المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب التّجارات

- ‌(1) - (711) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ

- ‌فصل في حكم بيع المعاطاة

- ‌(2) - (712) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ

- ‌(3) - (713) - بَابُ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ

- ‌(4) - (714) - بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌(5) - (715) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ

- ‌(6) - (716) - بَابُ السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ

- ‌(7) - (717) - بَابُ السَّوْمِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

- ‌فائدة

- ‌(9) - (719) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ

- ‌(10) - (720) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

- ‌تتمة

- ‌(11) - (721) - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ

- ‌(12) - (722) - بَابُ الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ

- ‌(13) - (723) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ

- ‌(14) - (724) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ

- ‌(15) - (725) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

- ‌(16) - (726) - بَابُ بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ

- ‌(17) - (727) - بَابُ مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْبَرَكَةِ

- ‌(18) - (728) - بَابُ الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا

- ‌(19) - (729) - بَابُ مَا يُرْجَى مِنَ الْبَرَكةِ فِي الْبُكُورِ

- ‌(20) - (730) - بَابُ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ

- ‌(21) - (731) - بَابُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ

- ‌(22) - (732) - بَابُ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(23) - (733) - بَابٌ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا .. فَلْيُبَيِّنْهُ

- ‌(24) - (734) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ

- ‌(25) - (735) - بَابُ شِرَاءِ الرَّقِيقِ

- ‌(26) - (736) - بَابُ الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(27) - (737) - بَابُ مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ

- ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

- ‌(28) - (738) - بَابُ صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ

- ‌(29) - (739) - بَابُ اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ

- ‌(30) - (740) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌(31) - (741) - بَابُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌(32) - (742) - بَابُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌(33) - (743) - بَابُ بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا

- ‌(34) - (744) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً

- ‌(35) - (745) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(36) - (746) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا

- ‌(37) - (747) - بَابُ السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

- ‌(38) - (748) - بَابٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ. . فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ

- ‌(39) - (749) - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ

- ‌(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

- ‌(41) - (751) - بَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌(42) - (752) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌(44) - (754) - بَابُ مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ

- ‌(45) - (755) - بَابُ مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ

- ‌(46) - (756) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا

- ‌فرع

- ‌(47) - (757) - بَابُ اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ

- ‌كتابُ الأحكام

- ‌(48) - (758) - بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ

- ‌(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ

- ‌(50) - (760) - بَابُ الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ

- ‌(51) - (761) - بَابٌ: لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌(52) - (762) - بَابٌ: قَضِيَّةُ الْحَاكمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا

- ‌(53) - (763) - بَابُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ

- ‌(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(55) - (765) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(56) - (766) - بَابُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ

- ‌(57) - (767) - بَابٌ: بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ

- ‌(58) - (768) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ

- ‌(59) - (769) - بَابُ مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ

- ‌(60) - (770) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي

- ‌(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

- ‌(62) - (772) - بَابُ الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِه

- ‌(63) - (773) - بَاب: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ

- ‌(64) - (774) - بَابُ مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ

- ‌(65) - (775) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ فِي خُصٍّ

- ‌(66) - (776) - بَابُ مَنِ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ

- ‌(67) - (777) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ

- ‌(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

- ‌(69) - (779) - بَابُ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

- ‌(70) - (780) - بَابُ الصُّلْحِ

- ‌(71) - (781) - بَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ

- ‌(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ

- ‌(73) - (783) - بَابُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ

- ‌(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ

- ‌(75) - (785) - بَابُ الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا

- ‌(76) - (786) - بَابُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ

- ‌(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ

- ‌(78) - (788) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌فائدة

- ‌(79) - (789) - بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌(80) - (790) - بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ

الفصل: ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الخطابي: هذا محمول على أن أسامة سمع كلمة من آخر الحديث فحفظها، فلم يدرك أوله، كان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الجنسين متفاضلًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحديث؛ يعني: إذا اختلف الجنسان جاز فيهما التفاضل إذا كانت يدًا بيد، وإنما يدخلها الربا إذا كانت نسيئة. انتهى من "المبارق".

والمعنى: إنما الربا في النسيئة لا في الفضل، والتعريف فيه للعهد؛ أي: الربا الذي عرف كونه في النقدين والمطعوم أو المكيل أو الموزون على اختلاف فيه .. ثابت في النسيئة. انتهى "مرقاة" أي: في تأخير أحد العوضين عن العقد لا في المفاضلة فيه.

قوله: (أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله عز وجل؟ ) قال القرطبي: هو سؤال منكبر طالبٍ للدليل؛ إذ لا دليل على الأحكام إلا الكتاب والسنة. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الدينار بالدينار نساءً، ومسلم في كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلًا بمثل، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

والربا: بكسر الراء مع القصر، وبفتحها مع المد، ويقال فيه: رما -بالميم

ص: 185

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بدل الباء- وهو حينئذ أيضًا بكسر الراء وفتحها مع القصر والمد فيهما؛ ففيه ثمان لغات، ويكتب بالألف والواو معًا؛ كما في المصحف العثماني؛ نظرًا للأصل والبدل معًا، فإن أصله ربو، تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، وبالياء وحدها في غير خط المصحف؛ نظرًا لإمالته عند بعض القراء، وإن كان واويًا.

وهو لغةً: الزيادة؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (1)، أي: زادت ونمت، ويقال: ربا الشيء؛ إذا زاد، سواء كانت الزيادة بعقدٍ أو لا، وسواء كانت في العوضين أو في أحدهما.

وشرعًا: عقد على مقابلة عوض مخصوص بآخر غير معلوم التماثل حالة العقد بمعيار الشرع.

وقولنا: (عقد) خرج به ما إذا لم يكن هناك عقد؛ كما لو باع معاطاةً، وهو الواقع في أيامنا غالبًا، فلا يكون ربًا، وإن كان حرامًا، لكن أقل من حرمة الربا.

وقولنا: (عوض مخصوص) وهو الجنس الربوي الذي هو النقد والمطعوم، ودخل في النقد النوط العصري؛ لأنه بدل عن النقد، فلا ربا في غيرهما؛ كنحاس ورصاص وقماش.

وقولنا: (غير معلوم التماثل) يصدق بمعلوم التفاضل وبمجهول التماثل والتفاضل.

وقولنا: (في معيار الشرع) متعلق بالتماثل، ومعيار الشرع: هو الكيل في المكيل؛ كالثمار والحبوب، والوزن في الموزون؛ كالنقدين، والعد في المعدود، والذرع في المذروع، ودخل بذلك ما لو كان معلوم التماثل، لكن في

(1) سورة الحج: (5).

ص: 186

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

غير معيار الشرع؛ كوزن المكيل وكيل الموزون؛ فإنه يصدق عليه أنه مجهول التماثل في معيار الشرع؛ كما هو مبسوط في كتب الفروع.

ولا يكون الربا إلا في الذهب والفضة؛ لكونهما قيم الأشياء، وإلا في المطعومات؛ لكونها مطعومًا، وهي كل ما يقصد للطعم اقتياتًا؛ كالبر والشعير والذرة ونحوها، أو تفكهًا؛ كالتمر والزبيب والتين ونحوها، أو تداويًا؛ كالملح والمصطكى والزنجبيل ونحوها.

ولا فرق بين ما يصلح البدن أو ما يصلح الغذاء؛ فإن الأغذية تحفظ الصحة، والأدوية ترد الصحة، ولا ربا في حب الكتان ودهنه، ودهن السمك؛ لأنها لا تقصد للطعم.

والربا من أكبر الكبائر، فإن أكبر الكبائر على الإطلاق: الشرك بالله، ثم قتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، ثم الزنا، ثم الربا، ولم يحل في شريعة؛ لقوله تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} (1)؛ أي: في الكتب السابقة، فهو من الشرائع القديمة، ولم يُؤذن اللهُ تعالى في كتابه بالحرب على شيء سوى آكله، ولذا قيل: إنه يدل على سوء الخاتمة -والعياذ بالله تعالى- وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه" متفق عليه.

والربا أربعة أقسام: ربا الفضل؛ وهو بيع الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين.

وربا اليد: وهو بيع الربويين ولو مختلفي الجنس مع تأخير القبض لهما أو لأحدهما عن المجلس، ونسب إلى اليد؛ لأن القبض يكون بها أصالة.

(1) سورة النساء: (161).

ص: 187

(64)

- 2221 - (2) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،

===

وربا النساء -بفتح النون والمد- وهو بيع الربويين، ولو مختلفي الجنس مع أجل، ولو لحظة.

وربا القرض: وهو كل قرض جر نفعًا للمقرض غير نحو رهن، لكن لا يحرم عند الشافعية إلا إذا شرط في عقده، ولا يختص بالربويات، بل يجري في غيرها؛ كالعروض والحيوانات.

واعلم: أن علة الربا في النقود .. النقدية؛ أي: كونها قيم الأشياء، وفي الطعام .. المطعومية؛ كما مر.

ويشترط لصحة التعاقد على الجنس الربوي نقدًا كان أو طعامًا فيما إذا اتحد جنس العوضين؛ كذهب بذهب، وبر ببر .. ثلاثة شروط: المماثلة بين العوضين، والتقابض في المجلس، والحلول؛ أي: عدم ذكر الأجل ولو دقيقة، وفيما إذا اختلف الجنسان؛ كذهب بفضة، وبر بشعير .. شرطان: التقابض في مجلس العقد، والحلول، فلا تشترط المماثلة؛ لاختلاف الجنس؛ كما هو مستفاد من الآتية والماضية ومبسوط في كتب الفقه. انتهى من "الكوكب".

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(64)

- 2221 - (2)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).

(أنبأنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت

ص: 188

عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الرِّبْعِيّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: سمِعْتُهُ يَأْمُرُ بِالصَّرْفِ؛ يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ، وَيُحَدَّثُ ذَلِكَ عَنْهُ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، فَلَقِيتُهُ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجَعْتَ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ

===

فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن يسليمان بن علي الربعي) الأزدي البصري أبي عكاشة، ثقة، من الخامسة. يروي عنه:(م س ق).

(عن أبي الجوزاء) أوس بن عبد الله الربعي -بفتح الموحدة- البصري يرسل كثيرًا، ثقة، من الثالثة، مات دون المئة سنة ثلاث وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).

(قال) أبو الجوزاء: (سمعته) أي: سمعت ابن عباس (يأمر) الناس (بالصرف) -بسكون الراء- من باب ضرب؛ وهو بيع النقود بعضها ببعض؛ أي: يرخص فيه بالزيادة في أحد العوضين مع اتحاد الجنس.

قال سليمان بن علي: (يعني) أبو الجوزاء بضمير سمعته: (ابن عباس و) كان أبو الجوزاء (يحدث ذلك) الصرف؛ أي: الترخيصفيه بالزيادة مع اتحاد الجنس (عنه) أي: عن ابن عباس، قال أبو الجوزاء:(ثم) بعد سماعي ذلك الصرف منه (بلغني) من بعض الناس (أنه) أي: أن ابن عباس (رجع عن ذلك) أي: عن الترخيص في الصرف مع الزيادة.

قال أبو الجوزاء: (فلقيته) أي: لقيت ابن عباس (بمكة) المكرمة (فقلت) له: (إنه) أي: إن الشأن والحال (بلغني أنك) يا بن عباس (رجعت) عن الترخيص في الصرف، قال أبو الجوزاء:(قال) لي ابن عباس: (نعم) رجعت عن ذلك الترخيص (إنما كان ذلك) الترخيص الواقع مني أولا

ص: 189

رَأْيًا مِنِّي، وَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّرْفِ.

===

(رأيا) أي: اجتهادًا وظنًا واقعًا (مني) لا أصل له من الكتاب والسنة، ثم قال ابن عباس:(وهذا) الصحابي (أبو سعيد) عطف بيان من المبتدأ أو بدل منه (يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه) صلى الله عليه وسلم (نهى عن الصرف) أي: بيع النقود بعضها ببعض بالزيادة في أحد العوضين مع اتحاد الجنس، فهو حرام، فلذلك رجعت عن الترخيص.

والحديث دليل على أنه رجع إلى الجماعات في القول بالحرمة، لكن ظاهر قوله:(إنما كان ذلك رأيًا مني) يخالف الحديث المذكور قبل هذا الحديث، إلا أن يقال: اعتقاد ظاهر ذلك الحديث؛ وهو قوله: (إنما الربا في النسيئة) وترك الالتفات إلى تأويل الجمهور له كان رأيًا، ثم رجع عن ذلك إلى تأويل ذلك الحديث بحديث أبي سعيد الخدري، والله أعلم. انتهى من "السندي".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي سعيد.

قوله: (يأمر بالصرف) هو مصدر صرف يصرف صرفًا؛ من باب ضرب؛ إذا دفع ذهبًا وأخذ فضة أو عكسه، وحقيقته الشرعية: هي بيع النقود بعضها ببعض (والنساء) -بفتح النون والمد- تأخير قبض العوضين أو أحدهما عن المجلس.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 190