الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
(125)
- 2282 - (1) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ
===
(54)
- (764) - (باب: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه)
(125)
- 2282 - (1)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن حرملة بن عمران أبو حفص التجيبي (المصري) صاحب الشافعي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م س ق).
(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله بن عبيد الله (ابن أبي مليكة) -مصغرًا- زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس) بالبناء للمجهول، ومفعوله الثاني محذوف؛ تقديره: لو أعطي الناس ما يدعونه
بِدَعْوَاهُمُ .. لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلكِنِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ".
===
(بـ) مجرد (دعواهم) بلا إقامة بينة، قال الأبي في "شرحه" (5/ 4): الدعوى قول لو سلم .. أوجب لقائله حقًّا.
قال القاضي: والحديث أصل من أصول الأحكام عند التنازع؛ ألا يحكم لأحد بدعواه في أي شيء كانت الدعوى قليل أو كثير، أي رجل كان المدعي شريفًا أو وضيعًا .. حتى يستند إلى ما يقوي دعواه؛ لأن الدعاوى متكافئة، والأصل براءة الذمم. انتهى منه.
(لادعى) جواب (لو) الشرطية؛ أي: لادعى (ناس) من الظلمة لا يتورعون (دماء رجال) آخرين (وأموالهم) ظلمًا وجورًا.
قال المازري: لا شك في هذا؛ إذ لو كان القول قول المدعي .. أبيحت الأموال والدماء ولم يقدر أحد على صون ماله ودمه، وأما المدعون .. فيمكن صون أموالهم بالبينة (ولكن اليمين) على نفي ما يدعيه المدعي (على المدعى عليه) إذا عجز المدعي عن البينة.
وضابط المدعي -بكسر العين-: هو من يخالف قوله الظاهر.
والمدعى عليه -بفتحها-: هو من يوافق قوله الظاهر؛ لأن الظاهر كون المال لصاحب اليد.
قال المازري: المدعى عليه: من طابقت دعواه الأصل الذي هو عدم الفعل والمعاملة، وكان القياس قبول دعواه دون يمين؛ لتمسكه بهذا الأصل، لكن لم يقتصر الشرع على الثقة بهذا الأصل في كثير من الدعاوي، حتى أضاف إليه يمين المدعى عليه؛ ليقوى الظن في صدقه. انتهى.
وقال القرطبي: المدعي: هو الطالب، والمدعى عليه: هو المطلوب. انتهى.
(126)
-2283 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
===
قال النووي: هذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع؛ ففيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه، فله ذلك، وقد بين صلى الله عليه وسلم الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه؛ لأنه لو كان أعطي بمجردها .. لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستُبِيْحَ، ولا يمكن المدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي .. فيمكنه صيانتها بالبينة. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الشهادات، باب اليمين على المدعى عليه في الأموال، ومسلم في كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لكونه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث الأشعث بن قيس رضي الله عنهم، فقال:
(126)
-2283 - (2)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة حافظ فاضل، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة،
قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
===
مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
كلاهما (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(وأبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، أثبت الناس في حديث الأعمش، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما (قالا: حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفي، ثقة، من الثانية، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).
(عن الأشعث بن قيس) بن معدي كرب الكندي أبي محمد الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين (41 هـ) وهو ابن ثلاث وستين. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) الأشعث: (كان بيني وبين رجل من اليهود) لم أر من ذكر اسم الرجل (أرض) باليمن؛ كما هو مصرح به في رواية مسلم (فجحدني) ذلك اليهودي كون الأرض لي (فقدمته) أي: فرافعت ذلك اليهودي وخاصمته (إلى النبي صلى الله عليه وسلم للدعوى عليه، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما جرى بيني وبين ذلك الرجل من الخصومة (فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ "، قُلْتُ: لَا، قَالَ لِلْيَهُودِيِّ:"احْلِفْ"، قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفَ فِيهِ فَيَذْهَبُ بمَالِي، فَأَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .} وإِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
===
هل لك) يا أشعث (بينة؟ ) أي: شهود على أن لك الأرض، فـ (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا) بينة لي عليها، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لليهودي: احلف) أيها اليهودي على أن الأرض لك لا له.
قال الأشعث: فـ (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذًا) أي: إذا أمرته بالحلف على أن الأرض له لا لي .. فهو (يحلف فيه) أي: يحلف عليه؛ ففي بمعنى على؛ أي: يحلف على أن الأرض له لا لي؛ فهو لا يتورع عن اليمين الفاجرة، وكيف نثق ونصدق به في يمينه (فيذهب) أي: يأخذ بيمينه على ذلك (بمالي) أي: بأرضي، وفي رواية مسلم زيادة:(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك) أي: عندما قلت له: (إذًا يحلف الرجل) ردعًا وزجرًا وتخويفًا للرجل عن اليمين الفاجرة: (من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر .. لقي الله وهو عليه غضبان).
(فأنزل الله سبحانه) مصداق قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم آية: ({إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ}) أي: يأخذون؛ ففيه استعارة تصريحية تبعية مرشحة ({بِعَهْدِ اللَّهِ}) أي: بحلفهم بما عاهد الله عليهم من التكاليف؛ كأن قال: أقسمت بعهد الله ({وَأَيْمَانِهِمْ}) من عطف العام على الخاص {ثَمَنًا قَلِيلًا} ) أي: عوضًا يسيرًا من الدنيا من غير استحقاق له
…
(إلى آخر الآية) من (آل عمران)(1).
(1) سورة آل عمران: (77).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الخصومات، باب كلام الخصوم بعضهم، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، وأبو داوود في كتاب الأقضية، باب إذا كان المدعى عليه ذميًا أيحلف؟ والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم