولتطيب قلوبهم بما أخذوا، فيسهل عليهم ترك ما بقي، وليخف الدين
(162)
- 2319 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ،
===
عن معاذ، وليتشارك المتصدقون في أجر المعونة وثوابها، وليكون ذلك سنةً حسنةً.
قوله: "خذوا ما وجدتم" يدل على أن المفلس يؤخذ منه كل ما يوجد له، ويستثنى من ذلك ما كان ضرورته، وروى ابن نافع عن مالك أنه لا يترك له إلا ما يواريه، والمشهور: أنه يترك له كسوته المعتادة ما لم يكن فيها فضل، ولا ينزع منه رداؤه إن كان مزريًا أو منقصًا، وفي ترك كسوة زوجته وبيع كتبه إن كان عالمًا خلاف، ولا يترك له مسكن ولا خاتم ولا ثوب جمعته ما لم تقل قيمتها. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم؛ أخرجه في كتاب المساقاة، باب استحباب الوضع من الدين، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارة، باب وضع الجائحة، والترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء من تحل له الصدقة من الغارمين وغيرهم، والنسائي في كتاب البيوع، باب وضع الجوائح.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد الخدري بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(162)
-2319 - (2)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزٍ، عَنْ سَلَمَةَ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلَعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ مِنْ غُرَمَائِهِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ مُعَاذ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَصَنِي بِمَالِي ثُمَّ اسْتَعْمَلَنِي.
===
البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة ومئتين (212 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الله بن مسلم بن هرمز) المكي، ضعيف، من السادسة. يروي عنه:(ت ق).
(عن سلمة المكي) يروي عنه: (ق)، وعبد الله بن مسلم بن هرمز روى عن جابر، قال في "التقريب": مقبول، ولعل الصواب: مجهول، من الرابعة.
(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه سلمة المكي لا يعرف حاله، وفيه عبد الله بن مسلم فهو ضعيف، قال فيه ابن حبان: يرفع الموقوف ويسند المرسل، لا يجوز الاحتجاج به، وقال أحمد: كل بلية منه، وقال ابن معين: صدوق كثير الخطأ. انتهى.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع) واستخلص (معاذ بن جبل من) خصومة (غرمائه، ثم استعمله) وولاه (على اليمن، فقال معاذ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلصني) من خصومة غرمائي (بـ) دفع (مالي) لهم (ثم استعملني) وولاني على اليمن.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وحكم سنده الضعف؛ لما مر آنفًا، ولكن لم ينفرد به سلمة المكي عن جابر؛ فقد تابعه عليه معاذ بن رفاعة عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
جابر؛ كما رواه الحاكم في "المستدرك"، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" عن الحاكم بالإسناد والمتن.
ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن بما قبله، ضعيف السند؛ لما تقدم، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم