المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(43) - (753) - باب ما للمرأة من مال زوجها - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب التّجارات

- ‌(1) - (711) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ

- ‌فصل في حكم بيع المعاطاة

- ‌(2) - (712) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ

- ‌(3) - (713) - بَابُ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ

- ‌(4) - (714) - بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌(5) - (715) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ

- ‌(6) - (716) - بَابُ السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ

- ‌(7) - (717) - بَابُ السَّوْمِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

- ‌فائدة

- ‌(9) - (719) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ

- ‌(10) - (720) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

- ‌تتمة

- ‌(11) - (721) - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ

- ‌(12) - (722) - بَابُ الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ

- ‌(13) - (723) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ

- ‌(14) - (724) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ

- ‌(15) - (725) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

- ‌(16) - (726) - بَابُ بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ

- ‌(17) - (727) - بَابُ مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْبَرَكَةِ

- ‌(18) - (728) - بَابُ الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا

- ‌(19) - (729) - بَابُ مَا يُرْجَى مِنَ الْبَرَكةِ فِي الْبُكُورِ

- ‌(20) - (730) - بَابُ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ

- ‌(21) - (731) - بَابُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ

- ‌(22) - (732) - بَابُ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(23) - (733) - بَابٌ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا .. فَلْيُبَيِّنْهُ

- ‌(24) - (734) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ

- ‌(25) - (735) - بَابُ شِرَاءِ الرَّقِيقِ

- ‌(26) - (736) - بَابُ الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(27) - (737) - بَابُ مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ

- ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

- ‌(28) - (738) - بَابُ صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ

- ‌(29) - (739) - بَابُ اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ

- ‌(30) - (740) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌(31) - (741) - بَابُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌(32) - (742) - بَابُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌(33) - (743) - بَابُ بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا

- ‌(34) - (744) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً

- ‌(35) - (745) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(36) - (746) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا

- ‌(37) - (747) - بَابُ السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

- ‌(38) - (748) - بَابٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ. . فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ

- ‌(39) - (749) - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ

- ‌(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

- ‌(41) - (751) - بَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌(42) - (752) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌(44) - (754) - بَابُ مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ

- ‌(45) - (755) - بَابُ مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ

- ‌(46) - (756) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا

- ‌فرع

- ‌(47) - (757) - بَابُ اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ

- ‌كتابُ الأحكام

- ‌(48) - (758) - بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ

- ‌(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ

- ‌(50) - (760) - بَابُ الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ

- ‌(51) - (761) - بَابٌ: لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌(52) - (762) - بَابٌ: قَضِيَّةُ الْحَاكمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا

- ‌(53) - (763) - بَابُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ

- ‌(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(55) - (765) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(56) - (766) - بَابُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ

- ‌(57) - (767) - بَابٌ: بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ

- ‌(58) - (768) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ

- ‌(59) - (769) - بَابُ مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ

- ‌(60) - (770) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي

- ‌(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

- ‌(62) - (772) - بَابُ الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِه

- ‌(63) - (773) - بَاب: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ

- ‌(64) - (774) - بَابُ مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ

- ‌(65) - (775) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ فِي خُصٍّ

- ‌(66) - (776) - بَابُ مَنِ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ

- ‌(67) - (777) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ

- ‌(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

- ‌(69) - (779) - بَابُ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

- ‌(70) - (780) - بَابُ الصُّلْحِ

- ‌(71) - (781) - بَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ

- ‌(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ

- ‌(73) - (783) - بَابُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ

- ‌(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ

- ‌(75) - (785) - بَابُ الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا

- ‌(76) - (786) - بَابُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ

- ‌(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ

- ‌(78) - (788) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌فائدة

- ‌(79) - (789) - بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌(80) - (790) - بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ

الفصل: ‌(43) - (753) - باب ما للمرأة من مال زوجها

(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

(97)

- 2254 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ

===

(43)

- (753) - (باب ما للمرأة من مال زوجها)

(97)

- 2254 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمَّد) بن إسحاق الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(وأبو عمر الضرير) حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري المقرئ الأصغر صاحب الكسائي، لا بأس به، من العاشرة، مات سنة ست أو ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ). يروي عنه:(ق).

كلهم (قالوا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو في أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا هشام بن عروة) بن الزبير، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عروة بن الزبير الأسدي المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (جاءت هند) بنت عتبة بن ربيعة زوج أبي سفيان

ص: 288

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ:"خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ".

===

أم معاوية، أسلمت عام الفتح؛ يعني: يوم الفتح بعد إسلام زوجها؛ يعني: ليلة الفتح، فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحهما (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله؛ إن) زوجي (أبا سفيان) صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف (رجل شحيح) أي: بخيل حريص، وهو أعم من البخل؛ لأنَّ البخل مختص بمنع المال، والشح يعم منع كل شيء في جميع الأحوال، كذا في "الفتح".

(لا يعطيني) من النفقة (ما يكفيني وولدي) أي: مقدار ما يكفيني وأولادي (إلا ما أخذت من ماله وهو لا يعلم) أي: بغير علمه وإذنه (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذي) من ماله (ما يكفيك وولدك بالمعروف) شرعًا؛ أي: ما يعرفه الشرع.

قوله: (جاءت هند إلى النبي صلى الله عليه وسلم) قال القاضي: فيه خروج المرأة في حوائجها، ولها أن تستفتي العلماء، وأن كلامها في ذلك ليس بعورة.

(فقالت: إن أبا سفيان) قال الحافظ: وفيه جواز ذكر الإنسان بالتعظيم؛ كاللقب والكنية، كذا قيل، وفيه نظر؛ لأنَّ أبا سفيان كان مشهورًا بكنيته دون اسمه، فلا يدل قولها إن أبا سفيان على إرادة التعظيم.

(رجل شحيح) فيه جواز ذكر الإنسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاشتكاء ونحو ذلك، وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة، وفيه جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر.

(رجل شحيح) أي: بخيل، قال في "النهاية": المشهور في كتب اللغة:

ص: 289

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الفتح والتخفيف بوزن بخيل، وفي كتب المحدثين: الكسر والتشديد بوزن سكين.

والفرق بين الشح والبخل: أن الشح: البخل مع حرص، والشح أعم من البخل؛ لأنَّ البخل يختص بمنع المال، والشح المنع بكل شيء من معروف، وقيل: الشح لازم؛ كالطبع، والبخل غير لازم.

قال القرطبي: لم ترد هند وصف أبي سفيان بالشح في جميع أحواله، وإنما وصفت حالها معه، وأنه كان يقتر عليها وعلى أولادها، وهذا لا يستلزم البخل مطلقًا؛ فإن كثيرًا من الرؤساء يفعل ذلك مع أهله، ويؤثر الأجانب استئلافًا لهم.

(لا يعطيني ما يكفيني وولدي) فيه أنَّه من نسب إلى نفسه أمرًا عليه فيه غضاضة. . فليقرنه بما يقيم عذره في ذلك، وفيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والإفتاء عند من يقول: إن صوتها عورة، ويقول: جاز هنا للضرورة.

وفيه أن القول قول الزوجة في قبض النفقة؛ لأنه لو كان القول قول الزوج: إنه منفق. . لكلفت هذه المرأة بالبينة على إثبات عدم الكفاية، وأجاب الماوردي عنه: بأنّه من باب تعليق الفتيا لا القضاء.

وفيه وجوب نفقة الزوجة، وأنها مقدرة بالكفاية، وهو قول أكثر العلماء، وهو قول الشافعي، حكاه الجويني، والمشهور عن الشافعي أنَّه قدرها بالأمداد؛ فعلى الموسر كل يوم مدان، والمتوسط مد ونصف، والمعسر مد، وتقريرها بالأمداد رواية عن مالك أيضًا.

قال النوويّ في "شرح مسلم": وهذا الحديث حجة على أصحابنا.

قلت: وليس بصريح في الرد عليهم، لكن التقدير بالأمداد محتاج إلى دليل؛ فإن ثبت. . حملت الكفاية في حديث الباب على القدر المقدر بالأمداد؛

ص: 290

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فكأنه كان يعطيها وهو موسر ما يعطي المتوسط، فأذن لها في أخذ التكملة.

وفيه اعتبار النفقة بحال الزوجة، وهو قول الحنفية، واختار الخصاف منهم أنها معتبرة بحال الزوجين معًا، قال صاحب "الهداية": وعليه الفتوى، والحجة فيه ضم قوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ. . .} الآية (1) إلى هذا الحديث، وذهبت الشافعية إلى اعتبار حال الزوج تمسكًا بالآية، وهو قول بعض الحنفية.

وفيه وجوب نفقة الأولاد بشرط الحاجة، والأصح عند الشافعية: اعتبار الصغر أو الزمانة.

وفيه وجوب نفقة خادم المرأة على الزوج، قال الخطابي: لأنَّ أبا سفيان كان رئيس قومه، ويبعد أن يمنع زوجته وأولاده النفقة، فكأنه كان يعطيها قدر كفايتها وولدها دون من يخدمهم، فأضافت ذلك إلى نفسها؛ لأنَّ خادمها داخل في جملتها.

قلت: ويحتمل أن يتمسك لذلك بقوله في بعض طرقه: (أن أطعم من الذي له عيالنا) واستدل به على وجوب نفقة الابن علي الأب، ولو كان الابن كبيرًا، وتعقب بأنها واقعة عين ولا عموم في الأفعال.

ويحتمل أن يكون المراد بقولها: (بني) بعضهم؛ أي: من كان صغيرًا أو كبيرًا زمنًا، لا جميعهم.

واستدل به أيضًا على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه. . جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهو قول الشافعي وجماعة، وتسمى مسألة الظفر، والراجح عندهم: لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه، وعن أبي حنيفة المنع، وعنه يأخذ جنس حقه، ولا يأخذ من غير جنس حقه إلا

(1) سورة الطلاق: (7).

ص: 291

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أحد النقدين بدل الآخر، وعن مالك ثلاث روايات؛ كهذه الآراء، وعن أحمد المنع مطلقًا.

قال الخطابي: يؤخذ من حديث هند جواز أخذ الجنس وغير الجنس؛ لأنَّ منزل الشحيح لا يجمع كل ما يحتاج إليه؛ من النفقة والكسوة وسائر المرافق اللازمة، وقد أطلق الإذن لها في أخذ الكفاية من ماله، قال: ويدل على صحة ذلك قولها في رواية أخرى: (وأنه لا يدخل على بيتي ما يكفيني وولدي).

قلت: ولا دلالة فيه لما ادعاه من أن بيت الشحيح لا يحتوي على كل ما يحتاج إليه؛ لأنها نفت الكفاية مطلقًا، فتتناول جنس ما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه، ودعواه أن منزل الشحيح كذلك. . مسلم، لكن من أين له أن منزل أبي سفيان كان كذلك؟ والذي يظهر من سياق القصة أن منزله كان فيه كل ما يحتاج إليه، إلا أنَّه كان لا يمكنها إلا من القدر الذي أشارت إليه، فاستأذنت أن تأخذ زيادة على ذلك بغير علمه.

واستدل به أيضًا على أن للمرأة مدخلًا في القيام على أولادها وكفالتهم والإنفاق عليهم.

وفيه اعتماد العرف في الأمور التي لا تحديد فيها من قبل الشرع، وقال القرطبي: فيه اعتبار العرف في الشرعيات، خلافًا لمن أنكر ذلك لفظًا وعمل به معنىً؛ كالشافعية، كذا قال، والشافعية إنما أنكروا العمل بالعرف إذا عارضه النص الشرعي، أولم يرشد النص الشرعي إلى العرف، هذا آخر كلام "الفتح".

وقوله: "خذي" أمر إباحة؛ بدليل قوله في الرواية الأخرى: "لا حرج".

"بالمعروف" أي: بالقدر الذي عرف في العادة أنَّه الكفاية غير مسرفة.

ص: 292

(98)

- 2255 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ،

===

قال القرطبي: وفي هذا الحديث أبواب من الفقه؛ فمنها: وجوب نفقة الزوجة والأولاد على أبيهم، وأن لأمهم طلب ذلك عند الحاكم، وسماع الدعوى على الغائب والحكم عليه وإن كان قريب الغيبة إذا دَعَتْ حاجةُ الوقت إلى ذلك، وهو قول الجمهور، وقال الكوفيون: لا يقضى عليه بشيء.

وفيه أن المرأة لا يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها شيئًا بغير إذنه قل ذلك أو كثر، وهذا لا يختلف فيه، ألا ترى أنَّه صلى الله عليه وسلم قال لهند في الرواية الأخرى لما قالت:(فهل عليَّ جناحٌ أن أُطعم من الذي له عيالَنا؟ ) قال: "لا"، ثمَّ استثنى، فقال:"إلا بالمعروف"، فمنعها أن تأخذ من ماله شيئًا إلا القدر الذي يجب لها. انتهى من "المفهم"، قال القاري: قوله: "بالمعروف" أي: بقدر ما يأمر به الشرع ويعرفه؛ وهو الوسط المعتدل.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل. . فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ومسلم في كتاب الأقضية، باب قضية هند، وأبو داوود في كتاب البيوع، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يد غيره، والنسائيُّ في كتاب آداب القضاء، باب قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، والدارميُّ.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثمَّ استشهد المؤلف لحديث عائشة هذا بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:

(98)

- 2255 - (2)(حدثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير) الهمداني

ص: 293

حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ

===

الكوفي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).

قال: (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني أبو هشام الكوفي، ثقة، من كبار التاسعة. يروي عنه:(ع)، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ).

(وأبو معاوية) محمَّد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من كبار التاسعة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

كلاهما رويا (عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع، لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مئة سنة. يروي عنه:(ع).

(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وستين (63 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأنَّ رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة) على عيال زوجها وأضيافه ونحو ذلك، أو تصدقت؛ كما في رواية للبخاري،

ص: 294

- وَقَالَ أَبِي فِي حَدِيثِهِ -: إِذَا أَطْعَمَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ. . كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا".

===

قال ابن نمير: هكذا قال أبو معاوية (وقال أبي) عبد الله بن نمير (في حديثه) أي: في روايته: (إذا أطعمت المرأة من) طعام (بيت زوجها) أي: من الذخيرة الموجودة في بيتها من مال زوجها المتصرفة بإذن زوجها الصريح أو العرفي، وعلمت رضاه بذلك حالة كونها (غير مفسدة) أي: غير مسرفة في الإنفاق؛ بأن لم تتجاوز العادة، ولا يضر نقصانه.

وقيد بالطعام؛ لأنَّ الزوج يسمح به عادة، بخلاف الدراهم والدنانير؛ فإن إنفاقها منها بغير إذنه الصريح لا يجوز؛ فلو اضطرب العرف، أو شكت في رضاه، أو كان شحيحًا يشح بذلك، وعلمت ذلك من حاله، أو شكت فيه. . حرم عليها التصدق من ماله إلا بصريح أمره، وليس في هذا الحديث تصريح بجواز التصدق بغير إذنه. . (كان لها) أي: للمرأة (أجرها) بما أنفقت؛ كما في رواية مسلم؛ أي: بإنفاقها غير مفسدة (وله) أي: ولزوجها (مثله) أي: مثل أجرها (بما اكتسب) أي: بسبب اكتسابه ذلك المال.

وقوله: (ولها بما أنفقت) أي: بإنفاقها وتصدقها. . تفسير لقوله أولًا: "كان لها أجرها" والأولى إسقاطه؛ لأنه مكرر مع ما ذكر أولًا؛ كما هو ساقط في رواية مسلم (وللخازن) الذي يكون بيده حفظ الطعام المتصدق به (مثل ذلك) أي: مثل ما لهما من الأجر، لكن بالشروط المذكورة في حديث أبي موسى المذكور في مسلم من قوله:"إن الخازن المسلم الذي ينفذ ما أمر له به، فيعطيه موفرًا طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به. . أحد المتصدقين"(من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا) أي: من غير أن ينقص ما

ص: 295

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يعطي بعضهم من أجر ما يعطي البعض الآخر شيئًا قليلًا ولا كثيرًا.

وقوله: "من أن ينقص" والأولى أن يكون فاعل ينقص ضميرًا مستترًا فيه يعود على الخازن.

وضمير الجمع في قوله: "من أجورهم" يعود على المرأة والرجل مرادًا بالجمع ما فوق الواحد؛ أي: من غير أن ينقص ما يعطي الخازن من أجورهما شيئًا.

ولفظ رواية مسلم: (وللخازن مثل ذلك من غير أن ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا)، ولفظ الترمذي:(ولا ينقص كل واحد منهم من أجر صاحبه شيئًا له بما كسب ولها بما أنفقت)، والمعنى عليه: أي: من غير أن ينقص أجر بعض هؤلاء من أجر بعض آخر شيئًا من النقص.

وقوله: "شيئًا" منصوب على المفعولية المطلقة بينقص، فهم في أصل الأجر سواء وإن اختلف مقداره، قال في "الفتح": المراد عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر، ويحتمل أن يراد: مساواة بعضهم بعضًا في الأجر، والله أعلم. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، باب أجر المرأة إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة، ومسلم في كتاب الزكاة، باب أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة، وأبو داوود في كتاب الزكاة، باب المرأة تتصدق من بيت زوجها، والترمذي في كتاب الزكاة، باب في نفقة المرأة من بيت زوجها، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ص: 296

(99)

- 2256 - (3) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِهَا شَيْئًا

===

ثمَّ استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة الأوّل بحديث أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(99)

- 2256 - (3)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سليم العنسي - بالنون - أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).

(حدثني شرحبيل بن مسلم) بن حامد (الخولاني) الشامي، صدوق فيه لين، من الثالثة، وقال في "الخلاصة": وثقه العجلي وأحمد، وضعفه ابن معين، فهو مختلف فيه. يروي عنه:(د ت ق).

(قال) شرحبيل: (سمعت أبا أمامة الباهلي) صدي بن عجلان الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، سكن الشام، ومات بها سنة ست وثمانين (86 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأنَّ إسماعيل بن عياش روى عن أهل بلده؛ لأنه شامي فهو مختلف فيه؛ كما مر آنفًا.

أي: سمعته حالة كونه (يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تنفق) بالرفع على النفي، وبالجزم على النهي (المرأة من بيتها شيئًا)

ص: 297

إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَلَا الطَّعَامَ؟ قَالَ: "ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا".

===

قليلًا ولا كثيرًا، طعامًا ولا غيره (إلا بإذن زوجها) صريحًا أو دلالة (قالوا: يا رسول الله؛ ولا) تنفق حتى (الطعام؟ ) أي: المأكول والمشروب (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم: لا تنفق حتى الطعام؛ لأنَّ (ذلك) المذكور من الطعام (من أفضل) وأنفع (أموالنا) ومرافقنا؛ لأنه غذاء الجسم وحياة الروح؛ يعني: فإذا لم تجز الصدقة بما هو أقل قدرًا من الطعام بغير إذن الزوج، فكيف تجوز بالطعام الذي هو أفضل؟ !

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الزكاة، باب نفقة المرأة من بيت زوجها، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن؛ لأنَّ في سنده إسماعيل بن عياش، وهو مختلف فيه، وأحمد في "المسند".

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأوّل للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 298